والنشاة في النوبة الغريقة كانت لها تأثيرا قويا في بناء شخصية الإنسان النوبي حيث النيل والخضرة زرعت فيه رقة القلب وفي نفس الوقت الجبال والوحوش والحشرات الضارة والهوام زرعت القوة والشجاعة وعدم الخوف وايضا قوة التحمل .. وكان طبيعيا ان نسمع عواء الذئاب ليلا ونراه راي العين الصباح البااكر ونحن ذاهبون الي المدرسة حيث كانت تفر بمجرد رؤيتنا الي غابات النخيل وكان طبيعيا ان نري الثعابين وكنا نتباري في قتلها وكنا نعرف الاماكن التي تختبئ فيها العقارب ونبحث عنها ونقتلها . وقد كان هناك نوع من الثعابين كان يسمي بالنوبية (اوسي) والاخوة الصعايدة يعرفونه باسم (الطريشة) وسبحان الله هذا لخطورته الكبيرة علي حياة الأنسان ينبه من يقترب اليه باصدار صوت مثل الصافرة وكان طوله لا يزيد عن ثلاثين سم وله قرنان صغيران اعلي الرأس وقد كان لدغة هذا الثعبان تعني الموت ويمكن الاسم باللغة النوبية مشتق من خطورة هذا الثعبان حيث ان (اوس) تعني الشر واوسي تعني الشر كله وقانا الله واياكم كل شر..وكنا نشاهد ايضا قطعان الغزلان وهي عائدة الي الجبال بعد ان ارتوت من النيل واخذت حظها من الحشائش ..ولم نكن نخشي ظلمة الليل الكالح ونحن صبية فما بال الكبار .. واذكر ان احد اقاربنا كان قادما من قرية الجنينة وأثناء العودة اكتحل الليل سوادا ولان النيل كان قد التحم بجبل ادريس الذي يفصل شمال القرية بجنوبها اضظر ان يسلك الطريق خلف الجبل حيث لاحياة .. وفجأة وجد حماره لايريد ان يتحرك وقف متسمرا وحاول معه فلم يستطع وشاهد لمعان عيني ضبع ضخم يقترب منه وهنا اخرج قداحته حيث ان الضبع لايطيق رؤية النار فهرب .. وعندما اطفأ قداحته اقترب مرة اخري ولم يتحرك حماره وهنا كان لزاما عليه ان يشعل عمته (كاسر) حتي يصل الي المناطق المأهوله وقد كان ..انقذ حياته بعمته حيث الضبع من اشرس الحيوانات المفترسة ..ولكن يبقي الانسان سيد المخلوقات … #يحيي_صابر