تصدير يوريا ومولاس وأسمنت وكلينكر من ميناء دمياط    بلدية رمات غان الإسرائيلية: صواريخ إيران خلفت دمارا لا يمكن تصوره    «كلمني عربي».. أفشة يفاجئ مشجعا أهلاويا في أمريكا قبل مواجهة إنتر ميامي    فيفا يعلن حكام «VAR» لقمة باريس واتلتيكو مدريد    محافظ القليوبية يعلن جاهزية اللجان لاستقبال طلاب الثانوية العامة    إعلان نتائج مسابقة الطلاب المثاليين بكليات جامعة المنيا الأهلية    نائب رئيس جامعة الأزهر يشدد على ضرورة الالتزام بالضوابط واللوائح المنظمة لأعمال الامتحانات    وزير النقل يتابع أعمال تنفيذ المرحلة الثانية من مشروع الأتوبيس الترددي BRT    والد طفلة البحيرة: استجابة رئيس الوزراء لعلاج ابنتى أعادت لنا الحياة    إزالة 60 حالة تعد على مساحة 37 ألف م2 وتنظيم حملة لإزالة الإشغالات بأسوان    خبير اقتصادي: الدولة المصرية تتعامل بمرونة واستباقية مع أي تطورات جيوسياسية    هيئة الرقابة النووية: لا تغير في المستويات الإشعاعية داخل مصر    إعلام عبرى: توقعات إسرائيلية بهجوم إيرانى على تل أبيب خلال ساعات    ميسي ينتظر الهدف 50 مع إنتر ميامي ضد الأهلي    بريطانيا والسعودية تبحثان تطورات الوضع في الشرق الأوسط    وزير الصحة يعتمد خطة التأمين الإسعافية تزامنًا مع بدء امتحانات الثانوية العامة    جامعة جنوب الوادي تشارك في الملتقى العلمي الثاني لوحدة البرامج المهنية بأسيوط    بعد توصية ميدو.. أزمة في الزمالك بسبب طارق حامد (خاص)    ديمبلي: أطمح للفوز بالكرة الذهبية    «التعليم العالي» تنظم حفل تخرج للوافدين من المركز الثقافي المصري لتعليم اللغة العربية    السجن المؤبد ل5 متهمين بقضية داعش سوهاج وإدراجهم بقوائم الإرهاب    تخفيف عقوبة السجن المشدد ل متهم بالشروع في القتل ب المنيا    «انطلاقًا من المسؤولية الوطنية».. أول تعليق من السياحة على تأجيل افتتاح المتحف الكبير    فايز فرحات: مفاوضات إيران وإسرائيل تواجه أزمة والمواجهة أنهت "حروب الوكالة"    «إيه اليوم الحلو ده؟».. أول تعليق ل يوسف حشيش بعد زفافه على منة القيعي    رئيس الوزراء يتفقد مركز تنمية الأسرة والطفل ب زاوية صقر بالبحيرة (صور)    مسلسل فات الميعاد.. هل تطلب أسماء أبو اليزيد الطلاق من أحمد مجدي بعد سرقته لها    محافظ أسوان: بدء التشغيل التجريبى لبعض أقسام مستشفى السباعية    أهم أخبار الكويت اليوم السبت 14 يونيو 2025    ثقافة الإسماعيلية تنفذ أنشطة متنوعة لتعزيز الوعي البيئي وتنمية مهارات النشء    غدا.. بدء التقديم "لمسابقة الأزهر للسنة النبوية"    فضل صيام أول أيام العام الهجري الجديد    القوات المسلحة تنظم زيارة للملحقين العسكريين إلى عدد من المنشآت.. صور    توقيع بروتوكول تعاون بين جامعة كفر الشيخ وأمانة المراكز الطبية المتخصصة في مجالات الرعاية الصحية والتعليم    وزير الصحة يعتمد خطة التأمين الإسعافية تزامنًا مع بدء امتحانات الثانوية العامة    البنك الدولي" و"شبكة المنافسة الدولية" يمنحان مصر الجائزة الأولى عن سياسات المنافسة لعام 2025    يسرى جبرى يرد على من يقولون إن فريضة الحج تعب ومشقة وزيارة حجارة    "القومي للأشخاص ذوي الإعاقة" ومؤسسة "شجرة التوت" يطلقان فعاليات منصة "القدرة على الفن - Artability HUB"    غدا .. انطلاق فعاليات مؤتمر التمويل التنموي لتمكين القطاع الخاص    رئيس الوزراء يتفقد مدرسة رزق درويش الابتدائية بزاوية صقر الطلاب: البرنامج الصيفي مهم جدا لصقل المهارات    القبض على شخص أطلق النيران على زوجتة بسبب رفضها العودة اليه بالمنيا    إجرام واستعلاء.. حزب النور يستنكر الهجمات الإسرائيلية على إيران    إيران تؤكد وقوع أضرار في موقع فوردو النووي    تأجيل محاكمة " أنوسة كوتة" فى قضية سيرك طنطا إلى جلسة يوم 21 من الشهر الحالي    طلب إحاطة يحذر من غش مواد البناء: تهديد لحياة المواطنين والمنشآت    نجاح استئصال جذرى للكلى بالمنظار لمريض يعانى من ورم خبيث بمبرة المحلة    وكيل تعليم الإسماعيلية يجتمع برؤساء لجان الثانوية العامة    ضبط 3 عاطلين وسيدة بتهمة ارتكاب جرائم سرقات في القاهرة    بسبب الضربات الجوية.. تقارير: مهدي طارمي غير قادر على الالتحاق ببعثة إنتر في كأس العالم للأندية    صحة غزة: 90 شهيدا و605 إصابات جراء العدوان آخر 48 ساعة    ليلى عبد المجيد تحصد جائزة "أطوار بهجت" للصحافة كأفضل إعلامية عربية    الطبيب الألماني يخطر أحمد حمدي بهذا الأمر    على غرار ياسين.. والدة طفل تتهم مدرب كاراتيه بهتك عرض نجلها بالفيوم    الصحة: قافلة متخصصة في جراحات الجهاز الهضمي للأطفال ب«طنطا العام» بمشاركة الخبير العالمي الدكتور كريم أبوالمجد    معاذ: جماهير الزمالك كلمة السر في التتويج ب كأس مصر    «الإفتاء» توضح كيفية الطهارة عند وقوع نجاسة ولم يُعرَف موضعها؟    شاهد.. بيكهام يظهر فى تدريبات إنتر ميامى قبل مواجهة الأهلى مونديال الأندية    ما حكم أداء النافلة بين الصلاتين عند جمع التقديم؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشاعر صفوان بن إدريس الاندلسي
نشر في شموس يوم 29 - 12 - 2016


المجلد السادس – الجزء الثاني
شعراء العربية في الاندلس
بقلم د فالح الكيلاني
( صفوان بن إدريس الاندلسي )
هو ابو بحر صفوان بن إدريس بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن
عيسى بن إدريس التُّجيبي المرسي.
ولد بمدينة ( مرسية ) سنة \ 561 هجرية – 1165 ميلادية وفي رواية اخرى ولد سنة \560 هجرية – 1164 ميلادية
ودرس فيها وتتلمذ على ايدي شيوخ ثقات منهم ابن مغاور عبد الرحمن بن محمد وابن مضاء احمد القرطبي وابن حوط الله وابن بشكوال خلف بن عبد الملك و ابن رشد محمد بن احمد الاندلسي العالم المعروف فنشأ اديبا شاعرا وكاتبا جمع بين الشعر والنثر واجاد فيها ثم رحل الى مراكش فقصد دار الخلافة مادحاً فما تيسر له شيء .فهم بالرجوع الى الاندلس وبينما هو عازم على الرجوع طلبه الخليفة ليكون شاعرا في بلاطه فيقول فيه مادحا :
حكمتم زمنا ً لولا اعتدالكم
في حكمكم لم يكن للحكم يعتدل
فإنما أنتم في أنفه شمم
وإنما أنتم في طرفه كحل
يرى اعتناق العوالي في الوغى غزلا
لانّ خرصانها من فوقها مقل
ثم بعد مدة من الزمن قفل راجعا الى الاندلس ليعود الى( مرسية ) من جديد ويسكنها فقد احبها وقال الشعر في رياضها الجميلة :
وكأنما أغصانها أجيادها
قد قلّدت بلآلىء الأنوار
ما جاءها نفس الصبا مستجدياً
إلا رمت بدراهم الأزهار
توفي في سقط راسه بمدينة ( مرسية سنة\ 596 هجرية – 1201 ميلادية ودفن في مقابرها .
كان كاتباً بليغاً وشاعراً بارعاً ومن أعيان أهل المغرب كان من جله الادباء وافاضلهم ، وأعيان الرؤساء، فصيحاً جليل القدر، له رسائل بليغة، وكان من اصحاب الفضل والدين .له رسائل بديعة، وقصائد جليلة في الغزل والوصف وله رثاء. امتاز بحسن الارتجال، وسرعة البديهة.
ويتسم شعره بسهولة اللَّفظ، وسلاسة التَّعبيرات، مشوبٌ بالطَّرافة، كثير الاتِّكاء على الطَّبيعة، بارعٌ في الأخذ منها يقول متغزلا :
أمرنة سجعت بعود أراكِ
قولي مولّهة علام بكاك
أجفاكِ إلفك أم بليت بفرقة
أم لاح برق بالحمى فشجاك
لو كان حقاً ما ادَّعيت من الجوى
يوماً لما طرق الجفون كراك
أو كان روّعك الفراق اذاً لما
صنّت بماء جفونها عيناك
ولما ألفت الروض يأرج عرفه
وجعلت بين فروعه مغناك
ولما اتخذت من الغصون منصة
ولما بدت مخضوبة كفاك
ولما ارتديت الريش برداً معلماً
ونظمت من قزح سلوك طلاك
لو كنت مثلي ما أنفت من البكا
لا تحسبي شكواي من شكواك
وله في الوصف ::
والسرحةُ الغنَّاء قد قبضت
كفُّ النَّسيم على لواءٍ أخضر
وكأنَّ شكل الغيم مِنْجَلُ فضَّةٍ
يرمي علىالآفاق رطب الجوهر
ومن شعره همزيَّته المشهورة بين الأدباء، منها:
جاد الرُّبا من بانة الجرعاء
نَوْءان من دمعي وغيم سماءِ
فالدَّمع يقضي عندها حقَّ الهوى
والغيم حقَّ البانة الغنَّاءِ
يا منزلاً نَشِطَتْ إليه عَبْرتي
حتَّى تبسَّم زهرُه لبكائي
هل نلتقي من روضةٍ موشيَّةٍ
خفَّاقة الأغصان والأفياءِ
وقال في مدح الحبيب المصطفى محمد صلي الله عليه وسلم :
تحية الله وطيب السلام
على رسول الله خير الأنام
على الذي فتح باب الهدى
وقال للناس ادخلوها بسلام
بدر الهدى سحب الندو الجدا
وما عسى أن يتناهى الكلام
تحية تهزأ أنفاسها
بالمسك لا أرضى بمسك الختام
تخصَّه مني ولا تنثني
عن آله الصِّيد السراة الكرام
وقدرهم أرفع لكنني
لم ألف أعلى لفظة من كرام
كتب عنه لسان الدِّين بن الخطيب فقال :
( أمَّا نثره فيمتاز بجودة السَّبك، وقصر الجمل غالباً، وينأى عن الغريب، بيدَ أنَّه لا يجافي التكلف في السَّجع، ولا يخلو منطرافة الفكرة)
وذكره ياقوت الحموي، فقال:
( كان شاعراً سريع الخاطر… وهو أحد أفاضل الأدباء بالأندلس) و ذكر له ديوان شعر،
وله تآليف وكتب أدبية معتبرة منها:
1- (زاد المسافر وغُرّة محيَّا الأدب السَّافر) وهو تتمَّة لقلائد العقيان لابن خاقان
2- (عجالة المتحفز و بداهة المستوفز) ويُعرف اختصاراً بالعجالة، ويقع في مجلدين يتضمَّنان طرفاً من شعره و نثره
3- (الرِّحلة) وتضم بعض شعره.
واختم البحث بهذه الابيات الرائعة من شعره :
يا حسنه والحسن بعض صفاته
والسحر مقصور على حركاته
بدر لو أن البدر قيل له اقترح
أملاً لقال أكون من هالاته
والخال ينقط في صحيفة خدّه
ما خط حبر الصدغ من نوناته
وإذا هلال الافق قابل وجهه
أبصرته كالشكل في مرآته
عبثت بقلب محبّه لحظاته
يارب لا تعبث على لحظاته
ركب المآثم في انتهاب نفوسنا
الله يجعلهنَّ من حسناته
ما زلت أخطب للزمان وصاله
حتى دنا والبعد من عاداته
فغفرت ذنب الدهر منه بليلة
غطت على ما كان من زلاته
غفل الرقيب فنلت منه نظرة
يا ليته لو دام في غفلاته
ضاجعته والليل يذكى تحته
نارين من نفسي ومن جناته
بتنا نشعشع والعفاف نديمنا
خمرين : من غزلي ومن كلماته
حتى إذا ولع الكرى يجفونه
وامتدّ في عُضديّ طوع سناته
أوثقته في ساعدى لأنه
ظبي خشيت عليه من فلتاته
فضممته ضمَّ البخيل لماله
يحنو عليه من جميع جهاته
عزم الغرام عليَّ في تقبيله
فنقضت أيدي الطوع من عزماته
وأبى عفافي أن أقبل ثغره
والقلب مطوّيٌ على جمراته
فاعجب لملتهب الجوانح غلة
يشكو الظما والماء في لهواته
امير البيان العربي
دفالح نصيف الحجية الكيلاني
العراق- ديالى – بلدروز
************************
انتهى المجلد السادس (شعراء العربية في الاندلس ) من موسوعتي( شعراء العربية ) ويليه المجلد السابع ( شعراء الفترة الراكدة ) ان شاء الله .
07:23 م
موسوعة شعراء العربية
المجلد السابع – الجزء الاول
شعراء الفترة الراكدة ( المظلمة )
بقلم د فالح الكيلاني
(2 )
نظم شعراء هذا العصر في معظم أغراض الشعرالعربي فمثلا كان لشعر الحماسة منزلة عظيمة بسبب الصراع القائم بين العرب المسلمين مع التتار والفرنجة في الحروب الصليبية والنعرات الطائفية بين الصفويين والعثمانيين إذ حمل الشعراء على عاتقهم مهمة تحميس الجند من أجل الجهاد ، وكانت المعارك التي وقعت بين المسلمين من جهة والتتار والصليبين من جهة ثانية مادة حية لهذه الأشعار والمتصفح لشعر الجهاد في هذا العصر يجد كماً كبيراً من الأشعار بعضها يبكي سقوط الخلافة الاسلامية ، وبعضها يدعو إلى الجهاد من أجل استعادتها
كقول الشاعر تقي الدين اسماعيل التنوخي:
لسائل الدمع عن بغداد أخبارُ
فما وقوفك والأحباب قد ساروا
تاج الخلافة والربع الذي سرُفت
به المعالم قد عفّاه إقفارُ
ومن ذلك أيضاً قول شهاب الدين محمود الكوفي:
إن لم تقرح أدمعي أجفاني
من بعد بعدكم فما أجفاني
إنسان عيني مذ تناءت داركم
ما راقه نظر إلى إنسان
وكان الزنكيون والأيوبيون قد تولوا عبئ الصراع مع الفرنجة ، و المماليك قد تولوا عبئ الدفاع عن البلاد ومنازلة المغول ، وقد استطاع الملك المملوكي ( قطز) أن يقضي على المغول ويردّ زحفهم بعد احتلالهم حلب وحماة ودمشق ،وقد قام الامير ( قطز ) بقتل رسل المغول الذين جاؤوا يدعونه إلى الاستسلام ، وكانت ( عين جالوت )المعركة الحاسمة إذ اعتبرت من أهم معارك المسلمين ، مثلها مثل معركة اليرموك و القادسية والزلاقة ، ومن الشعراء الذين ارخوا لتلك الفترة الشاعر شرف الدين الأنصاري في مدح المنصور الثاني:
جرّدت يوم الأربعاء عزيمة
خفيت عواقبها عن الإدراك
وأقمت في يوم الخميس مبالغاً
في الجمع بين طوائف الأتراك
قعّدت أبطال التتار بصولةٍ
تركهم كالصّيد في الأشراك
وقد فتح المماليك بعد (الظاهر بيبرس )بزعامة المنصور ( قلاوون) طرابلس الشام، وبناها من جديد بعد أن خربها التتار وفتحت (عكا ) من قبل الأشرف (خليل ابن منصور قلاوون) .
ولمّا هاجم الفرنجة مدينة (الاسكندرية ) عام \767هجرية – 1365 ميلادية أسروا ونهبوا وقتلوا قسماً كبيراً منها، رثى شهاب الدين ابن مجلة هذا الثغر قائلاً:
أتاها من الإفرنج ستون مركباً
وضاقت بها العربان في البرّ والبحر
أتوا نحوها هجماً على حين غفلة
وباعهم في الحرب يصر عن فتر
وقد صور شعر الحماسة الأحداث العامة في ذلك العصر وعبّر عن الآلام والآمال واتجه نحو التصنع والتلاعب اللفظي، وقد كان شعراء ذلك العصر يشعرون بالغربة في أوطانهم الا أن العواطف في شعر ذلك العصر كانت صادقة بسبب الأحداث الجليلة الجسام .
وفي شعرالمديح كانت هناك المدائح النبوية قيلت في مدح الرسول محمد عليه صلى الله عليه وسلم وقد راج سوقها بسبب رجوع الناس الى الدين بسبب سوء احوال البلاد وكثرة مصاعبها
وقد دفعت هذه العوامل الناس إلى الالتصاق بالدين والاستشفاع بالرسول الحبيب المصطفى لتفريج الكروب والشفاء من الامراض، وقد شجع المماليك اتجاه الاحتفالات الدينية مما جعل هذا اللون من أنشط الألوان الأدبية.
من ذلك ما قاله البوصيري :
أمن تذكر جيران بذي سلم
مرجت دمعاً جرى من مقلة بدم
أم هبّت الريحُ من تلقاء كاظمةٍ
وأومض البرق في الظلماء ومن إضم
وقد حذّر الشاعر في قصيدته من هوى النفس فقال:
النفس كالطفل إن تهمله شبّ على
حبّ الرضاع وإن تفطمه ينفطم
فاصرف هواها وحاذر أن توليه
إنّ الهوى ما تولّ يصم أو يصم
وكذلك كثر المدح طلباً للعطاء والنوال ولبلوغ المراتب الوظيفية عند السلاطين ولن تقعد معانيه عن الشجاعة والكرم والحكم والعلم، وقد أغار شعراء هذا العصر على معاني غيرهم واستباحوها ورجعوا إلى ظاهرة الوقوف على الأطلال أو الغزل أو وصف الطبيعة. من ذلك قول ابن نباته مادحاً الشهاب محمود الشاعر الذي كان من كباركتاب الإنشاء وكاتب سر الملك :
إمامٌ إذا هزّ اليراع مفاخراً به
الدّهر قال الدهر لست هناكا
علوت فأدركت النجوم فصفتها
كلاماً ففقت القائلين بذاكا
كذلك كثرمدح الاصدقاء والاقرياء والمعارف وغالباً ما يكون أقرب إلى الصدق وإن كانت المبالغات تغزو معانيه، وتسيطر عليه الصنعة الشعرية و البديعية.
اما في شعرالوصف فقد وصفوا المعارك وما يتعلق بها ، والطبيعة وما تحتوي والمظاهر المدنية كالأسواق والولائم والألم وآلام الجوع وتقلبات الزمن ودقائق الامور.
يقول النواجي القاهري في وصف مخدة:
هي نفع ولذة للنفوس وحياة و راحة للجليس
كم نديم أراحته باتكاء وتواضعت عند رفع الرؤوس
ويقول ابن نباته واصفاً الفقر :
أشكو إلى الله ما أقاسي من شدة الفقر والهوان
أصبحت من ذلةٍ وعُريٍ ما فيّ وافٍ سوى لساني
وكذلك الغزل فقد أكثر منه الشعراء في العصر المملوكي حيناً بقصائد مستقلة وأحياناً في مطالع مدائحهم وقد كان الغزل يطل برأسه من خلال الافتتان والشكوى واللوعة تعبيراً عن المشاعر ويحمل في طياته التقليد حيناً والتجديد أحياناً أخرى، وقد انطلق شعراء هذا العصر بغزلهم من مفاهيم جمالية تقليدية وفيه وصف الحبيب فشبّهوا وجهه بالبدر والشمس وشعره بالليل، ورحيق الثغر بالخمر، ونظرات العيون بالسهام والحواجب بالقسي، وقدّه بالرماح وصدغه بالعقرب.
يقول الشاعر التلعفري :
لو تنعق الشمس قالت وهي صادقة م ما فيَّ فيها، وما فيَّ الذي فيها
هبني أماثلها نوراً وفرط سناً م من أين أملك معنى من معانيها
وكذلك جعلوا المحبّ بحزن وشوق وصبابة، وجعلوا المحبيبة قاسية ظالمة لا تلين، وجعلوا وصله أبعد من الثريا . وشكو من متاعب وعثرات الحب واتهموا العذال بالبلادة، و أعين الرقباء مخيفة نظارتها حاقدة حاسدة، وتغيرت النظرة لجمال العيون فاحبوا العيون الضيقة
يقول ابن نباتة :
بهت العذول وقدر رأي ألحاظها
تركية تدع الحليم سفيهاً
فثنى الملام وقال دونك والأسى
هذي مضايق لست أدخل فيها
وفي زيارة طيف المحبوب وخياله في المنام واليقظة يقول الحلّي:
ما بين طيفك والجفون تواعد
فيفي إذا خُيّرت أني راقد
إني لأطمع في الرُّقاد لأنه
شرده يصار به الغزال الشاردُ
و نظراً للأحداث الجسام التي مرت على الأمة الإسلامية وما حصل من معارك نتج عنها الموت والقتل والتخريب فقد نشط فن الرثاء،
فمانت فيه المراثي الخاصة كرثاء الاحبة والاباء والازواج ومن ذلك رثاء يحيى شرف الدين لزوجته فاطمة التي عرفت بالفضل والكرم :
وما فاطمٌ إلاّ الحور أخرجت
لنعرف قدر الحور قمّت ردّت
ورثاء صفي الدين الحلّي لعبدٍ مملوك له، ربّاه من صغره حتى
صار كاتباً فطناً:
هدّ قلبي من كان يؤنس قلبي إذ نبذناه بالعراء سقيماً
ونأى يوسفي فقد هذبت عبد منا ي من حزنه وكنت كظيماً
وكذلك رثاء الملوك والامراء وفيه الإشادة بصفات المرثي وكريم مزاياه
من خلال المبالغة والصنعة من ذلك رثاء الملك المؤيّد اذ رثاه ابن نباتة فقال فيه :
ليت الحمام حبا الأيام موهبة ف فكان يفني بني الدنيا ويبقيه
لهفي على الخيل قد وقت صواهلها ح حقَّ العزا فهو يشبجيها وتشجيه
وكذلك نلاحظ المدن والامصاركما في رثاء بغداد التي سقطت بيد المغول:
إن لم تقرح أدمعي أجفاني
من بعد بعدكم فما أجفاني
إنسان عيني مذ تناءت داركم
فما راقه نظرٌ إلى إنسان
وأيضاً قول بهاء الدين الهائي يرثي دمشق:
لهفي على تلك البروج وحسنها
حفّت بهن طوارق الحدثان
كانت معاصم نهرها فضية
والآن صرن كذائب العقيان
اما الهجاء فقد ظهر بصورته الفردية واختفى بصورته القلبية وركّز في المثالب ومزج السخرية.
وقد كثرشرب الخمور وأصبح نوعاً من التحضر والرقي وانتشرت في المجتمع الشبابي فلسفة انهزامية تدعوا إلى الاستمتاع بالحياة قبل زوالها نتيجة ماحلَّ من تشريد وقتل وتدمير وخراب، وكثرت مجالس الخمرة وزال الحياء عند بعض الناس فاقيمت النوادي مصحوبة بالرقص والغناء في المنازل أو على برك الأنهار علانية .
يقول الشاب الظريف:
ناوليني الكأس في الصّبح ثمّ غنّي لي على قدحي
واشغلي كفّيك في وترٍ لا تهدّيها إلى السّبح
بالمقابل كثر التزمت من الزمن بسبب انتشار الفقر والحرمان وغدر الزمان، يقول ابن نباته:
أشكو لأنعمك التي هي للعفاة سحائب
حالي التي يرثي العدوّ لها فكيف الصاحب
وذلك الشعراء قالوا في الطرد والصيد و وصف الخيول والفهود والكلاب المدربة. يقول صفي الدين الحلّي في وصف صقر:
والطير في لجّ المياه تسري كأنها سفائن في بحر
حتى إذا لاذت بشاطئ النهر دعوت عبدي فأتى بصقري
من الغطاريف الثقال الحمر مستبعد الوحشة حجمّ الصّبر
وكذلك قيل الشعر في الألغاز والأحاجي مثل قول ابن نباته للغز
في (علي):
أمولاي ما أسمٌ جليٌّ إذا تعوّض عن حرفه الأول
لك الوصف من شخصه سالماً فإن قلعت عينه فهو لي
اما الشعر التعليمي وهو شعر المنظومات التي قالها العلماء في علوم الصرف والنحو والبلاغة والعروض والمنطق والحديث والصرف مثل ألفية ابن مالك في النحو والصرف:
كلامنا لفظٌ مفيدٌ كاستقم اسم ، وفعل ثم حرف الكلم
اميرالبيان العربي
د فالح نصيف الحجية الكيلاني
العراق- ديالى – بلد روز


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.