كنا كلما تخاصمنا، خسر كل منا بعض الوزن .. فتحول خصامنا لرجيم طبيعى بغير جهد، تدركه العيون .. فنسبح في التألق الوهمى الذى تعززه رشاقتنا، ويبالغ كل منا في شراء ملابس جديدة تظهره في أحسن مظهر، وتخفى بؤسه الحقيقى المتمثل في غياب الآخر عنه .. أقف أمام المرأة في ذلك المحل الذى اكتشفه هو؛ هو محل يبيع الأحذية الإيطالية، عرفه لأنه يقع في الدور الأول من العمارة التي يحتل الدور الثانى منها دار نشر شهيرة كنا نقصدها كثيرًا بحثًا عن كتاب لم نجده في المكتبات الأخرى .. ارتدى فردة من كل حذاء كما أوصانى البائع لأفاضل بينهما؛ حذاء منهما ذو كعب مرتفع، والآخر منخفض، أتجول في المحل متقمصة دور (أنتونى كوين) في أحدب نوتردام، بغير حدب، وقد اكتفيت بالمشية العرجاء فقط حتى أصل إلى مرآة المحل، وأقف أمامها، وأسرح فيه هو، وليس في شيء آخر، حتى ينبهنى البائع، ويذكرنى بسبب وقوفى أمام المرآة .. أنتشل نفسى بصعوبة منه، وأنظر إلى المرآة بهدف الاختيار الحقيقى هذه المرة، ولكنى أراه مازال يبحلق في .. أهز رأسى لأبعده عن تفكيرى فلا يتمثل أمامى، ولكنه مازال ينظر إلى .. تهش البائعة إليه لتسلم عليه، دائمًا ماكان يمنحها بقشيشًا سخيًا عندما نقرر الشراء، وكانت تهتم به أكثر منى، برغم من أننى الزبونة .. اتسائل : ماهذا ..؟ هو موجود بالفعل ..؟ أنظر إليه بكل حنان الدنيا، عيناه تركعان طلبًا للمغفرة .. لا ينسى أن يمنح البائعة البقشيش قبل أن نغادر، برغم أننا لم نشتر شيئًا .. من وسط دموعى جاء تعنيفى له عن الجاكت الجديد، ومن اشتراه معه ..؟ فجاءت إجابته بأنه هديتى له فى عيد ميلاده الماضى، ولم يرتده إلا اليوم .. هدأت تمامًا، وبدأت الجولة الثانية في تأنيبه على معاملته للبائعة .. ( من قصتى: الحب تفاصيل صغيرة ).