لا أعرف متى وأين وكيف تطوّرت تقاليد الزّواج السّائدة حاليّاً في مجتمعنا إلى أن وصلت إلى عقود الشراء هذه المسماة زواج!! نعم فلو أخبرت أجنبيّا عن هذه التقاليد لسوف يقول لك بوضوح SORRY SIR DID YOU MEAN THE CONTRACT OF SALE . فعندما يذهب الشّاب للتّقدم لخطبة إحداهن يتمّ إغراقه في تفاصيل ماديّة قبل أي شيء أو يذهب هو مفتخرا بها قبل كلّ شيء!! فأصبح الأمر تقريباً يقتصر على الماديّات وليس الخلق والعلم والمبادئ، مثلما ذكر الحبيب علي الجفري: "عندما يتقدّم الشّاب الفقير يرفضه والد الفتاة بحجّة فقره. وعندما يتقدّم الشّاب الفاسق يقبله ويقول في سرّه، الله هو الهادي ليستعجب الحبيب قائلاً سبحان الله أليس الرّازق هو الهادي؟!! أتذكّر مرة كنت جالساً مع صديق واتّصلت به والدته لتسأله عن أحد الأشخاص الّذي كان بصدد التّقدم لخطبة ابنة أختها، ليخبرها بوضوح أنّه مشهور بفجوره وانعدام أخلاقه وبالتّأكيد اعتقدت أنّ الزيجة لن تتمّ. ولكنّي فوجئت بعد أشهر قليلة أن صديقي هذا ذاهب لحضور حفل زفاف ابنة خالته على نفس الشّخص حيث أنّه كان من أصحاب الأموال الطّائلة!! أتساءل لو أعتدى هذا الزّوج على زوجته فهل لها أن تعترض؟ وهو من اشتراها وقبلت وقبل أبوها منذ البدء بذلك!! أريد أن أبشّرك يا من تزوجتِ كلّ من هو دون الثّلاثين على الأقلّ بمعايير الزّواج السّائدة حالياً وينفق مبلغاً يصل إلى نصف المليون جنيه، ما هو إلّا حرامي أو نصّاب أو أعطاه أحد والديه هذه الأموال وفي جميع الأحوال هو شخص لا يليق بك! وأريد أن أهمس في أذنك أنّك فوّتِ على نفسك فرصة لن تأتي سوي مرة واحدة في العمر عندما أغلفتِ قلبك وفتحتِ جيبك وجيب أبيك، وهي فرصة الحبّ والحياة مع شريك حياة قريب من نفسك. فالزّواج حبّ ورحمة ومودّة وليس شبكة وشقّة وعربية . أعرف أيضاً أنّ مقاييس الشّباب بدورها خاطئة وتعتمد فقط على المظهر الخارجيّ ولكن هذا ليس حديثي الآن. أخيراً أريد أن أشير إلى بحث مجتمعيّ يذكر أنّ تقاليد الزّواج السّائدة حاليّاً سوف تشكّل خطورة شديدة على السّلم المجتمعيّ ولن يقتصر الأمر على الكبت الجنسيّ وما يتبعه من ظواهر اجتماعيّة مثل التحرش وإدمان الأفلام الإباحية الّتي تفوق خطورتها المخدّرات على عقول الشّباب. بل هذا سيؤدي أيضاَ إلى التّفكّك الأسري وعدم تقدير قيمة الأشياء. فالزّوجة الّتي وجدت فجأة الشّقة الفخمة والسّيّارة وغالباً الزّوج أيضاً لن يقدّرا أبدا قيمة هذه الأشياء مما يسهل عليهما قرار الانفصال. على عكس من شقّا طريقهما سويّاً فحبهما وتمسّك كلّ منهما بالآخر يزداد طرديا بقدر كفاحهما سويّاً . وهذا الواضح جليّاً من نسب الطّلاق حيث تحتلّ مصر نسبة الطّلاق الأولى عالميّاَ كما أنّ هناك نسب غير رسميّة تقول إنّ 80% من الزّيجات في مصر وصفت أنّها فاشلة!!