تعيش كرة اليد المصرية فى «احتلال قطرى» على مستوى المدربين أو اللاعبين فى مختلف الأعمار السنية، بداية من بوابة الاحتراف، وصولا إلى «التجنيس»، مما يشكل خطراً حقيقياً على مستقبل اللعبة المصرية التى تعانى من الظاهرة منذ سنوات قبل أن تتفشى بشكل ضخم خلال السنوات الأخيرة، «الوطن» رصدت أزمة السيطرة القطرية من جميع جوانبها، وناقشت أسباب الأزمة وسبل الخروج من الفخ القطرى المحكم. فى البداية تباينت الآراء حول أزمة الاحتلال القطرى لكرة اليد فى مصر ما بين إلقاء اللوم على اللاعبين وأولياء الأمور، والمنظومة القائمة على كرة اليد فى مصر من جهة، وبين استغلال الجانب القطرى لقوة اللعبة فى مصر لدعم صفوفه وإغراء اللاعبين بالأموال من جهة أخرى، وذلك فى ظل وجود نحو خمسة وخمسين مدرباً مصرياً هناك، وعدد كبير من اللاعبين ما بين التجنيس والاحتراف الطبيعى. وتنقسم طرق السيطرة القطرية على اللعبة فى مصر إلى عدة محاور، حيث يضم المنتخب القطرى الأول أربعة لاعبين مصريين هم حسن عواض ومحمود السعيد وأحمد عبدالحق وأحمد بلال مرجان، كذلك بقية منتخبات الأعمار السنية المختلفة والتى تمثل مستقبل اللعبة فى مصر حيث يتكون الهيكل الأساسى للمنتخب القطرى مواليد 1996 من سبعة لاعبين مصريين، إضافة إلى لاعبين بمنتخب الشباب مواليد 1992، وثلاثة لاعبين ضمن صفوف الناشئين مواليد 1994، إلى جانب منتخب قطر لكرة اليد الشاطئية الذى يضم بعض العناصر المصرية أبرزهم الثنائى «محمد زكى ومحمود زكى» الذى كان أحد عناصر منتخب «الفراعنة». وأكد أحد المصادر ل«الوطن» أن اللاعبين يلجأون للتجنيس لعاملين أساسيين، الأول هو البحث عن الأموال فى ظل العقود الضعيفة للأندية حيث إنه من السهل إقناع أولياء الأمور باحتراف أبنائهم فى هذه السن الصغيرة بمقابل مادى مُغرٍ، مؤكداً أن هناك العديد من أولياء الأمور يسعون ل«تجنيس» أبنائهم من أجل المال، أما العامل الثانى فيتمثل فى جانب معنوى بعدم تقدير اللاعب وشعوره بالظلم بسبب وجود أشخاص غير مؤهلين لاختيار اللاعبين، على حد تعبيره. وفى إطار حملة «التجنيس» لم يقتصر الأمر على اللاعبين صغار السن فقط أو البعيدين عن قوام المنتخب الوطنى، بل امتد الأمر ليصل لنجوم المنتخب فى عصره الحديث والذى لم يتم استدعاؤهم خلال الفترة الماضية، خاصة بعد اعتراف حسين زكى نجم الزمالك والمنتخب الوطنى ولاعب أهلى دبى الإماراتى -المبتعد عن الفراعنة منذ فترة قصيرة- بوجود مفاوضات مع قطر لتمثيلها خلال كأس العالم التى تستضيفها بلادهم العام المقبل، وأكد لوسائل الإعلام العربية أنه يرفض هذا الأمر تماماً فى الوقت الراهن، مؤكداً فى الوقت ذاته أنه قد يلجأ إلى التفكير فى العرض إذا استمر تجاهله، وهو التصريح الذى كشف الستار عن التفكير القطرى الذى يغرى نجوم المنتخب الوطنى بالتجنيس خاصة فى ظل وجود العديد من اللاعبين العمالقة فى مجال كرة اليد المحترفة فى قطر والبعيدة عن قائمة منتخب مصر أمثال حسن يسرى نجم الزمالك السابق والقيادة القطرى الحالى، وهانى الفخرانى لاعب الشرطة المحترف ضمن صفوف نادى الغرافة القطرى، ليضع تساؤلاً مهماً: هل يمثل هؤلاء اللاعبون الذين قادوا الفراعنة فى العديد من المحافل الدولية المنتخب القطرى خلال المونديال المقبل؟ وفى سياق متصل علمت «الوطن» أن هناك نوعاً آخر من الاحتلال القطرى ل«يد» مصر حيث تستعين الدولة الشقيقة بأكثر من 20 لاعباً مصرياً دولياً يلعبون لأندية القمة فى دورى المحترفين المحلى لينضموا للأندية القطرية لمدة لا تزيد عن العشرة أيام للمشاركة فى دورى الجيش القطرى وهو دورى غير خاضع للإشراف الدولى وذلك دون الرجوع للأندية أو الاتحاد المحلى للعبة، وبمقابل مادى أكثر من عشرة آلاف جنيه. وفى نفس الإطار يوجد خمسة لاعبين ضمن القوام الأساسى للمنتخب القطرى وذلك قبل أيام قليلة من انطلاق دورة ألعاب البحر المتوسط وهم ثنائى الزمالك السابق أحمد الأحمر المحترف بالجيش القطرى ومحمد ممدوح هاشم المنضم لفريق القيادة، إضافة إلى الرباعى محمد علاء وعمر حجاج وكريم هنداوى (كاتونجا)، وإبراهيم المصرى الذين انضموا للأندية القطرية على سبيل الإعارة، فى الوقت الذى تحدد خلاله موعد دورى الجيش القطرى فى نفس موعد بطولة البحر المتوسط وهو ما يضع الفراعنة فى أزمة حقيقية، ويضع اللاعبين أمام اختيارين كلاهما صعب، فإما أن يتركوا مهمتهم الوطنية مع منتخب بلادهم، أو يعتذروا عن المشاركة فى دورى الجيش وهو ما يعنى نهاية رحلتهم فى قطر. وأكد أحد المدربين المحترفين بدولة قطر -رفض ذكر اسمه- أن قطر لا تحاول هدم لعبة كرة اليد فى مصر كما هو مشاع، مؤكداً أنها تعمل وفقاً للوائح التى تسمح لها بذلك، مشيراً إلى أن قطر تسعى للوجود بقوة على الساحة الرياضية ضمن سياستها العامة للارتقاء بالدولة على خريطة العالم، وأكد: «قطر تسعى لإقامة دورى قوى ومنتخبات تنافس فى المحافل الدولية، حيث تسعى لتجنيس اللاعبين من عدة دول خاصة التى تملك قاعدة ناشئين جيدة مثل مصر وتونس والجزائر». وشدد المدير الفنى على أن الظاهرة بدأت تقل خاصة أن الاتحاد القطرى يسعى لإبداء حسن نواياه ويتجنب المشاكل، وتابع: «يسعى رئيس الاتحاد القطرى الآن للتعاون مع نظيره المصرى على مستوى كرة اليد»، مستشهداً بتوجيه العديد من الدعوات من الجانب القطرى لإقامة معسكرات للمنتخبات الوطنية المصرية شاملة كل التكاليف. من جانبه أكد خالد حمودة، رئيس الاتحاد المصرى لكرة اليد، ل«الوطن»، أن الاتحاد يسعى لمواجهة هذه الظاهرة، كاشفاً عن قرار مجلس الإدارة بعمل عقود لجميع اللاعبين بمختلف أعمارهم السنية لإغلاق ملف تجنيسهم الذى يضر بمستقبل كرة اليد المصرية، وتابع حمودة: «اتخذنا هذا القرار لحماية حقوق الأندية وحفظ حق الرعاية لهم، إضافة إلى المحافظة على مستقبل اللعبة ولاعبيها، وسيضمن فى الوقت ذاته حقوق الأندية التى ترعى اللاعب منذ صغره»، مشيراً إلى أن القرار سيحد من الظاهرة ولكن القضاء عليها صعب خاصة أن لوائح الاتحاد الدولى تتيح «تجنيس» اللاعب فى حالة دراسته أو عمله بالدولة التى سيجنس بها.