أثناء تواجي في معرض الكتاب،دعتني فتاة رقيقة لزيارة الجناح الذي تعرض فيه لوحاتها فلبيت الدعوة الكريمة. وفي طريقي كنت أحضر كلمات المجاملة التي سأقولها أثناء الدقائق القليلة التي سأمكثها قبل مغادرة المعرض بعد يوم طويل شاق حافل بالندوات والمناقشات . وما أن وصلت الي الجناح وعلي المدخل ألقيت نظرة عامة علي اللوحات وسألتها: أين لوحاتك؟ فأجابت : هذه.! فكررت سؤالي هل كل ما أراه الأن أنتِ رسميه ؟ فردت علي استحياء… نعم . فتعجبت وأعتقد أنها لاحظت ذلك ، وبما أنني أهوي الفن التشكيلي وتحليل اللوحات ونقدها فقد وقفت أمام كل لوحة في قراءة متأنية مطولة فالفنانة أتقنت بحرفية تجسيد الرمز في خطوط إنسيابية تكاد اللوحات تنطق به . شدتني لوحة الفلاحة التي تغزل، ورأيت فيها مستقبل مصر وملامح معاناة ترتسم علي وجهها تحيلنا إلي سنوات عجاف مرت بها، ثم استوقفتني لوحة تمثل الشعب المصري الكادح. وأثناء قراءتي كان هناك من يستمعون فسألتني متفرجة: لماذا هناك رجل يشق جلبابه في صدر الصورة وليست سيدة؟ فرددت قائلة: عندما يفعلها الرجل نكون وصلنا الي ذروة المعاناة، والشقاء، وقلة الحيلة. ومرورا بلوحة العائلة وكل مشاكل الأسرة الصعيدية ، كانت لوحة الأحصنة والتي رمزت الي الانطلاق والاحتواء أيضا في لمحات كثيرة منها ، الي أن وصلنا الي اللوحة التي وقفت أمامها كثيرا دون أن أتفوه بكلمة، وعندما انتهيت وجدت أن الدموع تغسل وجهي دون أن أدري. فقد اجتاحتني بكل مافيها من مشاعر وكأنني اسمعها تحكي قصة معاناتها وقد أسميتها ( ألم ) . كانت المرة الأولي التي أري فيها الفنانة التشكيلية لكن كان الوداع وكأنني أعرفها منذ سنوات فقد عرفتها من فرشاتها وألوانها وشعرت بكل مكنوناتها، وتآلفت مع الروح التي خلف اللوحات . شكرا للفنانة الرائعة ( هبة أحمد ) فكنت أحتاح أن أكون داخل عالمك وفنك الذي أذهلني حقا .. كم أنت عظيمة يامصر بأبنائك الذين يحتاجون منا نظرة ورعاية واحتضان مواهبهم الشابة المدفونة ،والتي تستحق أن تصل للعالمية . الصور بعدسة الكاتب الصحفي الفنان العراقي حسام كصاي