من المهم إعادة بناء الخطاب الأدبى العالمى،وإن كانت الحالة المجتمعية الدولية الراهنة قد حملت معها شذرات متناثرة من هذا الخطاب ،فى مرحلة تاريخية إنتقالية نحو عقد أدبى عالمى جديد، يتجاوز التصوير الحرفى الكلاسيكى،ويجرى وراء الرمز والغموض،فنضع للقصةالشاعرة موضوع مؤتمرنا المبجل،أطرا" منها على سبيل المثال لاالحصر(أطرالتجريب والبحث) * الالتزام بتفعيلة،وتدوير شعرى، قصصى موضوعى فى دفقة شعورية متمايزة تجابهك منذ بدايةالنص بل وإختيار العنونة الموحية والمتضمنة فى غير مكاشفة ، ووسطه فى ماتضيفه من جدة وإستحداث للمرادفات فى ضوء رقمنة العصر، ونهايته ، والتى غالبا ماتنحو نحوا" مخالفا للنهايات المحددة المؤطرة * إضافة إلى إستخدام هذا اللون القصصى المغاير للقصة \القصيرة والق.ج.ج والومضة ، فى التعبير والمفردات والشطرات ، لما اصطلح على تسميته بالفضاء البصرى واللونى ، والذى لن يحصره المبدع اليوم فى مفهوم العنونة الضيق كقصة أبيض وأحمر من المتوالية القصصية ^^ شذى المحبة ^^ لكاتبة المقال ، ولكن من خلال عنايته بسرد ذلك الإختصاص اللونى متواترا فى المفردة ، والحدث، والصيرورة ، وأدل تعبير على ذلك معزوفة *أشرقت* لمبتكر القصة الشاعرة ورائدها الأديب / محمد الشحات محمد رئيس جمعية النسر الأدبية ،فيشير النص " فتحت طفولتها على عين تواريها براويز الأشعة فى جنوب اليتم "… ليرتبط لون الاشراق المنيربمفردة أعين الطفولة المتفتحة توًّا، ثم الحدث فى سرد أدبى إنسانى بلون الصيرورة للكون المشرق ، المضاد للآخرالكاتم المقبض المتواتر و حالة اليتم لبطلة العمل الإبداعي، ثم ننتقل للاعتبارات الشكلية للقصة الشاعرة بمعيارها الدولى لنجدها خارج أطر التعبيرات الإنشائية والجمل المباشرة، والنهايات المحتومة ، فالجدة هنا فى التكثيف والرمز والأقنعة ، مع عدم استخدام حروف العطف والاستدراك إالقليل الممكن،وللإستدلال النصى ،فلن أقول كقاصة "حين يلتقيان يذوبان فى اللحظة ، يتلاشى عداهما كل مافى الكون"ويكفى أن أقول هما يلتقيان واللحظة ،تكثيفا"ورمزا" مقنعة دون مباشرة ،وفى مقابلة والنص العالمى نجد نصوص زهور الأزاليا كتاب للكورى الجنوبى كيم سو وول ،فى مقطوعته ،والتى تعكس تيارا تجريبيا دوليا" جديدا" فى القصة الشاعرة ، وعنوانها فوق الجبل * وفيما تنحرف الأغنيات من قارب خامل فى (البعد)البعيد هناك فى المرسى ، عبر الرمال البيضاء …. يميل النهار للعتمة ، ويحل ضباب (التكثيف) المكثف وتتناثر الأمواج مثل الزهور فى (العهد) البعيد…. *لنجد التفرق الصوتى المغاير بين الجمل علوا وانخفاضا ، والتى تركت لالتقاط الأنفاس ومشاركة المتلقى،لذا نواجه بتحد أخر معاصر لمبدع القصة الشاعرة ألا وهو ضرورة أن يلم بأساسيات الفنون السمعية والبصرية الحديثة من فنون التشكيل، والتجهيز فى الفراغ والفيديو آرت إضافة الى معارفه التقليدية فى الشعر والقصة على إختلاف صنوفها من مقامة إلى قصة قصيرة كلاسيكية مرورا بال ق .ج.ج والقصة الومضة، وهو مايعتبره البعض عبأ مضافا وسببا للهروب من التخصص الأدبى فى كتابتها ، ونعتبره نحن كنقاد سببا رئيسا فى صياغتها فنا كتابيا سيبريا مختلفا عما سبقه ، ومؤشرنا هنا هو النصوص التي نشرتْ حتى الآن والمتزايد ، والقادمة حثيثا ، والتى بدأت تحكم عملية التنظير والتقعيد ، وستحكم أكثر بمعايير مستحدثة ، ويستدعى ذلك فى خطوة لاحقة تكوين كادر نقدي متخصص من العاملين والعاملات على تحليل وتضمين ذلك الجنس الأدبى المبتكر رابطا بين القصة والشعر ، ومحددا لنصاب كل منهما فى التجربة الابداعية دون إجحاف أو تسلط نوع أدبى على أخر خطوة على طريق استحداث نظرية نقدية فى إتجاهين للتحليل الأدبى : – رأسى لمواكبة التجربة العربية ، واكتمال مناحيها فى ظل متغيرات مجتمعية آنية ومتسارعة، – وآخر أفقى يتسع ليشملها فى عالميتها من ناحية إثارة كافة الموضوعات وإن صغرت، وإنطلاقا من حرص مؤتمرنا الراهن القصة الشاعرة وقضايا التجديد ، وبعد عرضنا لأطر التجريب والبحث ، يلاحقنا تساؤل منطقي: "ما المخرجات المجتمعية العائدة من ابتكارها وإبداعها جنسا أدبيا مستحدثا ؟" ويكفى للرد الشروع فى عمل ببلوجرافى لمجموعات الشبكة العنكبوتية المتواترة على إبداعها وبغزارة ، إضافة الى دورها السيكولوجى غير المقحم فى الازاحة بمفهومها النفسى للتخفيف من وطأة الضغوط الاجتماعية المسببة لإغراق أفراد المجتمع بما لايحمد عقباه من الاضطرابات النفسية، وللاستدلال النصى ولإبراز المعنى نسرد النص الآتى للكاتبة / نوران فؤاد *ثلج ونار…. طعم الثلج ، طعم النار ، نكهة عالقة بالذهن ،زمهرير البرد ، واتقاد النار ، ترجمة لطراوة المحبة ، وولع الغيرة أو الهجران . هنا نجد اللامباشرة النفسية فى متتاليات النص ، الحالة النفسية ألم و برودة الوحدة سمة العصر،مصاحبة للغربة والاغتراب ، ونار لوعة الفراق ، ومابين مقابلة الزمهرير ، واتقاد النار ، دقة مشاعر المحبة وحساسيتها ، وتسلط الهجران ، فالسرد ، والمعنى ، والمفردات مقسمة مابين زيادة ونقصان ، تزيد أو تنقص مغردة بمقاطع صوتية ، ونغمات محسومة ومحسوسة ، غير مرئية ، علوا وانخفاضا، وكأنها تحل محل الجمل والكلمات ، فهى "تبيان" لما ذكرناه سالفا عن مفهوم النص والازاحة النفسية ، والتقاط الأنفاس ومشاركة المتلقى فى خبرات الكاتب الإنسانية والأدبية البعد ، وحداثية مخالفا فى ذلك للخطاب الأدبى الكلاسيكى الآحادى الاتجاه الموجه لصفوة الأدباء والنقاد، فى اغتراب مقصود فى بعض الأحيان ، وعشوائيا فى الأخرى ، ويتصل بذلك اتصالا مباشرا تلك الموتيفات ذات الطبيعة التكنولوجية فى نصوص القصة الشاعرة مابعد الحداثية ونص السقوط نحو الأعلى* "ظهرت من خلف الأسوار تعربد فى المحمول ، اهتزت شفرات تعلن عن نغمات بريدى الوارد .. " ، دخلت بين جزيئات السنّارة ، غمزت بطن الشاطىء ، صارت طعما فى الحجر المغلوط وذابت "… وانطلاقة النص لمحاكاة الصيد الحياتى للانسان بصيد البحر إلى مدلول السقوط نحو الأعلى ، ليحتار كلّ من القارىء والناقد على حد السواء، مالمقصود بالأعلى : السماء الانسانية الملبدة بالسحب والغيوم أم ذلك المستقبلى الكامن الأمر القادم دون مقدمات و بلا هوادة؟ أما القصة الشاعرة "منطق الإيمان" ، فهي تتسم بالصوفية ، والحفاظ الهوية بمنطقٍ غير مألوف وبمساحة شاسعة للرؤى والقراءات ، وهل لنا غير "غير منطق الإيمان"؟ وقد تنوعت تفعيلات النصوص الثلاثة السابقة (أشرقت ، السقوط نحو الأعلى ، منطق الإيمان) بين البحر الكامل والمتدارك والوافر ، ولم تختل روح الشعر بالبناء القصصي ، وبالفضاءات الجديدة والأبعاد المستحدثة والتدويرات من نص لآخر ..ماهذا التوازن الدافع لإعادة بناء الخطاب الأدبي عالميًّا؟ يتصل البناء القصصى للقصة الشاعرة بمرادفات أكثر جدية وتجديدا من الفنون الكتابية الأخرى ،باعتبارها جنس أدبى مستقل بذاته ،وبقياس منطقى أرسطى محتوم ألا وهو : أن كل قصة شاعرة هى شعرية بالطبع وليس العكس ، بعيدا عن الخلط الأدبى المتداول ،فنجد لكل لفظ وتركيب مهمة أساسية ودورًا ملموسا فى الإبداع إقليميا ودوليا مما يسلمنا لما نخلص منه لإشارات فى دراستنا الراهنة ، أولا : وجوب مصاحبة الإبداعات المتوالية فى القصة الشاعرة بموجات نقدية متوازية وقدر تلك الإبداعات كمًّا معدودا وكيفا مصقولا" بتجارب الرموز والتواقين والتواقات لكل جديد هاضم لمعايير التفرد صنو التجريب، والكتابة الابداعية فى فضاء تجريدى لونى ، وباعتبارات شكلية خارج أطر التعبيرات الإنشائية والجمل المباشرة ، المتسربلة فى ثوب التكثيف والرمز والأقنعة،متلمسا للفنون السمعية البصرية فى فضاء سيبرى متصل بمخرجات إجتماعية محيطة،ودون خلط أدبى لصنوف أدبية سابقة النشأة، إضافة إلى تضافر الجهود الثقافية فى قراءة سريعة لإدماج هذا الفن الكتابي فى الخرائط الثقافية على المستويين الإقليمى والدولى.