من الشبهات التى تثار من وقت لآخر وتؤجج المشاعر بين المسلمين والأقباط، أن القرآن الكريم والتاريخ الإسلامى يحفل بما يراه البعض تمييزا ضد غير المسلمين، سواء فى آيات القرآن الكريم، أو ما ورد عن الخليفة عمر بن الخطاب. اليوم يفند العلامة الدكتور يوسف القرضاوى رئيس اتحاد علماء المسلمين الشبهات التى ضخمها المستشرقون فيما يتعلق بملابس أهل الذمة وأزيائهم، وخصوصا ما روى أن الخليفة عمر بن الخطاب رضى الله عنه اشترط عليهم ألا يتشبهوا بالمسلمين فى ثيابهم وسروجهم ونعالهم، وأن يضعوا فى أوساطهم أو على أكتافهم شارات معينة تميزهم عن المسلمين، وينسب ذلك إلى الخليفة عمر بن عبدالعزيز أيضا. يقول القرضاوى إن من المؤرخين من يشكك فى نسبة هذه الأوامر المتعلقة بالزى إلى الخليفة العادل عمر بن الخطاب رضى الله عنه، ويضيف لكن «الأمر أهون من أن يتم إنكار وروده، لو عُرِفت أسبابه، والملابسات التاريخية التى وجد فيها»،ويؤكد أن هذا الإجراء لم يكن أمرا دينيا يتعبد به فى كل زمان ومكان كما فهم بعض الفقهاء وظنوه شرعا لازما، ولكنه أمر من أوامر السلطة الحاكمة يتعلق بمصلحة زمنية للمجتمع آنذاك ولا مانع من أن تتغير هذه المصلحة فى زمن آخر، وحال أخرى، فيلغى هذا الأمر أو يُعدّل. لقد كان هذا التمييز بين الناس تبعا لأديانهم أمرا ضروريا فى ذلك الوقت، وكان أهل الأديان أنفسهم حريصين عليه، فلم يكن هناك وسيلة للتمييز غير الزى، حيث لم يكن لديهم نظام البطاقات الشخصية فى عصرنا، التى يسجل فيها مع اسم الشخص ولقبه دينه وحتى مذهبه، فالحاجة إلى التحديد الاجتماعى وحدها هى التى دفعت إلى إصدار تلك الأوامر والقرارات، ولهذا لا نرى فى عصرنا أحدا من فقهاء المسلمين يرى ما رآه الأولون من وجوب التمييز فى الزى لعدم الحاجة إليه. ولقد انتهج معظم الخلفاء، والولاة المسلمين سياسة التسامح والإخاء والمساواة، ولم يتدخلوا كثيرا فى تحديد ملابس غير المسلمين ولم ترتفع أصوات مطلقا بالشكوى أو الاحتجاج، وهناك أدلة تاريخية تثبت هذه الحقائق فالاتفاقية التى وقعها المسلمون فى سنة 98 ه مع «الجراجمة» المسيحيين الذين يسكنون المناطق الجبلية من بلاد الشام تضمنت النص على أن يلبس الجراجمة لباس المسلمين.. والخلاصة أنه لا يوجد اضطهاد فى الأمر إنما هى وسيلة اجتماعية للتحديد فى زمن لا يوجد فيه بطاقات رقم قومى ولا جوازات سفر، بل إننا نرى اليوم فى كل مجتمع حديث تعدد الأزياء، لكل طائفة أو أصحاب حرفة أو مهنة زى واحد يميزهم. وغدا يتحدث الشيخ القرضاوى عن النصوص القرآنية الخاصة بغير المسلمين ويساء فهمها.