عاجل- الجالية المصرية في فرنسا تنحت تمثالًا للرئيس السيسي احتفاءً بجهوده الوطنية ودعمه للمصريين بالخارج    غدًا.. بدء عرض فيلم «السادة الأفاضل» بسينما الشعب في 7 محافظات    الجالية المصرية ببروكسل تستقبل الرئيس السيسي بالأعلام والهتافات    «طلاب من أجل مصر» جامعة سوهاج تنظم لقاءً حاشدًا بعنوان «من القلب إلى القلب» بمشاركة رئيس الجامعة    نقابة المهندسين تنتصر، سجن مقاول في قضية تزوير محررات رسمية منسوبة لفرعية أسيوط    الإحصاء: 11.1% ارتفاعًا في صادرات مصر للاتحاد الأوروبي خلال النصف الأول ل2025    محافظ الإسماعيلية يعتمد المخطط التفصيلي لمدينة أبوصوير    الصين تكمل بناء أول مركز بيانات تحت المياه يعمل بطاقة الرياح في العالم    العرابي: القمة المصرية الأوروبية تؤكد ثقل مصر إقليميا ودوليا    مصر تنقل صوت إفريقيا في مؤتمر «الأونكتاد»| إصلاح مالي وتنمية عادلة    أُغمي عليه أثناء شرح أحد الدروس، وفاة معلم بإحدى مدارس شرق القاهرة    رئيس فرنسا السابق يدخل لمحبسه.. والسجناء يهتفون «مرحبًا ساركوزي»    الدفاع الروسية: استهداف منشآت البنية التحتية للطاقة الأوكرانية    «وزير الخارجية الروسي»: موسكو جاهزة للتحرك وفق قمة ألاسكا الأخيرة    نجم مانشستر يونايتد يلمح إلى رحيل محمد صلاح عن ليفربول    تصاعد الأدخنة أسفل دائرى المنيب إثر نشوب حريق (فيديو وصور)    رجل ينهي حياة طليقته أثناء انتظارها خروج أبنائها من المدرسة بالمنوفية    أسماء مصابي حادث انقلاب ميكروباص بصحراوي المنيا    «تعليم البحيرة» تعلن جداول إمتحانات شهر أكتوبر لصفوف النقل    يسرية لوزا ساويرس تزور كابانا الحرف اليدوية بالجونة السينمائي    حارس الضوء.. تمثال المتحف المصري الكبير يروي أسطورة القوة والخلود    هنا الزاهد: بلعب شخصية خطيبة أحمد عز في "The Seven Dogs"    وزير الثقافة يتفقد قصر روض الفرج ويتابع فعاليات ملتقى شباب المخرجين    استشارى: الكوارع أكلة مذاقها لذيذ ولكن دون فائدة    انتشار الجدري المائي في المدارس يقلق أولياء الأمور.. الأعراض والأسباب    موعد إجراء قرعة حج الجمعيات الأهلية لاختيار الفائزين بالتأشيرات    ضبط 3 تشكيلات عصابية تخصصت في سرقة السيارات والشقق والدراجات النارية بعدة محافظات    المجلس الأعلى لشؤون الدراسات العليا والبحوث يعقد اجتماعه الدوري بجامعة الفيوم    ذكرى إغراق المدمرة إيلات| القوات البحرية تحتفل بعيدها الثامن والخمسين.. شاهد    وكيل تعليم الفيوم يشهد فعاليات تنصيب البرلمان المدرسي وتكريم الطالبات المتميزات على منصة "Quero"    "الابتكار في إعادة تدوير البلاستيك".. ورشة ببيت ثقافة إطسا| صور    نيلي كريم: كنت نفسي في البداية أقدم شخصية "حنان مطاوع" لأنه دور فيه عمق وشجن وحزن    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 21-10-2025 في محافظة الأقصر    دار الإفتاء توضح حكم تصدق الزوجة من مال زوجها دون إذنه    هآرتس: كل عصابات إسرائيل بغزة تفككت وحماس وحدها القادرة على الحكم    تعرف على حالة الطقس في الكويت اليوم الثلاثاء    المستشفيات التعليمية تستضيف فريقًا إيطاليًا لجراحات قلب الأطفال بمعهد القلب    وزير الصحة يبحث مع السفير الفرنسي تنفيذ خطة لتقديم المساعدات الإنسانية لقطاع غزة    عضو الجمعية المصرية للحساسية: ضعف المناعة والتدخين أبرز محفزات ارتكاريا البرد    هل الاحتفال بمولد سيدنا الحسين بدعة؟.. أمين الفتوى يجيب    أسامة نبيه: لا حديث عن منتخب 2005 بعد الآن.. وعلينا التركيز على المستقبل    تطورات مطمئنة بشأن إصابة إمام عاشور.. وموقف توروب    تنس طاولة - محمود أشرف: أعتذر عما حدث مع عمر عصر.. ومستعد للمثول للتحقيق    الخميس.. محمد ثروت ومروة ناجى بقيادة علاء عبد السلام على مسرح النافورة    تامر أمين عن سرقة مجوهرات نابليون من اللوفر: اللي يشوف بلاوي غيره يحمد ربنا على نعمة مصر    أمريكا وأستراليا توقعان إطارا للمعادن الحيوية والعناصر الأرضية النادرة    مباريات اليوم الثلاثاء 21 أكتوبر 2025 والقنوات الناقلة    نيويورك تايمز: إدارة ترامب تضغط على نتنياهو لعدم تقويض الاتفاق مع حماس    ما حكم الاحتفال بالموالد مثل مولد سيدنا الحسين والسيدة زينب؟ وما حكم أفعال بعض الناس خلال الموالد من الذبح والنذور وغيرها من الطقوس ومظاهر الاحتفال؟ وما حكم تشبيه بعض الأفعال الخاصة فى الاحتفالية بمناسك الحج؟    المشرف على رواق الأزهر عن جدل مولد السيد البدوي: يجب الترحم عليهم لا الرقص عند قبورهم    الدماطي: ياسين منصور الأنسب لرئاسة الأهلي بعد الخطيب.. وبيراميدز منافسنا الحقيقي    إصابة 13 شخصا إثر انقلاب ميكروباص فى العياط    ميدو: كنا نسبق الكرة المغربية.. والعدل في الدوري سبب التفوق    مع اقتراب دخول الشتاء.. أبراج تبحث عن الدفء العاطفي وأخرى تجد راحتها في العزلة    بالصور.. بدء التسجيل في الجمعية العمومية لنادي الزمالك    أسعار الذهب في مصر اليوم الثلاثاء 21 أكتوبر 2025    خليل الحية للقاهرة الإخبارية: نشكر مصر على جهودها في وقف إطلاق النار    وزارة العمل: قرارات زيادة الأجور لا تصدر بشكل عشوائي بل بعد دراسات دقيقة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فى قلبى يد وبقعة ضوء
نشر في الشروق الجديد يوم 22 - 03 - 2017

أعترف أن أصغر أطفالى وابنتى الوحيدة تلقى معاملة قد تبدو أحيانا أنها تفضيلية، وأننى أظهر فى علاقتى معها بعض التراخى بالنسبة لصرامة القواعد التى كنت قد وضعتها لأطفالى منذ سنوات فى أمور محددة، كمواعيد النوم والالتزام ببعض المسئوليات داخل المنزل من قبلنا جميعا، كما وبالنسبة لطلب أطفالى أن يناموا فى سريرنا، سرير والدهم ووالدتهم، وهو شىء عادة ما أسمح به فى حالتين استثنائيتين هما مرض أحدهم أو تعرضه لكابوس.
إنما أعترف أننى، ومع الطفلة الثالثة، قد خففت من القواعد على ثلاثتهم. ربما بحكم أننا قد نصبح أكثر مرونة عموما مع الوقت، بما أنه يصبح باستطاعتنا أن نتوقع ما يمر به الأطفال ونستجيب له بحكم الخبرة. أو ربما أننا، ونحن أكبر ببضع سنوات منذ أول ولادة، نصبح أقل توترا من ذى قبل ونتعامل بأريحية أكبر، فيظهر ذلك على شكل علاقة تميز بين آخر العنقود وأوله.
حين أصل إلى السرير وأجدها متكورة تحت اللحاف مثل قطة سعيدة بالدفء، أمد يدى لأضعها فوق أصابعها الصغيرة. أتكور بقربها فأجد نفسى أستمد الدفء من جسدها الصغير، أضبط إيقاع تنفسى على إيقاع تنفسها المنتظم، أشم رائحتها حين أدس أنفى فى مكان يكاد يختفى أسفل عنقها، وأشم معها بقايا رائحة الصابون من حمام المساء.
***
أذكر أننى لحظة ولادة كل طفل من أطفالى الثلاثة، أسأل زوجى إن كان للطفل عشرة أصابع فى يديه وعشرة فى قدميه. اعتقد زوجى مع أول طفل أننى أهذى من جراء التخدير، لكننى أعدت السؤال عدة مرات، وكأنه بتأكيده على وجود العشرين أصبعا إنما يؤكد لى أن أطفالى ولدوا أصحاء.
أفكر فيما يحدث داخل القلب حين تشعر أن بقاء شخص على قيد الحياة يعتمد بشكل مباشر، وخاصة فى السنوات الأولى من عمره، على قدرتنا على الوفاء بمسئولياتنا تجاهه، ثم أفكر ببقعة الضوء التى تظهر مع بداية علاقتنا بالطفل، قد يغطى التعب والالتزامات على تلك البقعة فى البداية، فأنا، وعن نفسى فقط، لا أستطيع أن أجزم أن حبى لأطفالى ظهر كنار مشتعلة فى أول لحظات لقائى بهم فى المشفى. فبصراحة أنا ازداد حبا للأطفال مع مرور الزمن وبسبب العلاقة التى تشكلت بينى وبينهم، فقد يكون جزء من الحب غريزيا، إنما ما أعيه هو أن حبى لهم مبنى على علاقتى بهم، وأن التفاصيل اليومية وفرضهم أنفسهم على حياتى قد أجبرنى على مراجعة الكثير من أفكارى التى كنت قد بنيتها بعناية قبل أن يسقطوا فى حضنى قبل سنوات، وقبل أن تكبر بقعة الضوء التى ظهرت عند ولادتهم لتغطى عقلى مع الوقت.
جل ما فرضه على أطفالى من مراجعة مواقف تتعلق بعلاقتى مع والدى، فبتُّ فجأة أكثر تفهما لبعض ما كان يضايقنى فى فترات سابقة. أصبحت أكثر تقبلا لبعض ردات الأفعال التى كنت أراها إما عاطفية أو غير مفهومة، أصبحت أضم صغيرتى فى نومها وأفكر أننى يجب أن أضم أمى فى اليوم التالى، فهى بحاجة أن تحبها ابنتها كما أريد أنا أن تنظر إلى الصغيرة حين تستيقظ.
***
هناك نوع من الحب لا يظهر إلا عند الأم، سواء التى حملت وأنجبت أم تلك التى ربت بصدق بدلا عن الأم. هناك شيء يمسك بالقلب ولا يفلته منذ اللحظة الأولى للعلاقة. هى يد تلتف حول قلب الأم فتشد وترخى قبضتها عليه حسب الأحداث. تقرص تلك اليد القلب فتقلق الأم، تدغدغه فتفرح، تعصره فتبكى، هى يد تظهر مع ظهور الطفل فى حياة المرأة ولا تذهب حتى تذهب المرأة إلى التراب. يد ترافق الأم طوال الحياة فتصبح قرينتها فى الفرح والحزن. تظهر على اليد التجاعيد تماشيا مع الخطوط الرفيعة التى تظهر على وجه الأم بينما يكبر الأولاد، تبدو عروق اليد أوضح تحت طبقة الجلد التى تصبح أرق بفعل السنوات، فتخفف قليلا عصرها لقلب الأم بينما يصبح أولادها أشخاصا لهم حياتهم خارج العش. تلك اليد التى تمسك بقلب الأم تشبه كثيرا وجه الأم ذاتها، قوية فى شبابها، أكثر رقة حين تكبر، أقل حدة حين تجلس فى كرسيها لتستريح من رحلتها الطويلة.
***
أضطر أن أذكر نفسى مرارا أننى سوف أسترجع لقطات كثيرة، حين أجلس وحدى بعد أن يكون البيت قد هدأ من الأصوات وواجبات المدرسة وخبز كعكات أعياد الميلاد. سوف أجلس وحدى أتذكر كيف بكيت حين ظهر ابنى فى مسرحية المدرسة فرأيته أجمل الأولاد. سوف أربت على قلبى وأنا أتذكر محاولات ابنى الثانى أن يلفت نظرى بعد ولادة الصغيرة، دون أن أفهم وقتها أنه يحاول أن يؤكد لى أنه موجود وأنه مهم، سوف أتذكر أننى قرأت فيما بعد عن ظاهرة «الطفل الأوسط»، وكيف أنه غالبا ما يشعر أنه محشور بين الأكبر والأصغر ولا مكان فعليا له فى مساحة العائلة.
***
سوف أغمض عينى وأتذكر عيد الأم وكيف وقفت فى المطبخ مع أطفالى الثلاثة نعد لوالدتى قالب الحلوى، وكيف أننى فكرت يومها أن الأم ملكة تفرد لحافا على أولادها بدل العرش، فهى لا يهمها العرش بقدر ما يهمها أن تقى أطفالها برد الشتاء ولهب الصيف. حين أصبح جدة بدورى، سوف أجلس على الكرسى وأستجمع كل الصور التى ظهرنا فيها أنا وأمى وأولادى وسوف أمسك باليد التى تلتف حول قلبى فأقبلها وأنا أتخيل أنه قلب أمى.
كل سنة وأنت ملكة يا أمى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.