في النظم الديمقراطية، تسعي الدول عند إصدارها أى قرار سياسي وخاصة في ظل إحتقان مجتمعي أمنى إقتصادي لإختيار التوقيت المناسب لإصدار دعوى من شأنها إثارة القيل والقال وزيادة الإحتقان أكثر مما هو عليه، وهو مالم تتفهمه دعوه الرئيس محمد مرسي لإجراء إنتخابات مجلس النواب وسط خلافات ومشاحنات سياسية، وهذه هى مشكلة النظام المصري منذ العهد السابق عن الثورة والتي مازلت مستمرة حتى يومنا هذا ألا وهي عدم إختيار التوقيت المناسب لإصدار القرار، وترجع هذه المشكلة بصفة أساسية إلي قله التجربة وعدم وجود الخبرة الكافية للفصيل الحاكم في مصر في العهود السابقة وحتى العهد الحالي. حيث كشفت دعوه الرئيس محمد مرسي للحوار الوطنى مساء يوم الثلاثاء الموافق 27 فبراير عن كم الصراع لا الحوار الذي يعيشه المجتمع المصري بكافة أطيافه، فوسط حالة الإحتقان السياسي والأمنى التي تسود الشارع المصري والتي وصلت في بعض المحافظات إلى حد العصيان المدنى، ووسط حالة الفوضى وحرق مقار الأحزاب وعدم التوافق أصدر الرئيس قرارا جمهوريا بتحديد مواعيد إنتخابات مجلس النواب الجديد ودعى إلى الحوار الوطنى الذي كشف عن كم الخلافات والمشاحنات وعدم التوافق السياسي حتى من بين هؤلاء من لبّي الدعوة وأعلنوا عدم المقاطعة للإنتخابات وعدم رفض الحوار الذي دعي له الرئيس. وكان الرئيس محمد مرسي قد وجه الدعوة ل 24 حزبا و 20 شخصية عامة وممثلي الكنائس الثلاث وممثل عن الأزهر وحركتي 6 أبريل وكفاية لحضور جلسة الحوار الوطني لمناقشة ضمانات نزاهة عملية انتخابات مجلس النواب، لكن ما حدث وكان متوقعا هو اعتذار القوى الحقيقية للمعارضة عن الحضور وهم ما يقرب من 6 أحزاب، إضافة إلى 5 شخصيات عامة وممثلي الكنائس المصرية الثلاث، وجبهة الإنقاذ التي قررت مقاطعة الحوار والإنتخابات والتي تضم أحزاب: المصريين الأحرار، المؤتمر، التحالف الشعبي الاشتراكي، التيار الشعبي، الوفد ، والكرامة، إضافة إلى اعتذار حركتي 6 إبريل، كفاية، ومن الشخصيات العامة اعتذر كل من: حافظ أبو سعدة وزكريا عبد العزيز وجمال عيد ووائل غنيم وسامح فوزي. وفي نفس التوقيت من نفس اليوم، أصدرت 59 شخصية عامة وشبابية، بيانا يدعو لمقاطعة الإنتخابات المقبلة، وأكدت هذه الشخصيات على عدم الإكتفاء بذلك الموقف السياسى وإنما سيعملون على التصعيد ضد السلطة الحالية وسياساتها وممارساتها عبر تطوير آليات المقاومة المدنية السلمية والتحرك الشعبي، من أجل استكمال أهداف الثورة. يلخص مشهد المقاطعة من قبل الأحزاب والشخصيات العامة والشبابية حجم الصراع السياسي التي تشهده مصر بسبب استمرار السلطة فى عنادها وتكبرها ورفضها الإستجابة للمطالب المشروعة لجماهير الشعب المصري، و في ظل الإصرار على إختزال العملية الديمقراطية فى مشهد صندوق انتخابى لإعادة تثبيت شرعية حكم الإخوان بعد أن أسقطتها على مدار الأسابيع الماضية دماء أكثر من 100 شهيد. وحتى بعد إجراء جلسة الحوار الوطنى، تمثل الحوار كأن الرئاسة تحاور نفسها لأن المتواجدين هم التيارات الإسلامية والتي منها الحزب الحاكم ومؤيدوه، وإن كانت من التيارات الإسلامية من حاول أن يلعب دور المعارض وهم في الأصل في ظاهرهم الرحمة وفي باطنهم الدم وهو يونس مخيون، رئيس حزب النور، الذي لا يسعي سوى لنفس هدف الجماعة وهو الحصول على أكبر عدد من المقاعد أكثر من الجماعة نفسها وكأننا نتقاسم غنيمه حرب لا دولة وشعب سعي من الثورة لتمثيل كافة الأطياف والتيارات السياسية. وكأن جلسة الصراع الوطنى بدأت بمشادات وأنتهت بمشادات، بدأت بإنسحابات ومقاطعات وخلافات في جو ملئ بالمشاحنات وبيانات صحفية تدعو لوقف إجراء الإنتخابات، وأنتهت بعقد جلسة أدعوا منها الحوار وفي ختامها وقعت أيضاً مشادات كلامية بين الحاضرين لها. بصرف النظر عن كم الصراع السياسي الذي يشهده المجتمع المصري الحالي بكافة تياراته وأطيافه، لكن قرار إجراء الإنتخابات البرلمانية جاء في توقيت غير مناسب وملئ بالخلافات السياسية التي وصلت لحد مقاطعة الإنتخابات، هذا القرار الذي صدر دون دراسة كافية في تحديد المواعيد ثم عدله الرئيس وإن كان شيئاً تعودنا عليه، لكن المشكلة الأكبر في حالة إجراء الإنتخابات البرلمانية ماهو السيناريو الجديد الذي ستواجه مصر بعد ذلك ؟! المشكلة الأكبر أنه في حالة إجراء الإنتخابات ومقاطعة قوى المعارضة للإنتخابات، وبالطبع بعد حالة فوضي جديدة ستشهادها البلاد أكثر مما تشهدها حالياً، وبإفتراض أنه تم إنتخاب المجلس، سيواجه هذا المجلس مشكلة كبيرة وهى أنه سيتم إنتخابه على نحو مجموعة من القوانين التي تشوبها عدم الدستورية مما يعرضه للبطلان، من هنا سندخل في دومات ومتاهات دستورية تعيد مصر للمربع صفر من جديد، ليس هذا فحسب بل تكون تكبدت الدولة خسائر ادحة ي عملية الإنتخابات التي ستجري علي أربع مراحل في جو مشحون بالغضب والفوضي السياسية. من هنا،، فعلى الرئيس محمد مرسي عدم التسرع على إجراء الإنتخابات البرلمانية وسط هذا الجو المشحون بكم كبير من الغضب، وقبل الدراسة المتأنية لتوقيت إصدار قرار خطير كهذا يمس مؤسسة كبري كالمؤسسة التشريعية في البلاد، فمن الأفضل تأجيل إجراء الإنتخابات لحين تهدئة البلاد، ولحين دراسة الأبعاد القانونية والدستورية لقانون الإنتخابات وقانون مباشرة الحقوق السياسية وتعديل الدوائر الإنتخابية بما يضمن عدالة التوزيع للمقاعد داخل المجلس مصلحة البلاد فوق أي إعتبار.