p style=\"text-align: justify;\"اجتمع المسلماني مستشار الرئيس الإعلامي مع 15 من خريجي هارفارد، وفي بيانه الصحفي قال ((إن هذا الاجتماع له هدفان: الأول: الاستماع لوجهات نظرهم بشأن الاقتصاد والسياسة، والآخر: تكوين خريطة واضحة لدى صانع القرار بالقوى الحقيقية للمثقفين والخبراء والباحثين الذين تلقوا تعليما عالميا رفيعا لأنه ينبغي أن يجر التجنيد للمناصب السياسية والطبقة السياسية والادارية العليا للبلاد من ذوي الكفاءات النادرة لذلك جاء اللقاء بخريجي جامعة هارفارد))، والذي كان على رأس هؤلاء ال 15 باسل بيه الباز [باسل أسامة الباز] على حد وصف المسلماني نفسه! وقد تحدث المسلماني عن ضرورة أن يتم التوطئة والتهيئة لمن يمتلك الكفاءة والاخلاص! ولا نعرف لماذا تم اختيار ال 15 هؤلاء دون غيرهم، ولا نعرف تخصصاتهم وسيرهم الذاتية، وإنما واضح أنه يتم التهيئة ل (تجنيد هؤلاء ال 15 ليكونوا نخبة بديلة يتولون مناصب سياسية وإدارية رفيعة) على حد وصف المسلماني نفسه، وقد استمعت لحوالي الساعة كاملة لأحد ال 15 – [ياسر الشريف] - في حوار تليفزيوني، دون أن أجد لديه حلولا عبقرية أكثر من ضرورة التخلص من الدعم، والتوجه لصناعات غير كثيفة الطاقة، وايصال الدعم لمستحقيه، بل تابعت كل ما نشر عن هذا اللقاء فلم أجد سوى كلام لا يبدو لي مختلفا كثيرا عما يُطرح في الساحة الإعلامية للاستهلاك المحلي، وانته الأمر بتأسيس منتدى لخريجي جامعة هارفارد! وتشاء الأقدار أنه في التوقيت نفسه وأنا أُعد لهذا المقال يأتي خبر فوز 4 معلمين مصريين بمراكز متقدمة في المنتدي العالمي للتعليم والمنعقد في برشلونة بإسبانيا من 11 إلى 14 مارس 2014م من قبل مايكروسوفت، والشركة تبحث عن أفضل 250 مشروعا تُقدم على مستوى العالم، وهذه المشروعات تُبرِز الإبداع والحلول المبتكرة التي تدمج التكنولوجيا في عمليتي التعليم والتعلم، وهؤلاء الفائزين ليسوا من خريجي هارفارد، وإنما من جامعات مصرية عادية – مجانية التعليم -، ولا توجد أية مظهر للاهتمام بهم أو اظهارهم للرأي العام رغم اعتراف العالم أجمع بإنجازهم؛ فترى هل يمكن أن يتم ضمهم لهذا المنتدى والاستفادة من خبراتهم، أم أن المنتدى قد انتهت عضويته واغلقت على ال 15. لا أنكر أبدا ضرورة الاستفادة من الخبرات المصرية المهاجرة، وصاحبة التعليم الدولي، لكن أن يتم تشبيه وضع مصر الآن بما كانت عليه في عهد محمد علي والتحدث عن دور البعثات الأجنبية في القرن الواحد والعشرين الذي يمكن فيه الحصول على أي كورس وأية معلومة من أي مكان في العالم بضغطة ماوس، لا يبدو لي هذا الكلام مقنعا، لقد كنت أخال أن النخبة البديلة المطلوب إيجادها هي تلك الموجودة في داخل مصر، تلك التي نشأت في حضن الظروف والمقدمات والنتائج التي عاشها الشعب المصري، تلك التي تمتلك العقول التي لا يمكن نكران كفاءتها ولا نكران عبقريتها لكنها لا تجد الفرصة لإعطاء وتقديم ما عندها بسبب تعقيدات الروتين وتقديم أهل الثقة على أهل الكفاءة، لقد راجعت تجارب الدول الناهضة كماليزيا وتايوان وتايلند وغيرها، فوجدت أنهم اعتمدوا في تقدمهم على أبناء تعليمهم وأبناء جامعاتهم إلى أن اصبحت جامعاتهم الآن مضربا للمثل ومكانا للزيارة من خبرات ووفود أجنبية ودول أخرى. أُبدي تعجبي واندهاشي من هذا الوضع، ففي اعتقادي أن النخبة البديلة، والنخبة المطلوبة، والتي يجب أن تكون في الوظائف السياسية والوظائف الادارية العليا للدولة في المرحلة الحساسة القادمة هي تلك الموجودة في أرض الواقع المصري لكنها بسبب التعنت وبسبب عدم وجود آلية واضحة لمعايير الكفاءة لا تجد الطريق، في اعتقادي أن هذه النخبة البديلة هي تلك التي لا تستطيع أن تكتب إلا من خلال أبواب (كتابات القراء) في الجرائد والصحف، وتحقق كتاباتهم نسب مشاهدة عالية، ومع ذلك لا يأملون يوما أن يكونوا كتابا يُحسبون أو يُدْعَمون من قبل أية مؤسسة إعلامية، ويستمرون في محاولاتهم دون مقابل أو أمل في النظر إليهم، النخبة البديلة هم أولئك الذين أجروا بحوثا أكاديمية من جيوبهم الخاصة، وتحملوا تعقيدات وروتين الجامعات المصرية وتعنت الأساتذة المشرفين، وتوصلوا فيها لنتائج خطيرة لكن بحوثهم على الرف لأن استاذا هنا أو هناك لا يريد إلا أن يكون وحده المسيطر على هذا المجال، النخبة البديلة هم أولئك الذين يعملون في قلب المؤسسة التعليمية في كل ظروفها ويخرِّجون أوائل الثانوية العامة، ويخرِّجون طلابا يفوزون بأعلى المسابقات العالمية، النخبة البديلة هم أولئك الذين بفضل اخلاصهم وكفاءتهم ما تزال مصر تسير على قدميها لأنهم يعملون في كل قطاع بدون انتظار شكر أو تأثر بسلوكيات غيرهم، ولولاهم لكانت مصر في وضع لا يُحمَد عقباه، النخبة البديلة هم من يجلسون وسط الناس يحدثونهم بلغتهم يحاولون نشر قيم الخير والجمال دون انتظار لأن يكونوا أعضاء في منظمة أو حزب أو حركة أو ائتلاف دون انتظار لأن يحصلوا على أي شيء، النخبة البديلة هي التي قدمت بحوثا هائلة عن زراعات غير تقليدية، النخبة البديلة هي تلك التي لديها القدرة على الاحساس بالشبكة المعقدة من مشكلات مصر، وليسوا من يهبطوا عليها بالبرشوت، سيدي المستشار الإعلامي، إن كنت تريد نخبة بديلة في أية مؤسسة ما رأيك أن تطلب ممن يريد أن يلتحق بهذه النخبة أن يقدم بحثا لتطويرها ودراسة لما بها من عيوب وطرق التغلب عليها، وأنا واثق من ال Solve Tank سيمتلئ بما لا يتوقعه أحد، وستجد الكثير من الحلول القابلة للتطبيق، وأولى أن يطبقها مقترحها، هل يمكن أن نحلم أن يأت اليوم الذي تستطيع فيه الكفاءات الحقيقية المصرية التي رغم قساوة وضراوة ما تعيشه تتمتع بعقول وقدرات قادرة على تقديم حلول، وتغيير مستقبل مصر تغيير حقيقي، هل لهذه الكفاءات أن تحلم يوما بأن تجد طريقها للوصول لمراكز صناعة القرار، أم أن شرطا أساسيا لأي فرد لكي يصبح من النخبة في مصر أن يكون درس أو عمل في دولة أجنبية! ============== كاتب المقال: وائل النجمي عضو اتحاد كتاب مصر باحث دكتوراة عضو مركز حماية لدعم المدافعين عن حقوق الانسان