أتمنى أن أكون اليوم في القاهرة، لأحضر فعاليات معرض القاهرة الدولي للكتاب، فليس أجمل ولا أكثر أنساً وبهجة من مكان يتبادل الناس فيه الكتب، يقلبونها، يبحثون عنها، يشترونها، يبيعونها، يتحدثون عنها، الكتب هي بطلة المشهد، هي موضوع الاهتمام والاحتفاء، هي الكل في الكل، لا حديث سوى حديث الكتب، في معرض القاهرة تحديداً هناك فرص لا تتوافر في أي معرض كتاب آخر للحصول على كتب بعروض سخية، فبإمكان الراغب في الحصول على فرص لخصومات وأسعار مخفضة وكتب بطبعات شعبية وكتب نادرة وقديمة، وطبعات لكتب كلاسيكية، وتلك التي لم تعد تتوافر في المكتبات أن يجد طريقه في دهاليز وممرات معرض القاهرة ليحظى بما يريد، وليخرج بحصيلة منتقاة وقيمة وبسعر لا يخطر على البال. نحن نتحدث عن معرض كتاب، ليس في الأمر دعاية تجارية من أي نوع، نتحدث عن سوق مفتوح تتوافر على أرضه وعلى منصاته أهم وأقدم دور العرض في الوطن العربي. نتحدث عن معرض يقام في القاهرةالمدينة التي لطالما قيل إنها هي التي تكتب في حين أن بيروت تطبع والعراق تقرأ، ثلاثية الإبداع والنشر والثقافة العربية لعقود طويلة، ربما تقهقرت بيروت قليلاً والعراق يعاني أزمته الوجودية. لكن القاهرة مازالت ترفد الثقافة العربية بالأصوات الجديدة والإبداعات الخلاقة دائماً، مصر ولادة، مصر العقاد وطه حسين وشوقي ونجيب محفوظ والسباعي وو..، مصر الصحافة ودور النشر والكتب التي بلا نهاية، لذلك يشكل معرض القاهرة للكتاب حلماً يداعب عشاق الكتب الراغبين في التجول ضمن تلك المساحة المترامية الأطراف والعاجة بالمنصات والمقاهي الثقافية والقراء الحقيقيين الذين يحضرون وفي يد كل واحد منهم قائمة بعشرات بل ومئات الكتب.. هذه واحدة من وظائف معارض الكتب وصناعة النشر: خلق القارئ الحقيقي والمحترف! سمعت عن مبادرة هنا في الإمارات يتبناها ويجتهد في إبرازها للنور مجموعة من الشباب الذين تعتبر القراءة وظيفة ثانية لهم في الحياة، يقومون بها كما يمارسون التنفس والحياة، إنهم ينتمون لعالم الكتب ولمنتديات وصالونات القراءة العديدة في الإمارات، هل هناك من يجهل أنه لدينا الكثير من تجمعات وصالونات وأندية القراءة في الإمارات ومن الجنسين؟ إذا كنتم لا تجهلون ذلك فإن هؤلاء القراء المتمرسين يحاولون توحيد كيانهم والإفادة من تجربتهم الشاسعة في عالم القراءة بإطلاق مبادرات مختلفة من بينها التمكن من تكوين قاعدة لقراء محترفين يناقشون الكتب بشكل احترافي مهني حر بعيد عن الانتماءات والأهواء والغوغائية، وهو عمل خلاق ومبشر بالفعل ويا ليتهم يوجهون بعض اهتمامهم لطلبة المدارس! لهؤلاء نتمنى الموفقية الدائمة ولمعرض القاهرة المزيد من العراقة، ولكل القراء في العالم نتمنى أن يحظوا دائماً بفرص قراءة وبكتب لا تنتهي، فليس هناك مكان أجمل من المكتبات ومعارض الكتب، حتى إن الشاعر الشهير بورخيس كان يقول دائماً لطالما تخيلت الجنة مكاناً يشبه المكتبة!!