أستعير عنوان سلسلة المقالات الرّفيعة والمهمّة لأستاذنا الكبير الدّكتور عبد المنعم سعيد "لماذا أخفقنا؟!" وأتحدّث عن الرّياضة كمثال. من أشهر رؤساء الأندية في مصر المستشار مرتضى منصور، رئيس نادي الزّمالك والمهندس فرج عامر رئيس نادي سموحة. حقّق نادي الزّمالك في الموسم الكروي 2014-2015 بطولتَي الدّوري والكأس لأوّل مرّة منذ ما يقرب العشرين عاماً. بالإضافة إلى انتصارات ومراكز شرفيّة لم تتحقّق منذ سنوات وذلك بفضل منظومة إدارية بقيادة المستشار مرتضي. منصور، وفّرت لاعبين على مستوى عالٍ، وإدارة فنّيّة بقيادة المدرّب العالميّ فيريرا. اشترك الجميع بالنّجاح من إدارة ولاعبين ومدير فنّيّ، لكن الأنظار اتجهت ربّما لسوء حظّ نادي الزّمالك إلى المدرّب فيريرا، صاحب الدّور الأكبر. فأشادت به الأقلام وتبارى اللّاعبين في إظهار حبّهم لهذا المدرّب. ما لم يعجب سيادة المستشار الّذي لا يقبل إلّا أن تسلّط عليه وحده دائرة الضّوء وأن يقال إنّه وحده صاحب الإنجاز. فسعى بقوّة لتطفيش هذا المدرّب الّذي أحبّه الجميع، جماهير ولاعبين ونقّاد. وقد فعل ليثبت للجميع انّه وحده صاحب الإنجاز. ولكن "يمكرون ويمكر الله والله خير الماكريين". فإذا بالزّمالك لم يحصل إلّا على بطولتي الكأس والسّوبر الشرفية في الموسم التالي بأداء لم يكن مقنعاً بالقدر الكافي. وهذا فقط لأنّ الفريق الرّائع الّذي كوّنه البروفيسور فيريرا لم يكن لينهار بين ليلة وضحاها. وكان اللّاعبون ما زالوا يعيشون على ذكرى مدرّبهم وأبيهم الرّوحي فيريرا. ولكن بالطّبع انهار فريق الزّمالك تماماً الموسم الّذي تلاه ولم يحقّق حتّى المركز الثّاني في أي بطولة ليثبت سيادة المستشار للجميع أنّ المدير الفنّي وحده كان صاحب الإنجاز!! وقد سار على خطى المستشار مرتضى منصور صديقه المهندس فرج عامر الّذي نجح في استقدام مدرّب كفء وهو البرازيليّ فييرا في موسم 2015-2016، ليحقّق سموحة معه لأوّل مرّة أربعة انتصارات متتالية. وليعتقد الجميع أنّ سموحة ذاهب لاقتناص الدّوري ويسلّط الإعلام الضّوء على المدرّب. وهذا ما آثار حفيظة المهندس فرج عامر الّذي يأبى أن يكون أحد في الضّوء غيره. شأنه في ذلك شأن المستشار فسعى بقوّة إلى إثارة المشاكل معه. ولكنّه لم يستطع إقالته إلى أن أخرج له صديقه المستشار مرتضى منصور من جعبته الحلّ، ألا وهو أنّ فييرا أهان الدّولة المصريّة!! ليرحل فييرا وينهار بعده سموحة وينهي الدّوري متأخراً بعد أن كان مرشّحاً لدرع الدّوري. ولكن ما يهمّ هو أن يظلّ المهندس فرج عامر وحده في دائرة الضّوء! السّؤال الّذي يحيّرني هو أن هؤلاء فعلوا ذلك مع مدرّبين أجانب لن ينافسوهم يوماً حتى على عضويّة مجلس الادارة. فماذا يفعل هؤلاء مع الشّباب ومع ما تتوسّم منهم القيادة سوى أن يدفنوهم قبل حتى أن يبدأوا ويشعر أحد بهم؟! الخلاصة من هذا كلّه أن الوطن مليء بأمثال هؤلاء وفي جميع القطاعات والمجالات. ولن يتقدّم الوطن سوى بالتّطهر من أؤلئك الّذين يقتلون فرص ظهور جيل جديد من القيادات لمجرّد أن تظهر نسائمهم وأن يعي الجميع أنّ النّجاح هو منظومة كاملة يشترك الجميع فيها. ولا أحد يستطيع أن يصنع نجاحاً بمفرده ودون ذلك سوف نخرج من إخفاق إلى إخفاق آخر أشدّ قسوة!