بدائل الثانوية العامة 2024.. شروط القبول بمدارس «القابضة لمياه الشرب والصرف الصحي»    عشرات الشهداء والمصابين جراء قصف إسرائيلي لمربع سكني في غزة    تابع هدفي الأرجتتين في بطولة كوبا أمريكا 2024    الأرصاد الجوية تحذر من ارتفاع تدريجي في درجات الحرارة خلال الأيام المقبلة    وزارة المالية تستعد لإطلاق منظومة إلكترونية للمقاصة بين مستحقات المستثمرين ومديونياتهم    وزيرة التضامن تعلن عن أول جامعة حكومية تضع مشايات بذوي الإعاقة البصرية    سعر الجنيه الذهب اليوم يرتفع 80 جنيها ليسجل 25200 جنيه فى مصر    تقرير: هل ينتقل رابيو إلى ريال مدريد؟    اعتذار وتعزية وتحذير.. أول بيان ل "غرفة السياحة" بشأن أزمة تأشيرات حج الزيارة    جهود أمنية مكثفة لكشف ملابسات العثور على جثة شاب طافية بترعة بقنا    إجراءات تعويض صاحب العقار الأثري وفقًا للقانون    بعد الإطاحة به من المنافسة.. خيبة أمل تصيب صناع الفن بعد تذيل أهل الكهف الإيرادات    أصالة توجه رسالة ل تركي آل الشيخ بعد إعلانه استضافة كأس العالم للرياضات الإلكترونية    إعلام فلسطينى: 21 شهيدا جراء الاستهداف المتواصل لمناطق متفرقة فى غزة فجر اليوم    بعد تسريبات حسام حبيب الأخيرة.. شقيق شيرين عبد الوهاب يعلن لجوئه للقضاء    الاحتلال: نهاية الحرب بعد عملية رفح الفلسطينية.. وخفض قوات محور صلاح الدين    سيول تستدعي سفير روسيا بعد توقيع بوتين اتفاقًا دفاعيًا مع كوريا الشمالية    أحمد مات دفاعا عن ماله.. لص يقتل شابا رميًا بالرصاص في قنا    بعد رحيل عروس المنيا.. مفتش صحة: هبوط الدورة الدموية عرَض وليس مرضًا    قطر: وقف إطلاق النار الفوري هو السبيل الوحيد للحد من التصعيد    صرف 90% من مقررات سلع التموين عن شهر يونيو.. والمنافذ تعمل الجمعة حتى 9 مساءً    بث مباشر.. شعائر صلاة الجمعة من مسجد السيدة نفيسة    "صدمة للجميع".. شوبير يكشف قرارا مفاجئا من الزمالك ضد محمد عواد    اتصالات موسعة لاختيار طاقم تحكيم أجنبي لقمة الأهلي والزمالك    مدير آثار الكرنك: عقيدة المصري القديم تشير إلى وجود 3 أشكال رئيسية للشمس    أزهري يوضح أضلاع السعادة في الإسلام    وزارة الصحة تفحص 454 ألف مولودا ضمن مبادرة الكشف المبكر عن الأمراض الوراثية    استشاري نفسي يقدم روشتة للتخلص من اكتئاب الإجازة    فتح باب القبول ببرامج الدبلوم المهني لجودة الرعاية الصحية بتمريض القناة    أمين الفتوى محذرا من ظلم المرأة في المواريث: إثم كبير    في ذكري ميلاد عبد الحليم حافظ.. ناقد فني يوضح أبرز المحطات بحياة العندليب    رغم تذيله الإيرادات.. المخرج عمرو عرفة: فخور بإخراج فيلم أهل الكهف    ميسي بعد اجتياز عقبة كندا في كوبا أمريكا: الخطوة الأولى    محافظ أسيوط: تنفيذ 9 حالات إزالة لتعديات على الأراضى الزراعية ومخالفات المباني ببعض المراكز والأحياء    طريقة عمل ميني بيتزا، سهلة ومناسبة لإفطار خفيف    الحرارة تصل ل47 درجة.. بيان مهم من الأرصاد بشأن حالة الطقس اليوم الجمعة (تفاصيل)    وزير الإسكان: جار إنشاء الطريق الإقليمى الشرقى حول مدينة أسوان وتوسعة وتطوير كورنيش النيل الجديد    «أنا سلطان زماني».. رد ناري من شوبير على عدم انضمامه لقناة «mbc مصر»    الصحة تنصح هؤلاء بإجراء تحاليل البول والدم كل 3 شهور    أسعار البيض اليوم 21 يونيو 2024    إسقاط التهم عن طلاب بجامعة كولومبيا اعتقلوا في احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين    سلوفاكيا تطمع في استغلال محنة أوكرانيا بيورو 2024    عاجل - انهيار جديد لجيش الاحتلال في غزة.. ماذا يحدث الآن؟    نماذج استرشادية لامتحان اللغة العربية لطلاب الثانوية العامة 2024    سيولة وانتظام حركة السيارات في القاهرة والجيزة.. النشرة المرورية    عاجل - "قطار بسرعة الصاروخ".. مواعيد وأسعار قطارات تالجو اليوم    سول تستدعى سفير روسيا للاحتجاج على معاهدة بيونج يانج وموسكو    توجيه سعودي عاجل بشأن رصد 40 حالة تسمم في جازان (تفاصيل)    حلمي طولان يناشد الخطيب بطلب شخصي بخصوص مصطفى يونس.. تعرف على السبب    اليوم.. الأوقاف تفتتح 5 مساجد في المحافظات    موقف الأهلي من المشاركة في بطولة كأس الأفروآسيوية    القس دوماديوس.. قصة كاهن أغضب الكنيسة ومنعه البابا من الظهور بالإعلام    تجار البشر.. ضحايا فريضة الحج أنموذجًا    أسامة قابيل يكشف حقيقة وجود أعمال سحرية على عرفات    البطريرك يلتقي عميد كلية اللاهوت بالجامعة الكاثوليكية في ليون    الحبس وغرامة مليون جنيه عقوبة الغش والتدليس للحصول على بطاقة ائتمان    القس دوماديوس يرد على الكنيسة القبطية: "ذهابى للدير وسام على صدرى"    تامر أمين عن وفاة الطفل «يحيى» بعد نشر صورته في الحج: «ربنا يكفينا شر العين» (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بوابات الجحيم: ما قد يحدث
نشر في الشروق الجديد يوم 10 - 12 - 2017

لم تكن تلك المرة الأولى، التى تستخدم فيها عبارة «بوابات الجحيم»، على نطاق واسع، تحذيرًا من عواقب لا سبيل إلى تجنب أهوال نيرانها.
قبل الاحتلال الأمريكى للعراق عام (2003) استخدمت العبارة نفسها دون أن يكون فى طاقة أحد توقع المدى الذى يمكن أن تذهب إليه التداعيات تخريبًا وقتلًا وتشريدًا لعشرات الملايين فى دول عربية عديدة.
كما لم يكن أحد فى مراكز صناعة قرار الحرب مستعدًا أن ينصت لأى تحذير، فقد اتخذ وانتهى الأمر.
كان استهداف العراق بذاته مقصودا لإضعاف العالم العربى بإخراج ثانى قوة فيه بعد مصر من أى معادلات وحسابات لصالح الدور الإسرائيلى وتمدده.
هذا ما جرى بالفعل، غير أن توحش ظاهرة الإرهاب إلى حدود غير متخيلة دفع بكتل النار إلى قلب العواصم الأوروبية، كما أفضت ظاهرة الهجرة غير الشرعية عبر البحر المتوسط، هروبًا من الموت إلى أزمات مستحكمة فى ذات العواصم.
بعد نحو خمسة عشر عامًا أقدم الرئيس الأمريكى «دونالد ترامب» على خطوة مماثلة تنذر ببوابات جحيم جديدة فى إقليم منهك وممزق، لكنه يجد نفسه أمام تحدٍ ينال من عقائده وحقوقه وكرامته على نحو مفرط فى إهانته.
القضية ليست أن تفتح أو لا تفتح بوابات الجحيم على خلفية الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية إليها.
لقد فتحت والتداعيات سوف تمتد لعشرات السنين، كما حدث بالضبط فى أعقاب نكبة (1948)، حيث نال التغيير أفكارًا ونظمًا فى العالم العربى ولم يبق شىء على حاله.
السؤال الأكثر جوهرية: بأى اتجاه تفتح بوابات الجحيم هذه المرة؟ أو من يدفع الثمن باهظًا: العرب كالعادة بأوضاعهم الهشة أم الولايات المتحدة وإسرائيل بحماقات القوة؟
الإجابة مفتوحة على سيناريوهات متناقضة.
فى المشهد الدولى إدانات متواترة للخطوة الأمريكية حتى بدت فى عزلة دبلوماسية كاملة، لا دولة واحدة مستعدة أن تتفهمها، أو تسايرها، فالعواقب وفق بيان للاتحاد الأوروبى تنذر ب«عودة المنطقة إلى أوقات مظلمة».
التعبير الأوروبى يستلهم التحذير الشائع عن بوابات الجحيم.
إذا تقاعس العرب عن الوفاء بواجب الغضب فإن موجة الاستهجان الدولى قد تنكسر سريعًا، فلا أحد يحارب معارك الآخرين بالنيابة.
وإذا لم تكن هناك إجراءات فلسطينية وعربية وإسلامية لها قوة النفاذ فإن عبارات الإدانة والشجب سوف يتبخر أثرها، كأنها دخان بلا نار.
لماذا الاعتراف الأمريكى الآن بالقدس عاصمة لإسرائيل بعد أكثر من ربع قرن على القرار الذى اتخذه الكونجرس بنقل السفارة الأمريكية إليها؟
هناك سببان رئيسيان لجرأة الاستهانة.
الأول هشاشة الوضع العام بالعالم العربى، كأنه ضرب على الحديد وهو ساخن، دون توقع ردات فعل سلبية على المصالح الأمريكية، التى اتخذ «ترامب» باسمها قراره.
والثانى أزمة الرئيس الأمريكى الداخلية تحت وطأة التحقيقات، التى تحاصر كبار معاونيه فى التدخل الروسى بالانتخابات الأمريكية، مخاطبًا جمهوره اليمينى المؤيد لإسرائيل بأنه قوى بما يكفى لاتخاذ هذه الخطوة بغض النظر عن ردات الفعل العربية والإسلامية والدولية على عكس الرؤساء السابقين.
الكلام كثير فى العالم العربى عن الأثر السلبى لقرار «ترامب» على فرص التسوية السياسية، وأنه أنهى عمليا أى دور للراعى الأمريكى.
الفرضية صحيحة بإطارها العام، لكنها تحتاج إلى ما يؤكدها فى السياسات والتصرفات والتساؤلات الحرجة تداهم السياسات الخاملة.
إلى أى حد يمكن الرهان على قلب المائدة بإلغاء معاهدة «أوسلو» وحل السلطة الفلسطينية حتى يمكن عرض القضية أمام العالم على وجه صحيح: دولة احتلال وشعب يقاوم دون أى غلالات تتحدث عن عملية سلام أجهضت تماما بإعلان الإدارة الأمريكية القدس عاصمة لإسرائيل؟
وإلى أى حد يمكن للمصالحة الفلسطينية بين حركتى فتح وحماس أن تمضى للأمام دون أوهام التعلق بتسوية وفق حل الدولتين؟
وضع القدس من ضمن قضايا الحل النهائى، وهى عقدته الكبرى.
إذا كان الراعى الأمريكى قد حسم موقفه باستهتار بالغ بأى مواثيق وقرارات دولية، فما موضوع التفاوض؟
ما طبيعة أى مقايضة مفترضة، فلا أرض مقابل سلام، ولا عودة للاجئين، ولا تفكيك للمستوطنات، ولا دولة تتصل أراضيها، ولا سيادة محتملة؟
لا شىء يحصده الفلسطينيون مقابل كل شىء للإسرائيليين.
ذلك صلب ما يطلق عليها «صفقة القرن».
هناك من يراهن أولا على خطوات أخرى فى «صفقة القرن» تتلو التحديد الأمريكى المسبق لوضع القدس، حتى يكون كل ما هو مطروح تحت عنوان «الدولة الفلسطينية» بقايا الضفة الغربية، بعد ضم المستوطنات، وغزة التى لا تقع تحت سيطرة قوات الاحتلال، والسعى لضم أجزاء من شمال سيناء إلى تلك الدولة على حساب مصر وأمنها القومى مقابل تبادل أراض، وهذه مسألة مستحيلة دونها زلازل وبراكين وحروب.
أرجو الالتفات بكل جدية إلى تصريح الرئيس التركى «رجب طيب أردوغان» من أن «دواعش الرقة» أرسلوا إلى سيناء دون أن يوضح من أرسلهم، ولماذا سيناء بالذات؟
هل ذلك الإرسال على الأغلب من الولايات المتحدة نوع من التمهيد لانتزاع شمال سيناء من الجسد المصرى وفق صفقة القرن؟
الخطر حقيقى لا افتراضى والتنبه لا بد أن يكون حازمًا.
وهناك من يراهن ثانيا على أن فورة الغضب العربية سوف تخفت بالوقت، وأن دولا أخرى بالعالم مرشحة لاتخاذ الخطوة نفسها تحت سطوة الأمر الواقع على ما قال رئيس الوزراء الإسرائيلى «بنيامين نتانياهو» تسليما بحقائق القوة المفرطة لا اعتبارات القانون الدولى.
الرهانات كلها على المحك.
لا الإدانات الدولية تكفى لإثبات مدى الضرر الذى قد يلحق بالإدارة الأمريكية المتهورة، ولا البيانات الإنشائية دون إجراءات ترقى لمستوى خطورة الموقف تصلح لتأسيس موقف يلهم الرأى العربى العام تماسكًا حقيقيًا، أو إقناعًا بجدية.
الأفكار المتداولة فى الكلام العام تقترح تجميد العلاقات مع الولايات المتحدة على جميع المستويات، غير أنها فوق طاقة النظام العربى الحالى المتدهور بقسوة.
هناك ما يمكن فعله غير بيانات الشجب والإدانة، مثل عدم استقبال نائب الرئيس الأمريكى مبعوثا من «ترامب» إلى دول الشرق الأوسط الرئيسية، أو استدعاء السفراء الأمريكيين لإبداء الاحتجاج.
الممكن رسميًا محدود والتوجه المحتمل فى ظل الأوضاع الحالية توقى غضب الرأى العام ببيانات إبراء الذمة.
والممكن شعبيا مفتوح نسبيا مثل تفعيل نداءات مقاطعة المنتجات الأمريكية، وقد شهدت مصر تجربة ناجحة إبان انتفاضة «محمد الدرة».
غير أن مستوى التفاعلات بالعالمين العربى والإسلامى يكاد يرتهن لما يجرى داخل الأراضى الفلسطينية المحتلة، فهنا مفتاح الموقف كله.
إذا ما أخذت الانتفاضة الثالثة مداها فإن كل شىء سوف يأخذ مسارا مختلفا، أكثر حسمًا وجدية وردعًا للإدارة الأمريكية.
الأهم أن بوابات الجحيم لن تفتح فى هذه الحالة باتجاه العالم العربى، بل على الجانب الآخر الذى استهتر بفحش بأى حق قانونى وسياسى وتاريخى وإنسانى له فى القدس.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.