نرفض مايناقض الفطرة السليمة.. شيخ الأزهر يستقبل مبعوثة الاتحاد الأوروبي لحقوق الإنسان    جامعة أسيوط تعزز الدعم النفسي والاجتماعي للطلاب عبر اجتماع وحدة الأبحاث    رئيس الوزراء يُتابع الموقف التنفيذي لمشروعات الطاقة الجديدة والمتجددة    الرئيس الأوكراني: روسيا تتجاهل محاولات الدول الكبرى لإنهاء الحرب    إندونيسيا: ارتفاع عدد ضحايا الفيضانات والانهيارات الأرضية إلى 69 قتيلا وفقدان 59 آخرين    المصري يختتم استعداداته لمواجهة زيسكو بالكونفدرالية    الزمالك يعين الدكتور مصطفى عبدالخالق مستشارًا لمجلس الإدارة لشؤون المتابعة    الأهلي يشكر مسئولي الجيش الملكي    الجيزة: غلق شارع الأهرام 3 أشهر لأعمال مترو المطبعة    هذا هو موعد عرض الحلقة الأخيرة من مسلسل ورد وشوكلاتة    هالة الصفتي.. حسناء سيف الدين تُشوق الجمهور لمسلسل 2 قهوة    رئيس الوزراء اللبناني: المرحلة الأولى من حصر سلاح حزب الله يفترض أن تنتهي مع نهاية العام الجاري    جامعة كفر الشيخ تحصد برونزيتين في بطولة دوري الجامعات|صور    «رجال يد الأهلي» يفوز على البنك الأهلي في دوري المحترفين    الجدول النهائي لبقية مراحل انتخابات مجلس النواب 2025    قفلوا عليها.. سقوط طفلة من الطابق الثاني في مدرسه بالمحلة    حملة فى مركز الصف بالجيزة لإزالة حالات تعدٍ على الأراضى الزراعية    ديبالا يقود تشكيل روما أمام ميتييلاند بالدوري الأوروبي    بعد ترشيح معزوفة اليوم السابع لجائزة الشيخ زايد.. جلال برجس ل الشروق: سعيد بالتواجد وسط كتاب مبدعين    أبى انطلق إلى العالم ببركات السيدة زينب    هل الصلاة في مساجد تضم أضرحة جائزة أم لا؟ أمين الفتوى يجيب    هل مصافحة المرأة الأجنبية حرام؟.. أمين الفتوى يجيب    خالد الجندي: الخشوع جوهر الصلاة وروحها ويُحذر من هذه الأمور(فيديو)    هيئة الرعاية الصحية تمنح الدكتور محمد نشأت جائزة التميز الإداري خلال ملتقاها السنوي    هيئة الرعاية الصحية تمنح رئيس قطاع إقليم الصعيد جائزة التميز الإدارى    علا الشافعي: لجنة الدراما بالمجلس الأعلى لم تعقد منذ فترة ولا توجد قرارات ملزمة    مدبولي: نتابع يوميًا تداعيات زيادة منسوب المياه    بالأسماء.. إصابة 7 طلاب فى حادث تصادم سيارتين بأسوان    «فاكسيرا» تضع خارطة طريق لمواجهة فصل الشتاء    انخفاض الحرارة غدا.. وأمطار على بعض المناطق والصغرى بالقاهرة 16 درجة    مريم نعوم تعلّق على توجيهات منسوبة للجنة الدراما بشأن مسلسلات رمضان: لو الخبر صحيح سأعلن إضرابي عن العمل    توزيع آلاف الطرود الغذائية والمساعدات الشتوية من مصر لقطاع غزة    رئيس لجنة مراجعة المصحف بالأزهر: دولة التلاوة ثمرة الكتاتيب في القرى    رئيس جامعة بنها : اعتماد 11 برنامجا أكاديميا من هيئة ضمان جودة التعليم    سوريا تعلن إطارا تنظيميا جديدا لإعادة تفعيل المراسلات المصرفية    مقتل سيدة بطلقات نارية في قنا    وزير الصحة يزور أكبر مجمع طبي في أوروبا بإسطنبول    الصحة: فحص أكثر من 4.5 مليون شاب وفتاة ضمن مبادرة فحص المقبلين على الزواج    إصابة شخص في انفجار أنبوبة غاز بقرية ترسا بالفيوم    منظمات حقوقية: مقتل 374 فلسطينيا منهم 136 بهجمات إسرائيلية منذ وقف إطلاق النار    أوقاف الغربية تنظّم ندوة علمية بالمدارس بعنوان «حُسن الجوار في الإسلام»    التحقيق مع 5 عناصر جنائية حاولوا غسل 50 مليون جنيه حصيلة النصب على المواطنين    غلق 32 منشأة طبية خاصة وإنذار 28 أخرى خلال حملات مكثفة بالبحيرة    السعودية: 4.8% من سكان المملكة أكبر من 60 عاما    هشام نصر يصل اتحاد الكرة لحضور الجمعية العمومية ممثلا للزمالك    وزير البترول يعقد لقاءً موسعاً مع شركات التعدين الأسترالية    حقيقة فسخ بيراميدز تعاقده مع رمضان صبحي بسبب المنشطات    سلطات هونج كونج: ارتفاع عدد قتلى حريق اندلع بمجمع سكني إلى 55    جامعة بنها ضمن الأفضل عربيًّا في تصنيف التايمز البريطاني    وزير الانتاج الحربي يتابع سير العمل بشركة حلوان للصناعات غير الحديدية    جولة إعادة مشتعلة بين كبار المرشحين واحتفالات تجتاح القرى والمراكز    عمر خيرت يوجه رسالة للجمهور بعد تعافيه من أزمته الصحية.. تعرف عليها    وسائل الإعلام العالمية تشيد بشراكة مصر و "Jet2" البريطانية    د.حماد عبدالله يكتب: وظائف خالية !!    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 27نوفمبر 2025 فى المنيا.....اعرف مواعيد صلاتك    مندوب سوريا يكشف عن دور قطر في التخلص من الأسلحة الكيميائية السورية    البيان العسكري العراقي ينفي وجود طيران أجنبي جنوب البلاد    «امرأة بلا أقنعة».. كتاب جديد يكشف أسرار رحلة إلهام شاهين الفنية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قراءة مغايرة فى توصيات مؤتمر هرتسيليا ال16
نشر في الشروق الجديد يوم 03 - 07 - 2016

يخفت بريق مؤتمر هرتسيليا فى دورته ال16 الذى عقد 20 يونيو واستمر لمدة ثلاثة أيام رويدا رويدا، بعد أن شاخ مركز الدراسات متعددة الاتجاهات والمسارات الذى يحتضن المؤتمر سنويا. ولم يعد يجدد فى أجندة طرحه السنوية، والتى تعقد تحت اسم مناعة إسرائيل الوطنية، وما تواجهه فى محيطها الإقليمى والعربى. وبرغم التذكير سنويا أن المؤتمر ملتقى أغلب القيادات والمفكرين والعسكريين من داخل إسرائيل وخارجها، إلا أن المؤتمر فى السنوات الأخيرة فقد بنتائجه وتوصياته الدور الذى كان يقوم به باعتباره ينذر ويحذر من المخاطر والتحديات المفترض أن تنتبه إليها إسرائيل وكيفية التعامل معها فى عام كامل.
وتحول المؤتمر الشهير إلى دور راصد وتشخيصى أكثر منه دور استباقى أو استشرافى، وهو ما جعل مراكز أخرى فى إسرائيل وأهمها مركز دراسات الأمن القومى INSS ومركز دراسات وتحليل السياسات العامة ومركز بيجن السادات تقوم بهذا الدور. والمؤكد أن بعض خبراء مركز هرتسيليا الذين تم تكليف بعضهم بمراجعة دوره ومهامه فى السنوات المقبلة وتحويله إلى منتدى استشرافى بدلا من مركز بحثى حاز ولسنوات طويلة مكانة كبيرة فى الأوساط الإسرائيلية على كل المستويات خاصة وأنه قد سبق ومن داخل هذا المؤتمر خرجت إسرائيل على العالم العربى بخطط الفصل أحادى الجانب والانطواء وتبادل الأراضى، والتوطين المتبادل، والوطن البديل، ومشروع الشرق الأوسط الإسرائيلى، وتوسيع قطاع غزة، وربط القطاع بالعالم الخارجى، واستراتيجية إسرائيل 2028، وإسرائيل 2020، ومؤخرا إسرائيل 2030، بالإضافة للدراسات المتعلقة بترسيم حدود الدولة تجاه الدولة الفلسطينية وغيرها، وهو ما تبنته الحكومات الإسرائيلية تباعا طوال ال15 عاما السابقة مما جعل للمؤتمر صوتا كبيرا فى إسرائيل. كما جعل لجنرالاته وخبرائه صوتا مؤثرا وفعالا فى إسرائيل وهو ما سيدفعهم للبحث عن مدخل جديد لتطوير مهام مؤتمر هرتسيليا فى السنوات المقبلة، حيث تشير بعض الوقائع التى لم تعلن إلى أن إسرائيل بدأت فى البحث عن البديل لمواجهة ما يجرى حولها من خلال بيت خبرة أمريكى إسرائيلى مشترك يحدد دور ومهام وأولويات هرتسيليا فى المرحلة المقبلة، مع الإبقاء على مؤتمر هرتسيليا لحين وجود الآلية الجديدة خاصة وأن أغلب المشاركين فى فعاليات المؤتمر من الولايات المتحدة ومن مراكز بحث أوروبية متميزة ولامعة.
***
هذا التطور المهم لنظرة إسرائيل لمؤتمرها السنوى يدفعنا لمناقشة المؤتمر الأخير والذى جاء تحت عنوان «أمل إسرائيلى رؤية أم حلم» والعمل على صياغة هوية إسرائيلية جديدة لإسرائيل تستند على اليهودية والديمقراطية الليبرالية، وهى هوية جامعة للتيارات الأربع الموجودة فى إسرائيل العلمانية والصهيونية الدينية والحريديم والعرب، وهو ما يثير ويعيد طرح إشكالية دمج العرب فى هذه الهوية تحت شعار تقاسم العبء مع المساواة فى ظل استمرار السياسات العنصرية الرسمية التى تطبقها إسرائيل. ولهذا استغربت من طرح ممثل منظمة التحرير أحمد المجدلانى والذى حضر المؤتمر أن يطرح أساليب وأنماطا جديدة للتعامل مع إسرائيل فى ظل هذه التحديات الأربع وفى ظل تمسك القيادة الفلسطينية الحالية بحل الدولتين القائم على مقررات المبادرة العربية بانسحاب إسرائيل إلى حدود 4 يونيو 1967، وأن تكون القدس عاصمة للدولة الفلسطينية وإيجاد حل عادل لقضية اللاجئين وأن يغفل تماما الطرح الإسرائيلى الإقصائى.
كما انطلق المؤتمر فى معظم أوراقه ومداخلاته من التطورات الأخيرة فى الشرق الأوسط، حيث تم التأكيد على أن إسرائيل تواجه تحديات عديدة فى المنطقة لكنها بعيدة المدى، وهو ما أكد عليه هنرى كيسنجر من أن إسرائيل تواجه خطرا مستقبليا وليس آنيا. وهناك فرص جيدة للسلام مع بعض الدول العربية فى إشارة لدول الخليج والسعودية تحديدا بعد إعادة إطلاق مبادرة السلام العربية من جديد وتدوير أفكارها. ولكن كان واضحا التسليم بأن إسرائيل هى الدولة الأقوى عسكريا فى الشرق الأوسط بأكمله، وأنها لم تعد تواجه جيوشا نظامية بل منظمات إرهابية وأشير تحديدا إلى حزب الله باعتباره الأكثر تنظيما وعتادا وتسليحا من حيث القدرات القتالية والصاروخية مع التنويه إلى أن الحرب المقبلة مع الحزب ستحيل لبنان لدولة لاجئين ودولة من دمار، وأن حزب الله يستعد ويجهز العدة العسكرية ولكن لن يحارب إسرائيل فى الوقت الراهن. كما تم اقرار رؤية استراتيجية بأن سوريا لن تستقر ولن تعود موحدة وأن أسوأ سيناريو بالنسبة لإسرائيل انتهاء تنظيم داعش وانحسار دوره ورحيل القوى الكبرى من المنطقة وبقاء المحور الإيرانى حزب الله.
وأقر المؤتمر بتراجع الهبة الفلسطينية وأنها باتت أعمالا فردية وأنه لا تأثير لوجود دور للفصائل فى تحريكها وأن الرأى العام الفلسطينى لم يعد يتجاوب مع مطالب الهبة أو القيام بانتفاضة جديدة وحدد ثلاث استراتيجيات فى التعامل مع حماس، الأولى: إبقاء حماس فى حالة الردع وتقليص قدراتها، والثانية: تحسين الأوضاع فى غزة، والثالثة: التجاوب مع حماس التى لا تريد أى مواجهة، كما تم الإقرار بأن الرئيس الفلسطينى ما زال راغبا فى التنسيق الأمنى الذى لن يتوقف على أى مستوى.
الاتجاه الأبرز فى كلمات، ومداخلات المشاركين الإشارة إلى بدء انحسار داعش فى سوريا والعراق، وهو ما سيؤدى إلى تحدٍ جديد لإسرائيل فى كيفية التعامل والمواجهة الاستراتيجية القادمة خاصة وأن إيران لا تزال تعلن عن نفسها، وما زال مسعاها قائما فى تطوير قدراتها فى مجال التسليح. وكان الاتفاق فى أغلب الرؤى أن إيران ستبقى الخطر والعدو الأكبر.
***
ومن المهم التأكيد على بعض النقاط التى أغفلها المؤتمر وعن عمد واضح وفرض على بعضها الآخر تعتيما، حيث لم تتم دراسة مستقبل العلاقات المصرية الإسرائيلية باستفاضة أو مستقبل معاهدة السلام أو إجراء تعديلات على المعاهدة. ويبدو أن ذلك التوجه ترك للجنة المصرية الإسرائيلية المشتركة التى تعقد لقاءاتها بالتناوب فى بئر سبع والعريش. كما لم تتم معالجة المصالح الإسرائيلية فى سوريا فى حال بقاء النظام السورى أو مستقبل الوجود الإسرائيلى فى الجولان، وكذلك التنسيق الإسرائيلى الروسى المتنامى والذى دخل مجالات استراتيجية وأمنية واضحة وكذلك الخلافات الأمريكية الإسرائيلية بشأن برنامج المساعدات العسكرية التى تزايدت مؤخرا. ويبدو أن هذا الملف غير قابل للنقاش العلنى وفى مؤتمر مثل هرتسيليا. ولكن لوحظ اهتمام المؤتمر بمناطق نفوذ جديدة لإسرائيل فى العالم مثل دول الجنوب ودول حوض النيل تحديدا وفى دول فى جنوب شرق آسيا، وكذلك التوجه لدول البلقان، وجنوب المتوسط إضافة لتأمين المصالح الاستراتيجية والاستخباراتية فى الممرات والمرافئ الدولية.
ويظل الانشغال الإسرائيلى كما اتضح فى المؤتمر ليس بتنظيم داعش أو القاعدة وإنما بمرحلة ما بعد انحسار هذه التنظيمات ولو بعد سنوات طويلة إذ سيحدث الفراغ الأمنى والاستراتيجى الذى يمكن أن يشغله كيانات صاعدة تتنازع مع الدولة الوطنية نفوذها ومهامها وصلاحياتها. وهو ما جعل المؤتمرين فى هرتسيليا يبحثون آليات التعامل مع مشهد ربما يكون له تداعيات سلبية ومباشرة على أمن إسرائيل التى ستظل تواجه بمخاطر التنظيمات التى ترفع شعار المقاومة وتهدد إسرائيل.
ولم يحظ هرتسيليا هذا العام بدراسات معلنة عن الوضع الإيرانى ومراحل تنفيذ الاتفاق المرحلى مع الإدارة الأمريكية الجديدة، والتى ستباشر تعاملاتها مع إيران وإن كانت قضايا الاتفاق النووى وتحدياته حظيت بمداخلات دارت حول الخطر الإيرانى المباشر ودور إيران الراهن فى أغلب قضايا المنطقة.
فى الإجمال سيظل هرتسيليا وحتى اشعار آخر مؤتمر النخبة فى إسرائيل ومن لم يشارك فيه فلن يتولى موقعا سياسيا أو استراتيجيا فى الدولة. ولهذا ولحين أن يظهر البديل لهرتسيليا سيحظى بالأهمية السياسية والاستراتيجية فى الدولة، ولكن ستبقى توصياته التى كانت تنفذ بالكامل محل نقاش وجدال كبير، إذ يرى سياسيون كبار فى إسرائيل أن على المؤتمر تحديد جدول أعماله للدولة بأكملها، وليس للحكومات التى تتعامل مع التحديات العاجلة، وليست طويلة المدى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.