لابد من البدء الآن في إصلاح الرياضة وتغيير قواعدها وملامحها.. فهناك تغيير حقيقي يجري في مصر كلها ينبغي ألا تبقى الرياضة بعيدة ولا تلحق به.. كما أنني أخشى عودة الدوري فننسى مصر وثورتها ونعود للجري وراء الكرة والانشغال بحرب الأهلي والزمالك.. وقتها سيبدو أي حديث عن الإصلاح لا مكان له ولن يحفل به أحد أو تسمعه أذن وسط صخب الكرة وضجيجها وبرامج الكرة بنفس رؤاها ووجوهها القديمة.. وأرى أن أهم وأول خطوة هي تغيير أسس ومفاهيم رؤية الدولة للرياضة.. فلابد في العصر المصري الجديد من الاقتناع بأن حكومات العالم كله لم تعد تملك الرياضة أو تديرها.. فالرياضة نشاط مدني وأهلي وليس سياسيا تحكمه وتديره قبضة الدولة الحديدية.. وبالتالي لا يعود للحكومة أي دور أو سلطة سواء على الاتحادات الرياضية أو الأندية.. فهي هيئات ومؤسسات تديرها وجوه تم اختيارها وفقا لانتخابات حرة ونزيهة وعلى أسس تحفظها وتحميها قوانين ولوائح واضحة ومحددة ولم يجر تفصيلها حسب المقاس والهوى.. ويصبح اتحاد كل لعبة هو الجهة العليا الحاكمة لكل شئون وتفاصيل تلك اللعبة.. ولا تبقى للدولة أي سلطة على أي اتحاد رياضي إلا الإحالة للنائب العام في حال أي شكوك أو ظنون في مخالفات وجرائم مالية.. وفيما عدا ذلك فالجمعية العمومية لأي اتحاد هي وحدها صاحبة الحق في الحساب والمساءلة.. فالحكومة المصرية ينبغي ألا تبقى مشغولة بمن سيرأس اتحاداً للكرة أو اتحاداً للجودو أو حتى لصيد السمك.. والحكومة ليست طرفا في أن يخسر فريق مصري في بطولة ما أو يربح، وما يقال عن الحكومة أولى به أن يقال عن الدولة.. وأي رئيس قادم لمصر يجب أن يبقى بعيدا عن الاحتكاك المباشر بكرة القدم وإن كان له أولاد فلابد ألا يكون لهم رأي أو دور في تشكيل منتخب مصر الكروي أو جهازه الفني.. لا حضور لتدريبات ولا مصاحبة الفريق في أي رحلة أو بطولة.. ولا يليق أيضا أن يبقى للمجلس القومي للرياضة حق وسلطة حل أي اتحاد رياضي أو حجب الدعم المادي الحكومي عنه.. ولا أن يحاسبه فنيا أو يحدد ويختار له بطولاته ومشاركاته.. ويجب إلغاء سفر البعثات الرياضية بقرارات وزارية لا معنى لها أو قيمة.. وينبغي للمجلس القومي ألا يحدد أوجه الإنفاق، سواء داخل أي اتحاد أو ناد رياضي.. وبدلا من ذلك كله.. يجب أن تتفرغ الحكومة، ممثلة في المجلس القومي للرياضة، لواجباتها والتزاماتها الحقيقية التي اعتادت أن تهرب منها كل الحكومات السابقة.. واجبات مثل البنية الرياضية الأساسية وتوفير الملاعب والساحات وإتاحة الفرصة أمام الجميع في ممارسة الرياضة والاستمتاع بها من أقصى الصعيد إلى سواحل البحر المتوسط.. الرياضة في المدارس والساحات الشعبية في المدن والقرى.. فتح ملفات استثمار الرياضة وشعبيتها لتحقيق أهداف سياسية واجتماعية وإنسانية.. ولابد أيضا أن تملك مصر -مثل بقية بلدان العالم- لجنة أوليمبية حقيقية ومستقلة.. لا تتبع الحكومة ولا تخضع لها ولا يديرها موظفون تأتيهم الأوامر والتعليمات من أي جهة أخرى.. وهو الأمر الذي لن يتحقق ويكتمل إلا بتخصيص ميزانية سنوية تقدمها الحكومة للجنة الأوليمبية، واللجنة هي التي تنفقها لإعداد المنتخبات المصرية المشاركة في مختلف البطولات والدورات القارية والعالمية والأوليمبية دون أدنى تدخل حكومي.. والميزانية ثابتة ودائما ومعلنة أيا كانت أسماء ووجوه الرئيس والأعضاء الذين جاءت بهم الانتخابات النزيهة والعادلة، حتى وإن لم تستلطفهم الحكومة ووزراؤها أو المجلس القومي للرياضة ورئيسه.. وهذه اللجنة هي وحدها المسئولة عن كل مشاركات مصر الرياضية، وهي وحدها التي تنال شرف التصفيق والتمجيد والأضواء عند التألق والانتصار، وهي أيضا وحدها التي نحاسبها ونلومها أو نحقق معها في حالة الفشل والخسارة.