أكثر من 500 ألف سوري يتمتعون بحق الإقامة والعمل والتعليم المجاني منذ 2011م شهد التاريخ توافد المسلمين من جميع أنحاء العالم للعيش حول الأراضي المقدسة، فقد أتوا من بلاد القوقاز وشرق أوروبا وجنوب وشرق آسيا وإفريقيا، ومناطق أخرى قريبة وبعيدة ليستقروا في أمان الجزيرة العربية، وينخرطوا في المجتمع الذي شَكّل فيما بعد وحدة المملكة العربية السعودية في عهد الملك المؤسس عبد العزيز آل سعود، طيب الله ثراه. ومن هذا المنطلق عبر الكاتب السعودي محمد اليامي في مقاله في جريدة "الحياة" تحت عنوان "ما الذي يحدث في السعودية" عن فخره بجهود المملكة في ملف لجوء وإقامة المستضعفين في الأرض لديها، حيث استرجع طفولته في الطائف، وتذكر زميل له من اليمن الجنوبي (آنذاك) كان يخبره أن عائلته تتسلَّم راتباً شهرياً من الحكومة، وكيف احتوت المملكة أعراقاً وجنسيات مختلفة من جمهوريات الاتحاد السوفياتي السابق، فروا من الاضطهاد إلى السعودية وهناك أحياء كاملة تعرف في معظم مدن الحجاز بأنها «حارة البُخارية». وأشار لوجود الجيل الثالث من المقيمين الفلسطينيين، وربما الرابع من البُخاريين، وقد يكون الثالث من البرماويين، وكل فئة منهم لا تقل عن نصف مليون نسمة، حصلت نسبة كبيرة منهم على الجنسية السعودية، إما بنظام المنح المعمول به قديماً، أو بالنظام الحالي. وفي نهاية عام 2014م، بلغ عدد سكان المملكة 30.8 مليون نسمة، وفقاً للبيانات الصادرة عن إدارة المملكة الإحصاءات العامة والمعلومات (مصلحة الإحصاءات العامة)، منهم 20.7 مليون مواطن سعودي، ما يجعل 33% من سكان المملكة من المقيمين الأجانب. فمنذ ظهور الإسلام توافد الملايين إلى المملكة من شتى بقاع الأرض ومن جميع الجنسيات والأعراق والمذاهب والطوائف الإسلامية ، مما أثرى المجتمع السعودي بشكل عام ورسخ لديه الشعور بالمسؤولية والتضامن نحو المستضعفين في العالم. وقدرت الإحصائيات الحكومية عام 2009م، أن المقيمين السوريين في المملكة فاق عددهم 400 ألف سوري، وحين تفجرت الأزمة السورية عام 2011م، دخل إلى المملكة العربية السعودية ما تم تقديره ب750 ألف مواطن سوري وقد منحت السلطات السعودية لهؤلاء السوريين حق الإقامة والعمل، ووفرت لهم الخدمات التعليمية والصحية بالمجان. وحسب تقرير لقناة العربية، دخل المملكة 300 ألف سوري بتأشيرات مؤقتة ولم يغادروها، ويوجد 100 ألف طالب سوري يدرسون مجاناً في مختلف مناطق المملكة. كما منحت السلطات السعودية السوريين تسهيلات في الإقامة والعمل والتعليم، ولهذا السبب يتم تسجيل أرقامهم دولياً تحت فئة وافدين وليس لاجئين لأن السلطات المحلية لم تضعهم في مخيمات لتسجيل اللاجئين وقامت بمنحهم حق الإقامة والعمل كبقية المقيمين في المملكة، واليوم، هناك ما يقدر بأكثر من مليون سوري يعيش في السعودية، منهم المقيم ومنهم من دخل السعودية بتأشيرة مؤقتة ولم يغادرها. وفي مقال له في جريدة الشرق الأوسط تحت عنوان "الخليج ولاجئو سوريا"، لفت الكاتب السعودي عبدالرحمن الراشد إلى أن الحكومة السعودية قد أقرت استثناء السوريين، واعتبارهم الجنسية الوحيدة غير المطالبة بتجديد تأشيراتها ولا ملزمة بعقد عمل للبقاء داخل البلاد، والآن أصبحت الجالية السورية تمثل الجالية الثالثة الأكبر في المملكة بعد المصرية واليمنية. كذلك تم توفير وظائف وفرص عملية للمقيمين السوريين إلى جانب الرعاية الصحية، وتحت عنوان "لم شمل الأسرة" سمحت السلطات السعودية للمقيم السوري باستقدام أفراد أسرته والعيش معه في السعودية والاستفادة من رعاية اجتماعية أساسية. وقد أشار الكاتب السعودي داود الشريان في مقاله المعنون ب "رسالة إلى روبرت فيسك" بجريدة "الحياة"، إلى أن خلال تدفق الفارين من الأوضاع في اليمن جرى استقبال السوريين الراغبين الدخول إلى السعودية وتم منحهم إقامة نظامية وصدر أمر ملكي بقبول 100 ألف طالب من أبناء اللاجئين السوريين في الجامعات السعودية، إضافة إلى أن السعودية اكبر داعم لمخيمات اللاجئين السوريين في لبنانوالأردن. و في هذا السياق، ثمنت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين جهود المملكة تجاه اللاجئين السوريين في مخيم الزعتري، وما تقدمه لهم الحملة من مساعدات غذائية يتم توزيعها من منظمة الغذاء العالمية ومنظمة حماية الطفل. ووجه منسق مخيم الزعتري لدى المفوضية السامية لشؤون اللاجئين هوفيك اتميزيان خطاب شكر إلى الحملة يوم الثلثاء الماضي، ثمن فيه «ما تقوم به الحملة الوطنية السعودية لنصرة السوريين من جهود إغاثية وإنسانية للاجئين السوريين في مخيم الزعتري، التي كان لها الأثر الطيب في تحسين أوضاعهم المعيشية، وتخفيف معاناتهم، وتلبية حاجاتهم الضرورية، في ظل ما يواجهونه من ظروف حياتية في غاية الصعوبة، تستدعي بالضرورة تقديم المساعدات العاجلة لهم، خصوصاً الأطفال والنساء وكبار السن». كما أوضح الكاتب مشاري الذايدي، بجريدة "الشرق الأوسط"، أن من يتهم السعودية بالتقاعس إزاء اللاجئين السوريين فهو إما يكتب ذلك من جهل أو من حقد، مشيراً إلى أن التخاذل الغربي في قضية الأسد هو السبب الرئيسي في معاناة السوريين، وتساءل قائلاً: "من الطرف المتخاذل من بداية الأزمة عن غوث السوريين بشطب نظام الأسد، كما فعلوا مع نظام القذافي؟ أليس إعاقة الغرب للحزم بسوريا؟". وفي مقال بارز آخر، تحدث الكاتب طارق الحميد، بجريدة "الشرق الأوسط" عن دور السعودية المساند للاجئين السوريين، موضحاً أن "نسبة كبيرة من الأموال التي تنفقها المنظمات الدولية، وتلك التي تتلقاها الحكومات المضيفة وتنفقها على اللاجئين مثل لبنانوالأردن تأتي من دول الخليج". وأضاف أن "الإهمال من قبل المجتمع الدولي المتقاعس في التصدي لجرائم نظام بشار الأسد، وهو ما أوصلنا لأزمة اللاجئين المأساوية". في حين أبدى الكاتب السعودي جام غضبه وأضاف "عيب على المثقف العربي أن يوجه سهام النقد بغرق الطفل السوري لغير الأسد، ومن يقف خلفه. نقولها ويغضب من يغضب، لأنها شهادة للتاريخ، وإدانة لمن يستحق الإدانة، وليس الخليج، وأهله". وفي سياق متصل، أكدت حملة "السكينة الحكومية"، في تحليل أصدرته، أن موقف السعودية مع الشعوب المنكوبة مُشرّف على مر التاريخ. وأشارت إلى أن السعودية تعاملت مع ملف الشعب السوري بإنسانية، وقدّمت مصلحة الأسرة السورية على جميع الاعتبارات المنصوص عليها في قوائم حقوق اللاجئين والمهاجرين والمغتربين، فما تضج به دول أوروبا وبعض الدول الأخرى من مناقشات وجدل برلماني وإعلامي وحقوقي حول اللاجئين السوريين هي مرحلة تجاوزتها السعودية منذ بداية الأزمة السورية، بتوفير ظروف مناسبة للسوريين المقيمين وأسرهم تحفظ كرامتهم وتؤسس لاستقرارهم. من الجدير بالذكر، أن "الحملة الوطنية لنصرة الشعب السوري"، والتي انطلقت عام 2012م، بتوجيهات من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود-طيب الله ثراه-، لإغاثة اللاجئين السوريين في الأردنولبنان وتركيا، قد قدمت الرعاية الصحية والاجتماعية والتعليمية للاجئين السوريين في تلك المناطق دون توقف، ويشرف عليها ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- بنفسه.