هي عودة الدر إلى سالف معدنه في قيمة مضاعفة جمعت بين عودة مهرجان صفاقس الدولي إلى فضاء المسرح الصيفي بسيدي منصور وعودة إبن الجهة صابر الرباعي في الافتتاح كي يكون ذلك رمزيا بعودة الفنان المشبع بالغياب عن الأجواء بعد سنتين من إحتجاب المهرجان ويكون هو من إختار الأمر حنينا. بعض ما في الأمر ظهر جلياً خلال الندوة الصحفية التي سبقت عرض 17 جويلية والتي أعرب فيها صابر الرباعي عن عميق سعادته بحضوره و بعودة الروح للمهرجان مع أن يكون هو مفتتحه معتبراً ذلك من قبيل المسؤولية الفنية إضافة إلى كونه علامة فارقة في مسيرته مؤكداً أن الحضور في صفاقس لا يخضع إلى ما في رزنامته ولكن العكس هو الصحيح حيث تؤجل المواعيد مقابل حفل في صفاقس. وبكثير من مثل هذا الشوق المتبادل إستقبل الجمور الذي حضر بأعداد غفيرة في المسرح الصيفي بسيدي منصور الفنان التونسي صابر الرباعي الذي أصر هذه المرة أن تكون مجمل الأغاني جديدة على مهرجان صفاقس حيث أدى أغاني يا دلولة وعاشق مغروم وبصراحة وياللة ويا أغلى ما عندي ومتخافيش والطفلة العربية واتحدى العالم وعلى الطاير وصيد الريم وعشيري الغالي وخلوني وحني يا ليالي ومزيانة وسط تفاعل كبير من الجمهور الحاضر زادته الحلة الجديدة للمسرح الصيفي أناقة خصوصاً على مستوى الإضاءة والكساء الفني الذي زين الجدران الخارجية للمسرح. وبالعودة إلى أجواء الإفتتاح أعطى مدير المهرجان الدكتور نزار شقرون إشارة الإنطلاق حيث أكد في كلمة موجزة أن صفاقس الباحثة عن عدالة إجتماعية كباقي مكونات الوطن هي تبحث إلى اليوم وبالتوازي مع ذلك عن عدالة ثقافية على أن تكون بدايتها بإنطلاق هذا المهرجان التي هو شكل تحدياً عظيماً مشيداً بدعم وزارة الثقافة ممثلة في شخص الوزير المهدي مبروك الذي إختار أن يكون موجوداً في الافتتاح وكذلك السند القوي الذي شكلته المندوبية الجهوية للثقافة بالجهة في شخص المندوب الجهوي ربيعة بالفقيرة التي وصفها بالمرأة الحديدية في الزمن الصعب. ورجوعاً إلى النسق الماراطوني الذي سبق إنطلاق هذه الدورة من الملاحظ أن الطريق أبدا لم تكن أبدا سالكة بداية بمسألة هيئة جديدة وفاعلة تجمع بين التجذر في الفعل الثقافي والإيمان به وبين القدرة على إستيعاب ما أتت به الثورة على حين غرة من تحوير في العقليات والموارد ثم كان التحدي الثاني المتمثل في فضاء المسرح الصيفي الذي ظل لسنتين متتالين أثراً منسياً عرضة للطبيعة التي وجدت فيه فريسة سهلة حين غابت عنه الصيانة فتآكلت شبكة إنارته وفعل ملح البحر المجاور للمسرح فعله في خشبة الركح التي إهترات جراء ذلك ولهذا لم يكن هناك من حل سوى تكاتف كل الجهود لتذليل هذه العقبة خصوصاً بين بلدية المكان والولاية والمندوبية الجهوية كل حسب مساهمته مادياً ولوجيستياً ومعنوياً ليكون تتويج الفكرة الحلم في آخر المطاف بسهرة 17 جويلية التي ستبقى عالقة في ذاكرة كل من عايش الفكرة لحظة ولادتها وزمن تطورها حتى ليلة تتويجها أميرة على ركح المسرح الصيفي كأبهى ما يكون.