محافظ كفر الشيخ: مجرى نهر النيل آمن ولا يوجد به تعديات    الإعلامية منى سلمان: حجم جرائم الاحتلال في غزة أجبر الإعلام الغربي على التغطية    أهلي طرابلس سيبقى حتى تقام المباراة أو ينسحب الهلال.. الVAR يهدد لقاء الحسم بالدوري الليبي    في مباراته الرسمية الأولى.. كيف كان الظهور الأول للتونسي علي معلول مع الصفاقسي؟ (صور)    الرياضية: النصر يرفع عرضه لضم كومان من بايرن ميونخ    محافظ الجيزة: إيقاف العمل الميداني لعمال النظافة تحت أشعة الشمس بدءًا من الغد    ليلة فنية بمسرح المنوعات بنادي محافظة الفيوم وفقرات تراثية وإثرائية عن صناعة الدواجن    مدير الرعاية الصحية بالأقصر يتابع أعمال التطوير في المجمع الدولي ومستشفى الكرنك    محافظ المنيا يتفقد مشروعات تعليمية في بني مزار ويضع حجر أساس مدرسة جديدة    أحمد المسلماني يكشف تفاصيل لقاء الرئيس السيسي حول بناء الشخصية المصرية وإصلاح الإعلام    تغريدة محمد صلاح تدفع إسرائيل للتعليق على واقعة استشهاد سليمان العبيد    نيوكاسل يراقب وضع إيزاك تمهيداً للتحرك نحو ضم جاكسون من تشيلسي    فرقة روك أيرلندية تهاجم حكومة نتنياهو وتدين حماس وتدعو لوقف فوري للحرب في غزة    مقتل 3 مسلحين وشرطي في هجوم جنوب شرقي إيران    محمود سعد يكشف تطورات مفاجئة عن الحالة الصحية ل أنغام: «العملية كبيرة والمشوار مش بسيط»    "الرعاية الصحية بالأقصر" تعلن بدء التقديم بمعهدي المجمع والكرنك للتمريض للعام الدراسي 2025-2026    بنك مصر يوقع بروتوكولا ب124 مليون جنيه لتطوير مركز رعاية الحالات الحرجة بالقصر العيني    وكيل صحة المنيا يشدد على الانضباط وتطوير الخدمات الصحية    عبدالغفار: «100 يوم صحة» تقدم خدمات علاجية ووقائية متكاملة بالمجان بجميع المحافظات    التضامن الاجتماعي تنفذ 6 قوافل طبية توعوية لخدمة سكان مشروعات السكن البديل    «من سنة إلى 15 عاما»..السجن ل4 بتهمة سرقة «هاتف» بالإكراه في بنها بالقليوبية    68 غرزة فى وجه الأشقاء.. مشاجرة عنيفة وتمزيق جسد ثلاثة بالبساتين    كل ما تريد معرفته عن ChatGPT-5.. كيف تستفيد منه في عملك؟    موعد صرف معاشات سبتمبر 2025.. اعرف الجدول والأماكن    بين المزايا والتحديات.. كل ما تريد معرفته عن السيارات الكهربائية    محمد الغبارى: ما تدعيه إسرائيل هو بعيد تماما عن الحق التاريخى    رنا رئيس تنضم ل أبطال فيلم سفاح التجمع بطولة أحمد الفيشاوي    ليست كل المشاعر تُروى بالكلمات.. 5 أبراج يفضلون لغة التواصل الجسدي    «فاطمة المعدول» الحائزة على تقديرية الأدب: أحلم بإنشاء مركز لإبداع الأطفال    "ملف اليوم" يكشف روايات الاحتلال المضللة لتبرئة نفسه من جرائم غزة    صاحبه الفرح الأسطوري ومهرها ب60 مليون.. 20 صور ومعلومات عن يمنى خوري    أمين الفتوى يوضح: المال الموهوب من الأب في حياته لا يدخل في الميراث    أمين الفتوى: لا يجوز كتابة كل ما يملك الإنسان لبناته لأنه بذلك يعطل أحكام الميراث    موعد المولد النبوي الشريف في مصر 2025.. إجازة 3 أيام وأجواء روحانية مميزة    رئيس «الأعلى للإعلام» يوجه بعقد ورشة لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي على أكثر من يوم    "الجلاد ستيل" يضخ 3 مليارات للتوسع في الإنتاج وزيادة حصته التصديرية    هزة أرضية على بعد 877 كيلو مترا شمال مطروح بقوة 6.2 ريختر    سعر مواد البناء مساء اليوم 10 أغسطس 2025    حجز متهم بإتلاف سيارة لتشاجره مع مالكها بالبساتين    أهمية الاعتراف الغربي ب "الدولة الفلسطينية"    أين هم الآن «معتصمو رابعة والنهضة» ؟    هل يجوز إجبار الزوجة على الإنفاق في منزل الزوجية؟.. أمينة الفتوى تجيب    حكم الدردشة مع صحابي بالموبايل في الحمام؟.. أمينة الفتوى تجيب    اتحاد عمال الجيزة يضع خطته للتأهيل والتدريب المهني    اندلاع حريق في "كافيه" بقليوب.. تفاصيل    تأجيل استئناف متهم بالانضمام لجماعة إرهابية بالجيزة ل16 سبتمبر    تسجيل منتجي ومالكي العلامات التجارية حسب «الرقابة على الصادرات والواردات»    بروتوكول تعاون بين البنك الأهلي المصري وشركة "بيرنس كوميونتي"    محافظ بورسعيد يستقبل الطفلة فرح ويعد بفتح حساب التضامن فى اسرع وقت    دخان حرائق الغابات الكندية يلوث أجواء أمريكا ويهدد صحة الملايين    النصر السعودي يتعاقد مع مارتينيز مدافع برشلونة    بيلد: النصر يتوصل لاتفاق مع كينجسلي كومان.. وعرض جديد لبايرن    الصحة تدرب أكثر من 3 آلاف ممرض ضمن 146 برنامجًا    الأزهر يعلن جدول امتحانات الدور الثاني للثانوية الأزهرية 2025 للقسمين العلمي والأدبي    قوات الاحتلال الإسرائيلي تعتقل 4 فلسطينيين في محافظة نابلس    دعاء صلاة الفجر.. أفضل ما يقال في هذا الوقت المبارك    الجيش اللبناني يغلق بعض المداخل المؤدية للضاحية الجنوبية    الهلال السعودي يعلن رسميًا التعاقد مع الأوروجوياني داروين نونيز حتى 2028    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشاعر صفوان بن إدريس الاندلسي
نشر في شموس يوم 29 - 12 - 2016


المجلد السادس – الجزء الثاني
شعراء العربية في الاندلس
بقلم د فالح الكيلاني
( صفوان بن إدريس الاندلسي )
هو ابو بحر صفوان بن إدريس بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن
عيسى بن إدريس التُّجيبي المرسي.
ولد بمدينة ( مرسية ) سنة \ 561 هجرية – 1165 ميلادية وفي رواية اخرى ولد سنة \560 هجرية – 1164 ميلادية
ودرس فيها وتتلمذ على ايدي شيوخ ثقات منهم ابن مغاور عبد الرحمن بن محمد وابن مضاء احمد القرطبي وابن حوط الله وابن بشكوال خلف بن عبد الملك و ابن رشد محمد بن احمد الاندلسي العالم المعروف فنشأ اديبا شاعرا وكاتبا جمع بين الشعر والنثر واجاد فيها ثم رحل الى مراكش فقصد دار الخلافة مادحاً فما تيسر له شيء .فهم بالرجوع الى الاندلس وبينما هو عازم على الرجوع طلبه الخليفة ليكون شاعرا في بلاطه فيقول فيه مادحا :
حكمتم زمنا ً لولا اعتدالكم
في حكمكم لم يكن للحكم يعتدل
فإنما أنتم في أنفه شمم
وإنما أنتم في طرفه كحل
يرى اعتناق العوالي في الوغى غزلا
لانّ خرصانها من فوقها مقل
ثم بعد مدة من الزمن قفل راجعا الى الاندلس ليعود الى( مرسية ) من جديد ويسكنها فقد احبها وقال الشعر في رياضها الجميلة :
وكأنما أغصانها أجيادها
قد قلّدت بلآلىء الأنوار
ما جاءها نفس الصبا مستجدياً
إلا رمت بدراهم الأزهار
توفي في سقط راسه بمدينة ( مرسية سنة\ 596 هجرية – 1201 ميلادية ودفن في مقابرها .
كان كاتباً بليغاً وشاعراً بارعاً ومن أعيان أهل المغرب كان من جله الادباء وافاضلهم ، وأعيان الرؤساء، فصيحاً جليل القدر، له رسائل بليغة، وكان من اصحاب الفضل والدين .له رسائل بديعة، وقصائد جليلة في الغزل والوصف وله رثاء. امتاز بحسن الارتجال، وسرعة البديهة.
ويتسم شعره بسهولة اللَّفظ، وسلاسة التَّعبيرات، مشوبٌ بالطَّرافة، كثير الاتِّكاء على الطَّبيعة، بارعٌ في الأخذ منها يقول متغزلا :
أمرنة سجعت بعود أراكِ
قولي مولّهة علام بكاك
أجفاكِ إلفك أم بليت بفرقة
أم لاح برق بالحمى فشجاك
لو كان حقاً ما ادَّعيت من الجوى
يوماً لما طرق الجفون كراك
أو كان روّعك الفراق اذاً لما
صنّت بماء جفونها عيناك
ولما ألفت الروض يأرج عرفه
وجعلت بين فروعه مغناك
ولما اتخذت من الغصون منصة
ولما بدت مخضوبة كفاك
ولما ارتديت الريش برداً معلماً
ونظمت من قزح سلوك طلاك
لو كنت مثلي ما أنفت من البكا
لا تحسبي شكواي من شكواك
وله في الوصف ::
والسرحةُ الغنَّاء قد قبضت
كفُّ النَّسيم على لواءٍ أخضر
وكأنَّ شكل الغيم مِنْجَلُ فضَّةٍ
يرمي علىالآفاق رطب الجوهر
ومن شعره همزيَّته المشهورة بين الأدباء، منها:
جاد الرُّبا من بانة الجرعاء
نَوْءان من دمعي وغيم سماءِ
فالدَّمع يقضي عندها حقَّ الهوى
والغيم حقَّ البانة الغنَّاءِ
يا منزلاً نَشِطَتْ إليه عَبْرتي
حتَّى تبسَّم زهرُه لبكائي
هل نلتقي من روضةٍ موشيَّةٍ
خفَّاقة الأغصان والأفياءِ
وقال في مدح الحبيب المصطفى محمد صلي الله عليه وسلم :
تحية الله وطيب السلام
على رسول الله خير الأنام
على الذي فتح باب الهدى
وقال للناس ادخلوها بسلام
بدر الهدى سحب الندو الجدا
وما عسى أن يتناهى الكلام
تحية تهزأ أنفاسها
بالمسك لا أرضى بمسك الختام
تخصَّه مني ولا تنثني
عن آله الصِّيد السراة الكرام
وقدرهم أرفع لكنني
لم ألف أعلى لفظة من كرام
كتب عنه لسان الدِّين بن الخطيب فقال :
( أمَّا نثره فيمتاز بجودة السَّبك، وقصر الجمل غالباً، وينأى عن الغريب، بيدَ أنَّه لا يجافي التكلف في السَّجع، ولا يخلو منطرافة الفكرة)
وذكره ياقوت الحموي، فقال:
( كان شاعراً سريع الخاطر… وهو أحد أفاضل الأدباء بالأندلس) و ذكر له ديوان شعر،
وله تآليف وكتب أدبية معتبرة منها:
1- (زاد المسافر وغُرّة محيَّا الأدب السَّافر) وهو تتمَّة لقلائد العقيان لابن خاقان
2- (عجالة المتحفز و بداهة المستوفز) ويُعرف اختصاراً بالعجالة، ويقع في مجلدين يتضمَّنان طرفاً من شعره و نثره
3- (الرِّحلة) وتضم بعض شعره.
واختم البحث بهذه الابيات الرائعة من شعره :
يا حسنه والحسن بعض صفاته
والسحر مقصور على حركاته
بدر لو أن البدر قيل له اقترح
أملاً لقال أكون من هالاته
والخال ينقط في صحيفة خدّه
ما خط حبر الصدغ من نوناته
وإذا هلال الافق قابل وجهه
أبصرته كالشكل في مرآته
عبثت بقلب محبّه لحظاته
يارب لا تعبث على لحظاته
ركب المآثم في انتهاب نفوسنا
الله يجعلهنَّ من حسناته
ما زلت أخطب للزمان وصاله
حتى دنا والبعد من عاداته
فغفرت ذنب الدهر منه بليلة
غطت على ما كان من زلاته
غفل الرقيب فنلت منه نظرة
يا ليته لو دام في غفلاته
ضاجعته والليل يذكى تحته
نارين من نفسي ومن جناته
بتنا نشعشع والعفاف نديمنا
خمرين : من غزلي ومن كلماته
حتى إذا ولع الكرى يجفونه
وامتدّ في عُضديّ طوع سناته
أوثقته في ساعدى لأنه
ظبي خشيت عليه من فلتاته
فضممته ضمَّ البخيل لماله
يحنو عليه من جميع جهاته
عزم الغرام عليَّ في تقبيله
فنقضت أيدي الطوع من عزماته
وأبى عفافي أن أقبل ثغره
والقلب مطوّيٌ على جمراته
فاعجب لملتهب الجوانح غلة
يشكو الظما والماء في لهواته
امير البيان العربي
دفالح نصيف الحجية الكيلاني
العراق- ديالى – بلدروز
************************
انتهى المجلد السادس (شعراء العربية في الاندلس ) من موسوعتي( شعراء العربية ) ويليه المجلد السابع ( شعراء الفترة الراكدة ) ان شاء الله .
07:23 م
موسوعة شعراء العربية
المجلد السابع – الجزء الاول
شعراء الفترة الراكدة ( المظلمة )
بقلم د فالح الكيلاني
(2 )
نظم شعراء هذا العصر في معظم أغراض الشعرالعربي فمثلا كان لشعر الحماسة منزلة عظيمة بسبب الصراع القائم بين العرب المسلمين مع التتار والفرنجة في الحروب الصليبية والنعرات الطائفية بين الصفويين والعثمانيين إذ حمل الشعراء على عاتقهم مهمة تحميس الجند من أجل الجهاد ، وكانت المعارك التي وقعت بين المسلمين من جهة والتتار والصليبين من جهة ثانية مادة حية لهذه الأشعار والمتصفح لشعر الجهاد في هذا العصر يجد كماً كبيراً من الأشعار بعضها يبكي سقوط الخلافة الاسلامية ، وبعضها يدعو إلى الجهاد من أجل استعادتها
كقول الشاعر تقي الدين اسماعيل التنوخي:
لسائل الدمع عن بغداد أخبارُ
فما وقوفك والأحباب قد ساروا
تاج الخلافة والربع الذي سرُفت
به المعالم قد عفّاه إقفارُ
ومن ذلك أيضاً قول شهاب الدين محمود الكوفي:
إن لم تقرح أدمعي أجفاني
من بعد بعدكم فما أجفاني
إنسان عيني مذ تناءت داركم
ما راقه نظر إلى إنسان
وكان الزنكيون والأيوبيون قد تولوا عبئ الصراع مع الفرنجة ، و المماليك قد تولوا عبئ الدفاع عن البلاد ومنازلة المغول ، وقد استطاع الملك المملوكي ( قطز) أن يقضي على المغول ويردّ زحفهم بعد احتلالهم حلب وحماة ودمشق ،وقد قام الامير ( قطز ) بقتل رسل المغول الذين جاؤوا يدعونه إلى الاستسلام ، وكانت ( عين جالوت )المعركة الحاسمة إذ اعتبرت من أهم معارك المسلمين ، مثلها مثل معركة اليرموك و القادسية والزلاقة ، ومن الشعراء الذين ارخوا لتلك الفترة الشاعر شرف الدين الأنصاري في مدح المنصور الثاني:
جرّدت يوم الأربعاء عزيمة
خفيت عواقبها عن الإدراك
وأقمت في يوم الخميس مبالغاً
في الجمع بين طوائف الأتراك
قعّدت أبطال التتار بصولةٍ
تركهم كالصّيد في الأشراك
وقد فتح المماليك بعد (الظاهر بيبرس )بزعامة المنصور ( قلاوون) طرابلس الشام، وبناها من جديد بعد أن خربها التتار وفتحت (عكا ) من قبل الأشرف (خليل ابن منصور قلاوون) .
ولمّا هاجم الفرنجة مدينة (الاسكندرية ) عام \767هجرية – 1365 ميلادية أسروا ونهبوا وقتلوا قسماً كبيراً منها، رثى شهاب الدين ابن مجلة هذا الثغر قائلاً:
أتاها من الإفرنج ستون مركباً
وضاقت بها العربان في البرّ والبحر
أتوا نحوها هجماً على حين غفلة
وباعهم في الحرب يصر عن فتر
وقد صور شعر الحماسة الأحداث العامة في ذلك العصر وعبّر عن الآلام والآمال واتجه نحو التصنع والتلاعب اللفظي، وقد كان شعراء ذلك العصر يشعرون بالغربة في أوطانهم الا أن العواطف في شعر ذلك العصر كانت صادقة بسبب الأحداث الجليلة الجسام .
وفي شعرالمديح كانت هناك المدائح النبوية قيلت في مدح الرسول محمد عليه صلى الله عليه وسلم وقد راج سوقها بسبب رجوع الناس الى الدين بسبب سوء احوال البلاد وكثرة مصاعبها
وقد دفعت هذه العوامل الناس إلى الالتصاق بالدين والاستشفاع بالرسول الحبيب المصطفى لتفريج الكروب والشفاء من الامراض، وقد شجع المماليك اتجاه الاحتفالات الدينية مما جعل هذا اللون من أنشط الألوان الأدبية.
من ذلك ما قاله البوصيري :
أمن تذكر جيران بذي سلم
مرجت دمعاً جرى من مقلة بدم
أم هبّت الريحُ من تلقاء كاظمةٍ
وأومض البرق في الظلماء ومن إضم
وقد حذّر الشاعر في قصيدته من هوى النفس فقال:
النفس كالطفل إن تهمله شبّ على
حبّ الرضاع وإن تفطمه ينفطم
فاصرف هواها وحاذر أن توليه
إنّ الهوى ما تولّ يصم أو يصم
وكذلك كثر المدح طلباً للعطاء والنوال ولبلوغ المراتب الوظيفية عند السلاطين ولن تقعد معانيه عن الشجاعة والكرم والحكم والعلم، وقد أغار شعراء هذا العصر على معاني غيرهم واستباحوها ورجعوا إلى ظاهرة الوقوف على الأطلال أو الغزل أو وصف الطبيعة. من ذلك قول ابن نباته مادحاً الشهاب محمود الشاعر الذي كان من كباركتاب الإنشاء وكاتب سر الملك :
إمامٌ إذا هزّ اليراع مفاخراً به
الدّهر قال الدهر لست هناكا
علوت فأدركت النجوم فصفتها
كلاماً ففقت القائلين بذاكا
كذلك كثرمدح الاصدقاء والاقرياء والمعارف وغالباً ما يكون أقرب إلى الصدق وإن كانت المبالغات تغزو معانيه، وتسيطر عليه الصنعة الشعرية و البديعية.
اما في شعرالوصف فقد وصفوا المعارك وما يتعلق بها ، والطبيعة وما تحتوي والمظاهر المدنية كالأسواق والولائم والألم وآلام الجوع وتقلبات الزمن ودقائق الامور.
يقول النواجي القاهري في وصف مخدة:
هي نفع ولذة للنفوس وحياة و راحة للجليس
كم نديم أراحته باتكاء وتواضعت عند رفع الرؤوس
ويقول ابن نباته واصفاً الفقر :
أشكو إلى الله ما أقاسي من شدة الفقر والهوان
أصبحت من ذلةٍ وعُريٍ ما فيّ وافٍ سوى لساني
وكذلك الغزل فقد أكثر منه الشعراء في العصر المملوكي حيناً بقصائد مستقلة وأحياناً في مطالع مدائحهم وقد كان الغزل يطل برأسه من خلال الافتتان والشكوى واللوعة تعبيراً عن المشاعر ويحمل في طياته التقليد حيناً والتجديد أحياناً أخرى، وقد انطلق شعراء هذا العصر بغزلهم من مفاهيم جمالية تقليدية وفيه وصف الحبيب فشبّهوا وجهه بالبدر والشمس وشعره بالليل، ورحيق الثغر بالخمر، ونظرات العيون بالسهام والحواجب بالقسي، وقدّه بالرماح وصدغه بالعقرب.
يقول الشاعر التلعفري :
لو تنعق الشمس قالت وهي صادقة م ما فيَّ فيها، وما فيَّ الذي فيها
هبني أماثلها نوراً وفرط سناً م من أين أملك معنى من معانيها
وكذلك جعلوا المحبّ بحزن وشوق وصبابة، وجعلوا المحبيبة قاسية ظالمة لا تلين، وجعلوا وصله أبعد من الثريا . وشكو من متاعب وعثرات الحب واتهموا العذال بالبلادة، و أعين الرقباء مخيفة نظارتها حاقدة حاسدة، وتغيرت النظرة لجمال العيون فاحبوا العيون الضيقة
يقول ابن نباتة :
بهت العذول وقدر رأي ألحاظها
تركية تدع الحليم سفيهاً
فثنى الملام وقال دونك والأسى
هذي مضايق لست أدخل فيها
وفي زيارة طيف المحبوب وخياله في المنام واليقظة يقول الحلّي:
ما بين طيفك والجفون تواعد
فيفي إذا خُيّرت أني راقد
إني لأطمع في الرُّقاد لأنه
شرده يصار به الغزال الشاردُ
و نظراً للأحداث الجسام التي مرت على الأمة الإسلامية وما حصل من معارك نتج عنها الموت والقتل والتخريب فقد نشط فن الرثاء،
فمانت فيه المراثي الخاصة كرثاء الاحبة والاباء والازواج ومن ذلك رثاء يحيى شرف الدين لزوجته فاطمة التي عرفت بالفضل والكرم :
وما فاطمٌ إلاّ الحور أخرجت
لنعرف قدر الحور قمّت ردّت
ورثاء صفي الدين الحلّي لعبدٍ مملوك له، ربّاه من صغره حتى
صار كاتباً فطناً:
هدّ قلبي من كان يؤنس قلبي إذ نبذناه بالعراء سقيماً
ونأى يوسفي فقد هذبت عبد منا ي من حزنه وكنت كظيماً
وكذلك رثاء الملوك والامراء وفيه الإشادة بصفات المرثي وكريم مزاياه
من خلال المبالغة والصنعة من ذلك رثاء الملك المؤيّد اذ رثاه ابن نباتة فقال فيه :
ليت الحمام حبا الأيام موهبة ف فكان يفني بني الدنيا ويبقيه
لهفي على الخيل قد وقت صواهلها ح حقَّ العزا فهو يشبجيها وتشجيه
وكذلك نلاحظ المدن والامصاركما في رثاء بغداد التي سقطت بيد المغول:
إن لم تقرح أدمعي أجفاني
من بعد بعدكم فما أجفاني
إنسان عيني مذ تناءت داركم
فما راقه نظرٌ إلى إنسان
وأيضاً قول بهاء الدين الهائي يرثي دمشق:
لهفي على تلك البروج وحسنها
حفّت بهن طوارق الحدثان
كانت معاصم نهرها فضية
والآن صرن كذائب العقيان
اما الهجاء فقد ظهر بصورته الفردية واختفى بصورته القلبية وركّز في المثالب ومزج السخرية.
وقد كثرشرب الخمور وأصبح نوعاً من التحضر والرقي وانتشرت في المجتمع الشبابي فلسفة انهزامية تدعوا إلى الاستمتاع بالحياة قبل زوالها نتيجة ماحلَّ من تشريد وقتل وتدمير وخراب، وكثرت مجالس الخمرة وزال الحياء عند بعض الناس فاقيمت النوادي مصحوبة بالرقص والغناء في المنازل أو على برك الأنهار علانية .
يقول الشاب الظريف:
ناوليني الكأس في الصّبح ثمّ غنّي لي على قدحي
واشغلي كفّيك في وترٍ لا تهدّيها إلى السّبح
بالمقابل كثر التزمت من الزمن بسبب انتشار الفقر والحرمان وغدر الزمان، يقول ابن نباته:
أشكو لأنعمك التي هي للعفاة سحائب
حالي التي يرثي العدوّ لها فكيف الصاحب
وذلك الشعراء قالوا في الطرد والصيد و وصف الخيول والفهود والكلاب المدربة. يقول صفي الدين الحلّي في وصف صقر:
والطير في لجّ المياه تسري كأنها سفائن في بحر
حتى إذا لاذت بشاطئ النهر دعوت عبدي فأتى بصقري
من الغطاريف الثقال الحمر مستبعد الوحشة حجمّ الصّبر
وكذلك قيل الشعر في الألغاز والأحاجي مثل قول ابن نباته للغز
في (علي):
أمولاي ما أسمٌ جليٌّ إذا تعوّض عن حرفه الأول
لك الوصف من شخصه سالماً فإن قلعت عينه فهو لي
اما الشعر التعليمي وهو شعر المنظومات التي قالها العلماء في علوم الصرف والنحو والبلاغة والعروض والمنطق والحديث والصرف مثل ألفية ابن مالك في النحو والصرف:
كلامنا لفظٌ مفيدٌ كاستقم اسم ، وفعل ثم حرف الكلم
اميرالبيان العربي
د فالح نصيف الحجية الكيلاني
العراق- ديالى – بلد روز


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.