• أبو بكر شوقى يمهد الطريق لواقعية سينمائية مصرية جديدة قادرة على الجذب والإبهار بتوهج مفرداتها الفنية • الجمهور ونجوم عالميون بينهم جوليان مور يستقبلون الفيلم بتصفيق حار وإعجاب كبير ويصفون مخرجه ب«أحد الواعدين الكبار» • قصة مؤثرة لرحلة مواطن تطرح تساؤلات حول القدر والإيمان ومصير النهاية الواحد بتصفيق حار وإعجاب كبير، استقبل جمهور مهرجان كان السينمائى الدولى الفيلم المصرى «يوم الدين» ليلة عرضه الافتتاحى أمس بمسرح لومير بقصر المهرجانات، وأشاد النقاد بالعمل وصناعه والذى يشارك فى المسابقة الرسمية للمهرجان منافسا على إحدى جوائزه، وأكدوا أن مخرجه الشاب أبو بكر شوقى أحد الواعدين فى السينما المصرية، كما أنه أحد اكتشافات المهرجان الأكبر فى العالم، حيث يمثل «يوم الدين» عمله السينمائى الأول فى الأفلام الروائية الطويلة. والواقع أن الفيلم ينتمى لنوع من السينما لها واقعيتها الخاصة، أو بمعنى أصح يمكن أن تطلق عليها أنها تطور لواقعية سينمائية مصرية جديدة، فالفيلم يمزج بين عمق البعد الاجتماعى والإنسانى لشخصياته وبين حالة توهج لمفردات فنية رائعة بدءًا من الفكرة والأسلوب السردى لطرحها وطزاجة الأداء وبريق الصورة والموسيقى الموحية. فهو يقدم لنا قصة «بشاى» الرجل المسيحى المصاب بالجذام منذ الصغر، بعد أن انتشرت التشوهات فى وجهه حيث يقوم أبيه بتركه أمام باب مستعمرة للمصابين بالجذام، ويتم إيداعه هناك ليعيش سنوات من عمره بينما يعمل خلال اليوم كجامع قمامة، وبعد وفاة زوجته يتحلى بالشجاعة ويقرر مغادرة المستعمرة لأول مرة منذ أن تم التخلى عنه هناك عندما كان طفلا، ويبدأ الرحلة برفقة الطفل اليتيم «أوباما»، على عربة يجرها حمار، إلى مسقط رأسه بقرية بحور بالصعيد لمعرفة السبب الذى جعل والده يخلف وعده بالعودة من أجله، وخلال الرحلة يتعرض بشاى وأوباما لمواقف عدة مليئة بالشجن والسخرية، والتساؤلات الحائرة حول القدر والتسامح والإيمان والظلم والقوى والضعيف والتدين الخادع.. ويكشف كيف تغير المجتمع، وكيف أن البيروقراطية المتوغلة فى أجهزة حكومية وراء فقدان أشياء كثيرة حلوة وضياع مشاعر وحقوق، وهناك العديد من المشاهد الرائعة التى كانت بين بشاى وأوباما، منها مشهد دفن الزوجة، حيث يسأل أوباما بشاى تفتكر هتتحساب «يقصد الزوجة» فيقول له بشاى إن شاء الله تدخل الجنة، المرضى لا يحاسبون، وفى مشهد آخر عندما يلجأ بشاى ليعمل «شحات» لكى توفير ثمن وجبة لأوباما، وهنا يلتف حوله شحات المنطقة الذى يطرده وبمجرد معرفة قصته يأخذه معه ويساعده على الركوب لأهله بينما يقول له النشال، وهو يشرح له لماذا ينامون تحت الكوبرى «سنكون جميعا أسوياء يوم الدين.. وهى اللحظة الوحيدة التى نشعر فيها بالمساواة وبالحق والعدل». العمل التراجيدى خففته بعض الجمل الحوارية التلقائية التى انتزعت ضحكات الجمهور وهو يشاهد بيشوى وقد نجح المخرج فى أن يقود مجموعة من الهواة لم يسبق لهم احتراف التمثيل ومنهم بطلنا بيشوى الذى جسده راضى جمال وكذلك أحمد عبدالحافظ، وشهيرة فهمى وشهاب إبراهيم، ومحمد عبدالعظيم، منح المخرج أبطاله وبعضهم لا يعرف القراءة والكتابة مساحة للإبداع التلقائى، أراد أن يتعاملون أمام الكاميرا بصدق شديد، ونجحت كاميرا مدير التصوير الأرجنتينى فدريكو سيسكا فى خلق صورة سينمائية مبهرة لواقع مؤلم. وهى تترجم سيناريو جذاب كتبه أبو بكر شوقى أيضا جعلت المشاهدين فى حالة انتظار مصير بشاى، الذى بمجرد أن ذهب وشاهد أهله وأذاب مخاوفه من رفضه، قرر العودة هو وأوباما مرة أخرى إلى الحياة التى تعودوا عليها فى المستشفى، وكانت بحق نهاية رائعة. مشاركة الفيلم فى المهرجان محطة إيجابية كبرى، ويمثل عودة مصر الكبيرة، وهو ما يعنى أن مسئولى المهرجان وجدوا فيه شيئا براقا، فهم لا يجاملون أحد خاصة فى الأعمال المشاركة فى المسابقة الرسمية، بدليل أنهم لم يختاروا سوى 21 فيلمًا فقط من بين 900 فيلم تقدمت، وقد يحقق الفيلم المفاجأة بالفعل ويفوز بالسعفة الذهبية كما أبرزت وسائل إعلام فرنسية مشيرة إلى أن أبو بكر شوقى من أب مصرى وأم نمساوية، وينتمى لجيل جديد من المخرجين يمثل أمل السينما المصرية، وأبرزت مسيرته الفنية من خلال عمله كمساعد مخرج فى عدد من الأفلام فى مصر، حيث أنهى دراسته قبل أن يسافر إلى نيويورك وأن رواد الإنترنت ساهموا فى دعم إنتاج الفيلم من خلال حملة أطلقت فى عام 2015. جدير بالذكر أن عددا من النجوم الذين شاهدوا الفيلم فى عرضه الافتتاحى أثنوا كثيرا على العمل وصفقوا لمخرجه، ومنهم جوليان مور وإيرينا شايك، ولويس بورجوان، وكيكو ميزوهارا. وكذلك حيا مدير المهرجان تيرى فيرمو أسرة العمل والذى حرص على الوجود واستقبال نجوم الفيلم، ورافقه المنتج محمد حفظى أحد المشاركين والداعمين للعمل وكذلك المنتجة إليزابيث شوقى يذكر أن فيلم «يوم الدين» شارك بثلاثة عروض دفعة واحدة بفاعليات المهرجان، أولها العرض العالمى الأول للفيلم، والعرضان الآخران قدما يوم الخميس.