البابا تواضروس: جاءت مصر ثم جاء التاريخ بعدها    جامعة عين شمس تستقبل وفدا من وزراء التعليم الأفارقة    تدخل برلماني لحل أزمة مصاريف المدارس الخاصة    رئيس جامعة المنوفية يهنئ المحافظ والأهالي بالعيد القومى 118 للمحافظة    أسعار الخضروات في الأسواق اليوم الاثنين 10-6-2024    وزير التعليم العالي يشارك في مائدة مستديرة عن «فجوة مهارات الأمن السيبراني»    وزير السياحة يطمئن على أوضاع السياح الألمان والنمساويين بمصر بعد إفلاس شركة FTI    المصيلحي: سعر السكر على البطاقات 12.60 جنيه.. والحكومة رفضت الزيادة| خاص    الإحصاء: انخفاض معدل التضخم السنوي لإجمالي الجمهورية خلال مايو الماضي    «القاهرة الإخبارية»: وزير المالية الإسرائيلي يؤكد رفضه لأي مقترح لصفقة تبادل مع حماس    خادم الحرمين الشريفين يأمر باستضافة 1000 حاج من ذوي ضحايا غزة    الاحتلال يقصف رفح طيلة ساعات الليل..وحملة اعتقالات في مخيم الدهيشة ببيت لحم    "استفتاء على ميلونى".. اليمين المتطرف الإيطالى يفوز فى الانتخابات الأوروبية    مدرب منتخب جنوب إفريقيا يدافع عن بيرسي تاو    ضياء السيد: تغيير طريقة لعب المنتخب تحتاج إلى وقت كبير    أبو الوفا: اقتربنا من إنهاء أزمة مستحقات فيتوريا    «التضامن»: صندوق مكافحة الإدمان أعد أول خطة عربية لخفض الطلب على المخدر    سرقا هاتفه وتعديا عليه بالضرب.. المشدد 3 سنوات لسائقين تسببا في إصابة شخص بالقليوبية    الفنان أيمن قنديل أمام لجنة الأورمان بالدقي للاطمئنان على نجله    صندوق مكافحة الإدمان يستعرض نتائج أكبر برنامج لحماية طلاب المدارس من المخدرات    عمرو دياب يلجأ للنيابة العامة وقرار بإخلاء سبيل الشاب الذي تعرض للصفع    أمين «الفتوى» يكشف فضل وثواب العشر الأوائل من ذي الحجة    في موسم امتحانات الثانوية العامة 2024.. أفضل الأدعية رددها الآن للتسهيل في المذاكرة    رئيس منظمة مكافحة المنشطات: رمضان صبحي مهدد بالإيقاف لأربع سنوات حال إثبات مخالفته للقواعد    منتخب الارجنتين يفوز على الإكوادور بهدف وحيد بمباراة ودية تحضيراً لبطولة كوبا امريكا    جالانت يتجاهل جانتس بعد استقالته من الحكومة.. ما رأي نتنياهو؟    القاهرة الإخبارية: قوات الاحتلال الإسرائيلى تعتقل 30 فلسطينيا بالضفة الغربية لترتفع الحصيلة ل 9155 منذ 7 أكتوبر    الدفاعات الجوية الروسية: تدمير 4 مسيرات أوكرانية فوق مقاطعة بريانسك    وزير التعليم العالي يستقبل وفدًا من مجموعة جنوب إفريقيا للتنمية «SADC»    «الصحة»: خدمات كشف وعلاج ل10 آلاف حاج مصري من خلال 24 عيادة في مكة والمدينة    بعد قليل، الحكم في طعن شيرى هانم وابنتها زمردة على حكم سجنهما 5 سنوات    المصرية لخبراء الاستثمار: الالتزام بتطبيق قانون المنافسة يجذب المستثمرين    بعد غيابها العام الماضي.. ياسمين عبد العزيز تعود لدراما رمضان في 2025    لميس الحديدي تعلن عن إصابتها بالسرطان    استشارى نفسى يقدم نصائح للآباء لدعم الأبناء خلال امتحانات الثانوية العامة    قوات الاحتلال تعتقل 30 فلسطينيا بالضفة الغربية والحصيلة 9155 منذ 7 أكتوبر    كل ما تريد معرفته عن تشكيل وموعد الإعلان عن الحكومة الجديدة 2024    أخبار الأهلي : ميدو: مصطفى شوبير هيلعب أساسي على الشناوي و"هو ماسك سيجار"    مناسك (4).. يوم التروية والاستعداد لأداء ركن الحج الأعظم    هل الغش في الامتحان يبطل الصوم؟.. «الإفتاء» توضح    حياة كريمة .. جامعة القاهرة تطلق قافلة تنموية شاملة لقرية الودي بالجيزة    قافلة طبية مجانية بقرية ترسا لمدة يومين بالفيوم    جامعة القاهرة تطلق قافلة تنموية شاملة لقرية الودي بالجيزة    ممنوعات يجب تجنبها مع طلاب الثانوية العامة طوال فترة الامتحانات    أول إجراء من وزارة الرياضة بشأن أزمة «الدروس الخصوصية» في صالة حسن مصطفى    حالة الطقس المتوقعة غدًا الثلاثاء 11 يونيو 2024| إنفوجراف    «ابعت الأسئلة وخد الحل».. شاومينج يحرض طلاب الثانوية العامة على تصوير امتحان التربية الدينية    5 معلومات عن زوجة أمير طعيمة الجديدة.. ممثلة صاعدة وخبيرة مظهر    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الإثنين    سها جندي: نعمل على تدشين المركز المصري الإيطالي للوظائف والهجرة    تعرف على ما يُستحب عند زيارة النبي صلى الله عليه وسلم    الفلسطيني أمير العملة يتوج بذهبية بطولة العالم بلعبة "المواي تاي"    ضياء رشوان: الرئيس السيسي يضع عينيه على المستقبل    تركي آل الشيخ يعلن مفاجأة عن فيلم ولاد رزق ويوجه رسالة لعمرو أديب    ضياء رشوان ل قصواء الخلالي: لولا دور الإعلام في تغطية القضية الفلسطينية لسُحقنا    النسبة التقديرية للإقبال في انتخابات الاتحاد الأوروبي تقترب من 51%    ضياء السيد: عدم وجود ظهير أيسر في منتخب مصر «كارثة»    عوض تاج الدين: الجينوم المصرى مشروع عملاق يدعمه الرئيس السيسى بشكل كبير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نوبل
نشر في الشروق الجديد يوم 07 - 10 - 2017

في مثل هذا الوقت من كل سنة تعلن لجنة نوبل عن الفائزين بهذه الجائزة الرفيعة ومن يستقبل مكالمة سكرتير اللجنة قبيل الفجر بقليل (بتوقيت الساحل الشرقي الأمريكي حيث أن أغلب من حصدوا هذه الجائزة يقيمون في أمريكا في العصر الحديث) تتغير حياته للأبد ... ومن القصص الطريفة هنا والتي كنا قد ذكرناها في مقال سابق في سياق آخر أن الفيزيائي الفذ ريتشارد فاينمان حين جاءته تلك المكالمة ظن أن أحد الطلبة يداعبه، حدث ذلك مرتين ومع المكالمة الثالثة أدرك فاينمان أن الخبر حقيقي! من الطريف أيضاً ومع الفارق الشاسع بين الموقفين عندما جائتني مكالمة في منتصف الليل أثناء دراستي للدكتوراه من أحد زملائي وكان يحضر مؤتمراً في الساحل الغربي (3 ساعات فارق توقيت عن الساحل الشرقي الأمريكي) وقال أن بحثاً لي حصل على جائزة أفضل بحث في ذلك المؤتمر (وكان أستاذي المشرف في المؤتمر وقدم البحث) ... فما كان مني إلا أن أغلقت الهاتف في وجهه!!
مقالنا اليوم عن نوبل ... ما لها وما عليها وما لنا بها ...

نشر مقال بتاريخ 3 أكتوبر 2017 في مجلة The Atlantic العريقة عن جوائز نوبل، هذا المقال مثير للجدل (بالمعنى الطيب للكلمة) وأحببت أن نناقشه هنا، عنوان المقال هو
"The Absurdity of the Nobel Prizes in Science" أو بترجمة غير حرفية (التأثير السئ لجوائز نوبل على العلم)!

يناقش الكاتب أن حصر تلك الجوائز في عدد قليل من الأفراد (ثلاثة كحد أقصى في كل فرع) يبخس الأخرين حقهم، مثلاً من حصلوا على الجائزة هذا العام في الفيزياء كانوا ضمن فريق كبير في LIGO Project استغرقت كتابة أسماء المشاركين في البحث ثلاث صفحات! قد تقول ولكن هؤلاء الثلاثة هم الأساس، هنا (والكلام لي وليس لكاتب المقال) يجب أن نتذكر أننا في عصر أصبح فيه العلم من التعقيد بحيث أن شخص واحد يكتشف شيئاً عظيماً أصبح شيئاً نادراً جداً فاليوم العلم هو عمل فرق بحثية وفرق بالمعني الحرفي وليست إمبراطورية على رأسها شخص واحد (لقد تجاوزنا تلك الحقبة أيضاً)، إذا كان هناك بحث عن إكتشاف عظيم وعلى البحث إسمان: الأستاذ المشرف والطالب فهل ستعطي نوبل للأستاذ بإعتبار أنه صاحب الفكرة وتتجاهل الطالب؟ من أدراك أنها لم تكن فكرة الطالب من الأساس ولكن الأستاذ المشرف عن طريق نفوذه حصل على الترشيح ثم الجائزة؟ فمثلاُ حصل سلمان واكسمان (Selman Waksman) على جائزة نوبل في الطب عام 1952 لإكتشافه المضاد الحيوي ستريبتوميسن ولم يحصل عليها طالبه لدراسات ما بعد الدكتوراه ألبرت شاتز (Albert Schatz) صاحب الإكتشاف الأصلي وهناك الكثير من هذه الحوادث (ومن حاصلين على نوبل وأرادوا أن يحصلوا عليها مرة ثانية) حيث يحاول بعض الأسماء الكبيرة الحصول على الفوز الكبير ويأتي الكاتب بعدة نماذج عن باحثين وصلا لنفس الإكتشاف معاً ولكن أحدهما فقط حصد الجائزة ... ويقترح كاتب مقال مجلة The Atlantic أن تعطي اللجنة الجوائز لمجموعة بحثية أو مؤسسة (مثلما يحدث في بعض الأحيان في جائزة نوبل للسلام) وأنا أضم صوتي لصوت كاتب المقال في هذا الإقتراح... بل وأزيد أن يحصل عليها من مات أيضاً فقد حصل جيمس واطسون وفرانسيس كريك على نوبل لإكتشاف تركيب الDNA ولم تحصل عليها روزالين فرانكلين لأنها ماتت قبل حصولهم على الجائزة بأربع سنوات ولكنهم لم يكونوا ليصلوا لإكتشافهم بدون مجهوداتها.

قد يقول قائل أن اللجنة تنفذ قرارات وصية ألفريد نوبل نفسه ولكن الوصية تقول أن الجائزة تُعطى للشخص (وليس الأشخاص) الذين وصلوا لإكتشاف كبير في السنة الماضية (وليس منذ سنوات عدة) إذا فاللجنة قد عدلت في الوصية عندما تعطي الجائزة لعدة أشخاص (ثلاثة على الأكثر) على إكتشافات قد يكون مر عليها أكثر من عشرون عاماً ... فلنغيرها مرة أخرى إذا!

نقطة أخرى ناقشها المقال أن الحصول على نوبل يجعل الحاصل عليها مقدساً ويقبل كلامه بدون مناقشة وتقبل أغلب أبحاثه في الدوريات العلمية ويعطي الكاتب عن أمثلة من الحاصلين على جوائز نوبل صنعوا أشياء لو صنعها آخرون لدخلوا السجن! وحل ذلك ليس في يد لجنة نوبل ولكن في يدنا نحن فلا يجب أن نقدس أحداً ... أينشتاين عندما أصبح عضواً في Institute of Advanced Studies كان قد مر على حصوله على نوبل أكثر من ربع قرن وأصبح غير مطلع على أحدث الأبحاث (كما يقول معاصروه) وهو نفسه يقول أن تعيينه كان لإعطاء مكانة للمكان فقد قال عنه فريمان ديسون في هذه المرحلة "كنا نحترمه ونجله ولكن لم يعد هناك ما نتعلمه منه" ... إذا فالعلم الحقيقي لا يعترف بالجوائز.

ماذا نفعل نحن في مصر في عصر جوائز نوبل هذا؟ أعتقد أننا إذا تعهدنا مجموعة من شباب الباحثين بالرعاية ووضعنا هدف الحصول على نوبل نصب أعينهم وسميناهم جيل نوبل أو مشروع نوبل فذلك ليس هو الطريق الصحيح ... لعدة أسباب ... الأول أن العالِم أو الباحث الحقيقي يعمل من أجل كشف الحقيقة فهو باحث عن الحق كما كان يقول أستاذنا الدكتور مشرفة في كتابه "العلم الحياة" وليس من أجل الجوائز ... الجائزة قد تأتي بعد ذلك لتتوج مجهوداته أو قد لا تأتي في حياته ويتوجه التاريخ (كما حدث مع نيكولا تسلا الذي مات فقيراً وتمتع توماس إديسون بثمار إختراعاته!) ولكن إذا كنا نعلمهم من البداية أنهم إنما يعملون من أجل الجائزة فذلك "بيزينس" وليس علم ... بعد أن يتوصلوا إلى إكتشاف كبير موثق ومنشورفي دوريات دولية كبيرة وتم التأكد من هذا الإكتشاف من مجموعات بحثية مختلفة عندئذ فقط يمكن أن نجند مجموعة علاقات عامة لتساعد في التعريف بهم وترشحهم للجائزة (فالجوائز الكبرى لا تأتي هكذا وتحتاج ترشيح وعلاقات حتى وإن كانت علمية) إذا فالكلام عن الجوائز يأتي بعد وليس قبل وللتحفيز أساليب أفضل، قد تقول ولكننا نفعل ذلك مع الفرق الرياضية عندما نضع بطولة أو حدث معين كهدف لهم، الوضع هنا مختلف لأن الفرق الرياضية تلعب أساساً من أجل الجوائز وتُعتبر من أدوات الترفيه والحماس للشعوب (لا تقول لي أنك تلعب رياضة عندما تشاهد مباراة لكرة القدم ... أنت فقط "بيتحرق دمك!!") فالهدف مختلف: العلماء يبحثون عن الحق والرياضيون يبحثون عن الجوائز.
السبب الثاني ضد فكرة "جيل نوبل" أنه إن لم يحصل هؤلاء الشباب على جائزة كبرى فستحدث لهم صدمة كبيرة قد لا يستطيعون استكمال مسيرتهم بعدها.
السبب الثالث هو ما هي أولوياتنا في مصر الآن؟ الأولوية للتعليم بجميع مراحلة وللثقافة ثم تأتي مرحلة الجوائز للأجيال القادمة ... جوائز نوبل تُعطى في العلوم الأساسية وتحويلها إلى تكنولوجيا نافعة يحتاج سنوات عديدة وأموال طائلة ونحن حالياً ليست عندنا تلك الرفاهية فالأولوية لتحسين التعليم والثقافة ثم دفع عجلة التكنولوجيا عن طريق تشجيع الشركات الصغيرة والمتوسطة والأبحاث المتعلقة بالعلوم التطبيقية ثم بعد ذلك تأتي العلوم الأساسية...

ما رأيك أنت؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.