صدر عن دار الهلال في القاهرة رواية " في انتظار النور" للكاتبة والروائية سناء ابو شرار وجاء ت الرواية في 198 صفحة من القطع المتوسط. تتحدث الرواية عن تجربة حقيقية لسيدة تعرضت للحرق وكانت نسبة نجاتها من الموت 5% فقط ، تستمع لصوت الإطباء من خلال الألم بأنها قد تموت خلال أيام قليلة ، فيهمس نداء الحياة الخافت لها: "اريد أن أحيا". أنها رواية تفاصيل آلام الحروق والعلاج منها ويبدو العلاج أشد ايلاماً من الحروق ذاتها ، ثم تبدأ معاناة فقد الهوية الشخصية عبر فقدان ملامح الوجة والجسد ، الرواية تتناول وبشكل دقيق معاناة مرضى الحروق ، هذه المعاناة الصامتة الشديدة الإيلام والتي لم يتم تناولها أدبياً ، ولكن بهذه الرواية تم تحليل هذه المعاناة بتقمص عالي الدرجة للألم سواء معنوياً أو جسدياً وتتحول رواية المعاناة ومحاذاة الموت بكل دقيقة إلى رواية الإرادة والإيمان المُطلق بقدرة الله على كل شيء ؛ فتتحول ضحية الآلام الفظيعة إلى صاحبة الإرادة التي لا تُقهر ، إنه الألم الذي قد يمنح ميلاداً جديداً أو قد يكون موتاً مضاعفاً لأن الجسد يموت مرة ولكن بالإستسلام تموت الروح مئات المرات. ثم تتطرق الرواية إلى مشاكل أجتماعية معاصرة لم يكن المجتمع العربي يعرفها من قبل ومنها الوحدة والإنعزالية ، إدمان بعض الأزواج على المواقع الإباحية وهجران الزوجة وبالتالي تداعي بيت الزوجية ، الطموح المهني للمرأة على حساب الزوج والأطفال رغم عدم وجود حاجة مادية ، اضطرار المرأة للعمل بسبب تخلى الرجل عن دوره الحامي وقوامته كرجل سواء كزوج أو أخ أو ابن ما ينتج عن ذلك من عدم تمكنها من أداء دورها التربوي كما يجب ، الإهتمام بالأطفال مادياً دون الإهتمام بهم تربوياً وعاطفياً وما ينتج عن ذلك من تبلد عاطفي تجاه الأبوين ومن سمنه مُفرطة ، إدمان المخدرات والإتجار بها للكسب السريع وضعف ثقافة العصامية والإعتماد على النفس ... من مناخات الرواية: ( حين يحتل الظلام مساحات الأرض، ينسحب ضوء النهار خجلاً صامتاً ليجثم الظلام فارضاً حضوره القوي على البيوت والشوارع وعلى كل المخلوقات.... ولكن هناك ظلام آخر قد يحتل الصدور فيخنقها وذلك الظلام من الصعب أن ينسحب لأنه يحتل الصدور فمن الصعب أن يترك مكانه للنور، خصوصاً إذا ألفت تلك النفوس الحياة مع الظلام ... لذا كان ظلام الأرض أجمل أنواع الظلام لأنه رغم حضوره القوي والمسيطر على كل ما في الوجود يستسلم برفق لخيوط الفجر الرقيقة الوديعة، رغم سلطته التي لا تُقهر إلا أنه ينسحب بخجل كقائد نبيل. أما ظلام النفوس فيبدو قاسياً متجبراً وتحتاج الذات البشرية لصراع عنيد لطرده من أعماقها). الكاتبة ثناء أبو شرار قالت على لسان أحدى شخصيات الرواية:- " لا أدري يا أم طلال إلى متى سأبقى وحيدة، لقد بدأت أتحدث إلى نفسي في غرفتي الصغيرة لشدة شعوري بالوحدة، فحتى جيراني ينظرون لي بشك وريبة لأنني أعيش وحدي دون أهلي، وهل سأُخبرهم واحداً واحداً بأن أمي وأبي لا يريدان حتى رؤيتي...وهل تعتقدين بأنهم سوف يصدقونني؟ قلوب الناس أحياناً أقسى من جدران غرفتي الصغيرة، فجدرانها تحتويني ولا تطردني وأحياناً أشعر بأنها تبكي معي، لقد بدأت أُصادق الأشياء بدلاً عن الأشخاص وأكتشف تدريجياً أن لكل شيء روحاً بهذه الحياة، حتى كأس الشاي الذي أشربه بكل صباح له روح دافئة، فهو يُطمئنني ويبعث الدفء بعروقي، وحتى نافذتي الخشبية القديمة أصبحت جزءاً من رؤيتي للحياة فهي تُعطي إطاراً لأحزاني وأفراحي القليلة، ففي الحالتين تمتد نظراتي إليها كي أخرج من عالمي إلى عالم النور هناك في الخارج حيث الشوارع التي تمتد بلا حدود وحيث الوجوه الغريبة تُصبح أكثر دفئاً من الوجوه القريبة التي تعرفنا ولكنها ترفضنا ، حتى سريري الحديدي البارد يتحول لصدر دافيء يضم أحزاني ويؤنس وحدتي ..." علماً بأنه قد صدر للكاتبة الرويات:- اللاعودة – جداول دماء وخيوط الفجر – أنين مدينة – غيوم رمادية مبعثرة – رائحة الميرامية – أساور مهشمة – رحلة ذات لرجل شرقي .