جمعتني به الإقدار في بيته بعد رجوعه من منفاه: المجاهد أحمد بن أول رئيس للجمهورية الجزائرية المستقلة وهو طبعا من أسرة كانت تمارس الفلاحين حيث ولد في الخامس والعشرين من شهر جانفي 1916، ونشأ في غربي البلاد قرب الحدود مع المغرب، ويعد من أبرز الشخصيات في حرب الإستقلال ضد الإستعمار الفرنسي بعد الحرب العالمية الثانية قضى أحمد بن بلة سنوات عديدة في السجون الفرنسية. كمايعتبر أحمد بن بلة واحدا من الزعماء الكبار الذين عملوا في إطار دول عدم الانحياز مع الرئيس الكوبي فيدل كاسترو و الرئيس المصري جمال عبد الناصر و الرئيس الهندي جواهرلال نهرو والصيني ماو تسي تونغ، حيث جميعهم قد وقوا في وجه الإمبريالية .هذا طبعا وقد ولد الرئيس أحمد بن بلة في الخامس و العشرون من شهر ديسمبر لعام 1916 في مدينة مغنية وسط أسرة من أبوين و سبعة أطفال بنتان و خمسة ذكور، درس في مدينة مغنية حتى سن 11، ثم إنتقل إلى مدينة تلمسان ليواصل الدراسة في المرحلة الإعدادية في سن 14 و بإنتقاله الى مدينة تلمسان طبعا إصطدم بواقع الإستعمار حيث أصبح يشعر بأنه غريب في وطنه وهذا طبع ما غرس فيه النزعة الاحتجاجية كرد فعل طبيعي على ما كانت تمر به الجزائريومها. حيث كانت بداية الاحتجاج في مدرسته الجديدة و مع معلمه الفرنسي الذي تهجم على الرسول الكريم. صلى الله عليه وسلم و في سنة 1934 غادر أحمد بن بلة مقاعد الدراسة بعد فشله الأول في شهادة الأهلية0 حيت غادر المدرسة وتفرغ لمساعدة والده في مزرعة العائلة و لممارسة رياضته المفضلة كرة القدم بمسقط رأسه، و بواسطة الرياضة كان له أول إتصال بالحركة الوطنية الثورية، و كان ذلك مطلع عام 1937 . وفي سنة 1937 أستدعي لأداء الخدمة العسكرية الإجبارية التي كان قد إستعد لها بالمشاركة في فترة تدريبية بمغنية، و قد عين في وحدة قناصة الجبال بضواحي مرسيليا التي حصل فيها بعد ستة أشهر من التدريب على رتبة رقيب أين داهمته الحرب العالمية الثانية التي حالت دون تسريحه و اضطر الى البقاء و المشاركة في وحدة المدفعية المضادة للطائرات، و حصل بفضل شجاعته و استمالته على وسام صليب الحرب، لكن هزيمة الجيش الفرنسي و رضوخ حكومة فيشي عجل بتسريحه سنة 1940. و في صائفة 1943 جنِّد من جديد في الطلائع الجزائريينبتلمسان و حوّل الى الطابور المغربي بوجدة، ثمَّ شارك في سلسلة من المعارك العنيفة لطرد القوات النازية على مستوى الجبهة الإيطالية.و قبيل إعلان الهدنة عادت وحدة بن بلة إلى مواقعها بوجدة و هناك أدركته حوادث 8 ماي 1945. هذا طبعا وقد تأثر أحمد بن بلة كثيرا بحوادث 8 ماي الرهيبة و التي قال عنها يومها بأنها احدثت شرخًا لا يلتئم بين الطائفتين الجزائرية و الأوربية0 و بعد أن وضعت الحرب أوزارها تمَّ تسريحه ليعود إلى وطنه و مدينته مغنية ليقوم بتولي شؤون المزرعة و والدته و شقيقتيه بعد أن توفي والده و اخوته الخمسة إثر وباء التيفوس الذي انتشر وقتها، و بالرغم من ثقل المسؤولية العائلية لكنها لم تمنعه من المشاركة في الإنتخابات البلدية التي جرت في أكتوبر 1947 و التي فاز فيها ضمن قائمة حركة إنتصار الحريات الديمقراطية. وفي 1962، أصبح بن بلة رئيساً للمجلس الوطني للثورة الجزائرية ورئيساً للحكومة. وفي الخامس عشر من سبتمبر عام 1963 انتخب رئيسا للجمهورية ورئيسا للحكومة. واعتبر بن بلة واحدا من الجماعة التي أطلقت شرارة الثورة على فرنسا وأصبح أول رئيس للجزائر بعد استقلالها إلا أنه أمضى 24 عاما في السجن. ومع أنه أصبح رئيسا إثر انتخابات في 16 سبتمبر 1963، فإن بومدين أطاح به في 19 جوان 1965 وزج به في السجن. وشاءت الأقدار أن تكون وفاة أحمد بن بلة أول رئيس للجمهورية الجزائرية المستقلة في الذكرى السنوية الخمسين لاستقلال الجزائر0 هذا طبعا وقد تباينت مشاعر كثير من الجزائريين في هذه المناسبة لأنهم يرون أن طموحات مؤسسي الجمهورية الجزائرية الذين يمثلهم أحمد بن بلة لم تتحقق بالكامل. حيث قد أشاد بدوره الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة مشيرا الى انه لعب دورا بارزا وكبيرا في الكفاح ضد الاستعمار الفرنسي واسهم في بناء الدولة الحديثة. هذا طبعا وقد لقب الرئيس أحمد بن بلة بعميد حكماء افريقيا كما كان الرئيس الراحل كاوندا الزعيم الزامبي يلقبه0 طبعا اصبح رئيساً للجمهورية من عام 1963 1965 حتى تولى مكانه الرئيس الراحل بو مدين في انقلاب عسكري في 19 جوان 1965 هذا طبعا ولا ننسى بأن أصدقاء الرئيس الراحل أحمد الذين لا يزالون على قيد وعلى رأسهم المحنك السياسي الأخضر الإيراني لا يخفون دور الرئيس أحمد بن بلة الوطني وحبه لامته العربية والاسلامية، خاصة وأنه قد ولد في مدينة مغنية وواصل تعليمه الثانوي في مدينة تلمسان وتأثر باحداث الثامن من ايار عام 1945 فانضم الى الحركة الوطنية باشتراكه في حزب الشعب الجزائري وحركة انصار الحريات الديمقراطية حيث انتخب عام 1947 مستشاراً لبلدية مغنية ثم اصبح مسؤولا على المنظمة الخاصة وشارك في العديد من العمليات العسكرية ضد القوات الفرنسية وخاصة في مهاجمة مكتب بريد وهران عام 1949 برفقة زميله حسن ايت احمد ورابح بيطاط. هذا طبعا وكان الرئيس أحمد بن بلة يرى بأن أيام نضاله وسجنه بأنها من اجمل الايام، حيث يقول ان النضال ضد المستعمر فيه حلاوة ورغبة في التحرير من هذه العبودية، لا سيما ان الفرنسيين كانوا قساة وعُتاة في تعاملهم مع الجزائريين سواء في القتل او التشريد او نهب الخيرات، فكان نضالنا واجبا محتوماً ومفروضاً لانهاء بلدنا من هذا الاستعمار البغيض. لقد حكم على بن بلة بعد سجنه بسنتين، سبع سنوات اخرى وهرب منه عام 1952 ليلتحق في القاهرة بكل من حسين آيت احمد ومحمد حيذر، حيث قبض على الوفد الجزائري لجبهة التحرير مرة اخرى في عام 1956 خلال عملية القرصنة الجوية التي نفذها الطيران العسكري الفرنسي ضد الطائرة التي كانت تقله من المغرب الى تونس والتي كان معه خلالها ثلاثة من قادة التحرير وهم محمد بوضياف، ورابح بيطاط وحسين أيت احمد، وبقي معتقلا في فرنسا حتى الخامس من تموز 1962 حيث اعيد ورفاقه بعد ذلك الى الجزائر بعد استقلالها، وتم انتخابه كأول رئيس لجمهورية الجزائر في 15 سبتمبر1963 . هذا طبعا وقد كان الرئيس أحمد بن بلة يؤمن بعروبة الجزائر منذ نعومة أظفاره واسهم في تعريب التعليم حيث كان يحث قام منذ توليه رئاسة الجمهورية باستدعاء الاساتذة العرب من مصر والعراق وسوريا والاردن للمساهمة في قطاع التعليم، وقد وجد هؤلاء الاساتذة بيروقراطية في اداء عملهم، لان انصار الفرنكفونية وضعوا العراقيل امامهم كي يواصلوا العمل باللغة الفرنسية حيث اختار العديد من الاساتذة العودة الى بلادهم الى ان الرئيس بن بلة الذي تشرب روح الوطنية العربية اصر على ابقائهم، لانه كان يحب العرب والعروبة ويشيد بالدعم القومي للرئيس جمال عبدالناصر ولغيره من القادة العرب والافارقة، هذا طبعا وقد كان بن بلة يفتخر بأنه أحد مناضلي جبهة التحرير الوطني الجزائري التي كانت تتويجاً للنضالات الجزائرية من الامير عبدالقادر الجزائري مروراً بأبناء سيدي الشيخ والمقراني والشيخ الحداد والزعاطشة ومذبحة الثامن من ماي 1945 في قالمة وسطيف وخراطة وهي سلسلة نضالات شعبية وانتفاضات عديدة نابعة من قيمنا العربية والاسلامية وانا سعيد انني انطلق من هذه القيم مجتمعة . أما سر وفاء بن بلة للرئيس الراحل جمال عبدالناصر فإنه تمثل طبعا في وفاءه لفكر جمال عبدالناصر حيث كان يعتبره رجلا عظيما رجلاً عظيماً ساهم في دعم الثورة الجزائرية اكثر و في الوطن العربي، والجزائريون مدينون له فكان طبعا خروج جميع الجزائريين يوم وفاته كان دليلا على وجوده في ضمائرهم ووجدانهم بالرغم من مرور اكثر من ثلاثين سنة على الثورة والاستقلال الجزائري.0 هذا طبعا وقد آمن الرئيس أحمد بن بلة بإسلاميته، حيث كان يذهب الى المسجد في كثير من الايام لاداء الصلوات، ويلتقي شخصيات جزائرية، يسألونه عن الثورة واجمل ايام، واحلك المواقف ولكنه يرد عليهم ان أجمل ايام عشناها في الجزائر هي أيام النضال، ايام التظاهرات الحاشدة الرافضة للاستعمار الفرنسي، من حق شعبنا ان يفرح بهذا الاستقلال المجيد بعد نضال وكفاح مريرين ، ولعل من اقواله التي يرددها الجزائريون دائما قوله لم يكن سواه رفيقي في كل الفترات التي قضيتها في السجون، انه القرآن الكريم .هذا من جهة ومن جهة ثانية فإنه في عام 1947 قرَّر حزب الشعب في مؤتمر فبراير تأسيس المنظمة الخاصة " شبه العسكرية" ، فاختير بن بلة من بين عناصرها الأولى و في السنة الموالية اكتمل تنظيمها على مستوى الوطن، شارك بن بلة في الهجوم على مكتب بريد وهران في 1949 إلى جانب حسين آيت احمد. و قد شهدت هذه السنة انفجار مايعرف ب" الأزمة البربرتية" التي كان من مضاعفاتها إبعاد حسين أيت احمد من رئاسة المنظمة و عُين بن بلة مكانه، و في عام 1950 و بعد حادثة تبسة الشهيرة تم إعتقال تعضاء في أركان المنظمة و من بينهم احمد بن بلة الذي اعتقل بالعاصمة و سجن بالبليدة و قد جرت محاكمته، و حكم عليه ب 7 سنوات سجن نافذة، لكنه تمكن من الفرار في أواخر مارس 1952 رفقة أحمد مهساس بمساعدة بعض المناضلين من بينهم صافي يوديسة.و في سنة 1953 قرّرت قيادة حركة الإنتصار تهريب بن بلة إلى القاهرة عبر باريس أين التقى بأحمد مهساس الذي جمع بينه و بين محمد بوضياف الهارب بدوره الى فرنسا لتولي مسؤولية التنظيم في اتحادية الحزب هناك.، و قد اتفق الثلاثة على بحث امكانية الإستفادة من الدعم العربي على كافة الأصعدة، وكلف بن بلة بمهمة نقل الأسلحة و الدخيرة إلى الجزائر.0 هذا طبعا وكان في عام 1956 اقترح بن بلة تكريس لجنة الستة كسلطة عليا للثورة مكونة من الأسماء: بن بلة، بن مهيدي، بوضياف، أيت احمد، خيضر، الدكتور الأمين الدباغين و هو الإقتراح الذي عارضه كل من خيضر و الدباغين تأكيدا منهما على سلطة الداخل العليا الوحيدة، و قد حسم التنازع بين الداخل و الخارج مؤقتا في مؤتمر الصومام، و جاء حادث اختطاف الطائرة في 22 أكتوبر 1956 حيث أعلنت حكومتي تونس والمغرب و اللاتي كانتا قد حصلتا على الاستقلالء عزمهما على التوسط بين فرنسا ومُجاهدي الجزائر، وعُقد اجتماع في الرباط بين أحمد بن بلة وأربعة زعماء جزائريين وبين محمد الخامس، استقل بعده الزعماء الجزائريين طائرة مغربية متوجهين إلى تونس لاستكمال المباحثات، بيد أن السلطات الفرنسية اختطفت الطائرة واعتقلتهم،و تم اقتياد بن بلة الى سجن فرنسي، وخلال فترة الاعتقال دخلت الجزائر في مفاوضات مع فرنسا، أسفرت عن معاهدة إفيان وإعلان استقلال الجزائر في جويلية1962م.0 وعندما استقلت الجزائر و اندلعت خلافات واسعة في صفوف الثورة الجزائرية كادت أن تتحول الى حرب اهلية بين رفاق الأمس غير أن قيادة الأركان التي يترأسها هواري بومدين حسمت الخلافات الى صالحها و عيَّنت أحمد بن بلة على رأس الدولة الجزائرية الفتية، و بذلك أصبح أحمد بن بلة أول رئيس للجزائر الحرة المستقلة.حيث عمل بن بلة بكل جدِّ من اجل عودة الجزائر إلى عربية اسلامية، ووضع حدّاً لتبعيتها للرأسمالية الغربية، بعد احتلال دام لأكثر من 130 عاماً، فاستقدم المعلمين العرب من مصر وسوريا والعراق، لتعريب التعليم في الجزائر، ونادى بضرورة إقامة الوحدة بين الدول المغاربية، وعمل على ربط بلاده بأواصر صداقة وعلاقات قوية مع الدول العربية والإسلامية. و بعد تنحيته من الحكم في 19 جوان 1965 بقي احمد بن بلة تحت الاقامة المحروسة الى غاية جويلية 1979 و بعدها تم وضعه تحت الاقامة الجبرية بالمسيلة قبل ان يطلق سراحه في اكتوبر1980 0 لقد آمن بن بلة بالفكر الاشتراكي، مما جعله يصطدم ببعض أعضاء جمعية العلماء المسلمين بالجزائر، كما كان الاختلاف في بعض وجهات النظر بينه وبين رفاق الكفاح بمجلس الثورة الجزائري سبباً في شعورهم بالتهميش عقب إعلان الاستقلال، وبعد أن احتفظ بن بلة لنفسه بالعديد من المناصب الهامة، الأمر الذي أدي إلى انقلاب وزير دفاعه هواري بومدين عليه، وتم عزل بن بلة وتحديد إقامته في 19جوان1965م تزوج خلالها من الصحافية زهرة سلامي.وبعد أن توفي هواري بومدين وتولى الشاذلي بن جديد السلطة، تم الإفراج عن بن بلة في عام 1980م فسافر إلى فرنسا ومنها إلى سويسرا، وطاف بالعديد من الدول العربية والأوربية، وعقب تحسن الأحوال في الجزائر عاد بن بلة مرة أخري مبدياً رأيه في السياسة الجزائرية، فطالب بحياة سياسية ديموقراطية تحترم حقوق الإنسان، لكن سرعان ما غادر الجزائر مرة أخرى عقب إقالة الشاذلي بن جديد، ليعود مرة أخرى في التسعينات في عهد رئيس الحكومة بلعيد عبد السلام.عاد بن بلة الى الواجهة و في عام 1991 شارك في الانتخابات ليحقق نسبة ضئيلة من مجموع أصوات الناخبين و في نفس السنة احتج على قرار حل الجبهة الإسلامية للإنقاذ، وغادر الجزائر مجددا وتوجه إلى سويسرا.حيث كان من بين الأوائل اللذين ساندوا مسار المصالحة الوطتية التي طبقها رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، و كان منذ 2007 رئيسا للجنة العقلاء للاتحاد الافريقي و هي هيئة من اجل الوقاية والتدخل في الازمات التي تهز القارة الافريقية.0 هذا طبعا ويبقى الرئيس أحمد بن بلة صاحب سيرة حافلة بالنضالات وبالروح الوطنية الوثابة الذي يسعد بها الرئيس الجزائري الاسبق الراحل وزعيم ثورة الجزائر، الذي ما ان يشاهد الجزائريون هذا القائد احمد بن بلة في اي محفل او لقاء قبل انتقاله للرفيق الاعلى كما شاهدت ذلك عن قرب ، الا ويهتفون بحياته وثورة الجزائر، لانها عنوان التضحية والفداء والكرامة، حيث سطر الجزائريون النضال الوطني والقومي وجسدوا بذلك التضحية التي بلغت المليون ونصف المليون شهيد على مدار 135 سنة من الاحتلال اروع الامثلة في التحرير والاستقلال. رحم الله بن بلة انه كان مثالا للتضحية والفداء واضاء سماء الجزائر بكفاحه ودوره الوطني الكبير كما قال ذلك الرئيس عبدالعزيز بوفليقة وهو يودع احد رجالات الثورة الجزائرية الذي قاد استقلال الجزائر من الاستعمار الفرنسي مع مجموعة من اخوانه بكل حكمة واقتدار فرحم الله الرئيس أحمد بن بلة وكل رؤساء الجزائر.