في جلسة حول دور الصحة النفسية في تحقيق رفاهية المجتمع إدوارد دينر: رفاهية الشعوب ضرورة وليست كماليات دبي، شموس نيوز – خاص أكد البروفيسور إدوارد دينر أستاذ علم النفس في جامعة إلينوي في الولاياتالمتحدة، خلال حديثه في جلسة حول دور الصحة النفسية في تحقيق رفاهية المجتمع، عقدت ضمن فعاليات الحوار العالمي للسعادة ضمن أعمال الدورة الخامسة للقمة العالمية للحكومات، أن رفاه الشعوب ضرورة وأساس لا يمكن اعتباره من الكماليات. وقال دينر إن تحقيق الرفاه يمر بعدة مراحل تبدأ بالاهتمام بصحة الأفراد وتوفير الغذاء والمياه النظيفة واستدامة البيئة وصولاً إلى تطوير أنظمة العمل وفق معايير الحوكمة الرشيدة، قد يخطئ البعض في فهم الرفاه بوصفه الثراء، لأن الرفاه يمثل السعادة والرضا عن الحياة، وتعزيز الشعور الحقيقي بمغزى وجود العائلة والأصدقاء والمجتمع ككل". وأشار إلى أنه قضى 10 سنوات في دراسة السعادة وأبعادها وتأثيراتها، مبيناً أن السنوات ال15 الأخيرة أثبتت أن السعادة تؤثر بشكل إيجابي في صحة أفضل للأفراد وتحسين أدائهم في العمل وعلاقاتهم الاجتماعية والشعور بالوطنية وأخيراً قدرتهم على الابتكار. وبين دينر أن الدراسات العلمية أثبتت أن السعداء أطول عمراً، وأن السعادة ترفع معدلات المناعة في مواجهة الأمراض وتسهم في خفض نسب التعرض إلى بعض الأمراض القلبية والدماغية، مشيراً إلى أن المكتئبين عادة ما يتعرضون إلى العديد من الأمراض نتيجة لعدم رضاهم عن حياتهم. وأوضح أن أسلوب حياة السعداء يختلف كثيراً عن سواهم، السعداء يمارسمون الرياضة ويعيشون ضمن أنظمة غذائية معينة، يحبون المطالعة والقراءة أكثر من مشاهدة التلفاز، ويلتزمون بالقوانين، واستشهد بدراسة طويلة الأمد أجريت على عدد من الراهبات يعشن في دير واحد تتراوح أعمارهن بين 25 إلى 75 سنة، مبيناً أن السعيدة منهن عاشت أكثر بعشر سنوات من غير السعيدة، ومدللا بذلك على أن نسبة الوفيات أقل لدى الشعوب الأكثر سعادة واستمتاعاً بحياتهم. على صعيد السعادة في العمل، أوضح دينر أن الدراسات كشفت أن الأفراد السعداء أكثر انتاجاً، وأن بيئة العمل لا تحتلف عن بيئة المنزل أو المجتمع، وأن شعوره بالسعادة سيكون نابعاً من الشعور بالتقدير وذلك سيعزز الأداء الفردي وبالتالي أداء الشركات، وينقلها إلى مستويات عالية جداً. وأكد أن الإنسان السعيد قليل الغياب والمرض وأكثر تركيزاً وابتكاراً، وأن الموظفين الأكثر سعادة هم الأكثر نجاحاً. وعلى مستوى العلاقات الاجتماعية، أكد دينر أهميتها لرفع معدلات السعادة، مشيرا إلى أن الزواج وتكوين الأسرة مثلا لا يعني السعادة بالضرورة لكنه بالتأكيد أحد مفاتيحها، منوهاً إلى أن السعداء هم الأكثر ابتساما، وأن العلاقات الإنسانية تدعم السعادة من خلال الشعور بالعطاء وأن الدراسات أثبتت بأن السعداء أكثر ميولاً للعمل التطوعي من سواهم. وقدم إدوارد مجموعة من العوامل التي تدعم طرحه بأن السعادة ليس من الكماليات بل ضرورة لتعزيز تطور المجتمع وارتقائه من خلال ارتقاء أفراده. وبين ضرورة دراسة المجتمعات على المستوى الفردي والجماعي، مؤكداً أن جينات الناس وصفاتها الوراثية تلعب دوراً في مستوى سعادة الناس ولكن تأثيرها محدود مقارنة بالعوامل الرئيسية المتمثلة بالاحتياجات الأساسية كالمسكن والمأكل والملبس من ثم الاحتياجات الاجتماعية كالتقدير والمحبة والرضا. وأشار إلى أن دخل الفرد مهم ولكنه لا يكفي لتحقيق السعادة في ظل غياب العوامل الأخرى. منوهاً بأن الحوكمة الرشيدة في مختلف القطاعات الاقتصادية والضمان الصحي عوامل مؤثرة. وحول دور الحكومات، قال دينر إن الحوكمة الرشيدة محفز للسعادة، وأن المجتمع بحاجة لتنامي شعور الاحترام والثقة لكي يشعر بالسعادة، مشيراً إلى أن حجم التفاوت الكبير بالمستوى المعيشي في بعض المجتمعات قد يؤدي إلى انعدام الرضا. وفي ما يتصل بالبيئة والاستدامة، أكد إدوارد أن الحياة في موقع محاط بالخضرة والطبيعة الجميلة يبعث على السعادة، وأن الحدائق والهواء النظيف تسهم في تعزيز السعادة، مشيراً إلى أن هناك دراسات أثبتت أن سبب البؤس في الدول المتقدمة هو الاعتلال العقلي والاكتئاب هو أخطر من أمراض القلب والسرطان ومع ذلك لا تمول بحوثها بشكل كبير مقارنة بالمجالات الطبية الأخرى، وختم بالقول: نحن بحاجة لمعايير وطنية لقياس الرفاه، فالرفاه يحسن الحياة والأداء.