انتقد إليوت أبرامز، كبير الباحثين لدراسات الشرق الأوسط بمجلس الشئون الخارجية الأمريكى ومساعد مستشار الأمن القومى فى إدارة الرئيس الأمريكى السابق جورج بوش،استقبال الرئيس أوباما للرئيس حسنى مبارك فى البيت الأبيض معتبرا أن فى هذا تخليا عن نشطاء الديمقراطية المصريين. وقال إن الإدارة تنطلق من رؤية أيديولوجية يسارية تعتبر أن تحرك الولاياتالمتحدة فى الخارج شرا وإسرائيل مصدر للمشكلات، نافيا أن يكون أوباما معادى للسامية. وقال فى الحوار الذى أجرته معه مجلة «فرونت بيج»: «بالرغم من أن الإدارة يبدون أنهم يحبون أن تحترم حقوق الإنسان حول العالم مثلهم مثل بقية الأمريكيين لكنهم لا يملكون سياسة حقيقية لإنجاز هذا الهدف، ويضعونها فى مرتبة ثانوية بالنسبة لأهدافهم السياسة الأخرى. وأضاف «فى الشرق الأوسط، على سبيل المثال، قررت الإدارة أن يسيروا فى طريق التوصل إلى اتفاق إسرائيلى فلسطينى بأى ثمن، وهذا يعنى أن علاقتنا بمصر والسعودية وسوريا، تدور حول المسألة الإسرائيلية الفلسطينية، لا حول مصر ذاتها كبلد. حقوق الإنسان والديمقراطية فى مصر أصبحا موضوعات هامشية وصغيرة». وتابع: «أعطى أوباما أهمية لزيارة مبارك حين اختار القاهرة لإلقاء خطابه، ونسى الرئيس خلال هذا الخطاب مسألة الحرية، لم ينطق الكلمة، أو كلمات أخرى مثل الديمقراطية وحقوق الإنسان، أو الانتخابات النزيهة» بجلوسه هناك بجانب مبارك فى البيت الأبيض، تخلى عن نشطاء الديمقراطية فى مصر. ملاحظات هيلارى كلينتون حول حقوق الإنسان فى الصين نموذج آخر. زيارة ميتشل لسوريا، وصمت الموتى لكل ما يتعلق بحقوق الإنسان، الابتسام فى وجوه الحكام الديكتاتوريين، هذا هو الموجود». وأكد أبرامز أن هناك أربع عواقب لغياب سياسة دعم حقوق الإنسان، أولها أن السياسة الخارجية للإدارة لا تعكس المثل العليا والمبادئ الأمريكية. فلم تؤسس أمريكا لتحسين الرعاية الصحية أو الإسكان، لكنها أسست على الحرية، المدينة الساطعة على التل، لم يفترض أن تكون النموذج للتخطيط الحضرى أو السياسات الاجتماعية لكنها كان يفترض أن تكون نموذجا للحرية والحكم الذاتى. على حد قوله. وقال: «الأمر الثانى هو أننا تخلينا عن الشعوب التى تناضل من أجل حقوق الإنسان والديمقراطية والتى تتطلع لمساعدة أمريكا، المساعدة يمكن أن تكون أخلاقية أو لفظية وليست مساعدة مادية، ولكن حينما نرفض أن نعطيهم حتى هذا النوع من المساعدة نتخلى عنهم فى وجه حكام ديكتاتوريين يرغبون فى كبتهم. ما الرسالة التى يمكن أن تصل إلى الشعب المصرى من زيارة مبارك لواشنطن، حينما لا يتفوه الرئيس أوباما بكلمة حرية أو ديمقراطية أو حقوق إنسان؟». وقال إن سياسة أوباما هذه ستؤدى إلى إضعاف قضية حقوق الإنسان عالميا. هذه القضية التى كان لها دائما أعداء يرغبون أن يحكموا مكان الشعب، ولكنهم فى بعض الأحيان يكبحون أو يهزمون بواسطة نضال الشعوب من أجل الحرية، وفى بعض الأحيان بالمساندة الأمريكية. ولكن عندما تختفى هذه المساعدة، فالمستبدون غالبا ما سيربحون هذه المعركة. رابعا، فإن حريتنا ستكون فى مأمن فى عالم من الديمقراطيات، ومن ثم فإن التخلى عن القضية فإننا بذلك نسهم فى خلق عالم أقل أمانا للولايات المتحدة. وحول ما يخيف الرئيس أوباما من أن يتحدث عن الديمقراطية وحقوق الإنسان قال إنهم ربطوا بين أجندة الحرية ونشر الديمقراطية وبين إدارة بوش، لذا فهم عارضوها. مشيرا إلى أن الرغبة فى إظهار الانفصال عن الإدارة السابقة أمر مفهوم، لكن ليس عندما يتعلق الأمر بحقوق الإنسان. لقد كان دعم حقوق الإنسان جزءا من سياسة كلينتون وكارتر، إذا فما يتخلون عنه هو عقود من الإجماع حول السياسة الخارجية فيما يتعلق بحقوق الإنسان. وأشار إلى أن المبرر الثانى لسياسة أوباما هو سياسة جناح اليسارى التى تعتبر أن أمريكا كانت مصدرا للمشكلات والعنف والظلم وليس للإلهام من أجل الحرية. مضيفا «إنها نسخة قديمة من وجهة نظر ماكجووفرنيت التى ترى أننا بلد سيئ، وكلما تحركنا فى العالم كلم زاد السوء للجميع. لكن ريجان ربح عام 1980 لأنه لم يؤمن بهذا كما لم يؤمن الشعب الأمريكى، الذى آمن بأن تأثيرنا الأعظم هو فى الخير للعالم وهم على حق». وردا على سؤال «ما الذى لا تفهمه إدارة أوباما؟ وهل هذا بسبب جهلهم وقلة خبرتهم أم بسبب أيديولوجى، أم كلاهما؟» رجح أبرامز أن يكون السبب وراء سياسة إدارة أوباما فيما يتعلق بحقوق الإنسان أيديولوجيا نابعا من وجهة نظر الجناح اليسارى فى الحزب الديمقراطى الذى يمثله أوباما. إنه من المستحيل بالنسبة لأوباما ومستشاريه كما يبدوا أنهم يتخيلون أنهم كلما كانت أمريكا نشطة وقوية فى العالم كلما كان أفضل لنا وللعالم». وسخر أبرامز من تصريحات هيلارى كلينتون حول حقوق الإنسان والتى قالت فيها «إننا بحاجة إلى تعريف متحرر لحقوق الإنسان، لا يركز فقط على حرية التعبير والصحافة والانتخابات والدين ولكن يتضمن سكنا أفضل والحق فى الحصول على وظيفة» وقال «هذه وجهة نظر أيديولوجية خالصة، وهذا يعنى أننا نضغط على الحكام الديكتاتوريين الذين تتلقى دولهم مساعدات من أجل أن يبنوا مدارس أكثر ولكن لا نضغط عليهم للسماح بحرية التفكير فى هذه المدارس، نبنى طرقا ونتجاهل الانتخابات النزيهة». وقال إن ما تفعله إدارة أوباما يدمر فاعلية مكتب الديمقراطية فى وزارة الخارجية ومجلس الأمن القومى بسماحهم بأن تتغلب الإيديولوجية على السياسة الخارجية الأمريكية، وهو ما يقوض العمل الذى تم الاعتياد على فعله فى هذه المكاتب. فنشطاء الديمقراطية حول العالم لا يعرفون أين يلجأون فى الحكومة الأمريكية هذه الأيام ليجدوا أذنا صديقة تستمع إليهم وتمدهم ببعض المساعدة. وحول ما نشر فى الواشنطن بوست حول أن الدولة الوحيدة التى ساءت العلاقات معها منذ جاء أوباما هى إسرائيل وما إذا كان فى هذا عداء للسامية، قال أبرامز أنه لا يعتقد أن أوباما معادى للسامية، مشيرا إلى أن بعض الشخصيات المهمة فى إدارته هم يهود، مرجعا توتر علاقة أوباما بإسرائيل لأسباب أيديولوجية، ترجع إلى رؤية الجناح اليسارى فى الحزب الديمقراطى التى تنظر إلى إسرائيل على أنها مصدر للمشكلات فى العالم، وأنها دولة عدوانية معسكرة، فدعم إسرائيل بين الحزب الديمقراطى والليبراليين واليساريين أقل منه بين الحزب الجمهورى، والمحافظين. وأضاف «ويبدو أن الرئيس يعتقد أن أبعادنا عن إسرائيل سيجعلنا نقترب من المسلمين حول العالم، ولكن هذه وجهة نظر جاهلة لأن الابتعاد عن حليف من أجل أن يبتسم أشخاص آخرون فى وجوهنا، لن تجدى».