تظل فكرة سيادة واحترام القانون هي الفكرة التي تمثل نجاح المجتمعات الحديثة، بل وتميز الدول المتقدمة وتنبني عليها أهم قيم الحرية في تلك المجتمعات المُزدهرة اقتصاديا واجتماعيا، وإنسانيا، فمجتمع يحترم حقوق الفرد والجماعة ويلتزم بواجباته لتوفير أكبر قدر من العدالة والأمان، هو مجتمع ناجح بالضرورة، ولا يمكن أن يتم ذلك في غياب فهم ووعي واضح ونشر هذه الثقافة القانونية التي تمثل الحقوق والواجبات، فكلما كان الإدراك صحيحاً كلما كان الإنسان أقرب إلي الفهم الصحيح ووضوح الرؤية للواقع، وكلما كان هذا الوعي هشًا ضعيفًا منقوصاً ، كلما أدى ذلك إلي نقص وزيف الوعي وبالتالي يتأثر بها الفرد ومن ثم المجتمع، المقصود بالوعي ليس فقط الفهم والمعرفة،بل إدراك القيمة (الوعي المعياري)، وهي التي تعتمد على القناعات الأخلاقيّة المكتسبة لدى الفرد، بأهمية سيادة واحترام القانون، باعتباره الفيصل في علاقة الفرد بغيره وبمجتمعه ككل، وترتبط بشكل كبير بمسؤولية الإنسان تجاه نفسه ومجتمعه التوعية بالثقافة القانونية والالتزام بأحكام القانون، وهو مبني أيضا علي الوعي بالحقوق والواجبات عند الإنسان وبأهمية نشر هذه الثقافة باعتبارها أحد أهم أركان الدولة الحديثة، ومن ثم يجب أن يكون الوعي بالقانون جزءًا من ثقافة الفرد، فثقافة احترام القانون، لا بد من تعلمها وفهمها وممارستها وتطبيقها، علي كافة المستويات، والمؤسسات الرسمية والمدنية والخاصة. إن ما يفصلنا عن التقدم، هو غياب هذا الوعي بأهمية سيادة القانون كبناء أساسي لنهضة الأمم، وإقرار الحقوق والمساواة بين الناس، وإزالة النزاعات الطبقية والعنصرية بنشر هذا الوعي وطرح دوره في التنمية الحقيقية، لأن المجتمع الذي تسود فيه ثقافة القانون والوعي بأهميته ودوره يرتقي فيه الواقع وسلوك الفرد بالضرورة، وينهض معهما الواقع ، فمع التطور الدائم للدساتير في المجتمعات العربية بين الحين والآخر بهدف مواكبة تطور المجتمعات والثقافات، لا يزال هناك الكثير من الجهود الذي يتعين عملها لنشر هذه الثقافة. باعتبارها إجراءً أساسيا لنهضة المجتمع، ووقائياً لمنع ارتكاب الجرائم مع تصاعد موجات الإرهاب وقضاياه الشائكة، والصراعات المسلحة في العديد من مناطق العالم وما تبعها من مستجدات على أرض الواقع، أدى إلى تعزيز الاهتمام لدى العديد من الأوساط الدولية والمحلية بأهمية الثقافة القانونية ، لأن الإنسان يظل عدوا لما يجهل" فلابد من التأسيس الحقيقي المنتج لقاعدة "لا عذر للجهل بالقانون" ليكون الفهم والإدراك هما سلاحنا نحو المستقبل من خلال ممارسات حقيقية على أرض الواقع تسود معها سيادة القانون كأساس لواقع المجتمع الناجح،