السيسي يلقي كلمة مهمة للمصريين بعد قليل    بعد انهيارها ل58 جنيهًا.. الفراخ البيضاء تشعل الأسواق اليوم    إنقاذ مئات السياح بعد عاصفة ثلجية في جبل إيفرست    الانتقال إلى دولة عربية وعدم الغناء في لبنان، تفاصيل تسوية وضع فضل شاكر قبل محاكمته    لماذا يتصدر المصري جدول الدوري رغم تساويه مع الزمالك والأهلي؟    مواجهات دور ال 16 في كأس العالم للشباب تحت 20 عاما    «الداخلية» تقرر السماح ل 84 مواطنًا مصريًا بالحصول على جنسيات أجنبية    السيطرة على حريق نشب داخل شقة سكنية في إمبابة    «الإحصاء»: معلم لكل 28 تلميذًا في مصر خلال العام الدراسي 2024 2025    رئيس وزراء باكستان يتطلع إلى تعزيز العلاقات مع ماليزيا    البترول: التعجيل بمشروعات الإنتاج والاستكشاف يمثل أولوية قصوى للقطاع    أسعار الأسماك اليوم الإثنين 6 أكتوبر فى سوق العبور للجملة    أحمد صالح: الزمالك أعاد الأهلي لمكانه الطبيعي    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم الاثنين 6 أكتوبر 2025    اليوم أم يوم الخميس؟ تعرف على الموعد الرسمي لإجازة 6 أكتوبر 2025    طقس اليوم .. أجواء خريفية اليوم وشبورة صباحا والعظمى بالقاهرة 30 درجة والصغرى 21    " التعليم " تكشف أهمية التقييمات الأسبوعية والاختبار الشهري لصفوف النقل.. تعرف عليها    ذكرى نصر أكتوبر ال52.. الأفلام المصرية توثق بطولات الجيش    مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 6اكتوبر 2025في المنيا.. تعرف على مواعيد الأذان    حاكمان ديمقراطيان يتعهدان بمعركة قضائية بعد إرسال ترامب حرس كاليفورنيا الوطني إلى أوريجون    بعد 64 عامًا.. «لا تطفئ الشمس» لإحسان عبد القدوس من السينما والدراما إلى خشبة المسرح    ماذا قال رئيس الاتحاد السكندري عن الدوري الاستثنائي وأحمد دياب ؟    سعر طن الحديد والأسمنت اليوم الإثنين 6-10-2025 بعد آخر ارتفاع.. حديد عز بكام؟    نهر النيل لا يعرف الهزيمة    استبدليه بالبيض والفول والجبن فورا، استشاري يحذر من اللانشون في ساندويتشات المدرسة    حبس المتهمين بإدارة نادٍ صحي لاستغلاله في ممارسة الأعمال المنافية للآداب بمدينة نصر    قناة عبرية: ناشطة من أسطول الصمود تعض موظفة في أحد السجون الإسرائيلية    ترامب: لم يتبق أي قوارب قبالة فنزويلا بعد الضربات الأمريكية    مزيج بين الجريمة والدراما.. موعد عرض مسلسل المحتالون التركي الحلقة 1    مدحت صالح يتألق في حفل قصر عابدين بأجمل أغانيه    «العناني» يقترب من منصب المدير العام الجديد لليونسكو    عيد ميلاد عزيز الشافعي.. رحلة نجاح بدأت من الحلم ووصلت إلى القمة    حركة القطارات| 90 دقيقة متوسط تأخيرات «بنها وبورسعيد».. الاثنين 6 أكتوبر    «أزمة مع النحاس؟».. وليد صلاح الدين يكشف حقيقة عرض أفشة للبيع (خاص)    «لا أعرف لماذا أنت سلبي بهذا الشكل اللعين.. ماذا دار في مكالمة ترامب ونتنياهو؟    سكته قلبية.. وفاة شخص قبل نظر نزاع على منزل مع زوجته وشقيقه بمحكمة الإسكندرية    لجنة الشكاوى ب"الأعلى للإعلام" تستدعي الممثل القانوني لموقع "الموقع" وتحقق في شكوى هالة صدقي    للعام الرابع.. الجامعة البريطانية وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي يطلقان برنامج محاكاة قمة المناخ COP30    منتخب مصر يودّع كأس العالم للشباب رسميًا    من غير غسيل.. خطوات تنظيف المراتب من البقع والأتربة    "كيفية مشاهدة مباراة السعودية والنرويج في كأس العالم للشباب 2025 بث مباشر"    السفارة التركية بالقاهرة تحتفل بالذكرى المئوية للعلاقات بين مصر وتركيا    وزارة الحج والعمرة: جميع أنواع التأشيرات تتيح أداء مناسك العمرة    البابا تواضروس الثاني يزور إيبارشية أبوتيج وصدقا والغنايم    31 مرشحًا خضعوا للكشف الطبي بالفيوم.. ووكيلة الصحة تتفقد لجان الفحص بالقومسيون والمستشفى العام    بالصور/ مدير امانه المراكز الطبية المتخصصة" البوابة نيوز"..نرفع الطوارئ على مدار 24 ساعة لاستقبال حوادث المواصلات بالطريق الزراعى والدائري..القوى البشرية بقليوب التخصصى لا يستهان بها    اعرف مواقيت الصلاة اليوم الأثنين 6-10-2025 في بني سويف    ترقي وإعادة تعيين المعلمين 2025.. «الأكاديمية» تحدد مواعيد جديدة لاختبارات الصلاحية    لحظة مصرع عامل إنارة صعقا بالكهرباء أثناء عمله بالزقازيق ومحافظ الشرقية ينعاه (فيديو)    هناك من يحاول التقرب منك.. حظ برج القوس اليوم 6 أكتوبر    أسعار الذهب في السودان وعيار 21 الآن ببداية تعاملات الاثنين 6 أكتوبر 2025    فنانة تصاب ب ذبحة صدرية.. أعراض وأسباب مرض قد يتطور إلى نوبة قلبية    على زعزع يخضع للتأهيل فى مران مودرن سبورت    بدر محمد بطل فيلم ضي في أول حوار تلفزيوني: الاختلاف قد يكون ميزة    لحظة تهور سائق في زفة بكرداسة تنتهي بالقبض عليه.. إنفوجراف    أمين الإفتاء: الصبر على الزوجة والتحمل والاجتهاد في الموعظة له أجر وثواب من الله    تعرف على مواقيت الصلاة غد الاثنين 6-10-2025 في محافظة قنا    رمضان 2026.. تعرف على موعد حلول الشهر الكريم وعدد أيامه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قراءة مغايرة فى توصيات مؤتمر هرتسيليا ال16
نشر في الشروق الجديد يوم 03 - 07 - 2016

يخفت بريق مؤتمر هرتسيليا فى دورته ال16 الذى عقد 20 يونيو واستمر لمدة ثلاثة أيام رويدا رويدا، بعد أن شاخ مركز الدراسات متعددة الاتجاهات والمسارات الذى يحتضن المؤتمر سنويا. ولم يعد يجدد فى أجندة طرحه السنوية، والتى تعقد تحت اسم مناعة إسرائيل الوطنية، وما تواجهه فى محيطها الإقليمى والعربى. وبرغم التذكير سنويا أن المؤتمر ملتقى أغلب القيادات والمفكرين والعسكريين من داخل إسرائيل وخارجها، إلا أن المؤتمر فى السنوات الأخيرة فقد بنتائجه وتوصياته الدور الذى كان يقوم به باعتباره ينذر ويحذر من المخاطر والتحديات المفترض أن تنتبه إليها إسرائيل وكيفية التعامل معها فى عام كامل.
وتحول المؤتمر الشهير إلى دور راصد وتشخيصى أكثر منه دور استباقى أو استشرافى، وهو ما جعل مراكز أخرى فى إسرائيل وأهمها مركز دراسات الأمن القومى INSS ومركز دراسات وتحليل السياسات العامة ومركز بيجن السادات تقوم بهذا الدور. والمؤكد أن بعض خبراء مركز هرتسيليا الذين تم تكليف بعضهم بمراجعة دوره ومهامه فى السنوات المقبلة وتحويله إلى منتدى استشرافى بدلا من مركز بحثى حاز ولسنوات طويلة مكانة كبيرة فى الأوساط الإسرائيلية على كل المستويات خاصة وأنه قد سبق ومن داخل هذا المؤتمر خرجت إسرائيل على العالم العربى بخطط الفصل أحادى الجانب والانطواء وتبادل الأراضى، والتوطين المتبادل، والوطن البديل، ومشروع الشرق الأوسط الإسرائيلى، وتوسيع قطاع غزة، وربط القطاع بالعالم الخارجى، واستراتيجية إسرائيل 2028، وإسرائيل 2020، ومؤخرا إسرائيل 2030، بالإضافة للدراسات المتعلقة بترسيم حدود الدولة تجاه الدولة الفلسطينية وغيرها، وهو ما تبنته الحكومات الإسرائيلية تباعا طوال ال15 عاما السابقة مما جعل للمؤتمر صوتا كبيرا فى إسرائيل. كما جعل لجنرالاته وخبرائه صوتا مؤثرا وفعالا فى إسرائيل وهو ما سيدفعهم للبحث عن مدخل جديد لتطوير مهام مؤتمر هرتسيليا فى السنوات المقبلة، حيث تشير بعض الوقائع التى لم تعلن إلى أن إسرائيل بدأت فى البحث عن البديل لمواجهة ما يجرى حولها من خلال بيت خبرة أمريكى إسرائيلى مشترك يحدد دور ومهام وأولويات هرتسيليا فى المرحلة المقبلة، مع الإبقاء على مؤتمر هرتسيليا لحين وجود الآلية الجديدة خاصة وأن أغلب المشاركين فى فعاليات المؤتمر من الولايات المتحدة ومن مراكز بحث أوروبية متميزة ولامعة.
***
هذا التطور المهم لنظرة إسرائيل لمؤتمرها السنوى يدفعنا لمناقشة المؤتمر الأخير والذى جاء تحت عنوان «أمل إسرائيلى رؤية أم حلم» والعمل على صياغة هوية إسرائيلية جديدة لإسرائيل تستند على اليهودية والديمقراطية الليبرالية، وهى هوية جامعة للتيارات الأربع الموجودة فى إسرائيل العلمانية والصهيونية الدينية والحريديم والعرب، وهو ما يثير ويعيد طرح إشكالية دمج العرب فى هذه الهوية تحت شعار تقاسم العبء مع المساواة فى ظل استمرار السياسات العنصرية الرسمية التى تطبقها إسرائيل. ولهذا استغربت من طرح ممثل منظمة التحرير أحمد المجدلانى والذى حضر المؤتمر أن يطرح أساليب وأنماطا جديدة للتعامل مع إسرائيل فى ظل هذه التحديات الأربع وفى ظل تمسك القيادة الفلسطينية الحالية بحل الدولتين القائم على مقررات المبادرة العربية بانسحاب إسرائيل إلى حدود 4 يونيو 1967، وأن تكون القدس عاصمة للدولة الفلسطينية وإيجاد حل عادل لقضية اللاجئين وأن يغفل تماما الطرح الإسرائيلى الإقصائى.
كما انطلق المؤتمر فى معظم أوراقه ومداخلاته من التطورات الأخيرة فى الشرق الأوسط، حيث تم التأكيد على أن إسرائيل تواجه تحديات عديدة فى المنطقة لكنها بعيدة المدى، وهو ما أكد عليه هنرى كيسنجر من أن إسرائيل تواجه خطرا مستقبليا وليس آنيا. وهناك فرص جيدة للسلام مع بعض الدول العربية فى إشارة لدول الخليج والسعودية تحديدا بعد إعادة إطلاق مبادرة السلام العربية من جديد وتدوير أفكارها. ولكن كان واضحا التسليم بأن إسرائيل هى الدولة الأقوى عسكريا فى الشرق الأوسط بأكمله، وأنها لم تعد تواجه جيوشا نظامية بل منظمات إرهابية وأشير تحديدا إلى حزب الله باعتباره الأكثر تنظيما وعتادا وتسليحا من حيث القدرات القتالية والصاروخية مع التنويه إلى أن الحرب المقبلة مع الحزب ستحيل لبنان لدولة لاجئين ودولة من دمار، وأن حزب الله يستعد ويجهز العدة العسكرية ولكن لن يحارب إسرائيل فى الوقت الراهن. كما تم اقرار رؤية استراتيجية بأن سوريا لن تستقر ولن تعود موحدة وأن أسوأ سيناريو بالنسبة لإسرائيل انتهاء تنظيم داعش وانحسار دوره ورحيل القوى الكبرى من المنطقة وبقاء المحور الإيرانى حزب الله.
وأقر المؤتمر بتراجع الهبة الفلسطينية وأنها باتت أعمالا فردية وأنه لا تأثير لوجود دور للفصائل فى تحريكها وأن الرأى العام الفلسطينى لم يعد يتجاوب مع مطالب الهبة أو القيام بانتفاضة جديدة وحدد ثلاث استراتيجيات فى التعامل مع حماس، الأولى: إبقاء حماس فى حالة الردع وتقليص قدراتها، والثانية: تحسين الأوضاع فى غزة، والثالثة: التجاوب مع حماس التى لا تريد أى مواجهة، كما تم الإقرار بأن الرئيس الفلسطينى ما زال راغبا فى التنسيق الأمنى الذى لن يتوقف على أى مستوى.
الاتجاه الأبرز فى كلمات، ومداخلات المشاركين الإشارة إلى بدء انحسار داعش فى سوريا والعراق، وهو ما سيؤدى إلى تحدٍ جديد لإسرائيل فى كيفية التعامل والمواجهة الاستراتيجية القادمة خاصة وأن إيران لا تزال تعلن عن نفسها، وما زال مسعاها قائما فى تطوير قدراتها فى مجال التسليح. وكان الاتفاق فى أغلب الرؤى أن إيران ستبقى الخطر والعدو الأكبر.
***
ومن المهم التأكيد على بعض النقاط التى أغفلها المؤتمر وعن عمد واضح وفرض على بعضها الآخر تعتيما، حيث لم تتم دراسة مستقبل العلاقات المصرية الإسرائيلية باستفاضة أو مستقبل معاهدة السلام أو إجراء تعديلات على المعاهدة. ويبدو أن ذلك التوجه ترك للجنة المصرية الإسرائيلية المشتركة التى تعقد لقاءاتها بالتناوب فى بئر سبع والعريش. كما لم تتم معالجة المصالح الإسرائيلية فى سوريا فى حال بقاء النظام السورى أو مستقبل الوجود الإسرائيلى فى الجولان، وكذلك التنسيق الإسرائيلى الروسى المتنامى والذى دخل مجالات استراتيجية وأمنية واضحة وكذلك الخلافات الأمريكية الإسرائيلية بشأن برنامج المساعدات العسكرية التى تزايدت مؤخرا. ويبدو أن هذا الملف غير قابل للنقاش العلنى وفى مؤتمر مثل هرتسيليا. ولكن لوحظ اهتمام المؤتمر بمناطق نفوذ جديدة لإسرائيل فى العالم مثل دول الجنوب ودول حوض النيل تحديدا وفى دول فى جنوب شرق آسيا، وكذلك التوجه لدول البلقان، وجنوب المتوسط إضافة لتأمين المصالح الاستراتيجية والاستخباراتية فى الممرات والمرافئ الدولية.
ويظل الانشغال الإسرائيلى كما اتضح فى المؤتمر ليس بتنظيم داعش أو القاعدة وإنما بمرحلة ما بعد انحسار هذه التنظيمات ولو بعد سنوات طويلة إذ سيحدث الفراغ الأمنى والاستراتيجى الذى يمكن أن يشغله كيانات صاعدة تتنازع مع الدولة الوطنية نفوذها ومهامها وصلاحياتها. وهو ما جعل المؤتمرين فى هرتسيليا يبحثون آليات التعامل مع مشهد ربما يكون له تداعيات سلبية ومباشرة على أمن إسرائيل التى ستظل تواجه بمخاطر التنظيمات التى ترفع شعار المقاومة وتهدد إسرائيل.
ولم يحظ هرتسيليا هذا العام بدراسات معلنة عن الوضع الإيرانى ومراحل تنفيذ الاتفاق المرحلى مع الإدارة الأمريكية الجديدة، والتى ستباشر تعاملاتها مع إيران وإن كانت قضايا الاتفاق النووى وتحدياته حظيت بمداخلات دارت حول الخطر الإيرانى المباشر ودور إيران الراهن فى أغلب قضايا المنطقة.
فى الإجمال سيظل هرتسيليا وحتى اشعار آخر مؤتمر النخبة فى إسرائيل ومن لم يشارك فيه فلن يتولى موقعا سياسيا أو استراتيجيا فى الدولة. ولهذا ولحين أن يظهر البديل لهرتسيليا سيحظى بالأهمية السياسية والاستراتيجية فى الدولة، ولكن ستبقى توصياته التى كانت تنفذ بالكامل محل نقاش وجدال كبير، إذ يرى سياسيون كبار فى إسرائيل أن على المؤتمر تحديد جدول أعماله للدولة بأكملها، وليس للحكومات التى تتعامل مع التحديات العاجلة، وليست طويلة المدى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.