رغم أن الشرع يعطي المرأة الحق في خطبة الرجل الصالح الذي تري لأنه سيحقق لها السعادة إلا أن العادات والتقاليد ترفض هذا الحق وتعتبره امتهاناً لكرامة المرأة ومكانتها وانتقاص من رجولة الشاب. ورغم أن هذا الحق الذي أعطاه الشرع للمرأة يمكن أن يساهم في الحد من ظاهرة العنوسة التي تفشت خلال السنوات الماضية ووصلت إلي أرقام مخيفة إلا أنها مازالت تواجه جدلاً كبيراً بين القبول والرفض. في البداية تقول د. آية صلاح حامد استاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس: أن هناك العديد من العراقيل التي تواجه تطبيق هذا الحق الشرعي علي رأسها العادات والتقاليد التي تتحكم في مجتمعنا الشرقي واعتماد المجتمع علي الرجال فقط فيما يتعلق بالخطبة باعتباره صاحب القوامة والمسئول عن تكوين الحياة الزوجية واتخاذ القرار فيها وكذلك للحفاظ علي كرامة المرأة ومكانتها. أضافت انه رغم المقولة التي تقول "اخطب لبنتك ولا تخطب لابنك" إلا أن العادات والتقاليد منحت حق التقدم للخطبة للرجل وذلك المرأة وتري انه من العيب أن تبادر الفتاة بالتقدم لخطبة شاب فهي بذلك تكون قد أهدرت كرامتها واساءت إل أهلها بل تري أن الفتاة التي تفعل ذلك تكون قد ارتكبت جرماً كبيراً. أشارت إلي أن هذه الفكرة تطبق فقط في زواج العائلات وخاصة في الأرياف ويتم التوافق بشكل رسمي ولكن أن تذهب الفتاة إلي بيت الشاب وتطلبه للزواج فهذه نظرة خيالية غير قابلة للتطبيق وخاصة في هذه الأيام. أضافت د. آية أن الشرع أجاز عرض المرأة لنفسها علي من تراه مناسباً لها وذلك وفقاً لضوابط شرعية من خلال محرم إلا أن المجتمع لم يمنحها هذا الحق بدعوي الحفاظ علي كرامتها ومكانتها لذلك سيجد الشاب في ذلك حرجاً له ولها حيث ينظر لتقدم المرأة له بأنه انتقاص من رجولته كما انه سينظر لها بنظرة مسيئة وسيعود ذلك علي حالة المرأة النفسية بالسلب لذلك وضع الشرع عدداً من الضوابط التي تحفظ لكل طرف مكانته خاصة المرأة. وتؤكد فاطمة جابر المحامية بالنقض: أن المجتمع اتفق علي أن الرجل هو الذي يتحمل مسئولية التقدم لخطبة الفتاة وليس للفتاة الحق في أن تبادر بذلك ووضعوا هذا الأمر ضمن العادات والتقاليد التي يعتبرونها جزءاً أصيلاً من الشرع. أضافت أن السنة النبوية أكدت علي أن البنت لا تتزوج بدون اذن ولي ولكن أن تتقدم الفتاة للشاب فهذا نوع من الانفلات لأن البنت لا يصح أن تتزوج بدون ولي. أشارت إلي أن السيدة خديجة رضي الله عنها عندما قررت الارتباط بالرسول صلي الله عليه وسلم وهو الصادق الأمين أبلغت صديقتها بأنها تريد الزواج منه وبالفعل ذهبت للرسول وعرضت عليه الزواج من خديجة ليس بناء علي رغبة خديجة ولكن بناء عن رغبتها الشخصية وقالت له: أنني ارشح خديجة زوجة لك فما رأيك؟ وكان الرسول المصطفي صلي الله عليه وسلم يثق في كلامها وبالفعل تمت الزيجة. أضافت: علينا أن نعود للسنة النبوية فلابد من ولي لاتمام الزيجة ولا يمكن أن تعطي للفتاة الصغيرة الحق في خطبة شاب لا تعرف عن أخلاقياته أي شيء ويمكن أن يستغلها بكلام معسول فتنساق وراؤه مما يعرضها لخطر شديد! أشارت إلي أن زيادة عدد حالات الطلاق في الفترة الأخيرة من أهم أسبابها عدم الاختيار الصحيح للأزواج ورغبة الأسر في الاسراع بترويج البنات خوفاً من العنوسة. وتري النائبة ابتسام أبو رحاب عضو مجلس عضو مجلس النواب عن محافظة الوادي الجديد أن الشرع الذي أعطي للفتاة الحق في تخطب لنفسها وللأب أن يخطب لابنته وضع مواصفات في الرجل الذي يجعل المرأة تعرض نفسها عليه وهو أن يكون صالحاً ذا خلق يعرف لها حقوقها ويصونها ويحميها وتسعد معه ولايجوز للمرأة أن تعرض نفسها علي رجل لكونه كثير المال أو خفيف الظل أو وسيماً أضافت أن الزواج من أهم اركانه الايجاب والقبول وهذا ما يقوم عليه زيجات ناجحة ومستمرة ومستقرة أيضاً. وتتفق معها جمهورية عبدالرحيم رئيس جمعية نساء من أجل التنمية: مؤكدة علي أن التعارف عليه في مجتمعنا الشرقي أن يتقدم الرجل لخطبة المرأة لا العكس مشيرة إلي أي خروج عن المألوف عليه شذوذاً لأن طلب الفتاة الزواج من أحد الشباب فيه انتقاص من قيمتها واستصغار لها لأن الأصل أن الرجل هو الذي يقدم علي هذه الخطوة وهو الذي يبادر. أضافت: علينا أن نرسخ مبدأ الكرامة للمرأة والحياء هو تاج رأسها.. لأن التحرر الزائد يؤدي إلي نتائج عكسية وأن المجتمع الشرقي له نظرته الخاصة للمرأة وأن كل الخطوات محسوبة عليها.. فعليها الاحتفاظ بكيانها وشخصيتها القوية في آن واحد.. وأن تخطو خطوة أنها تتقدم لشاب وتقابل هذه الخطوة بالرفض.. في حين عندما يتقدم الشاب للفتاة فهي تقوم باملاء شروطها بكل قوة وفي هذه الحالة علي أن يقبل أو يرفض.. ولكن نحتفظ هي بشموخها وكرامتها!! علي عكس إذا تقدمت بنفسها لخطبة الشاب ستصبح العواقب وخيمة في حالة الرفض!! ويري الدكتور أحمد البحيري أستاذ الطب النفسي أن عرض المرأة الزواج علي الرجل أمر عادي جداً مشيراً إلي أن عليها أن تكون مستعدة لجوابه سواء كان بالرفض أو القبول لأن هذا هو الوضع الذي يعيشه الشاب عندما يتقدم لخطبة قناة أعجبته. يضيف أن هذه الفكرة مرفوضة في الظروف الحالية خاصة مع تدني الأخلاقيات بين العديد من الشباب مشيراً إلي أن الشاب قد يستغل هذه الفتاة التي صارحته بحبها وتطلب الزواج منه في أن يدعوها للخروج والتنزه معها وأن يستغل عواطفها لمصالحه الشخصية دون أن يفكر في الزواج منها!! أشار إلي انه إذا كانت هناك ثقة مؤكدة بين الشاب والفتاة في حسن النوايا باتمام الزواج فلابد أن يجيء من خلال الأسرتين.. لأن الفتاة المصرية أو أي فتاة عواطفها هي التي تتحكم فيها وربما تواجه صدمة عاطفية تؤدي بحياتها وبمستقبلها.. وهذا وارد في ظل الظروف الحالية.. لأن ثقافة المجتمع لا تتقبل أن الفتاة هي التي تتقدم لخطبة الشاب.. وهذا يتطلب تغيير ثقافي ربما يستغرق وقتاً طويلاً علي جميع أصعدة المجتمع المصري. مع الفتيات تقول ندي الصالحي بكالوريوس تجارة خارجية جامعة حلوان: فكرة تقدم الفتاة للشاب وأن تطلب منه الزواج هي نظرية غير قابلة للتنفيذ.. لأن الشباب سيلعبون علي وتر السخرية والاستهزاء من الفتاة التي تبادر بهذه الخطوة.. وربما لا تصبح ذات مكانة لدي الشباب فهذه الفكرة لا تناسب عاداتنا وتقاليدنا ونحن مجتمع يهتم بتلك الحياة الأسرية ذات الثوابت الاجتماعية التي ترمز إلي الاحترام والثقة بالأسر وتضيف مايا عبدالجواد ليسانس تاريخ جامعة عين شمس دفعة 2016 أنني سمعت فعلاً عن هذه المبادرة بأن تتقدم الفتاة للشاب هو أمر موجود بالفعل ولكن بشكل آخر عن طريق الأسر والأصدقاء بمعني يمكن أن تزوج فلانة ل "علان" وهكذا وتبدأ الأسرتان في اتخاذ اجراءات الخطبة والزواج وهذا شيئاً مستحباً للتعارف وأيضاً لاستقرار الأسر الصغيرة وتكون النتيجة الفشل الذريع!! وتضيف مايسة محمد مدرسة باحدي المدارس الخاصة للغات أن قصص الحب الفاشلة عديدة.. فكيف نجد في مجتمعنا تقدم الفتاة للشاب وتطلبه للزواج هذا يعتبر خارج حدود العقل لأن الولي هو أساس اتمام الخطبة والزواج أيضاً والمثل يقول "اللي مالوش كبير بيشتري له كبير" وتتساءل: هل لو طبقت تلك المبادرة هل حالات الطلاق ستندثر وتختفي اعتقد أنها ستزيد أضعاف أضعاف في ظل هذه الفوضي الأسرية. أشارت إلي أننا كمجتمع شرقي ضد مثل هذه المبادرات المجنونة!!