مدينةُ النورِ …..تتناسلُ حضارةً و إبداعاً

خلفَ تلالِ الغيمِ مدينةٌ من ضياءٍ تتناسلُ زهراً و أوراقاً خضراءَ ، لاتشبهُ مدينتي المالحةَ في شيء ؛ وجهها الكستنائيُّ ، لادموعَ فيها لاتنهيدَ و لا انتقامَ ، سماؤها مرايا للنُّجومِ ، أبناؤها حبَّاتُ عقدٍ منتظمةٌ في جيدِ حسناءٍ ، حكَّامها عظماءٌ كالأنبياءِ يرتقونَ بالإنسانِ ، محافلها كنائسُ للحبِّ والفنِّ والشِّعرِ .
مدينةٌ تكرِّم علماءها وشعراءها في حياتهم ، ترفِّ على أشجارها عصافيرُ السَّلامِ ، الطفولةُ فيها تتربَّعُ بين الرِّمشِ و الفؤادِ ، مدينةً بينَ الضُّلوعِ و الأمومةُ تسبحُ في محرابِ القداسةِ ، أبناؤها كأسرابِ نحلٍ ليلَ نهارٍ يقطفون من رحلتهم الطويلةِ الرحيقَ آخرَ النهارِ ، مساءاتُهم مضاءةٌ بشموعٍ الإبداعِ ، تتموَّجُ بعطرِ الحبقِ والبنفسجِ ، حملتني اليها نخلةٌ فراتيّةٌ تفترشُ ثمارها للجياعِ والمساكين في السهولِ و على ضفافِ الأنهارِ .
ماأبهاها وطناً للخصبِ ، أيقونةً للحضارةِ، نهراً للسلامِ !! كم تمنيتُ لو أقيمُ فيها للأبدِ .
أيتها الأميرةُ السَّنيِّةُ ، مدِّي ضفائرَ سنابلكِ على بلادي السَّابحةِ في بحرِ الموتِ خشبةَ خلاصٍ ونجاةٍ
ففي مدينتي تأوَّهَ بترولُ العربِ وتمرَّدَ على أمراءَ باعوه ترفاً لعالمٍ من حديدٍ وحطبٍ ، ولطائراتٍ قذفتْ أطفالهُ في اليمنَ والموصل في حلبَ و بغدادَ بلظىً عارمٍ ولهيبِ حقدٍ ، وأغفلوا حفاةً في الخيامِ يجترهمْ البردُ وجياعاً يأكلُهم البؤسُ لمَّا أعمتْ بيادرُ الدولار عيوناً لاتشبعُ
ابسطي ذراعيكِ جداولَ حبٍّ ففي لمستكِ ينبوعُ حياةٍ تعشبُ في اليبابِ الأملَ …. وعلى أنهاركِ تتدلى سلالُ الأحلام وتهدبُ الغراسُ الصَّغيرةُ .
ضمِّي إليكِ صوتَ الشُّعراء، لغةَ الصَّامتين، سريرَ الفقراءِ
وسراجَ الظلام ،مواقدَ الشتاءِ، علبةَ الدواءِ ، حليبَ الطفولة ، أطلقي سراحي من عقالِ الحربِ و كبولَ الجهلِ التَّليدةِ العفونةِ .
———
مرام ع