ماذا لو شعرنا يوما بأنّ كلّ ما فكّرنا به سابقا كان مجرّد مضيَعةٍ للوقت؟ كيف لنا إقناعُنا بأنّ ما قُمنا به وما سنقوم ليس سوى خطواتٍ حتميّةٍ قدَريّةٍ لم ولن يكونَ لنا حولٌ فيها ولا قوّة؟ فلنفترضْ بأنّنا استطعنا التوصُّلَ إلى فكرة الاستسلام، الرضا والتسليم، وتركْنا أنفُسَنا للريح كما السكّر، القهوة، نذوب في ماء الحياة، لتعبث بنا كيفما شاءت إلى ما لا نهاية. حسنا إذن، فيما لو استسلمنا للقدَر فماذا ستكون الاحتمالات، أو بالأحرى النتائج؟ إمّا أن نروح في ضربةٍ طائشة، أن نصبح المفسدين في الأرض، أو أن نستويَ على صراط مستقيم، جميلٌ أن نستوي، ولكنْ كيف لنا أن نضمنَ صدّ الهجمات المعادية؟!. ماذا لو رفضنا الفكرة؟ عاندْنا وأصررنا بأنّ لنا رأيا، موقفا ولنا خطوات نتّخذها؟ ماذا لو قابحْنا؟ ثُرنا واعترضنا واعتصمنا في سبيل ما نؤمن به، وما نؤمن به؟ قضيّة فرديّة، وكيف لنا التأكُّد بأنّ لنا الحقّ أن نستشهد في سبيل مصلحةٍ شخصيّة؟ مصلحة شخصيّة، فالقضيّة فرديّةٌ بالأصل. إحساسٌ بالظلم؟ بالغُبن؟ بعدم الرضا؟ حسنا وماذا عن الغابن؟ الظالم عديم الاكتفاء؟ وكيف لنا الحكم على موقفٍ كهذا؟ مَن المُخطئ ومن المُحقّ؟ وكيف لنا أن نكونَ مُنصفين؟ ونحن طرفُ نزاع، كيف لنا أن نتّخذَ القرار بأنّنا مظلومون؟ كيف أعرف أنا مظلومٌ أم ظالم؟ وما هي المؤشِّرات؟ إحساسٌ بالألم؟ بالحزن؟ بالغضب؟ بالندم؟ بعدم العدالة؟ فكلّ ما ذُكِر يمكن أن يسُدّ خانات الحالتين، الظالم والمظلوم، نستطيع تعديل المسار؟ أجل نستطيع تعديل المسار، ولكنْ لمَ؟ لنشعرَ بأنّنا بحالٍ أفضل؟ لنشعرَ بأنّنا المسيطرون على الوضع؟ أهي ما تسمّى العدالة؟ في إرضاء (أنانا)؟ وماذا بعد إرضاء الذات؟!.لو شاء صنيعا يسكنه القبر. من يقشع هذا الضجر، الضجر هو محور الحلقة اليوم، رانيا منشغلةٌ بنسج خيالاتها مُكمِلة أفلامَها الوهميّة، أراه سُمّاً نرتشفه دون أن ندري، ما الحلّ؟ لستُ أدري، هل يمكن لسنّ التقاعد أن يحلّ المشكلة كالتقاعد من الحبّ مثلا؟ ربّما نعم وربّما لا فالعشرة ما بتهون إلّا على أولاد الحرام، كيف لنا أن نهنأ؟ سؤالٌ يعود ويعود ليطرحَ نفسَه؟ وهل هي حصلتْ؟ أوَمِن العدل أن نطلب الموتَ هربا من الضجر؟ رفضٌ كلّيٌّ لوقتٍ غولٍ يلتهمنا، وماذا بعد أن ينتهيَ كلّ شيء ؟ سؤالٌ يؤرّق مَن لا ينامون! الاستسلام أم الانتحار هربا من ضجيج الصمت. لطالما حلمتُ بشيءٍ ما، لم أعرفْ قطُّ ما هو، لكنّي لطالما شعرتُ بتوقٍ لشيءٍ ما، لم أعرف يوما ما هو ذاك الشيء، لقد أسموني حنين، لكثرة ما في عينيّ من حنينٍ لشيءٍ ما، لم أعرفْهُ قطُّ، وبقي ذاك الشوق يكبر في داخلي إلى أن بلغتُ من العمر ما أنا عليه، واليومَ أشعر بأنّني بحالٍ أفضل، مع أنّي لم أجِدْ قطُّ ذاك الشيء الذي لا أعرفه ولطالما بحثتُ عنه. حاليّاً أنا أراجع ما لديَّ من رسائلَ عليَّ قراءتُها، لطالما اعتقدتُ ذلك، عليَّ قراءتُها، قراءتُها بإمعانٍ، وفهمُ معانيها، فهي مفروضةٌ عليَّ، ولطالما أجّلتُ الموضوع، وكيف لا فأنا أخافُها، هناك في تلك الرسائل جنّة وهناك نار، وهناك صراطٌ وسياط جلد، أسمع طنينها يخرُم أذنيّ، حتّى قبل أن أجرّبها. بدأتُ أراجع مثلي، رحم الله جدّتي، فهذا مثلها، ويا لَهول ما وجدتُ، ضحكتُ كثيرا، كثيرا ضحكتُ، وكنتُ كلّما تعمّقتُ أكثرَ أضحكُ أكثرَ، فما هذا الذي أقرؤه؟ ممَّ أنا خائفة ؟ عجبتُ لأمر هذه الدنيا، كيف يمكن لتلك الأشياء أنْ تحكُمَنا؟ أن تخيفنا؟ أن تعيقَ حركتَنا، تشلَّنا عن الحركة؟. فلنُعِدْ طرحَ المعادلة،: هي تحبّه، هو يحتقرها ، هي تهجره، هو يحاول استعادتَها، هي تحبّ آخرَ يحبّها ويرغبُ باقتنائها بشروط، لم تكُنْ يوما عادلة، ترفض أن يهجرَها ويحاولَ الاحتفاظَ بها، لكنّها تهجره، المرأة هي دائما الكاسب الأكبر، أليستْ هي النفس؟ فلنحاولْ تطبيق النظريّة، العقل هو الرجل، فلو أُذِنَ للعقل أن يحكُمَ بمعنى أن يتّخذَ القرار الصحيح، فما هي الاحتمالات؟ أن يهجرَ الأوّل الأولى لمجرّد نزوةٍ عابرة، أو أنْ يهجرَ النزوةَ ويكتفي بالأولى، أو أنْ يبقى على الاثنتين معا. وغالبا ما يحدث. بالنسبة للآخر، أن يهجرَ الأولى ، الثانية العابرة، أم يحتفظ بالاثنين معا، وغالبا ما يحدث ماذا لو عكسنا الآية: فيما لو النفس أي المرأة هي صاحبةُ القرار، فما هي الاحتمالات: أنْ تهجرَ الأوّل الخائن، أنْ تسامحَ الأوّل الخائن بشرط أن يهجرَ الأُخرى، أنْ تُحبَّ الثاني المحبَّ الخائن، أو أن تهجرَ الاثنين معا، وتتّجهَ لثالثٍ مجهول. ما الفرقُ بين أن تهجرَ المرأةُ الرجلَ؟ وأن يهجرَ الرجلُ المرأة؟ ماذا لو سامحَتِ المرأةُ الرجلَ؟ أو أن يسامحَ الرجلُ المرأة؟ ماذا لو لم يكُنِ الأمرُ كذلك؟ لديّ الكثير لأقوله، ويا لكثرة البشر، لمن أقول ؟ لمن أقول؟ ليس من أحدٍ، سأكتب ما أريد قولَه، لا يهمّ، لستُ بحاجةٍ لأحدٍ لأقولَ له شيئا، لَكَم أحببتُ انفصامي، أكسبَني شخصا أحبّه وأثق به.