وزيرة التخطيط: التحديات العالمية تفرض على الحكومات تبني رؤى مرنة واستباقية    الضرائب: 9 إعفاءات ضريبية لتخفيف الأعباء وتحفيز الاستثمار    محافظ الشرقية يطمئن على نسب تنفيذ أعمال مشروعات الخطة الإستثمارية للعام المالي الحالي بديرب نجم    مصر أكتوبر: زيارة الرئيس السيسي إلى موسكو خطوة لتعزيز الشراكات الاستراتيجية وتأمين المصالح القومية    الفاتيكان: تنصيب البابا ليو الرابع عشر رسميا خلال قداس يوم 18 مايو    ترامب يطرح فكرة خفض نسبة الرسوم الجمركية على الصين إلى 80%    ألونسو يعلن رحيله عن ليفركوزن بنهاية الموسم    الأهلي يخاطب الاتحاد التونسي بشأن محمد علي بن رمضان    انتحلا صفة موظفي بنك.. ضبط شخص ونجل شقيقه لاستيلائهما على أموال المواطنين    اصابة 10 اشخاص في حادث انقلاب في المنيا    مايان السيد تكشف عن قصة حب من شاب هندي استمرت 10 أيام    «المستشفيات التعليمية» تنظم برنامجًا تدريبيًّا حول معايير الجودة للجراحة والتخدير بالتعاون مع «جهار»    وزير الأوقاف ومحافظ الشرقية يؤديان صلاة الجمعة بمسجد الدكتور عبد الحليم محمود    جامعة القاهرة: أسئلة امتحانات الترم الثاني متنوعة لضمان العدالة    تنفيذ فعاليات حفل المعرض الختامي لأنشطة رياض الأطفال    "موسم لا ينسى".. صحف إنجلترا تتغنى ب محمد صلاح بعد جائزة رابطة الكتاب    رئيس الوزراء يؤكد حِرصه على المتابعة المستمرة لأداء منظومة الشكاوى الحكومية    البابا لاون الرابع عشر في قداس احتفالي: "رنموا للرب ترنيمة جديدة لأنه صنع العجائب"    الشباب والرياضة تنظم الإحتفال بيوم اليتيم بمركز شباب الحبيل بالأقصر    «الخارجية» تكشف مستجدات متابعتها لحالة البحارة المصريين بدولة الإمارات    جهاز تنمية المشروعات يضخ 920 مليون جنيه لتمويل شباب دمياط    سحب 1024 رخصة لعدم تركيب الملصق الإلكترونى خلال 24 ساعة    سعر الأسمنت اليوم الجمعة 9 -5 -2025 الطن ب 4000 جنيه    مروان موسى: ألبومي الأخير نابع من فقدان والدتي    أحمد داش: جيلنا محظوظ ولازم يوجد صوت يمثلنا    المنظمات الأهلية الفلسطينية: غزة تواجه أوضاعا خطيرة بسبب القيود الإسرائيلية    ملتقى الثقافة والهوية الوطنية بشمال سيناء يؤكد رفض التهجير والتطبيع مع الكيان الصهيوني    هل يجوز الحج عن الوالدين؟ الإفتاء تُجيب    استلام 215 ألف طن قمح في موسم 2025 بالمنيا    الزمالك في جولته الأخيرة أمام المقاولون في دوري الكرة النسائية    دمياط: قافلة طبية تحت مظلة حياة كريمة تقدم العلاج ل 1575 شخصا    ضبط شخص بالوادي الجديد لقيامه بالترويج لبيع الأسلحة البيضاء بمواقع التواصل    8 شهداء في قصف إسرائيلي متواصل على قطاع غزة    مصر أكتوبر: مشاركة الرئيس السيسي في احتفالات موسكو تعكس تقدير روسيا لدور مصر    عاجل.. الاتحاد السعودي يعلن تدشين دوري جديد بداية من الموسم المقبل 2025-2026    تهدئة أم تخلي.. كيف غيّر اتفاق واشنطن مع الحوثيين ميزان التحالف الأمريكي- الإسرائيلي؟    إدارة شئون البيئة بالإسماعيلية تعقد حلقات حوارية للصيادين ببحيرة التمساح (صور)    المتحف المصري الكبير يستقبل 163 قطعة من كنوز توت عنخ آمون استعدادا للافتتاح الرسمي    محمد رياض يعلن تشكيل اللجنة العليا للدورة ال18 للمهرجان القومى للمسرح    أبو بكر الديب يكتب: مصر والمغرب.. تاريخ مشترك وعلاقات متطورة    سائح من ألمانيا يشهر إسلامه داخل ساحة الشيخ المصرى الحامدى بالأقصر..فيديو    قصة وفاء نادرة.. كيف ردّ النبي الجميل لامرأتين في حياته؟    ضبط لصوص الهواتف المحمولة والمساكن في القاهرة    دون وقوع إصابات... سقوط سلك كهرباء تيار عالي على 3 منازل بكفر الشيخ والحماية المدنية تخمد الحريق    لطفل عمره 13 عامًا وشقيقته هي المتبرع.. نجاح أول عملية زرع نخاع بمستشفى أبوالريش المنيرة    إطلاق مشروع التكامل بين مراكز زراعة الكبد ومراكز الجهاز الهضمي باستخدام تكنولوجيا التطبيب «عن بُعد»    كاف اعتمدها.. تعرف على المتطلبات الجديدة للمدربين داخل أفريقيا    سقوط شبكة دولية لغسل 50 مليون جنيه من تجارة المخدرات بمدينة نصر    سنن النبي وقت صلاة الجمعة.. 5 آداب يكشف عنها الأزهر للفتوى    محافظ القليوبية يستقبل وفد لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب لتفقد مستشفى الناس    إعلام إسرائيلي: تفاؤل أمريكى بإمكانية التوصل إلى اتفاق بشأن قطاع غزة    الموافقة على الإعلان عن التعاقد لشغل عدة وظائف بجامعة أسيوط الأهلية (تفاصيل)    التنمر والتحرش والازدراء لغة العصر الحديث    بعد بيان الزمالك.. شوبير يثير الجدل برسالة غامضة    الكشف عن طاقم تحكيم مباراة الزمالك وسيراميكا بالدوري    «ملحقش يتفرج عليه».. ريهام عبدالغفور تكشف عن آخر أعمال والدها الراحل    «إسكان النواب»: المستأجر سيتعرض لزيادة كبيرة في الإيجار حال اللجوء للمحاكم    الجثمان مفقود.. غرق شاب في ترعة بالإسكندرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ملحم بركات – الليلة الأخيرة
نشر في شموس يوم 30 - 10 - 2016

في هذه الليلة التي تسبق مأتم ملحم بركات، ستخسر عائلته الزوجَ والأب والجدّ، ليولد من رحم هذا الفقد فنانٌ يملكه الجميع، ويرتبط اسمه باسم وطنه. لكنّي أكاد أجزم أنّ وحيدته غنوى تريد الليلة أباها، ولو عجوزًا، تريد والدها ولو مريضًا، وليأخذوا الفنّ والوطن.
كانت دائمًا تريده لها ولأمّها وإخوتها، ثمّ صارت تريده لولديها اللذين ستخشى دائمًا أن ينسيا كيف كان جدّهما ملحم طفلًا مثلهما، لا يريد أن يكبر، فإذا به، وفي غفلة لحن، يصير نغمة في سمفونيّة الموت.
غنوى التي كنت أراها مذ أصيب والدها بالمرض دامعةً، تعلّمتْ، وهي الفنّانة التشكيليّة، كيف ترسم ابتسامةً تواجه بها سائليها عن والدها، قبل أن تحني رأسها لتخفي ألمها، وتغرق في الصمت، فأحاذر الدخول معها في تفاصيل أو أجرّها إلى كلام.
غنوى تريد الليلة والدها، تريد أن تبكيه وحدها، بلا أضواء كاميرات، وتصوير تلفزيونات، وبلا احتفال رسميّ وبلا جمهور معجبين. تريد أن تستسلم لحزنها، على والد كانت لحنه الأجمل وأغنيته المفضّلة، وكان مصدر فخرها واعتزازها. هي الليلة فريسة الغضب والشوق والحزن، هي الليلة أسيرة الواجبات والبروتوكول، في حين أنّها لا تريد سوى أن يتركوها تتذكّر. أن يتركوها تبكي وتصرخ.
كنت دائمًا أسأل نفسي عن مصير الحزن حين تكون الكاميرات والأعين موجّهة نحو المجروحين باللوعة والمجرّحين بالدمع؛ إذ يبدو لي أنّ جبلًا ثقيلًا يربض على صدور هؤلاء الحزانى، يريد أن ينفجر بركانًا، ولا يستطيع…
واليوم حين كنت أنظر إلى صور المعزّين، شعرت بهذا الجبل يجثم على وجه غنوى التي تريد أن تكون قويّة من أجل والدتها وإخوتها وزوجها وطفليها. شعرت بصغيرة أبيها تعود صغيرة، تبحث عن حضن والد ملأ الدنيا وشغل الناس، حتّى عاشت في خوف دائم من أن تأخذه الدنيا ويسرقه الناس.
في هذه الليلة الأخيرة، تكاد غنوى تختنق لأنّ والدها الذي لا يطيق الأسر سجين البرد في غرفة المستشفى!
في هذه الليلة الأخيرة، تشعر غنوى بأنّ الهواء مقطوع لأنّ والدها سيحلّق غدًا فوق أكفّ الجميع ولن يتركوه لها سوى لدقائق قليلة!
في هذه الليلة الأخيرة، لن تغفو غنوى لأنّها تعرف بأنّ الجميع سيتكلّمون غدًا، ويتحرّكون ويروحون ويجيئون، بينما والدها الذي لا يحتمل السكوت والسكون، سيكون، للمرّة الأولى، صامتًا هادئًا!
في هذه الليلة الأخيرة، ستبكي غنوة كثيرًا، وستكبر فجأة، لا كما كبرت يوم صارت صبيّة، ولا كما كبرت يوم تزوّجت وأنجبت وعملت، بل كما يكبر كلّ من يفقد سندًا وأبًا وصديقًا، فكيف إذا كان هذا السند والأب والصديق اسمه ملحم بركات.
لكنّ فكرة ما، فكرة واحدة، قد تجعل عينيها الحمراوين المتورّمتين تستسلمان لما يشبه النوم:
لقد صارت هي وأمّها وإخوتها مسؤولين عن ملحم بركات، عن إرثه واسمه وفنّه، وصار يحقّ لهذا الرجل التعب أن يرتاح في قلوبهم، في قلوبهم هم وحدهم، بعد أن يتعب المصوّرون، وتنطفئ الكاميرات، ويعود المعزّون إلى بيوتهم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.