رئيس جامعة القناة يُكلف مديرين جُدد للعمل بالإدارة العامة لخدمة المجتمع    رئيس الوزراء يواصل مناقشة المقترحات الخاصة بتطوير مرحلة الثانوية العامة.. طرحها من خلال آلية الحوار الوطني.. والاستفادة من مناهج النيل المصرية    محافظ بني سويف: حصول 21 مدرسة وروضة على شهادة ضمان جودة التعليم    رئيس الوزراء يشدد على ضرورة تعيين 30 ألف معلم فى المدارس كل عام لسد العجز    النواب يحيل 3 اتفاقيات للجان النوعية في بداية الجلسة العامة .. اعرف التفاصيل    أمين الأعلى للشئون الإسلامية على رأس وفد يضم 35 إمامًا وواعظة لمرافقة بعثة الحج    175 مليون دولار صادرات الصناعات الغذائية إلى العراق خلال 2023    نواب بالجلسة العامة يؤيدون التحول للدعم النقدى ليصل لمستحقه    أسعار الخضراوات اليوم، ارتفاع البامية والليمون في سوق العبور    توريد 125 طن قمح لمطحن الطارق بجنوب سيناء    خروج قطار عن القضبان بسبب الانهيارات الطينية في ألمانيا    علا الدحدوح.. أخر صحفية تستشهد على يد قوات الاحتلال.. وصاحبة الجلالة تفقد 145 أخرين منذ انطلاق طوفان الأقصى    بيريز يتحدث عن قصة حب ريال مدريد ودوري أبطال أوروبا    أخبار الأهلي: مفاجأة في رحيل محمد عبدالمنعم عن الأهلي وبديله    كرة يد - الاتحاد المصري يعلن إذاعة نهائي كأس مصر بين الزمالك وسبورتنج    فتح باب التقديم لرياض الأطفال في القاهرة للعام الجديد    قرار عاجل من النيابة بعد غرق طفل أثناء تدريب سباحة في مدرسة بالغربية    إصابة قاض بمحكمة نجع حمادي في انقلاب سيارة بقنا    رئيس بعثة الحج الرسمية: بدء تفويج حجاج القرعة من المدينة المنورة إلى مكة المكرمة    قيادات «المتحدة» ونجوم الفن ورجال الدولة في احتفالية العرض الخاص من سلسلة «أم الدنيا 2»    اليوم.. جمعية الفيلم تعرض فيلم بيت الروبي وتحتفل بمئوية الفنانة سامية جمال    دار الأوبرا تكرم سميحة أيوب فى أمسية بهجة الروح، الأربعاء المقبل    ما حكم من أحرم بالحج ثم مات بعد الوقوف بعرفة؟.. «المفتي» يجيب    غرفة الرعاية الصحية: القطاع الخاص يشارك في صياغة قانون المنشآت    تحرير 139 مخالفة للمحلات التى لم تلتزم بقرار الغلق خلال 24 ساعة    عدو خفي للكوليسترول.. احذر نوع طعام يعشقه كثيرون ويدمر جسمك    تحرير أكثر من 300 محضر لمخالفات في الأسواق والمخابز خلال حملات تموينية في بني سويف    قرار جديد من محكمة النقض بشأن قضية «شهيدة الشرف»    غرفة عمليات «طيبة التكنولوجية»: امتحانات نهاية العام دون شكاوى من الطلاب    السكرتير المساعد لبني سويف يناقش إجراءات تعزيز منظومة الصرف بمنطقة كوم أبوراضي الصناعية    مجلس الزمالك يسابق الزمن لتجهيز مستحقات الفريق.. ومفاجأة بخصوص جوميز (خاص)    أحمد حلمي يطالب بصناعة عمل فني يفضح الاحتلال الإسرائيلي: علينا تحمل مسئولية تقديم الحقيقة للعالم    وزيرا خارجية المغرب وكوريا يبحثان تعزيز علاقات التعاون الاقتصادية والتجارية    رسمياً.. منحة 500 جنيه بمناسبة عيد الأضحى لهذه الفئات (التفاصيل والموعد)    وزيرة التخطيط ل"النواب": الأزمات المتتالية خلقت وضعًا معقدًا.. ولابد من «توازنات»    سيناتور أمريكي: نتنياهو «مجرم حرب» لا يجب دعوته للكونجرس    زيادة رأسمال شركة أبو الهول المصرية للزيوت والمنظفات إلى 200 مليون جنيه    ضبط 9 ملايين جنيه في قضايا اتجار بالعملات الأجنبية خلال 24 ساعة    جواز ذبح الأضحية للمصريين المقيمين بالخارج: التفاصيل والأولويات    د. على جمعة عضو هيئة كبار العلماء يجيب عن أشهر أسئلة الحج: التخلف من العمرة للحج مخالفة لا تتفق معها العبادة.. ويحقق أذى المسلمين فى الحج    وسائل إعلام لبنانية: شهيدان مدنيان في غارة إسرائيلية على بلدة حولا    الشرقية تحتفل بذكرى دخول العائلة المقدسة ومباركتها لأرض مصر في منطقة آثار تل بسطا    فلسطين ترحب بإعلان تشيلي التدخل في قضية الإبادة الجماعية ضد إسرائيل    بدء تسليم وحدات " بيت الوطن " بمشروع جنة بدمياط الجديدة الأحد المقبل    انتقادات أيرلندية وأمريكية لاذعة لنتنياهو.. «يستحق أن يحترق في الجحيم»    عاجل بالأسماء.. شلبي يكشف رحيل 5 لاعبين من الأهلي    دعاء دخول مكة المكرمة.. اللهم أَمِّني من عذابك يوم تبعث عبادك    10 يونيو.. معارضة بطل مسلسل "حضرة المتهم أبي" على حكم حبسه    ل برج الجوزاء والعقرب والسرطان.. من أكثرهم تعاسة في الزواج 2024؟    «هل اللي خلقه مخلقش غيره؟».. شوبير عن عودة نجم الزمالك السابق    "صحة الإسماعيلية": بدء تشغيل قسم الحضانات بمستشفى حميات التل الكبير    وزير الري يؤكد عمق العلاقات المصرية التنزانية على الأصعدة كافة    استقرار سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الأحد 2 يونيو 2024    «خبرة كبيرة جدًا».. عمرو السولية: الأهلي يحتاج التعاقد مع هذا اللاعب    احمد مجاهد: انا مؤهل لقيادة اتحاد الكرة وهاني أبوريدة الوحيد اللي منزلش قدامه    الصحة تكشف حقيقة رفع الدعم عن المستشفيات الحكومية    قصواء الخلالى ترد على تصريحات وزير التموين: "محدش بقى عنده بط ووز يأكله عيش"    السفير نبيل فهمى: حرب أكتوبر كانت ورقة ضغط على إسرائيل أجبرتهم على التفاوض    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مائة عام من الهزائم العربية.. وإسرائيل المنتصر الأكبر بسايكس بيكو!
نشر في الشروق الجديد يوم 17 - 05 - 2016

يحتفل «العرب»، هذه الأيام بالذكرى الستين «للنكبة» التى ضربتهم فى فلسطين، أساسا، بعدما كانت مقدماتها قد بعثرتهم فى مختلف ديارهم التى كان يوحدها الحكم المتداعى للسلطنة العثمانية، وريثة «الخلافة» العربية الإسلامية التى كانت قد تمزقت أيدى سبأ وتوزعها أشتات من أمراء الجيوش متعددى العنصر متعاظمى الطموح إلى السيطرة بقوة السلاح على بلاد لا يعرفون حتى لغتها.
من المصادفات القدرية أن ذكرى «النكبة» فى فلسطين تجئ هذه السنة متقاربة زمنيا مع الذكرى المئوية لمعاهدة سايكس بيكو التى تقاسم فيها الحليفان المنتصران فى الحرب العالمية الأولى، بريطانيا وفرنسا، منطقة المشرق العربى.
وقد حرص البريطانيون يومذاك على التمهيد عبر هذه المعاهدة، لإقامة الكيان الصهيونى فوق أرض فلسطين بخطوات محددة بينها: تثبيت احتلالهم للأرض المقدسة مع فتح الباب أمام الهجرة اليهودية، و«خلق» كيان سياسى جديد على حدودها باسم إمارة شرقى الأردن، بزعم استرضاء الشريف حسين وعبر تنصيب ولده عبدالله بن الحسين أميرا على هذه الدويلة المقتطعة من الأرض السورية والتى ستكون حاجزا بين فلسطين والعراق وبالتالى الامتداد العربى حتى اليمن، فى حين تتكفل صحراء سيناء بتأمين «الكيان الجديد» من مخاطر الاجتياح المصرى.
***
التزامن بين «النكبة» فى فلسطين وبين النتائج العملية لمعاهدة سايكس بيكو، أوضح من أن يحتاج إلى شرح، إنه كالعلاقة بين السبب والتداعيات المنطقية الناجمة عنه. وهكذا كان ضروريا أن يقسم المشرق العربى، وبالتحديد «الهلال الخصيب»، أى المساحة الممتدة بين البحر الأبيض المتوسط والصحراء العربية بدءا بالكويت على الخليج العربى وانتهاء بعدن على بحر العرب واليمن شمالا عند باب المندب الذى يربط أو يفصل بين البحر الأحمر والمحيطين الهندى والأطلسى، لكى تتم السيطرة على ردود الفعل المحتملة فى البلاد العربية المحيطة بفلسطين على عملية خلق الكيان الصهيونى فوق أرض فلسطين العربية.
***
والحقيقة أن «النكبة» لم تقتصر على فلسطين، بل هى شملت بتداعياتها كل المشرق العربى. إذ كان ضروريا إقامة سور من الدويلات الضعيفة من حول فلسطين، ليمكن زرع الكيان الإسرائيلى فيها، وعبر مدى زمنى تجاوز الثلاثين عاما، وشهد تطورات خطيرة تناولت الخريطة الجديدة لهذه المنطقة:
• أولا: تم «تكبير» متصرفية جبل لبنان باقتطاع أجزاء من ولايتى حمص ودمشق «أيام العثمانيين ومن ثم الأتراك»، لإقامة كيان سياسى متعدد الطائفة مع الحرص على إعطاء المسيحيين «والموارنة تحديدا» مركز القرار.
• ثانيا: جرت محاولة لتقسيم سوريا، أو ما تبقى منها بعد اقتطاع شرقى الأردن، وما أعطى لمتصرفية جبل لبنان من الأرض والأهالى، إلى أربع «دويلات» على أساس طائفى أو مذهبى «دويلة للعلويين فى الساحل، ودويلة للدروز فى حوران التى قسمت إلى محافظتين أو مشروع دويلتين، ودويلة سنية فى دمشق وأخرى سنية فى حلب».
ولم تعمر محاولة البريطانيين تنصيب فيصل الأول، نجل الشريف حسين، الذى استخدموه لإعلان الثورة العربية الكبرى كمشروع افتراضى لإعادة توحيد العرب فى «دولة عظمى» تذكر بأيام الخلافة ملكا على سوريا، إذ سرعان ما خلعه الفرنسيون وطردوه مسقطين «دولته» فى دمشق، فتولى أمره البريطانيون واستلموه من درعا على «الحدود الجديدة» بين سوريا «الفرنسية» والأردن «البريطانى» ليأخذوه إلى بغداد فينصبوه ملكا على العراق الجديد. فلما هبَ «الشيعة» فى العراق إلى الرفض «ثورة العشرين»، استمال البريطانيون أهل السنة فأقاموا معهم وبهم المملكة العراقية الهاشمية، لتساند الإمارة الهاشمية «عبدالله بن الحسين» فى الأردن.
• فى هذا الوقت كانت دول الحلفاء المنتصرة فى الحرب العالمية الأولى، وتحديدا البريطانيين، يسهلون ليهود أوروبا إجراءات القدوم إلى فلسطين، وكانت الحركة الصهيونية هى التى ستتولى قيادة اليهود فى مشروع إقامة دولتهم «إسرائيل» على أرض فلسطين العربية. بينما الزعامات والقيادات العربية التى جمعها نداء الثورة العربية الكبرى تغرق فى صراعاتها العبثية على تقاسم مواقع السلطة والنفوذ فى الدويلات المستحدثة التى «خلقها» الاستعمار الجديد، مطلقا «وعد بلفور» بإقامة دولة يهودية على أرض فلسطين ومستولدا حالة من الصراع المفتوح بين ورثة «الثورة العربية الكبرى» وبين الساعين إلى السلطة فى الدويلات الجديدة، وبينهم عرب وأتراك وأكراد و«قوميات» أخرى.
وهكذا كان المشروع الصهيونى يحقق المكاسب يوما بعد يوم، خصوصا أن المتمولين اليهود بادروا إلى تنفيذ خطة مدروسة لشراء الأراضى فى فلسطين، وكان بين ملاكها من غدوا، الآن، «لبنانيين» و«سوريين» تمهيدا للإدعاء بحقهم فى استعادة ما كان من أراضى «مملكة سليمان» الأسطورية، والتى ليس لها أى سند فى التاريخ.
وها هم العرب، بعد مائة سنة من «معاهدة سايكس بيكو» والتى وضع لها وعد بلفور بعد عام واحد من إعلانها الخطة التنفيذية لإقامة «دولة يهود العالم» على أرض فلسطين، يخوضون حروبا ضد الذات على امتداد أرض المشرق العربى، فى حين تطال الصواريخ الإسرائيلية العواصم العربية والإسلامية «حتى لا ننسى إيران» القريبة والبعيدة معززة الآن بمعاهدة صلح مع مصر، ومع الأردن، وبمعاهدة دولية لفض الاشتباك بينها وبين سوريا «فى أعقاب حرب أكتوبر المجيدة 1973»، واتفاق لوقف إطلاق النار مع لبنان «بعد أن نجحت المقاومة الباسلة فى تحرير الأراضى اللبنانية التى كانت إسرائيل قد احتلتها بذريعة طرد المقاومة الفلسطينية منها، عبر اجتياح عسكرى وصل إلى العاصمة بيروت فى مطلع يونيه 1982 وكان ذلك امتدادا لاحتلالها جنوب نهر الليطانى فى منتصف مارس 1978».
***
هل من الضرورى التذكير بأن بمقدور إسرائيل، الآن، أن تدعى أنها «الدولة الديمقراطية الوحيدة فى منطقة الشرق الأوسط التى يتناوب على حكم دولها ضباط انقلابيون أو ملوك وأمراء ومشايخ يستمدون قوتهم من قبائلهم ومن نفطهم الذى يحظى بحماية دولية مؤكدة، باعتباره عنصر استقرار اقتصادى وبالتالى سياسى، للسلام العالمى وللاستقرار فى هذه المنطقة المضطربة، والتى يخوض أهلها هذه الأيام فى بحار دمائهم، فى محاولة مكلفة للوصول إلى غدهم الأفضل، فينجحون قليلا ويفشلون كثيرا بسبب فرقتهم، وخلافاتهم السياسية التى صفحها فى السنوات القليلة الماضية مناخ الفتنة الطائفية التى تهددهم فى يومهم كما فى غدهم، أقلة فى مختلف أقطار المشرق العربى، الذى تغرق «دوله» فى بحور من دماء شعوبها.
ومن أسف، فإنه فى حين تتباهى دولة العدو الإسرائيلى، الآن، بأنها أقوى دولة فى منطقة الشرق الأوسط، وتكاد تتحكم بمصائر العديد من الدول و«الشعوب العربية» فإن دول العرب فى المشرق العربى خاصة تعيش حالة من التمزق والتشطر على قواعد طائفية ومذهبية و«قومية»، حتى لا ننسى الأكراد وبعض العناصر المكونة الأخرى لشعوب هذه المنطقة، هذا قبل الحديث عن الفتنة الطائفية التى تكاد تلتهم الوحدة الوطنية ودولها المستولدة قيصريا، والتى يبدو أنها قد بلغت سن الشيخوخة ولم تعد مؤهلة للبقاء، أقلة فى صيغتها القديمة الراهنة.
مع الإشارة إلى أن رياح التغيير التى أطلقتها «الميادين» فى السنوات الخمس الأخيرة ظلت أضعف من أن تُحدِث «الثورة» المرتجاة لأن بين شروط حماية الكيان الصهيونى أن تختفى «الثورة» من القاموس السياسى الراهن، لتحل «الفتنة» محلها فتقسم المقسم، وفى ذلك حماية إضافية لإسرائيل التى من حقها الاحتفال بعيد ميلادها الستين فى ظل هذه الحروب ضد الذات التى فرض على «العرب» أن يغرقوا فيها حتى يقضى الله أمرا كان مفعولا!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.