لا أظنها المرة الأولى التي أعلن فيها وأؤكد إعجابي بالأسلوب الذي يدير به سمير زاهر مؤسسة الكرة في مصر.. فهو على عكس كل السياسيين في عصر مبارك.. ليس متجهم الوجه ولا يعامل الناس بغطرسة وتعال دون أي مبرر على الإطلاق ويضحك مع الجميع ويقنع أي عابر سبيل بأنه شريكه في إدارة شئون الكرة ويحتاج لرأيه ونصيحته ليبقى رئيساً ناجحاً.. ولكن سمير زاهر في المقابل مثل مبارك نفسه.. يسمح للجميع بحرية الكلام والصراخ والانتقاد والسخرية على الشاشات وورق الصحافة ويبقى رغم ذلك يقوم بكل ما يريده ويبقى منفردا طول الوقت بالقرار والمصلحة.. وفي الاجتماع الأخير لمجلس إدارة اتحاد الكرة نجح كبير الجبلاية كالساحر في كل شيء.. هدأ من روع القرود الغاضبة وتخلص من النمور التي عجز عن ترويضها، وأقنع الأسد بأنه هو الذي يحميه وليس العكس.. وأدخل الزواحف جحورها وأطلق الببغاوات من أقفاصها لتملأ الآفاق صخبا وضجيجا لعل الناس ينسون حقائق الجبلاية وخباياها وخطاياها أيضا.. ودعوني الآن أشرح لكم كل ما يعنيه ذلك وبعضا من عبقرية زاهر في إدارة شئون الكرة كما تجلت واضحة وظاهرة في هذا الاجتماع الأخير.. فقد أنهى زاهر الاجتماع بقرار التعاقد مع إيهاب صالح لشغل منصب المدير التنفيذي للاتحاد.. كان زاهر أكثر من يعرف أن هذا القرار سيشغل كل الناس ويلفت انتباههم.. فإيهاب حتى ساعات قليلة قبل ذلك الاجتماع كان من قادة الثورة على زاهر.. يتهمه طول الوقت بالفساد والإفساد ويطارده في كل مكان ويلاحقه بالاتهامات والملفات والقضايا والتهديد والوعيد. وفجأة.. وعلى طريقة زعماء المافيا الكبار.. تأتي مكالمة تليفون بإيهاب مهرولاً للجبلاية يقدم الامتنان والولاء للأب الروحي للكرة المصرية ويقبل المنصب الجديد على الفور دون حتى طلب نصف ساعة مهلة للتفكير.. لينفض الاجتماع والكل يتحدث عن إيهاب صالح وعودته للجبلاية.. وكأن زاهر أراد أن يقول للناس والإعلام إن الذين يناصبونه العداء إنما هم طالبو مصالح وأدوار ووظائف وليسوا مقاتلين دفاعا عن حقوق الكرة وأهلها وأنديتها أو المال العام.. فكل الذي قاله أو شارك فيه إيهاب صالح طوال العام الماضي ضد زاهر لم يعد له معنى أو قيمة.. وبهذا الجدل أنهى ساحر الجبلاية الاجتماع واثقاً أن المنتديات وصحافة اليوم كلها لا حديث لها إلا عن عودة الابن الضال.. وبالتالي لن ينتبه أحد إلى أن زاهر وسط ذلك الزحام قبل وبمنتهى الهدوء استقالة محمود طاهر وأغلق ملف أخطاء وخطايا المزايدة الملغاة لبيع حقوق رعاية اتحاد الكرة.. ولم يقبل زاهر استقالة محمود الشامي وأقنعه بالبقاء حتى لا يتقلص عدد المجلس ويصبح زاهر ضعيفاً أمام مجدى عبد الغني وأبو ريدة .. وبالطبع تبين أن حديث أيمن يونس وتهديده بالاستقالة كان بلا قيمة فلا الرجل استقال ولا هو اعترض على أي شيء ولا استعان بالله لفتح أي ملفات فساد في الجبلاية.. وشهد الاجتماع أيضاً نهاية محزنة لصداقة العمر التي كانت تجمع زاهر بصلاح حسني.. قرر زاهر التضحية بصديق العمر وإبعاده عن الجبلاية لأن أخلاق ومبادئ صلاح لم تكن لتقبل المشاركة في السيرك الذي ستشهده الجبلاية قريبا والأرانب التي ستخرج من تحت القبعات والمناديل الملونة التي ستخرج من الجيوب والمحاولات الانتحارية التي سيقوم بها رجال الجبلاية الباقون لحصد أكبر كمية ممكنة من المكاسب وأنهم قد يرحلون في أي لحظة ومن الصعب أن يعود أحد منهم للجبلاية مرة أخرى.. ويبقى في النهاية قرار اتحاد الكرة بتجديد الثقة في حسن شحاتة.. وهذا القرار في حد ذاته دليل واضح جدا على وطنية زاهر عضو لجنة السياسات سابقاً حيث مدرسة المفردات الضخمة والفخمة التي لا معنى لها.. فالعلاقة بين اتحاد الكرة وشحاتة لم تكن علاقة حب وثقة يجري سحبها أو تجديدها.. إنما عقد له تفاصيل وشروط.. وقد أراد زاهر بهذا الإعلان التأكيد على أن شحاتة أصبح في حماية زاهر فقط وليس أي أحد آخر.