عن المعهد الثقافى الإيطالى بالقاهرة صدر كتاب « إيطاليا التى أحببتها » للكاتبة الصحفية وفاء عوض وهو الكتاب الثالث فى مشوارها بعد كتابيها « لماذا حكمت بالإعدام » و« ملائكة الموت » .. والذى يأتى فى ذات السياق الإنسانى الذى يتسم به الإنتاج الصحفى والإبداعى للكاتبة . الناقدة الدكتورة نهلة عيسى قالت : الكتاب يتجاوز فنياً وبحثياً المستوى الذى اعتدنا مطالعته فى مجال أدب الرحلات العربى المعاصر ، إذ انه إضافة لإبحاره فى مسارت متعددة فى تاريخ وحضارة إيطاليا الأرض والشعب ، يناقش باستفاضة موضوعات عدة تخص العلاقة بين العرب والإيطاليين . بحيث ألقت هذه الموضوعات المزيد من الأهمية على الصورة الكلية للكتاب ، وشكلت بقع الضوء التى لا تكشف عن الأشياء المادية فحسب .. بل أيضاً العالم المخفى وسراديب الظلمة والمشاعر المكبوتة فى الواقع الإيطالى المعاصر فى سياق سردى فيه رهافة وذوق إحساس المخرج السينمائى وأيضاً جرآة الصحفى وصبر ودأب الباحث المتميز وذلك من خلال بناء سرد زمنى يعيد تشكيل الذات الفردية والوطنية للكاتبة فى إطار مكانى مختلف وفى ظل صراع متغيرات سياسية وثقافية تبدو فيه الكاتبة مصرة على التمسك بثوابتها الحضارية والقومية فيما يخص عالم السياسة المتحول دون التهوين أو التقليل من أهمية وعظمة الحضارة الإيطالية والشعب الإيطالى ماضياً وحاضراَ . وفى تقديمه للكتاب قال الدكتور زاهى حواس : عندما قرأت كتاب « إيطاليا التى أحببتها » بقلم الكاتبة الصديقة « وفاء عوض » وجدت أن هذا الكتاب سوف يكون الطريق الذى يفتح قلوب المصريين إلى الشعب الإيطالى لأن الكاتبة استطاعت بأسلوب سهل رشيق جميل أن ترسم لنا لوحات عن إيطاليا وشعبها وعن الفراعنة المصريين الذين يعيشون فيها واستطاعت أن تنقل لنا الصورة بموضوعية وحب شديدين يصعب أن تجده فى الكثير من كتب أدب الرحلات ولذلك أستطيع أن أصفق للسفير الصديق أنطونيو بادينى لأنه استطاع أن يقنع الكاتبة الخجولة أن يجعل قلمها يبعد عن الخجل ليسجل لنا لحظات جميلة فى أجمل مدن العالم بإيطاليا وتطلق على الكتاب اسماً جميلاً « إيطاليا التى أحببتها » . وتقول الكاتبة الصحفية وفاء عوض فى مقدمة الكتاب : بجهود ذاتية فى رحلة استمرت 60 يوماً تجولت خلالها فى روما والبندقية وفلورنسا .. اختلطت بالبشر فى الشوارع والحدائق .. على المقاهى ، زرت المتاحف والكنائس والمكتبات والأماكن التاريخية ، كان هدفى أن أقبض على هذه الروح الخاصة التى تشكل القواسم والملامح المشتركة بين المصريين والإيطاليين ، هذه الملامح التى تتسلل من عباءة ماضٍ عريق للشعبين ، ولا تزال خلالها ماثلة فى الكثير منها العادات والأعراف والتقاليد والهموم الإنسانية المشتركة . ورغم أنهم – فى إيطاليا – وضعونى منذ اللحظة الأولى على أرضهم فى مواجهة مع ملامحى العربية التى باتت مشبوهة فى هذا الكوكب .. فإننى بمجرد أن حططت الرحيل لأعيش بين جنبات هذا البلد .. عرفت إننى ما هربت إلا لنفسى ، فلا الناس هنا غرباء عنى ، ولا بحرهم جديد علىَ حتى لغة الإشارة لم أعد بحاجة إليها .. فها أنا أتواصل معهم وكأن لى جذوراً هنا .. ورغم بعض الصعوبات التى اعترتنى فى هذه الرحلة فإننى سعدت بها على نحو خاص وأصبح السؤال فيما يشبهنى هذا البلد ، لماذا لم أشعر فيه بغربة وأنا الجاهلة حتى بلغة أهله ؟ .. أو بالأحرى لماذا نشق نحن - المصريين - إيطاليا إلى هذا الحد ؟ وهكذا تأخذنا الكاتبة وفاء عوض بأسلوبها الرقيق المتميز فى رحلة إلى إيطاليا ، تشعرنا أنا نعيش معها الرحلة ، ونمر بما مرت به من أحداث وتجارب ، وتنتقل بنا من ( روما .. مدينة بمليون مدينة ) إلى ( تريفى .. الأمنية المستحيلة ) حيث تقول : أمام بركة « تريفى » وقفت وحيدة بين مئات العشاق أجرب تنفيذ وصية الأسطورة الرومانية القديمة .. ( إرم بقطعة نقود فى البركة ، أغمض عينيك ، أهمس باسم حبيبك ثلاث مرات .. لن تفقده أبداً ، سوف تحقق لك مياه ينبوع العذراء كل أمنياتك ) . بعد أن مارست طقوس الأسطورة جلست على حافة البركة أتأمل هذه التحفة الفنية الرائعة للمثال الرومانى « تيفول سالفى 1735 » الذى استوحاها من الأسطورة القديمة ، وتحكى أن إحدى الفتيات والتى كانت عذراء أرشدت جنود أجريبا العطاش لمصدر مياه تلك النافورة .. ليطلق عليها بعد ذلك مياه العذراء .. ومن ينبوع العذراء كانت المياه تتدفق .. ومعها يتدفق شوقى إلى اكتشاف روما ، ومن ميدان إلى آخر حاولت أن ألعب دور السائحة التى تلتقط لنفسها صورة أمام أحد التماثيل .. ولكنها روما التى احتوتنى لتعلمنى أن التسكع فى شوراعها وميادينها وحوانيتها دورة فى الثقافة والفن . كما أن الكاتبة استعانت فى كتابها بمجموعة من الصور الرائعة ، تشعرك بالتميز والخصوصية ، فقد انتقتها بحرفية عالية كى تعبر فى كل مرة عما تعيشه فى رحلتها إلى إيطاليا . وحقاً إن ما قدمته وفاء عوض فى كتباها إضافة جديدة لآدب الرحلات بأسلوب شيق ناعم ممتع .. والكتاب يقع فى 400 صفحة من القطع المتوسط ويحتوى على عشرة فصول تتناول المعالم الأساسية لإيطاليا كما يستعرض أهم مدنها . كذلك يكشف النقاب على الجوانب المظلمة فى إيطاليا السياسة والشعب ، كل ذلك بعين عربية تعتز بقوميتها وتفخر بحضارتها دون الاستهانة بعظمة إيطاليا والإيطاليين ماضياً وحاضراً .