«خشب الأوضة مش زان، ده ما يستاهلش أكتر من خمس آلاف جنيه»، جملة بدأ بها الجدل بين الحاجة ابتسام وابنتها سارة وخطيبها، خلال جولتهم على محلات الأثاث قبل الشراء. صراع مستمر بين الأثاث العصرى والكلاسيك، «الأم والأب يختارا الاستيل، والبنت وخطيبها يتمسكا بالمودرن» هذا هو المشهد الذى يتكرر يوميا داخل معرض الأثاث كما وصفته إيناس عادل مسئولة خدمة العملاء هناك. «فض المنازعات» هو الدور الذى تقوم به عادة إيناس، لتنقذ الموقف قبل أن يشتد الخلاف بين الطرفين «المشكلة ممكن توصل أن العروسة تعيط»، ودون أن تنحاز هى لأحد الطرفين، تبدأ فى شرح مميزات كل موديل، من أخشاب وتصميم وحجم ولون، والمساحة المفضلة لوضع قطعة الأثاث بها. حالة استغراب ارتسمت على وجه الحاجة ابتسام بمجرد أن سمعت أن «أم دى أف» هو اسم الخشب المستخدم فى الغرفة العصرية التى اختارتها سارة، «الزان وبس هو ده الخشب». وترى إيناس المشكلة إن «محدش فاهم يعنى ايه ام دى إف، لأنه خشب مستورد» وجودة مكوناته عالية مقارنة ب« أم دى أف» المصرى الذى يتكون من نشارة الخشب وورق الكرتون. ومازالت الحاجة ابتسام مصممة على شراء الأثاث من دمياط لأنه «أضمن» لأن الأخشاب هناك زان مصرى، «مش مستورد». عم سيد صاحب إحدى ورش الأثاث بدمياط له رأى آخر «دلوقتى مفيش خشب مصرى فى السوق، كله مستورد حتى الزان»، ويرتب عم سيد بعد خبرة أربعين عاما فى الأثاث أنواع الخشب على حسب جودتها، فيضع خشب الأرو الأمريكى الأول فى السوق لأن سعر المتر منه حوالى 8000 جنيها، ويليه الزان بأنواعه الستة عشر، وأفضلها الرومانى على حد قوله، ويتراوح سعره ما بين ألفان وثلاث ألاف جنيها للمتر المكعب، أما الخشب الأبيض «بيقضى الغرض للغلابة». ويعتبر عم سيد خشب الام دى إف هو الأسوأ لأنه مصنع ولا يحتمل النحت أو الضغط، «دا ابلاكاش ورق، الشكل من برة هالله هالله.. ومن جوه يعلم الله»، ولذلك يستخدم فى الأجزاء المسطحة فقط، «مينفعش نعمل منه قوايم»، لذلك يتم استخدام الخشب الطبيعى فى عمل قوائم الغرف. تتميز تصميمات الأثاث المودرن فى رأى عم سيد ببساطته، وأشكاله الهندسية الخالية من الزخارف، مما يجعله أقرب للحياة العملية، لذلك يحتاج إلى ألوان ديكور وتحف «تعطى للأثاث روح»، وعلى النقيض منه الأثاث الكلاسيك بأشكاله الفنية المنحوتة يدويا، «بتخلى العفش نفسه تحفة فنية». وتتفق إيناس فى الرأى مع عم سيد فى أن الأثاث الكلاسيك «موضته مش بتبطل أبدا»، لكن الأثاث المودرن أشكاله وتصميمات وألوانه متغيرة بشكل سريع «من سنتين كان الانتريه فى كنبة حرف L، ودلوقتى بقى اسمها ركنة وتباع لوحدها». ويلجأ العروسان حاليا إلى المزج مابين الأثاث المودرن والكلاسيك، فالمودرن فى غرف النوم، والكلاسيك فى الأماكن المفتوحة مثل غرفة الاستقبال، حتى لا يضطرا لتغييره كل فترة. وترى إيناس أن أكثر ما يميز الأثاث المودرن هو أحجامه الصغيرة، التى تلقى رواجا بين الشباب لأنها تتلائم مع مساحات الشقق الضيقة. حجرة النوم فى المودرن تبدأ من 12 ألف جنيه وقد تتجاوز 50 ألف جنيه، والسعر يزداد مع زيادة نسبة الخشب الطبيعى المستخدم، و«الطبقة المتوسطة لها مكان» فالأسعار تبدأ من 7 آلاف والخشب المستخدم «أم دى أف». ويحذر عم سيد من شراء الأثاث المودرن التركى والصينى، «ده خشب أى كلام، سنة وتلاقى الأوضة على الأرض والدرف وقعت»، لأن أهم مميزات الخشب الجيد هى قدرته على التحمل، وعدم التأثر بالمياه والشمس «يعنى الخشب لا يطق بالمياه، ولا يتعوج بالشمس». وينصح عم سيد قبل الشراء «بالدق على الخشب» لأن هذه هى الطريقة التى يمكن للشخص العادى أن يعرف بها الخشب الجيد، فإذا كان الصوت عاليا، فمعنى ذلك أن الخشب مجوف، وقدرته على التحمل ضعيفة، وحتى النجار لا يستطيع اكتشاف عيوب الخشب بعد الطلاء الذى يخفى العيوب الموجودة به خاصة العقد السوداء التى تدل «أن الخشب دا مسوس». وتوقع عم سيد ارتفاع ثمن الأثاث فى الأيام القادمة، لأنه منذ ثلاثة أسابيع ارتفعت أسعار متر الخشب 200 جنيه فى كل نوع، ويرى أن الأثاث من الأسواق التى لا يمكن أن تعيش فى حالة ركود «الناس بتتجوز طول السنة، وإحنا بنبدأ فى عفش العروسة قبلها بشهرين».