صرح محمدمحمد عبدالمجيدهندى رئيس الاتحاد المصرى للعمال والفلاحين: مخاوف كثيرة تنتابني كلما تأملت مشهد الساحة السياسية وما تقذف به من تحليلات وتصريحات تؤثر تأثيرا سلبيا على الرأي العام المصري، هناك تناقضات بين ما تدلي به الحكومة على ألسنة وزرائها فيما يخص الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية للمصريين وبين الواقع المعاش، وهناك تخبط مأساوي في تحليلات الإعلاميين والكتاب سواء في الصحف أو على شاشات الفضائيات، هناك تخبط وكذب فاضحان يلقيان بظلال قاتمة على رؤية المصريين لحاضرهم ومستقبلهم، والجميع يشارك في استفحال الأمر وتفاقمه لنراجع تصرحات الوزراء خاصة وزراء التموين والتعليم والتعليم العالي والصحة والاستثمار والتنمية المحلية كلها تقريبا منفصلة عن الواقع، يخاطب الواحد منهم الشعب كأنه قادم من واد آخر غير وادينا، كأنه يتابع مجتمعا آخر غير مجتمعنا، يتحدث وزير التموين عن الأسعار والتسعير الاسترشادية والرقابة كاشفا عن غيبوبة تامة بما يجري، ووزير التعليم يتحدث عن مدارس ومنظومة تعليمية في بلد آخر، وهكذا بقية الوزراء. ويتحدث المحللون الأفاضل على شاشات الفضائيات والصحف مشوهين ومغالطين وقالبين للتفاصيل والحقائق، يتحدثون كأنهم بالفعل ينزلون إلى الشارع ويتجولون في أرجاء المجتمع، وهم، الله أعلم آخر مرة احتكوا فيها بالرأي العام، وبنفس الطريقة يتحدثون عن السلطة وأجهزتها كأنهم مثلا يبيتون عندعبد الفتاح السيسي أو ابراهيم محلب أو داخل مطابخ هذه الأجهزة السيادية أو تلك، الكل يتحدث كأنه عالم ببواطن الأمور، وبالنهاية يفاجأ الناس بأنهم لم يسمعوا إلا الأضاليل والأوهام. إن التخبط يضرب هرم السلطة ويمتد أثر ذلك إلى القاعدة، وهو ما يتجلى واضحا في حركة المجتمع كله، ومما يؤسف له أن لا أحد يعقل أو ينتبه أن ذلك خطر داهم قد يفشل كل الخطوات الحاضرة والمستقبلية، فالشعب المصري بدأ منذ فترة يشم روائح كريهة قادمة من أعلى قمة هرم السلطة، بعد رفع الدعم عن محدودى الدخل ويحاول أن يضع لها تفسيراته الخاصة وفقا للمؤشرات التي تتساقط عليه من على أو تتسرب إليه من هذا المسئول أو ذ لك. يرى البعض أن هناك صراعا بين فريقين متحاربين داخل السلطة ومختلف أجهزتها، وهو الأمر الذي يتكشف في الفوضى التي تجتاح مجمل المصالح والهيئات والمؤسسات خاصة الجماهيرية، وتعطل مسار العمل وتعمق آليات الفساد، وتدفع بالكثير من قيادات ورموز النظامين السابقين إلى العبث بالمشهد الاجتماعي والسياسي أيضا، فضلا عن تحول الأرصفة والشوارع والميادين إما لمحلات أو أكوام قمامة. هذا الصراع أيضا يستغله البعض في التوغل في النفوذ إلى هرم السلطة بحثا عن أدوار ومصالح يتمركزون فيها في حال فوز هذا الفريق أو ذلك بمقاليد السلطة، أو حفاظا وحماية لما استحوذوا عليه من مال أو حصلوا عليه من منصب، فتراهم يلعبون على كل الحبال ويلونون كل ما من شأنه أن يدعم مسيرتهم باللون المناسب لكل مقام ومقال. الفريقان المتحاربان كنا ألمحنا إليهما في مقال سابق، أعضاؤهما بعضهم داخل السلطة وشركاء الآن في المسئولية وبعضهم خارج السلطة لكن لديهم قواعد تدعمهم داخلها، الفريق الأول يريد دولة جديدة لا فساد ولا تطرف ولا إرهاب فيها، دولة ترعى مواطنيها وتهتم بشأنهم وتحقق لهم ما يطمحون إليه من عدالة وحرية واستقرار، وهو الفريق الذي يتم التآمر ضده من قبل جبهات داخلية وخارجية، والفريق الثاني يريد أن يحمي مكتسباته وما تحصل عليه من مال ونفوذ ومناصب، يريد دولة لا هي دولة مبارك ولا هي دولة مرسي ولا هي دولة الفريق الأول، هي دولة "كوكتيل" لا يحرم نظام مبارك الفاسد المنحط من مواصلة فساده المنحط فيها، ولا يحرم فيها الإخوان والسلفيين الإرهابيين من مواصلة دورهم في تطرف وتشدد وتمزيق المجتمع إلى فرق متناحرة، ولا يحرم فيها من يريد العمل بشرف ولكن دون أن يشكو أو يغضب أو يتمرد. هكذا إذن يبدو الأمر، وللأسف سيقود لتصاعد الاضطرابات في البلاد ويوسع هوة الخلاف المجتمعي وتدهور الأوضاع الاقتصادية والأمنية والاجتماعية، وذلك ما لم يتنبه من هم على رأس هرم السلطة إلى الأمر واتفقوا على إعلاء حاضر ومستقبل مصر على أي شهوة أو رغبة أو هوى أو طمع ؟ واتفقوا على واحد منهم يتمتع ببصر وبصيرة تؤهلانه للقيادة قيادة مصر في هذه المرحلة الدقيقة والخطرة في عمرها، وتكتلوا حوله ودعموه وساندوه مخلصين لأجل مصر الحاضر والمستقبل. لا ينبغي أن ندفن رءوسنا في الرمال ونتجاهل أمرا تتجلى آثاره واضحة في كل مكان على امتداد الوطن، ويلمحه العامة والخاصة حيث يخرج بين الحين والآخر للعلن على توجهات بعض البرامج الحوارية أو التوك شو بالقنوات الفضائية الخاصة المملوكة لبعض رجال الأعمال رجال مبارك. إن مخاطر الصراع على السلطة تتسع وعليكم أيها السادة المتصارعون أن تدركوا أن خطر هذا الصراع قد يطيح بكم جميعا فافيقوا واتفقوا يرحمكم الله مصر فوق الجميع