الفن والشارع؛ هذه الثنائية التى طالما شكا طرفاها العزلة والانفصال، اندمجت أخيرا عبر فكرة إبداعية خالصة رعاها الفنان التشكيلى عبدالوهاب عبدالمحسن، وآمن بها معه الكثير من الفنانين التشكيليين، الذى يشاركون للعام الثالث على التوالى فى فاعليات ملتقى البرلس الدولى للرسم على الحوائط والمراكب، والذين استطاعوا تحويل فعاليتهم إلى كرنفال عالمى مفتوح، بمشاركة فنانين متعددى الجنسيات، انتصر أغلبهم لخصوصية المكان، الذى لم تنقصه الأصالة ولا البهجة اليومية المنحوتة فى معالمه. ما بين النخيل ورمال شواطئ المتوسط تناثر 48 فنانا وفنانة من 13 دول أجنبية، وعبر أكثر الألوان صخبا واتساقا كان وجه المدينة قد تحول من أول لمسة، كاشفا عن رسالة أن الفن يكتسب روحا مضافة عندما يمتزج بالشارع، وكان التجلى الأبرز للمسات فنانى الملتقى فى «حارة الورد»، وهو الاسم الذى اكتسبته الحارة الواقعة ببرج البرلس من واقعها الجديد، بعدما تحولت الحارة الإسمنتية، التى كانت أقرب للعشوائية، إلى لوحة متسقة من الزهور الملونة، وخلال 3 أيام فقط كان الفنان عادل مصطفى استطاع تغيير معالم الحارة بالكامل، بمعاونة بعض شباب، مخلفا أملا لدى سكان الحارات المحيطة بأن يأتى الدور على حاراتهم الفقيرة فى يوم ما. ملتقى البرلس تتواصل فعالياته حتى نهاية الأسبوع الحالى، كما تتواصل مفاجآته المستلهمة من واقع المكان وملامح البشر، وحتى موعد ختام فعالياته بالتزامن مع الاستعدادات المحافظة للاحتفال بعيدها القومى فى الرابع من نوفمبر المقبل، سيكون متاحا بالمدينة وأمام جميع المدن المصرية أرشيفا مصورا للجمال الذى لا ينقصه سوى المحبة وإرادة الناس. جدير بالذكر أن الفنان التشكيلى الدكتور عبدالوهاب عبدالمحسن رئيس الملتقى ومؤسسه، صرح أكثر من مرة بأنه يهدف من خلال الملتقى إلى اكتشاف المواهب لدى أطفال البرلس، ومحاولة ابتكار حرفة لها علاقة بحالة البيئة، بالإضافة إلى تجميل مدينة البرلس ونشر الوعى الفنى والتذوق من خلال تجميل الحوائط، مؤكدا أن فكرة المؤسسة تنموية وجمالية فى المقام الأول، وليس لها أى علاقة بالسياسة، وأن مجمل الأعمال الفنية التى يقومون بها سواء بالرسم على الجدران أو المراكب لا تحتوى أية شعارات سياسية.