إنني أسأل وفي سؤالي حسرة: لماذا نبحث عن الأعذار في الشبهات؟ لماذا لا نتحري الحلال والحرام في حياتنا مع أن الله سبحانه وتعالى جعل المحظور "الحرام" واضحا جليا ومحددا، والحلال " المباح " كل ما هو طيب على وجه الأرض، وأخبرنا سبحانه بحدود الله، وأننا سنكون ظالمين إذا ما تجاوزناها، قال تعالى : ﴿تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ) -البقرة : 229. مع ذلك فلا نتورع ونتخطى الحدود ونتجاوز.. لماذا؟ ولقد كان بعض أهل العلم والسلف لا يأكل أحدهم شيئاً إلا بعد أن يعلم من أين هو ! وقال بعضهم : وتلك حدود الله فلا تقربوها، وكان بعضهم يقول : "من عرَّض نفسه للتهم فلا يلومن إلا نفسه". فكل إنسان يشتبه عليه الحلال والحرام ولا يستبريء لدينه فقد وقع في الشبهات التي تورث الشهوات، ولذا فعن أبي عبد الله النعمان بن بشيرٍ رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن الحلال بينٌ وإن الحرام بينٌ، وبينهما أمور مشتبهاتٌ لا يعلمهن كثيرٌ من الناس، فمن اتقى الشبهات استبرأ لدِينه وعِرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام، كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه، ألا وإن لكل ملكٍ حمًى، ألا وإن حمى الله محارمُه، ألا وإن في الجسد مضغةً إذا صلَحت صلَح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب))؛ رواه البخاري ومسلمٌ. قال الكرماني رحمه الله: أجمع العلماء على عِظَمِ موقع هذا الحديث، وأنه أحد الأحاديث التي عليها مدار الإسلام، وقال جماعة: هو ثلث الإسلام، وإن الإسلام يدور عليه وعلى حديث: "الأعمال بالنية"، وحديث: "مِن حُسن إسلام المرء: تركه ما لا يعنيه". قال ابن المنير : "فمن تعاطي ما نهي الله عنه يصير مظلم القلب لفقدان نور الورع، فيقع في الحرام ولو لم يختر الوقوع فيه". وفي الختام أقول: أبعد هذا التساهل والتفريط في جانب المحرمات، وعدم توَقي الحلال في المال والرزق وغيره، نسأل بحيرة: لماذا نُزعت البركة من كل شيء؟ أعد قراءة ما سبق كي تجد الجواب والعلاج.