رؤيا تشكيلية ومعمارية في التراث المعماري النوبي يقدمها كل من : المهندس المعماري والفنان التشكيلي / محمد فؤاد الشاذلي & والمهندس المعماري المتخصص في العمارة النوبية الحديثة / تامر حسن . " دلالات واقعية من التراث النوبي في النسيج المصري " كتب المهندس / محمد فؤاد الشاذلي وصف البيت النوبي : يحتوي المنزل النوبي على حجرات للتخزين والمطبخ والمعيشة فى الجانب الشرقى للمنزل , وبالجانب الجنوبى لمدخل المنزل توجد صالة شبه مغطاة تطل على فناء المنزل وتقع فى مهب الرياح الشمالية والحجرات المثيلة التى تتجه مداخلها نحو الغرب عبارة عن ساحة جلوس مظللة ومفتوحة وكانت تستخدم للنوم فى الصيف , وبالجهة الشمالية للمنزل كانت تقع مجموعة حجرات تتكون من الفناء وحجرة كبيرة مفتوحة تسمى الديوان ومخزن صغير ومطبخ ودورة مياه ويتم الوصول إليها من خلال مدخل خاص غير مرئى. كان للبيت النوبى القديم سور خارجى، به بوابة من الطوب اللبن، تعلوها باكية يغلقها باب خشبى، حيث تقودك تلك البوابة لفناء مكشوف، تحيط به غرف الدار من جميع الجهات، ولا يزال البيت النوبى رغم موجات التحديث يحتفظ بطرازه المميز، حيث يتم بناء الجدران الخارجية للبيت النوبى على قطعة مربعة أو مستطيلة من الأرض، تتسع لصحن داخلى تتوسطها مكونات الدار وهى، مدخل البيت، ويوجد به المندرة المخصصة لاستقبال الضيوف، ثم الفناء الذى يعرف فى النوبة باسم «الحوش السماوى»، وتحيط به غرف النوم التى يطلقون عليها «القباوى»، يجاورها فى أحد الأركان «المخزن» الذى يحتوى على كل احتياجات المنزل من غلال، ثم المطبخ الذى يعرف فى النوبة باسم «الديوكة»، ثم الحمام، وفى مواجهة بوابة المنزل فى الفناء ترى «المزيرة» الخاصة بوضع «أزيار» الماء، وتضم «المزيرة» النوبية 3 عيون يوضع بكل منها «زير» مخروطى الشكل. وللبيت النوبى باب رئيس خاص بدخول النساء والخروج منه، دون المرور بجوار المضيفة، يعرف هذا الباب عند عرب العليقات باسم «نقادة»، وعند الكنوز والفديجا، باسم «السر». ويتجسد عشق النوبى للألوان والزخارف فى تصميم بيته، حيث تزين جدران المنزل من الخارج بنقوش شبه غائرة، تجمع بين الأشكال الهندسية، وصور الكوكب والنجوم. كما يلجأ النوبى فى تزيين بيته لاستخدام أطباق خزفية ترشق فى الجدران، وتحمل غالباً اللون الأبيض أو الأزرق، وهما لونان يحملان دلالات تراثية لدى النوبى، لمنع السحر والحسد. توضح الصور المرفقه فن البناء عند النوبى الذى اعتمدفى البناء على الطوب اللبن واحيانا على الطوب النيلى المحروقوهذا ليساعده على بناء القباب والأقواس وهو ما توضحه الصور فى قباب ترتكز على اربع او على ثمان ركائز وهى ملساء من الخارج ومزخرفة من الداخل كذلك يوضح هنا فن البناء فى تقاطع القبو مع القبهالنصف دائرية فى حرفية بنائية رائعه تتخذ من الأقواس المستديرة التى تتمشى مع دورانات القباب البسيطة للمداخل الخارجية وترتكز على عامود مربع مبنى من الطوب واذا ماتم عمل فتحات على الجدران الخارجية فهى فتحات صغيرة وضيقه وذلك لحجب اشعة الشمس وتسمح للتهوية والأضاءة وحتى تحافظ على حرارة المنزل صيفا وشتاء . يلاحظ ان المنزل محاط من الخارج بأسوار مرتفعه لا تخلو من زخرف هندسى بالبارز والغائر والبيوت العادية للنوبيين تكون من طابق واحد وعلى ارض مسطحة ما لم نجد مثل هذه النماذج التى خالفت القاعده لوجود مستويات مختلفه من الأرض استطاع النوبى معالجتها بمهارة فى بناء نماذج من البيوت مختلفه فى التركيب ومحتفظه بالوظيفه. كما نلاحظ ان النوافذ تكون مرتفعه عن سطح الأرض للحفاظ على عدم جرح المنزل من الخارج . كما نلاحظ فى احدى الصور كيف ان النوبى فنان بالفطرة وانهاستخدم وحدة المثلث فى الزخرفة بمهارة ونفس الوحده تجده يقوم بتفريغها لعمل كوليسترا (شرباك)مفتوح لتمرير الهواء … ونجد فى هذه النماذج المتفرده اتجاه العمارة النوبية الى ما أطلق عليه نيو آرت New art الفن الجديد وهو اتجاه فطرى ظهر فى عدة مناطق من العالم حيث يقوم المعمارى بتلوين الواجهات بالوان متعدده وكأنه يزخرف الكتل بشكل منفرد مما يلفت النظر الى ان المبنى لوحة فنية فنلاحظ كيف يقسم القبو النصف برميلى بخطوط والوان متباينه وكذلك الأقواس بالنوافذ حتى يؤكد دورانها . المنزل النوبى هو منزل يندرج تحت مسمى العمارة العضوية فنجد بعض من النماذج متداخلة مع النيل ومعالجا اختلاف مستويات السطح بعمل درجات وسلم متغير فى اتجاهاته حسب الغرضللوصول الى المداخل والغرف وهى فكرة مستمده من المصاطب الفرعونية كذلك يمتزج المنزل بالأشجار من البيئة مثل شجر النبق والجميز والنخيل ونلاحظ ان ببعض المبانى مظلات من القماش هى اضافات حديثه لم تكن موجوده من قبل واذا ما نظرنا الى المبنى نجده يمتلىء بالزخرف والرسومات على الجدران التى يسجلها صاحبها مع مرور الوقت ليبرز شخصيته وثقافته وهى زخارف متغيره وكأنها معرض خاص للمفاهيم والمعتقدات للنوبى فى بعض النماذج فى الصور نجدان معالجة مستويات التربه ادت الى تعدد فى الطوابق للمنزل على غير العادة فاستخدم البناء ركائز واعمده ضخمة للحفاظ على المنزل من ولتوزيع القوى الناتج من ضغط التربة على الجدران ولذلك بدت بعض المنازل كأنها قلاع حصينة فى قوتها الأنشائية . محمد فؤاد الشاذلي مهندس معماري وفنان تشكيلي ( مشاركة في دلالات واقعية للتراث النوبي في النسيج المصري محاضرة للأديب والشاعر : / سيد جمعه .. في ندوة "جمعية ابهور الثقافية " 11/ 12/ 2015م ) وكتب المهندس المعماري النوبي / تامر حسن صاحب ورئيس مجلس إدارة شركة" الدار " متخصصون في المعمار النوبي .. تقع النوبة على ضفتي نهر النيل جنوبا من مصر، ابتداء من مدينة أسوان حتى أعالي النيل، أو قد تمتد إلى منابعه حسب تعريف العصور القديمة، حيث عجز المصريون القدامي عن تحديد بقعة معينة كحدود جانبية لها في ذلك الزمن المبكر. وقد تميزت الحضارة النوبية بعدة سمات أثرت فيها وشكلتها لتصبح موروثاً حضارياً هاماً أفرزته هذه البيئة الغنية بخيراتها، إلا أنها تعرضت للغرق بعد بناء خزان أسوان، ثم السد العالي، وتم تهجير الأهالي إلى مناطق جديدة مختلفة الشكل وبعيدة عن البيئة الأساسية التي اعتادها النوبيون، مما غير كثيراً من العادات والسمات التي تميزت بها النوبة القديمة، ومن أهم هذه السمات العمارة النوبية وما صاحبها من فنون برزت في التشكيل الهندسي أو النقوش والزخارف على الجدران، والتي قد يظن الناظر إليها من الخارج أنها مجرد أشكال فنية تضفي لمسة جمالية إلى هذا المنزل أو ذاك، ولكن المتعمق سيكتشف أن هذه الأشكال الهندسية والنقوش الزخرفية لها بعد روحاني، بالإضافة إلى كونها فناً جمالياً فقط. والمنزل النوبي بوجه عام له خاصية فى موقعه وبنائه، فأبواب المنازل دائماً ما تكون مواجهة لنهر النيل حتى يكون النهر هو أول ما يراه الخارج من المنزل، وفي ذلك تقديس وتقدير له. كما يلاحظ فى بناء المنزل النوبي مراعاة عامل المناخ بشكل دقيق، وقد ذكر ذلك الدكتور سامي عبد الفتاح فى بحثه عن العمارة النوبية "في الشتاء يكون الجو بارداً جداً مع هبوب الرياح الشمالية بصورة مطردة، ولذلك بنيت الأماكن الآهلة بالحياة بحيث تواجه الجنوب والغرب، كي تتلقى أقصى قدر ممكن من أشعة الشمس، ومن ناحية أخرى بسبب حرارة الصيف التي تأتي من ناحية الجنوب والغرب فإن جدران المناطق الآهلة بالحركة كانت مرتفعة، بحيث تتيح بقعة ظليلة بالجدار نفسه" ولذلك فإن المنزل النوبي لم يكن يبنى بشكل عشوائي، بل عن دراسة جيدة لطبيعة المكان واتجاهات الريح، بل قد نذهب إلى أبعد من ذلك عندما نعتقد أن النوبي القديم قد فطن بفطرته البدائية إلى تأثيرات البيئة المحيطة على الإنسان، كالطاقة السلبية التي تخرج من باطن الأرض وتحيط بالإنسان، أو الطاقة الإيجابية النقيضة لها، ولذلك نراه قد اختار جيداً مكان المنزل بل وفتحات الدخول والخروج، وصنع الباب الرئيسي متجهاً للشمال بينما الباب الآخر متجهاً للغرب، وقد سمي بالباب الغربي، وهو عادة يبنى بغير وسيلة لإغلاقة، أي أنه يظل مفتوحاً دائماً وبه استراحة وبجانبه الزير الذي يستقبل الهواء الغربي لتبريد المياه التي بداخله، فإذا مر عابر سبيل أو بعض الضيوف، ولم يكن صاحب المنزل موجوداً، فإنهم يدخلون المكان ويجلسون ويجدون الماء والظل حتى حضور صاحب البيت واستضافتهم كما ينبغي، وعندما نقوم بزيارة إحدى قرى النوبة القديمة، والتي نجت من الغرق، سنجدها متراصة بجانب بعضها البعض، مع وجود مساحات جيدة بين كل منزل وآخر وكلها متجهة للنهر فى تكوين ساحر يجذب حتى أساتذة المعمار، وقد ذكر عبقري العمارة المصرية المهندس حسن فتحي في كتابه (عمارة الفقراء) عندما بدأ رحلته فى القرى النوبية بزيارة لقرية غرب أسوان "إنها قرية من بلد الأحلام لعلها من قرى مدينة قديمة مخبوءة في قلب الصحراء الكبرى وقد احتفظ بها مهندسها المعماري طيلة القرون بلا تلوث من أي تأثيرات أجنبية، أو لعلها كانت من اطلنطس نفسها. لم يكن ثمة أثر لما يحدث عادة في القرية المصرية من حشد تعس للبيوت، وإنما كل بيت يتلو الآخر سامقاً مرتاحاً مسقوفاً سقفاً نظيفاً بقبو من الطوب، وكل منزل مزين على نحو فريد أنيق حول المدخل بأشكال المخرمات الطوبية Claustra وحليات بارزة من الطين . المهندس المعماري / تامر حسن صاحب ورئيس مجلس إدارة شركة " الدار " متخصصون في فن المعمار النوبي مشاركة في محاضرة الأديب والشاعر / يسد جمعة بعنوان " دلالات واقعية للتراث النوبي في النسيج المصر ي ، بجمعية " ابهور النوبية " 11/ 12 / 2015م