/ القسم الثاني . بقلم د فالح الكيلاني – العراق كانت المرأة في العصر الجاهلي ذات مقام جيد ومهم ومكانتها عالية .وتزاول الكثير من شؤون الحياة مع الرجل في التجارة مثلا وكان لأكثرهن حق الاختيار في الزواج والطلاق لكنهن كن لا يورثن مع الرجال وكن يسبين في الحرب ولا يحضرن مجالس الشورى ولا المؤتمرات التي كانت تعقد ايام الجاهلية وكان يقع عليهن زواج الشغار والتزويج بالجبر والاكراه احيانا .وهذا الزواج لازالت بقاياه موجودة في مجتمعاتنا غيرالمتحضرة لحد الان عند وقوع ( الدم ) بين عشيرتين وهوما يسمى بزواج (الفصل ) فتعطى البنت ( فصلية ) بدلا من المال دية لاصلاح النزاع بين الطرفين او معه بغية ايجاد وع من التقارب بين القبيلتين المتخاصمتين اواللتين وقع بينهما الدم وكذلك زواج (الكصة بالكصة) وكذلك كثرة الضرائر حسب ارادة الزوج ومكانته الاجتماعية والمالية الا انها بقيت ذات المكانة العالية فكانت منهن من ملكت رقاب الرجال واطيعت مثل( بلقيس)ملكة سبأ في اليمن وقصتها مشهورة مع نبي الله ( سليمان بن داود ) حيث وردت في القران الكريم قال تعالى : ( وتفقد الطير فقال مالي لا ارى الهدهد ام كان من الغائبين * لأ عذبه عذابا شديدا او لأذبحنه او ليأتيني بسلطان مبين * فمكث غير بعيد فقال احطت بما لم تحط به وجئتك من سبأ من نبأ يقين * اني وجدت امراة تملكهم واوتيت من كل شئ ولها عرش عظيم * وجدتها وقومها بسجدون للشمس من دون الله وزين لهم الشيطان اعمالهم فصدهم عن السبيل فهم لايهتدون * الا يسجدوا لله الذي يخرج الخبء في السموات والارض ويعلم ما تخفون وما تعلنون * الله لا اله الا هو رب العرش العظيم * ) والزباء او ( زنوبيا ) ملكة تدمر وكان امرها مسموعا في شعبها وكان منهن الشاعرات كالخنساء والشاعرة ليلى التغلبية . وكان الجاهليون يحترمون المرأة في الاغلب احترام القوي للضعيف ويحدبون عليها حدب الشفيق على العزيز ويجدون فيها العون على شؤون الحياة ويعتدّون بمخاطبتها في اشعارهم حتى ان بعضهم قد استهل قصيدته بها والتغزل فيها في مطالع هذه القصائد ومنهم فحول الشعراء من اصحاب المعلقات . والشعر الغزلي اوما يسمى بالنسيب هو ان ينسب الشعر بالمرأة التي احب ويذكر محاسنها جهارا ويشير الى هواه لها وهواها له ويذكر ما يعتريه ازاءها من حب وشوق ووجد والتياع ووله وما يكمن في قلبه من هيام وغرام لها ومما يذكر ان النسيب على وزن فعيل اى وزن من اوزان الاصوات وهذا يدلل انه كان يؤدى بطريقة انشادية غنائية تمثل الشوق والحنين والشكوى وهو حثهم للغزل والتشبيب فالغزل في الاصل حديث الفتيان والفتيات فهو شعر الشباب . والتشبيب وصف حالة الحب في ايام الشباب فالشاعر يدور بشعره حول الذكرى فتعاوده الاشواق والاحزان وفيصوغ طربه شعرا ومن ذلك قول الشاعرالمنخل اليشكرى : ولقد دخلت على الفتاة في الخدر في اليوم المطير الكاعب الحسناء ترفل في الدمقس وفي الحرير فدفعتها فتدافعت مشي القطاة الى الغدير ولثمتها فتنفست كتنفس الظبي البهير ورنت وقالت يا منخّل ما بجسمك من فتور وللعرب غزل مصنوع نشأ من الغزل المطبوع اتخذه الشعراء في اوائل قصائدهم وهوضرب من مصطنع التصابي والتشاجي او الاستهتار في بعض الاحيان بمودة المرأة واصله مبني على الشوق والتذكر لمعاهد الا حبة واثار الديار العافية والمندرسة وشخوص الاطلال الباعثة على الحسرة والتوجع . وهذا ما تعهده اصحاب المعلقات من فحول الشعراء كأمرئ القيس في قصيدته التي استهلها قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل بسقط اللوى بين الدخول فحومل او ما انشده طرفة بن العبد :- لخولة اطلال ببرقة ثمهد تلوح كباقي الوشم في ظاهر اليد او معلقة زهير بن ابي سلمى ومطلعها:- امن ام اوفى دمنة لم تكلّم بحومانة الدراج فالمتثلم او معلقة الشاعر الاعشى:- ودع هريرة ان الركب مرتحل وهل تطيق وداعا ايها الرجل او معلقة النايغة الذبياني:- يا دار مية بالعلياء فالسند اقوت وطال عليها سالف الامد وغير هذه القصائد كثير واذكر ان سقط اللوى والدخول وحومل وحومانة الدراج والمتثلم والعلياء والسند أماكن كانت معروفة في الجزيرة العر بية في حينها. إلا ان المرأة العربية ابتليت ببلاء ما بعده بلاء الا وهو الوأد اذ كان بعض العرب يدفنون بناتهم الاتي أتين الى الدنيا حديثا اوحديثات الولادة عند ولادتهن خوف العار حيث كانت المراءة تسبى اثناء الحروب وتعد من المغانم الحربية ومتاعها والغالب يسبي نساء المغلوب ويفعل بهن ما يشاء مثلها مثل أي قطعة من المتاع , لذا وخوفا من العار كانوا يدفون البنات احياء ا للتخلص من العار اذا اخذ ن سبايا في الحروب وقد ذكر القرآن الكريم ذلك بعد مجئ الاسلام وووقف منه موقف الحزم وحرّمه قال الله تعالى : (( واذا بشر احدهم بالانثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم يتوارى من القوم من سوء ما بشّر به ايمسكه على هون ام يدسّه في التراب الا ساء ما يحكمون )) سورة النحل أية\ 70 وكذلك قوله تعالى في سورة التكوير: (( واذا الموؤدة سؤلت بأي ذنب قتلت )) وقالوا ان من اسبابه الغيرة على المرأ ة ومخافة العار اذا سبيت وقيل ان بني تميم قد منعوا النعمان بن المنذر الاتاوة فحاربهم وانتصر عليهم واستاق نعمهم وسبى نسائهم وفي ذلك قول الشاعر الجاهلي ابي المشرج اليشكري :- لما رأوا راية النعمان مقبلة قالوا ياليت دارنا عدن ياليت ام تميم لم تكن عرفت مرا وكانت كمن أودى به الزمن وكان منهم من يئد البنات من كانت منهن زرقاء شيماء بها علا مة او قبيحة او برشاء او كسيحة ومنهم كان يئد خشية الانفاق و الفقر وقد نزل فيهم قوله تعالى : (( ولا تقتلو اولادكم خشية املاق نحن نرزقهم واياكم ان قتلهم كان خطئا كبيرا )) سورة الاسراء اية \30 وا لقسم الا خر كان يكره البنات ومما لاشك فيه ان القبائل وأدت بناتها لأنها دون البنين محبة و لأنهن لا يسهمن في كسب العيش ولا الدفاع عن القبيلة وقيل : هجر الشاعر ابو حمزة الضبي امرأته لأنها ولدت بنتا وفي احد الايام مر بخبائها وهي تراقص ابنتها تقول :- ما لأبي حمزة لا يأتينا يظل في البيت الذي يلينا غضبان ان لا نلد البنينا تالله ما ذلك في ايدينا وانما نأخذ ما اعطينا ونحن كالارض لزارعينا ننبت ما زرعوه فينا على ان حالة الوأد لم تكن عامة فالكثرة لم تئد بدليل حب الشعراء بل والرجال عامة للمرأة وفخارهم بها, يقول ابو الفرج بن معن بن اوس الشاعر الفارس المشهور : رأيت ناسا يكرهون بناتهم وفيهن لانكذب نساء صوالح وفيهن والايام تعثر بالفتى نوادب لا يمللنه ونوائح اما عنترة العبسي فيقول :- ايا عبل ما كنت لولا هواك قليل الصديق كثير الاعادي وحقك لا زال ظهر الجواد مقبلي وسيفي ودرعي وسادي اما السبي فحالة اخرى لازمت المرأة وكان العرب يكرمون المراة المسبية ويخلطونها مع نسائهم احيانا وحسب مكانة المرأة المسبية في قومها ونسبها وقوتها وربما يتزوجونها وهو الاغلب فتكون اماً لأبنائهم , وكثير من سادات العرب كانوا اولاد سبايا مثل دريد بن الصمة فامه (ريحانة بنت معد يكرب ) اسرها (الصمة بن عبد الله ) ثم تزوجها فانجبت دريدا واخوته يقول عمرو بن معد يكرب في ذلك :- أمن ريحانة الراعي السميع يؤرقني واصحابي هجوع سباها الصمة الجشمي غصبا كأن بياض غرتها صديع وحالت دونها فرسان قيس تكشف عن سواعدها الدروع اذا لم تستطع شياءً فدعه وجا وزه الى ما تستطيع ان المرأة العربية في اغلب الاحيان اكثر من الرجل عاطفة واسرع انفعالا لذا كانت تثير الحمية والآثار في قومها من ذلك قول تماضر بنت الشريد الشاعرة المشهورة بالخنساء تحرّض قومها على الأخذ بالثار : لا نوم حتى تعود الخيل عابسة ينبذن طرحا بمهرات وامهار او تحفزوا حفزة والموت مكتنع عند البيوت حصينا وابن سيار فتغسلوا عنكم عارا تجللكم غسل العوارك حيضا بعد اطهار اقول اذا كان الاسد اشجع الوحوش فان الفرسان العرب فاقت فروسيتهم الاسود شجاعة في ذلك يقول الشاعر عوف بن عطية بن الخرع في ذلك – الم تر اننا نردى حروب نسيل كأننا دفاع بحر ونلبس للعدو جلود اسد اذا تلقاهم وجلود نمر الا ان هناك حالة اشرها الشعراء الفرسان في قصيدهم الى المرأة العربية ولا اريد ان يخلو بحثي دون الاشارة اليها وهي حالة البخل التي كثر ترددها في المرأة في الشعر الجاهلي وعلى ألسنة فحول الشعراء وفيه فيض من الشكاية من النساء المانعات رجالهن الكرم واللائماتهم على الاسراف. و من ذلك قول الشاعر حاتم الطائي لزوجته :- وقائلة اهلكت بالجود مالنا ونفسك حتى صبر نفسك جودها فقلت دعيني انما تلك عادتي لكل كريم عادة يستعيدها وقال الاخر هو حطائط بن يعفر النهشلي لزوجته :- تقول ابنة الحباب رهم حريتنا حطائط لم تترك لنفسك مقعدا اذا ما افدنا صرمة بعد هجمة تكون عليها كابن امك اسودا فقلت –ولم اعية الجوا-تبيني اكان الهزال حتف زيد واربدا اريني جوادا مات هزلا لعلني ارى ما لاترين اوبخيلا مخلدا . امير البيان العربي د فالح نصيف الحجية الكيلاني العراق- ديالى – بلد روز