توالت الأسئلة من القراء تستوضح عن ذلك الصيام الأبعد مدى والأكثر تأثيرا والمطلوب طوال العام وليس فى رمضان وحسب.. ويسألون عما إذا كان طلب السلطة والتشوق لها حقا وشهوة أم هو واجب وتكليف وعن مدى قبول المولى عز وجل لصوم السلطان الجائر؟ يجيب الشيخ جمال قطب رئيس لجنة الفتوى سابقا بالأزهر قائلا: ستبقى النفس تجادل للحصول على ما تشتهيه تريد أن تستأثر به ولا يناله أحد غيرها مثل ذلك اندفاع الكثير لطلب السلطة وفى سبيل ذلك يبذلون الوعود. ويحاربون المنافسين محاربة غير شريفة ويقدمون الرشاوى ويزورون الحقائق والوثائق والانتخابات ولو علموا ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبى ذر (رضى الله عنه) حينما طلب وظيفة عامة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أبا ذر إنها المسئولية أمانة وسوف تكون يوم القيامة حسرة وندامة أى تحسر السلطان على انزلاقه فى الأثرة والتسلط وعدم القيام بحق الوظيفة.. فلو علم الراغبون ذلك لصاموا صوما بليغا عن التشوق والتشوف للسلطة. إذا أردت أن تعرف كيف تصوم عن السلطة والتسلط فلابد أن تفرق بين المسئولية وما تفرضه من الحكم والعطف والعفو، وبين السلطة وما تتيحه من قوة وعسف، وأن تعرف أن السلطة لا تزيد أحدا كرامة وهيبة بل تزيده خطأ وبغضا من الناس وعقابا من الله وإن السلطة ما هى إلا مسئولية وحمل ثقيل بحاجة إلى قوة صبر وحلم وعفو، لذلك فالسلطة لا يسعى إليها عارف ولا يستمسك بها صائم. فإياى وإياك أن ندع الطعام والماء ونأكل لحوم الناس وأموال الناس وحقوق الناس، وتذكر أن الله جل جلاله قد ختم آيات الصيام فى سورة البقرة بعد أمره بالصيام بقوله جل جلاله «وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ» (البقرة.188) ليحذر الصائمون من قدرتهم على ترك الطعام الحلال وعدم قدرتهم على ترك أموال الناس والصيام عنها. أما صوم السلطان الجائر الذى يأكل حقوق الرعية ويظلمها، أيا كانت سلطاته، فهو صوم باطل غير مقبول، ولكن هذا لا يسقط عنه الفريضة بل عليه الصوم.. وليعلم هؤلاء أن صومهم باطل.