قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " القضاة ثلاثة : قاضيان فى النار ، وقاض فى الجنة . قاض عَملَ بالحق فى قضائه فهو فى الجنة . وقاض علمَ الحق فجارَ مُتعدياً فهو فى النار . وقاض قضىَ بغير علم وإستحيا أن يقول لا أعلمْ فذلك فى النار " صدق رسول الله . إن القضاء هو فى الأصل رسالة ، غايته القسط بمعنى العدالة ، وأول من تولى القضاء هم الرسل والأنبياء ، مصداقاً لقوله تعالى : " لقد أرسلنا رسلنا . . . . . . . . . . . . وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط " صدق الله العظيم . . . ولابد لعضو الهيئة القضائية ، أن يتصف بالموضوعية ، ولكى يتصف بها ، يتعينُ أن تتوافر لديه ثلاث مقتضيات هى : الغيرية والتجرد والحيدة . وغيرية القاضى ، تعنى أن يكون غيراً بالنسبة للخصوم ، وأعوانهم من المحامين ، وأعوان القضاء . . وتجرد القاضى ، يعنى أن يتجرد القاضى عن ذاته ونزعاته الشخصية ، حال مباشرة القضاء ، ولصعوبة تجرد القاضى ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من تولى القضاء فقد ذبح بغير سكين " . . وقال أيضاً : " من طلب القضاء وإستعان عليه فقد وكل إليه ، ومن لم يطلبه ولا إستعان عليه ، أنزل الله ملكاً يسدده " صدق رسول الله . . . أما حياد القاضى ، فيعنى عدم تحيزه ، إما سهواً أو عمداً ( الجور أو الظلم ) . والقضاء . . يواجه فى عمومه أزمة طاحنة ، تكاد تعصف بقدسيته وهيبته ، حين تنزلق أقدام القضاة إلى حيث مستنقع السياسة ، وعالمها القذر ، الذى لا يليق بهم ، أن ينتسبوا إليه من قريب أو بعيد . . فالسياسة لها ألاعيبها الخاصة بها ، ولها حيلها وخدعها ، التى تبتعد كل البعد عن قدسية القضاء ، وهيبته وأخلاقياته ومبادئه . . فالقاضى لا يحق له أبداً ، أن ينحاز إلى طرف دون آخر ، والسياسة كلها ميل وتحيز وإنحياز ، ولا يليق بالقضاة أن يقترفوها ، ولا أن يدنسوا محرابهم بآثامها وخطاياها . و إلى القضاة بصفة عامة أقول : حافظوا على قدسية القضاء وهيبته ومكانته بين الناس جميعاً . كونوا أغياراً . . متجردين ومحايدين . إبتعدوا عن دروب السياسة القذرة ودهاليزها الملتوية . . و احرصوا على ألا تنزلق أقدامكم فى مستنقعاتها . أنتم الحصن الحصين ، لنا جميعاً ، من الظلم والقهر والاستبداد . أنتم خلفاء الرسل والأنبياء ، فى إقامة العدل بين الناس . و لسنا نراكم . . إلا أهلاً لكل ذلك . . يا حملة مشاعل الحق والعدل . . فى كافة ربوع الأرض . اللهم قد بلغت . . اللهم فاشهد . .