نقل النواب تناقش طلبات إحاطة بشأن تأخر تنفيذ مشروعات بالمحافظات    حماية المستهلك: الحبس سنة وغرامة 3 ملايين جنيه عقوبة إخفاء السلع    نتنياهو يعلن تصفية رئيس الاستخبارات الإيرانية ونائبه    عضو بالبرلمان التونسي: «الإخوان» اخترقوا قافلة الصمود وحولوها لمنصة تهاجم مصر وليبيا    حقيقة توقيع ريبيرو عقوبة على زيزو؟.. مصدر يوضح    الزمالك يحدد مواعيد وأماكن اختبارات الناشئين    "أشعل النيران في زوجته".. إحالة أوراق حداد للمفتي    موعد ومكان عزاء نجل الموسيقار صلاح الشرنوبي    موعد عرض مسلسل مملكة الحريم على قناة ON    لميس الحديدي: كرة اللهب تتناوب بين تل أبيب وطهران.. ولا نهاية قريبة للحرب    شباب القلب.. 4 أبراج تتمتع بروح الطفولة    قبل عرضه على "يانجو بلاي".. أسماء أبو اليزيد تروج لمسلسل "مملكة الحرير"    بعد تصدره «التريند».. الحسن عادل: «أغنياتي نابعة من إحساسي وبتعبر عن مشاعري»    أخصائي ترميم: مصر تملك أحد أحدث مراكز الترميم في العالم داخل المتحف الكبير    أمين الفتوى يوضح حكم الزيادة في البيع بالتقسيط.. ربا أم ربح مشروع؟    السعودية: وصول طلائع الحجاج الإيرانيين إلى مطار "عرعر" تمهيدًا لمغادرتهم    وزير الشئون النيابية يحضر جلسة النواب بشأن قانون تنظيم بعض الأحكام المتعلقة بملكية الدولة في الشركات المملوكة لها    أوليس أفضل لاعب بمباراة بايرن ميونخ ضد أوكلاند سيتى فى كأس العالم للأندية    كيف تنظم المرأة وقتها بين العبادة والأمور الدنيوية؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    العمليات العسكرية الإسرائيلية وتوجيهات رئاسية جديدة تتصدر نشاط السيسي اليوم    رسمياً.. جينارو جاتوزو مديراً فنياً لمنتخب إيطاليا    تنسيقية شباب الأحزاب تحتفل بمرور 7 سنوات على تأسيسها.. وتؤكد: مستمرين كركيزة سياسية في الجمهورية الجديدة    التعليم: تدريب مجاني لمعلمي الإنجليزية بالتنسيق مع السفارة الأمريكية -(مستند)    توتر في الأهلي.. لماذا انفجر بن شرقي بسبب صدام إنتر ميامي؟    عائلة تطرح جزيرة في اسكتلندا للبيع بسعر أقل من 8 مليون دولار    «جزار الوراق» ينكر التعدي على تلميذة: «ردت علىَّ بقلة ذوق فضربتها بس» (خاص)    صراع مع آلة لا تعرف الرحمة.. «نيويورك تايمز»: الذكاء الاصطناعي يدفع البشر للجنون    رامي جمال يوجه رسالة لجمهور جدة بعد حفله الأخير    ضبط المتهمين بقتل سائق توك توك وإلقاء جثته بمقابر أسوان    جبل القلالي يحتفل بتجليس الأنبا باخوميوس أسقفًا ورئيسًا للدير (صور)    بوستات تهنئة برأس السنة الهجرية للفيس بوك    10 سلوكيات خاطئة ابتعدى عنهم مع أطفالك حفاظا على صحتهم    التنظيم والإدارة يعلن ترتيب امتحانات مسابقات التوظيف بالجهاز الإداري للدولة    رئيس جامعة المنوفية يرأس لجنة مقابلات لتجديد مناصب مديري العموم وأمناء الكليات    محافظ الغربية يجرى جولة مفاجئة داخل مبنى الوحدة المحلية بسبرباى بمركز طنطا    الجريدة الرسمية تنشر قرارا جديدا ل رئيس الوزراء (تفاصيل)    رئيس مجلس الدولة يفتتح فرع توثيق مجمع المحاكم بالأقصر    إيران تنفي إرسال أيّ طلب إلى قبرص لنقل «رسائل» إلى إسرائيل    طب قصر العيني تُحقق انجازًا في الكشف المبكر عن مضاعفات فقر الدم المنجلي لدى الأطفال    طريقة عمل فطيرة السكر باللبن في خطوات بسيطة    قوافل الأحوال المدنية تواصل تقديم خدماتها للمواطنين بالمحافظات    في عيد ميلاده ال33.. محمد صلاح يخلد اسمه في سجلات المجد    تعليم الأقصر: غرفة العمليات لم تتلقَ أي شكاوى بشأن امتحاني مادتي التربية الوطنية والدين للثانوية العامة    "لا للملوك": شعار الاحتجاجات الرافضة لترامب بالتزامن مع احتفال ذكرى تأسيس الجيش الأمريكي    قرارات إزالة لمخالفات بناء وتعديات بالقاهرة وبورسعيد والساحل الشمالي    "طوارئ" بشركات الكهرباء تزامنًا مع امتحانات الثانوية العامة    استمرار استقبال محصول القمح المحلي للمواقع التخزينية بالشرقية    يسري جبر يوضح تفسير الرؤيا في تعذيب العصاة    محافظ أسيوط يشهد فعاليات اليوم العلمي الأول للتوعية بمرض الديمنشيا    تحرير 146 مخالفة للمحلات لعدم الالتزام بقرار ترشيد استهلاك الكهرباء    «خلافات أسرية».. «الداخلية» تكشف ملابسات مشاجرة بالأسلحة البيضاء في البحيرة    تداول امتحان التربية الدينية بجروبات الغش بعد توزيعه في لجان الثانوية العامة    ماراثون الثانوية العامة بدأ.. طلاب الأقصر يتوافدون على اللجان لأداء أول يوم امتحانات    الأهلي أوقفه.. ميسي يتعطل لأول مرة في كأس العالم للأندية    بمناسبة العام الهجري الجديد 1447.. عبارات تعليمية وإيمانية بسيطة للأطفال    الغارات الإسرائيلية على طهران تستهدف مستودعا للنفط    تعليق ساخر من مجدي عبد الغني على مدرب الأهلي قبل مواجهة إنتر ميامي    هاني رمزي: خبرات لاعبي الأهلي كلمة السر أمام إنتر ميامي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



منى الكاتب طالبة ماجستير بكلية الاقتصاد البريطانية بلندن تكتب: المتحف البريطانى والاستعمار الجديد.. كيف يدعم المتحف الإمبريالية البريطانية؟
نشر في الشروق الجديد يوم 18 - 11 - 2016

«أهلا بكم فى المتحف البريطانى» حين تدخل المتحف تأخذ ورقة مطوية مرفقا بها خريطة للمتحف ومكتوبا عليها بخط واضح: «أهلا بكم فى المتحف البريطانى.. متحف عن العالم وللعالم»، ولعل أول سؤال يمكن أن يطرأ على ذهن من يقرأ هذه الجملة هو: إذا ما كان فعلا المتحف البريطانى هو متحف عن العالم وللعالم.. إذا كان ذلك صحيحا فلماذا يحمل اسما له صبغة وطنية مفرطة إلى هذا الحد؟ وحقيقة الأمر هى أنه ليس هناك الكثير من الأسباب يمكن أن تجعل هذا المتحف «بريطانيًا» من حيث ما يعرض على الأقل.

ولعل النظر لهذا المتحف بنظرة ما بعد الكولونيولية تفصح عن مراحل مختلفة لتطور هذا المتحف بدأت بصفة مفرطة فى الكولونيولية، وصولا إلى مرحلة ما بعد الكولونيولية الحالية. فالرسالة التى ينقلها المتحف البريطانى لزائريه هى ببساطة أن «بريطانيا العظمى مازالت عظيمة» بحسب الجملة التى صكها كريس سيلفرستر فى عام 2009.
وكان افتتاح المتحف فى النصف الثانى من القرن الثامن عشر ليستمر فى توسعه بالتوازى مع التوسع الذى حققته الإمبراطورية البريطانية. وقام السير روبرت سميرك بإعادة صياغة معمارية تقريبا للمتحف، وهو من قام بتصميم نحو 44 من الأعمدة فى استلهام لمعبد اثينابولس واتساقا مع الطراز الإغريقى الحديث، وفى هذا ما يلفت إلى أنه حتى من حيث التصميم المعمارى فإن المتحف البريطانى ليس به الكثير من استلهامات المعمار البريطانى، بل هو بالأحرى تعبير عن مدى اتساع الإمبراطورية البريطانية.
ولا يمكن لمن يصل إلى عتبات المتحف البريطانى إلا أن يستشعر عظمة المكان الطاغية، ليدخل الزائر إلى حيث توجد ملايين من القطع، من كل أنحاء العالم، والتى لا يمكن أن تقدر بثمن.
وكان هناك الكثير من الجدل حول بعض هذه القطع وضرورة إعادتها إلى بلدانها مثل بعض أهم القطع التى تمثل الحضارة الإغريقية. وفى هذا المتحف توجد ثانى أكبر مجموعة من الآثار الفرعونية ولا يسبقها من حيث التنوع والأهمية سوى مجموعة المتحف المصرى.
تهدف هذه المقالة لنقاش قطعة واحدة من العديد من القطع المصرية الموجودة بالمتحف البريطانى وهى حجر رشيد. ولقد قامت مجموعة من جنود الحملة الفرنسية لمصر التى قام بها نابليون بونابرت باكتشاف هذا الحجر عام 1799 والتى مكنت العالم من فك طلاسم اللغة الهيروغليفية وقراءتها. وبعد الهزيمة التى تعرضت لها الجيوش الفرنسية فى معركة النيل عام 1801 فقدت سيطرتها على هذه القطعة وغيرها من القطع المهمة من قبل القوات البريطانية المحتلة التى لم تسمح للدولة المصرية الدخول فى مفاوضات حول مصير هذه القطع كما لم تسمح للشعب المصرى أو دولته تقرير مصيرها. وبحسب التقديرات المتاحة فإن حجر رشيد هو القطعة التى تحظى بأكثر اهتمام من المترددين على المتحف البريطانى. وعلى الرغم من أنه من المقرر أن القطع الأثرية الأهم تحظى بحيثية تاريخية أكبر حال عرضها فى بلدانها فإن السلطات المصرية لم يسمح لها أبدا بأن تقوم بعرض حجر رشيد أو حتى إجراء دراسة متفحصة لهذه القطعة التى تم تمريرها بين عدد من المتاحف الأوروبية منذ اكتشافها من قبل جنود الحملة الفرنسية. وكانت هناك محاولات عديدة فيما سبق بشأن تمكين مصر من استعادة حجر رشيد. وفى هذا الشأن قال زاهى حواس، رئيس المجلس الأعلى للآثار فى عام 2003 إذا ما أراد البريطانيون أن يضعوا بصمة إيجابية على تاريخهم فسيكون عليهم إعادة حجر رشيد إلى مصر خاصة أن هذا الحجر هو عنوان لهوية الحضارة المصرية القديمة. وفى عام 2009 فى ظل الازمة الاقتصادية العالمية طرح حواس أن تحظى مصر فقط بحق استعادة حجر رشيد لمدة 3 أشهر اثناء عام 2013 ليتم عرضه مع افتتاح المتحف المصرى الكبير فى ذلك العام حسبما كان مقررا فى حينه. وكما تم رفض طلب إعادة حجر رشيد إلى مصر تم رفض طلب الموافقة على عرضه بالتزامن مع افتتاح المعرض الكبير.
وربما بالفعل يمكن القول إن وجود حجر رشيد، بما يمثله من نقلة فاصلة فى قراءة التاريخ، يجعل من الأسهل على أعداد أكبر من السائحين الاطلاع عليه فى لندن التى هى أيضا بالتأكيد واحدة من أهم المدن الكوزموبوليتانية فى العالم، ولكن ربما يكون نقله إلى مصر مدعاة للبعض أيضا لزيارة مصر لرؤية هذا الحجر. فى كل الأحوال فإن معظم القطع الموجودة حاليا بالمتحف البريطانى تم اقتناؤها من خلال تفاعلات دبلوماسية سياسية.. وهنا علينا أن نقول: «أهلا بالعلاقات الدولية حيث الواقعية هى الفيصل».
ولكن هذا المنظور يتجاهل حقيقة أن بعضا من القطع الموجودة فى المتحف البريطانى تمثل نقاط تحول هائلة فى قراءة حضارات بعينها، وهى بالتالى ليست مجرد قطع ولكن عناوين رمزية لهذه الحضارات، ولعل حجر رشيد بما يمثله للحضارة المصرية هو نموذج بالغ الوضوح فى هذا الشأن، وبالتالى فان الإصرار على حرمان مصر من عرضه يمثل تذكرة بفظائع ارتكبتها الإمبراطورية البريطانية لا يمكن إنكار ما جلبته من عذابات وإهانات وصراع من أجل نيل الحرية بل إنه يمكن القول إن الإصرار على عدم السماح بنقل حجر رشيد لمصر هو فى الحقيقة عنوان للرمزية التى يمثلها التاريخ الاستعمارى لبريطانيا.
ولمصر الآلاف من القطع التى تتواجد متناثرة حول العالم بعد أن كانت كلها فى المستقر الآمن على الأرض المصرية، ولكن حجر رشيد هو عنوان للحضارة التى أنتجت كل هذه القطع، وهنا يكون السؤال: هل من السذاجة المفرطة المطالبة بعودة حجر رشيد لمصر حيث كان وحيث تم اكتشافه وأخذه عنوة وبدون موافقة البلاد ولا إقرار من أهلها بنقله؟.
أظن أن علينا إعادة قراءة هيكلية القوى التى مثلها تاريخ بريطانيا الاستعمارى والنظر فى سبل التعاطى معه، وعلى الرغم من أن القانون الحاكم للمتحف البريطانى والذى تم إقراره فى مطلع الستينيات من القرن العشرين لا يسمح بنقل أى قطع أصبحت فى حوزة المتحف البريطانى فإننا يجب علينا أن نتساءل عما إذا كنا فى حقبة تسمح لنا باعادة قراءة هذه القوانين وطرح الأسئلة حولها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.