إنّ الدّهشة هي النّبع الّذي يستقي منه الأدباء والفلاسفة والعلماء معرفتهم العظيمة. وهي الّتي تقودهم إلى البحث والتّحليل واكتشاف ما حولهم، والتّعبير عن أنفسهم. ولكن هناك شكل آخر للمعرفة يرتقي بالإنسان إلى ما يفوق المستوى الطّبيعي، ويسمو به إلى ما هو أعظم من الوجود. إنّها دهشة الحبّ الإلهيّ، تلك الّتي تقودنا إلى الدّخول في سرّ الله الحبّ، وتجعلنا نتلمّس حقيقة وجودنا وهدفه، وتبلّغنا معرفة الحبّ الحقيقيّ. ومتى أدرك الإنسان سرّ الحبّ، بلغ الحقيقة وحوّل الأرض إلى سماء، وهيّأها للمكوث والثّبات في قلب الله. المسيح على الأرض، شخص الحبّ المتجلّي بأبهى صورة، لينقل الإنسان من الظّلمة إلى النّور، ويرفعه إلى مستوى الإله، إلى مستوى الحبّ. إنّه دعوة حبّ إلهيّة لكلّ إنسان، ليتصادق مع الله ويترافق معه، ويحيا حياة إلهيّة في عالم جلده الكبرياء حتّى كاد يهلكه، وأسره الجهل حتّى بات لا يميّز بين الله الحبّ والله الصّنم. وتلك هي الحياة الإلهيّة، وهي أن تمتلك كياناً فارغاً إلّا من الحبّ، فتحبّ بقلب إلهيّ، وتفكر بمنطق الإله. تحيا حبّاً وتموت حبّاً لتولد في وطن الحبّ والجمال. المسيح على الأرض لنرتفع إلى مستوى الحقّ والخير والجمال، ونتغنّى بإنسانيّتنا البهيّة الّتي على صورته كمثاله. ونتحرّر من كلّ قيد وعبوديّة وخضوع، ونحلّ أسر قلوبنا المنغمسة في الحقد والكراهية، ونتخطّى " الأنا " المظلمة والتّعيسة، ونتأمّل في عمق أعماقنا الطّفل الإلهيّ المولود قبل كلّ الدّهور. " من لا يحبّ لم يعرف الله، لأن الله محبة." ( 1 يوحنا 8:4). وبالتّالي، فالسّبيل إلى معرفة الله هو الحبّ، وبمعرفته تتحقّق الحرّيّة، وتتّضح الحقيقة، ويحلّ السّلام، وتكتمل الإنسانيّة. من أجل الحقيقة الإنسانيّة وسعادتها وارتقائها، ومن أجل أن تحيا الكرامة الإنسانيّة، ومن أجل أن يتوجّه العالم بأسره نحو قلب الله، المسيح على الأرض فارتفعوا.