• مصر سبقت فرنسا في المواجهة القانونية الخاصة لمكافحة الإرهاب • تجريم الأعمال التحضيرية للإرهاب في القانون المصري مطبق في بريطانياوفرنسا وإيطاليا أكد الدكتور أحمد فتحي سرور، رئيس مجلس الشعب الأسبق وأستاذ القانون الجنائي، أن مصر سبقت فرنسا في وضع نظام قانوني خاص بمكافحة الإرهاب مستقل عن قانون العقوبات، من خلال قانوني الكيانات الإرهابية ومكافحة الإرهاب الصادرين في عام 2015، وهو ما لجأت إليه فرنسا قبل قرابة شهر واحد. وأكد «سرور» خلال ندوة عقدتها الجامعة البريطانية، الأربعاء، عن «المواجهة القانونية للإرهاب»، ضمن سلسلة ندوات الثقافة القانونية التى تنظمها كلية القانون بالجامعة، أن التوسع الذي طبقته مصر في التعريف القانوني لجرائم الإرهاب لتشمل الجرائم التحريضية مطبق أيضا في كل من بريطانياوفرنسا وإيطاليا. وتضمنت الندوة التي أدارها الدكتور حسن عبد الحميد عميد كلية القانون وحضرها أحمد حمد رئيس الجامعة، 4 محاور رئيسية تحدث عنها «سرور» بداية من تعريف الإرهاب ثم الجهود الدولية لمواجهته، والنظام القانوني الذي وُضع في العالم لمكافحته، والنظام القانوني الذي وضع في مصر. وعرف سرور الإرهاب بأنه «قوة أو عنف أو تهديد لا بقصد به ترويع المجني عليه فقط وإنما ترويع المجتمع بأثره من أجل تحقيق أهداف سياسية أو إجرامية» مشيرًا إلى أنه بقدر اختلاف الأهداف يكون نوع الإرهاب. وأشار سرور إلى نوعين من الإرهاب الأول سياسي والثاني إجرامي، لافتا إلى أن السياسي يتسع للأيدلوجي عن طريق وجود أفكار أو معتقدات معينة يتحلى بها الإرهابي ويريد تحقيقها. وأوضح سرور أن الفكر الأيديولوجي إما أن يكون دينيا أو فلسفيا يعتقده صاحبه، ولهذا كان غسيل المخ للإرهابيين بملئ معتقداتهم أو تغييرها بإيدلوجيات معينة هي الخطوة الأولى لتحويلهم إلى إرهابيين. أما عن النوع الثاني من وهو الإرهاب الإجرامي، أكد سرور أنه هو الذي لا يهدف إلى تحقيق أهداف سياسي، وإنما مجرد أهداف إجرامية معينة عن طريق القتل أو السرقة أو غير ذلك لإضعاف مقاومة المجتمع له. وتحدث سرور عن خطورة محاربة الإرهاب لكونه غير منظم ولا يمكن التعرف على وسائله بسهولة، وقال: «يختلف الإرهاب عن مواجهة الجيش النظامي في نزاع مسلح، فالإرهاب دائما يلجأ إلى وسائل غير نظامية لا تعرف كيفية مواجهتها، ولذا فالنزاع المسلح الذي تتم مواجهته بالطرق النظامية أرحم بكثير من الإرهاب»، واستطرد: « في محاربة الإرهاب أنت لا تعرف عدوك ولا تعرف ما هي وسائله وإنما هي أمور شيطانية تأتي من هنا أو هناك». وأضاف أن هناك اختلاف مهم بين الإرهاب والنزاع المسلح، موضحًا أن الأخير تحكمه اتفاقيات دولية ولا يجوز أن يتعرض للمدنيين، أما الإرهاب فهدفه الأساسي هو المدينيين مما يؤثر على المجتمع ويروعه، لافتا إلى أن تعرض الإرهاب للعسكريين يكون من أجل تفتيت عزيمتهم وإرهاب المجتمع بقتل من يحميه. وأكد سرور أن مجلس الأمن أبرز علاقة كبيرة بين الإرهاب وجرائم كثيرة كالإتجار غير المشروع في السلاح والمواد النووية والبيولوجية والمخدرات وغسل الأموال، مشيرًا إلى أن ارتكاب كل هذه الأفعال من شأنه أن يقوي من عزيمة الإرهابين. وأضاف أن الإرهاب إما محلي أو دولي، موضحًا أن المحلي يقع داخل البلد الواحد ويقع من مواطني الدولة أو من أجنبي ضد أهداف الدولة، أما الدولي فيقع من الخارج أو في أكثر من دولة، مشيرًا إلى أنه إذا حدث إرهاب في دولة وكان له مصدر في الخارج فهو إرهاب دولي، مؤكدًا أن معظم حوادث الإرهاب التي تقع في مصر هي إرهاب دولي ووراءه منظمات ودول خارجية. • الجهود الدولية لمواجهة الإرهاب وانتقل سرور للحديث في المحور الثاني بشأن الجهود الدولية لمواجهة الإرهاب، مشيرًا إلى أنه بعد أن انتشر الإرهاب في العالم منذ منتصف القرن التاسع عشر ونما هذه الأيام من أجل أهداف سياسية، واجهه العالم بثلاث أنواع من الجهود وهي اتفاقيات عالمية واتفاقيات إقليمية وقرارات المنظمات الدولية مثل الأممالمتحدة ومجلس الأمن والمؤتمر الإسلامي وجامعة الدول العربية والمنظمات الأخرى. وعدد سرور عدد من هذه الاتفاقيات العالمية، وذكر بأنه في مجال الطيران المدني وبعد تعرض الطائرات المدنية للاختطاف، وُقعت 3 اتفاقيات دولية في مجال الطيران المدني، هي، طوكيو 63 ولاهي 73 مونتريال 71 لحماية الطيران المدني في مواجهة الإرهاب. وفي مجال حماية الأشخاص المتمتعين بالحماية الدولية من الإرهاب، وقعت الأممالمتحدة اتفاقية عام 1973 في نيويورك بعد قتل رئيس وزراء الأدرن وعدد من الدبوماسيين السودانين، كما أقرت الأممالمتحدة اتفاقية أخرى لضمان حماية موظفي الأممالمتحدة عام 1994 بعد احتجاز رهائن أمريكين في إيران. وفي مجال حماية السفن والمنشآت الثابتة وقعت عدة اتفاقيات دولية، منها روما 1988 بشأن سلامة الملاحة البحرية كرد فعل ضد اختطاف إحدى البواخر، وكذلك توقيع بروتوكول مكافحة الأعمال غير المشروعة ضد سلامة المنصات الثابتة. وفي مجال الأسلحة والمواد الخطرة والإرهاب النووي وقعت اتفاقيتين عامي 1980 و2005 بتجريم استخدام المواد النووية في الأعمال الإرهابية، وكذلك التعدي على المنشآت النووية السلمية. وفي مجال تمويل الإرهاب وعناصره وقعت الأممالمتحدة اتفاقية عام 1999 وجاء قرار مجلس الأمن رقم 201 وأخذ من هذه الاتفاقية. وعن الاتفاقيات الإقليمية أكد سرور أنها كثيرة، ومنها اتفاقيات صادرة عن مجلس أوروبا والجامعة العربية إلى غير ذلك. وعن جهود المنظمات الدولية، أكد أنه بعد هجمات عام 2001 على أمريكا، أنشأت الأممالمتحدة لجنة مكافحة الإرهاب لتتابع مع الدول وسائلها وقراراتها وجهودها في هذا المجال. وأشار سرور إلى أن الأممالمتحدة وضعت استراتيجية لمكافحة الإرهاب بجميع أشكاله، تتضمن «معالجة الظروف المؤدية له، ووضع تدابير وقائية من أجل منعه، والتعاون الدولي للقضاء عليه، وبناء قدرات الدول لمواجهته»، وطالبت الأممالمتحدة جميع الدول الانضمام إلى جميع الاتفاقيات التي وقعتها لمكافحة الإرهاب. • النظام القانوني الدولي والمصري لمواجهة الإرهاب أوضح فتحي سرور الطرق القانونية التي اتخذتها عدد من الدول لمواجهة الإرهاب، مشيرًا إلى أن أي دولة تضع قانونًا لمكافحة الإرهاب فإنها تستمده من ثقافتها الاجتماعية والعامة، ولهذا قيل في فرنسا أن «رجل القانون الجنائي الذي لا يعرف غيره فإنه لا يعرف من القانون شيء». وأضاف سرور أن النظام القانوني لمواجهة الإرهاب يشمل الوقاية والتجريم، مؤكدًا أن دول بريطانياوفرنسا وإيطاليا اعتمدت تجريم الأعمال التحضيرية لارتكاب الجريمة بمجرد أن القصد منها كان إرهابيا، موضحا أن الأعمال التحضيرية للجريمة الإرهابية في هذه الدول يطولها التجريم. وأكد سرور أن القانون البريطاني من القوانين القاسية في مواجهة الإرهاب، وفي عام 2015 صدر قانون جديد أشد قسوة وتوسع في أعمال التجريم لمواجهة الإرهاب، وفي فرنسا بعد طالتها أعمال إرهابية خطيرة أصدرت قانون في 2017 منذ شهر تقريبا اعترضت عليه بعض المنظمات منها العفو الدولي ولكن هذا القانون ساري الآن. وتابع: «في مصر عندما بأنا مواجهة الإرهاب بالقوانين تم تعديل المادة 86 من قانون العقوبات عام 2014، ونقلنا حينها عن قانون العقوبات الفرنسي الذي كان يواجه الإرهاب بقانون العقوبات نفسه، إلى أن أصدرت فرنسا قانونها الجديد الخاص بالإرهاب في 2017 ولم تكتفي بقانون العقوبات» مشيرًا إلى أن فرنسا بعد أن أعلنت حالة الطوارئ ومدتها مرات عدة رأت أن تستبدل ذلك بقانون مكافحة الإرهاب. وأكد سرور أن مصر سبقت فرنسا في وضع قوانين خاصة لمكافحة الإرهاب بعدما زادت وتيرته، وأصدرت قانون الكيانات الإرهابية رقم 8 لعام 2015، ثم أصدرت قانون مكافحة الإرهاب 94 لعام 2015، مشيرًا إلى أن الأول يستهدف الوقاية من أعمال الإرهاب والثاني يستهدف تجريم العمليات الإرهابية. وأضاف سرور أن قانون مكافحة الإرهاب وضع معيار الغرض الإرهابي والوسيلة الإرهابية والتزم بتعريف الجماعة الإرهابية ووسيلتها في تحقيق ذلك، وجرم الأعمال التحضيرية لارتكاب العمليات الإرهابية أو الدعوة لها، وتحدث عن العمل الإرهابي. وذكر سرور أن قانون مكافحة الإرهاب خرج عن الأحكام العامة لقانون العقوبات في 4 نقاط هي: «التوسع في تحديد نطاق القانون من حيث المكان، وإذا ما كان من شأن الجريمة إلحاق الضرر بمواطن مصري أو بالأمن المصري أو الممتلكات المصرية أو إلحاق الضرر بأي مكان دولي على أرض مصر أو إرغام الدولة على الامتناع عن أي عمل، وإذا كان المجني عليه مصري أو مرتكب الجريمة أجنبي أو عديم الجنسية، وتجريم الأعمال التحضيرية مثل ما ورد في قوانين بريطانياوفرنسا وإيطاليا وتشديد العقوبات. وعدد سرور الجرائم التي نص عليها قانون مكافحة الإرهاب وتمثلت في 21 جريمة، مشيرًا إلى أنه لابد من الربط بين هذا القانون الذي توسع في الجرائم وبين قانون الكيانات الإرهابية الذي يمثل عنصر الوقاية واتخاذ الإجراءات التحفظية من ارتكاب الأعمال الإرهابية وليس بقانون عقابي. وأشار «سرور» إلى الإجراءات التي نص عليها قانون الكيانات من أجل اتخاذ قرار الإدراج، لافتا إلى أنه يصدر من قبل محكمة الجنايات لمدة 3 سنوات بطلب من النائب العام الذي يعد القائمة وفقا للتحقيقات، ثم إمكانية الطعن على القرار أمام محكمة النقض. ووصف «سرور» قانون الكيانات الإرهابية بأنه يمثل جناح الوقاية القانونية من الإرهاب، بينما يمثل قانون مكافحة الإرهاب جناح التجريم والعقاب، مشيرا إلى أن العقوبات الواردة فى قانون الكيانات هى إما تبعية لأحكام الإدانة فى قضايا الإرهاب، أو إجراءات تحفظية مؤقتة. وأكد سرور أن هذا القانون يتوافق مع قرارات مجلس الأمن التي دعت إلى تجميد أموال الإرهابيين. وتحدث عن أثر تطبيق قانون الطوارئ حاليا؛ موضحا أنه يعطى مساحة حركة أوسع لسلطة الضبط القضائى فى مكافحة الإرهاب. وفي معرض إجابته على أسئلة الحاضرين في الندوة وصف سرور مشروع القانون المتداول حاليا لسحب الجنسية المصرية من المدانين بالانضمام لجماعات تهدف للمساس بالنظام العام للدولة، وبأنه «غير دستورى، وبمثابة إعدام مدنى للمواطن». وردًا على سؤال «الشروق»، عن دستورية هذا المشروع الذى يسمح بإسقاط الجنسية «حال صدور حكم قضائى يثبت انضمام حامل الجنسية إلى أى جماعة أو جمعية أو جهة أو منظمة أو عصابة أو كيان يهدف إلى المساس بالنظام العام للدولة أو تقويض النظام الاجتماعى أو الاقتصادى أو السياسى لها بالقوة أو بأى وسيلة من الوسائل غير المشروعة» وليس فقط الأحكام التى تثبت الانتماء لجماعة إرهابية، أوضح «سرور»، أن «الجنسية من الحقوق اللصيقة بالمواطنين ولا يجوز إسقاطها بهذه الصورة». وامتنع «سرور» عن الإجابة عن سؤال ثان ل«الشروق»، عن دستورية صدور قرارات الإدراج على قائمة الإرهاب من الدائرة المختصة بمحكمة جنايات القاهرة بدون إعلان المتهمين بالحضور، وأحيانا قبل إعلانهم بالمثول أمام النيابة العامة للتحقيق، قائلا: «هذا موضوع معروض على محكمة النقض وليس من الملائم إبداء رأيى فيه». وردا على سؤال آخر عن تطبيق قانون الكيانات الإرهابية فى محكمة النقض، وهل تعيد لمحكمة الجنايات القضايا المعروضة عليها بشأن الإدراج على قائمة الإرهاب فى حالة قبول الطعون؛ أجاب «سرور»: «رأيى أن يلغى قرار الإدراج بمجرد صدور حكم النقص بقبول الطعن، وإذا أرادت النيابة العامة أن تدرج الأشخاص أنفسهم مرة أخرى فعليها تقديم مبررات جديدة للدائرة المختصة بمحكمة الجنايات».