إبراهيم عيسى: التفكير العربي في حل القضية الفلسطينية منهج "فاشل"    سيارة انفينيتي Infiniti QX55.. الفخامة الأوروبية والتقنية اليابانية    رئيس نادي إنبي يكشف حقيقة انتقال محمد حمدي للأهلي    تمويل السيارات للمتقاعدين دون كفيل.. اليسر    مأساة غزة.. استشهاد 10 فلسطينيين في قصف تجمع لنازحين وسط القطاع    سفير تركيا بالقاهرة: مصر صاحبة تاريخ وحضارة وندعم موقفها في غزة    استخراج اسماء المشمولين بالرعاية الاجتماعية الوجبة الاخيرة 2024 بالعراق عموم المحافظات    «هساعد ولو بحاجه بسيطة».. آخر حوار للطفلة جنى مع والدها قبل غرقها في النيل    رابط نتائج السادس الابتدائى 2024 دور أول العراق    اليوم.. ختام مهرجان إيزيس الدولي لمسرح المرأة بحضور إلهام شاهين وفتحي عبد الوهاب    أترك مصيري لحكم القضاء.. أول تعليق من عباس أبو الحسن على اصطدام سيارته بسيدتين    افتتاح أول مسجد ذكي في الأردن.. بداية التعميم    تحرك برلماني بشأن حادث معدية أبو غالب: لن نصمت على الأخطاء    دراسة: 10 دقائق يوميا من التمارين تُحسن الذاكرة وتزيد نسبة الذكاء    نائب محافظ بنى سويف: تعزيز مشروعات الدواجن لتوفيرها للمستهلكين بأسعار مناسبة    ضميري يحتم عليّ الاعتناء بهما.. أول تعليق من عباس أبو الحسن بعد حادث دهسه سيدتين    «أعسل من العسل».. ويزو برفقة محمد إمام من كواليس فيلم «اللعب مع العيال»    اشتباكات عنيفة قرب سوق الحلال وانفجارات شرق رفح الفلسطينية    نشرة التوك شو| تفاصيل جديدة عن حادث معدية أبو غالب.. وموعد انكسار الموجة الحارة    جوميز: لاعبو الزمالك الأفضل في العالم    هل تقبل الأضحية من شخص عليه ديون؟ أمين الفتوى يجيب    جوميز: عبدالله السعيد مثل بيرلو.. وشيكابالا يحتاج وقتا طويلا لاسترجاع قوته    حلمي طولان: حسين لبيب عليه أن يتولى الإشراف بمفرده على الكرة في الزمالك.. والفريق في حاجة لصفقات قوية    اجتماع الخطيب مع جمال علام من أجل الاتفاق على تنظيم الأهلي لنهائي إفريقيا    زيادة يومية والحسابة بتحسب، أسعار اللحوم البتلو تقفز 17 جنيهًا قبل 25 يومًا من العيد    نائب روماني يعض زميله في أنفه تحت قبة البرلمان، وهذه العقوبة الموقعة عليه (فيديو)    إيرلندا تعلن اعترافها بدولة فلسطين اليوم    النائب عاطف المغاوري يدافع عن تعديلات قانون فصل الموظف المتعاطي: معالجة لا تدمير    بينهم طفل.. مصرع وإصابة 3 أشخاص في حادث تصادم سيارتين بأسوان    "رايح يشتري ديكورات من تركيا".. مصدر يكشف تفاصيل ضبط مصمم أزياء شهير شهير حاول تهريب 55 ألف دولار    أهالي سنتريس يحتشدون لتشييع جثامين 5 من ضحايا معدية أبو غالب    الأرصاد: الموجة الحارة ستبدأ في الانكسار تدريجياً يوم الجمعة    روسيا: إسقاط طائرة مسيرة أوكرانية فوق بيلجورود    السفير محمد حجازي: «نتنياهو» أحرج بايدن وأمريكا تعرف هدفه من اقتحام رفح الفلسطينية    دبلوماسي سابق: ما يحدث في غزة مرتبط بالأمن القومي المصري    ب1450 جنيهًا بعد الزيادة.. أسعار استخراج جواز السفر الجديدة من البيت (عادي ومستعجل)    حظك اليوم برج العقرب الأربعاء 22-5-2024 مهنيا وعاطفيا    «الثقافة» تعلن القوائم القصيرة للمرشحين لجوائز الدولة لعام 2024    وثيقة التأمين ضد مخاطر الطلاق.. مقترح يثير الجدل في برنامج «كلمة أخيرة» (فيديو)    الإفتاء توضح أوقات الكراهة في الصلاة.. وحكم الاستخارة فيها    ملف يلا كورة.. إصابة حمدي بالصليبي.. اجتماع الخطيب وجمال علام.. وغياب مرموش    عاجل.. مسؤول يكشف: الكاف يتحمل المسؤولية الكاملة عن تنظيم الكونفدرالية    طريقة عمل فطائر الطاسة بحشوة البطاطس.. «وصفة اقتصادية سهلة»    وزيرة التخطيط تستعرض مستهدفات قطاع النقل والمواصلات بمجلس الشيوخ    دعاء في جوف الليل: اللهم ألبسنا ثوب الطهر والعافية والقناعة والسرور    بالصور.. البحث عن المفقودين في حادث معدية أبو غالب    أبرزهم «الفيشاوي ومحمد محمود».. أبطال «بنقدر ظروفك» يتوافدون على العرض الخاص للفيلم.. فيديو    موعد مباراة أتالانتا وليفركوزن والقنوات الناقلة في نهائي الدوري الأوروبي.. معلق وتشكيل اليوم    قبل اجتماع البنك المركزي.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الأربعاء 22 مايو 2024    شارك صحافة من وإلى المواطن    إزاى تفرق بين البيض البلدى والمزارع.. وأفضل الأنواع فى الأسواق.. فيديو    المتحدث باسم مكافحة وعلاج الإدمان: نسبة تعاطي المخدرات لموظفي الحكومة انخفضت إلى 1 %    هل ملامسة الكلب تنقض الوضوء؟ أمين الفتوى يحسم الجدل (فيديو)    خبير تغذية: الشاي به مادة تُوسع الشعب الهوائية ورغوته مضادة للأورام (فيديو)    أخبار × 24 ساعة.. ارتفاع صادرات مصر السلعية 10% لتسجل 12.9 مليار دولار    "مبقيش كتير".. موعد وقفة عرفات وعيد الأضحى 2024    حجازي: نتجه بقوة لتوظيف التكنولوجيا في التعليم    استعدادات مكثفة بجامعة سوهاج لبدء امتحانات الفصل الدراسي الثاني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشعر العربي بين الحداثة والمعاصرة
نشر في شموس يوم 09 - 12 - 2019

قصد بالشعرالعربي الحديث كل شعر كتب في العصر الحديث. وصفة (الحداثة ) يُقصد بها الإطار الزمني المتسم بمعالم الحياة الحد اثوية ومميزاتها عن الأزمنة السابقة التي قيل فيها هذا الشعر . ويتمثل بالوقت الحاضر بالحلقة ما قبل الاخيرة من السلسلة الزمنية التي قيل فيها هذا الشعر.
وقد اعتمد مؤرخو الأدب العربي على تصنيف الشعر العربي بحسب فترات زمنية متفاوتة تتسم بمواكبة العهود الزمنية السياسية للحكومات التالية المتاقبة كل بحسب عصره . وربما يصنف ايضا بحسب الأمصار التي قيل فيها هذا الشعر .
وقد اعتدنا ان نرى في الشعر الحديث تصنيفين اساسيين هما:
1- الشعر القديم: والمقصود به كل شعرعربي كتب قبل عصرالنهضة العربية الحديثة وربما قصد به بعضهم كل شعر كتب على نمط شعر قصيدة العمود القديمة والتي وجدت في الشعرالعربي منذ عصرالجاهلية وحتى هذا العصر المعاصر .وهذا اراه تجاوزا على كثير من الشعراء الذين لا يزالون يكتبون الشعرالتقليدي او الشعر العمودي وهو ما اسموه بالشعرالتقليدي او( التقييدي) عند البعض الاخر لانهم يعتبرونه مقيد بالوزن والقافية كما يسمى بالشعر العمودي نسبة إلى نوعية كتابة هذا الشعر باستخدام الشطر والعجز في التنظيم النمطي لكتابته .
2- الشعر الحر او ( شعر التفعيلة ) وهو ما استحدثه جماعة من شعراء الحداثة منهم بدر شاكرالسياب ونازك الملائكة والبياتي وصلاح عبد الصبور وغيرهم كثير .
والشعر الحديث يقصد به كل شعر عربي كتب بعد النهضة العربية. وهو يختلف عن الشعر القديم في أساليبه وفي مضامينه، وفي بنيته الفنية، والموسيقية، وفي أغراضه وموضوعاته وفي كثير من أنواعه المستجدة والمستحدثة . ويشمل جميع قصائد الشعر والدواوين التي قيلت في العصر الحديث فهي شعر حديث بدءًا من أول قصيدة كُتِبَت قبيل الحملة الفرنسية على مصر بأقلام الشعراء الرواد الأوائل – وهم رواد النهضة العربية وعلى راسهم الشاعر محمود سامي البارودي وقبله ناصيف اليازجي وابنه ابراهيم اليازجي القائل :
تَنَبَّهُوا وَاسْتَفِيقُوا أيُّهَا العَرَبُ
فقد طَمَى الخَطْبُ حَتَّى غَاصَتِ الرُّكَبُ
فِيمَ التَّعَلُّلُ بِالآمَال تَخْدَعُكُم
وَأَنْتُمُ بَيْنَ رَاحَاتِ القَنَا سُلبُ
اللهُ أَكْبَرُ مَا هَذَا المَنَامُ فَقَدْ
شَكَاكُمُ المَهْدُ وَاشْتَاقَتْكُمُ التُّرَبُ
كَمْ تُظْلَمُونَ وَلَسْتُمْ تَشْتَكُونَ وَكَمْ
تُسْتَغْضَبُونَ فَلا يَبْدُو لَكُمْ غَضَبُ
وانتهاءً بآخر قصيدة كتبها او كتبها عربي و كتبت باللغة العربية في الوقت الحاضر –
راجع موسوعتي (شعراء العربية) المجلد الثامن باسم ( شعراء النهضة العربية ) .
ويمكنني ان اصنف الشعر العربي الحديث الى مجموعة من التصانيف كما موجودة في حالتها الحالية :
الشعر العمودي او التقليدي
الشعرالحر او شعر التفعيلة
وقصيدة النثر وهي اخر ما توصل اليه بعض الشعراء المعاصرين الذين يكتبون شعر النثر اوما تسمى القصيدة ( قصيدة النثر ) التي لا مثيل لها في العصورالعربية قبلها .
ولكن هذه التقاسيم او التصنيفات لا تعني شيئا بالنسبة للشعر وكينونته وقد اثارت نزاعات وتناقضات متبادلة بين الشعراء انفسهم وكذلك بين النقاد ومؤرخي الشعر العربي حول طبيعة الكتابة شكلا ومضمونا . لكن الأهم عندي من كل هذا و ذا ك هو ايجاد الخصائص الفنية والموضوعات المختلفة للنصوص الشعرية وابتكار الاصلح والاسمى .
ان كثيرا مما كتبه الشعراء في هذا العصر والذي قبله كان على غير منهاج الشعر التقليدي او الكلاسيكي واقصد به ( الشعر الحر ) او شعرالتفعيلة والذي ظهر في الأدب العربي في النصف الأول من القرن العشرين، على يد الشعراء امين الريحاني وصلاح عبد الصبور وبدر شاكر السياب و نازك الملائكة وعبد الوهاب البياتي وشعراء المهجروعدد من الشعراء العرب في عدد من بلدان قارتي أوروبا وامريكا التي قصدوها للاستقرار فيها، وخاصة إيطاليا وفرنسا وبريطانيا ثم الولايات الأمريكية والبرازيل . وكان من أبرزهذه الاختلافات التي أثارها هذا الاتجاه هو ما اثاروه حول الأصالة والحداثة على مدى عقود عديدة .
فابتداءا من النصف الثاني من القرن التاسع عشر وحتى الان يتجاذب الادباء و الشعراء والنقاد ومؤرخو الادب العربي الاتهامات حول الأصالة والحداثة ثم اضيفت تجاذبات أخرى بينهم حول التقليدية والحداثة والمعاصرة .
وفي رايي الخاص ان هذه الامور هي التي اعاقت الشعرالعربي من التطور والالتحاق بالشعرالعالمي وهذا ما تؤكده أرقام مبيعات كتب الشعر التي صدرت خلال السنوات الأخيرة، إضافة إلى ضعف مستوى النتاج الشعري لدى كثير من الشعراء وتكاثر أدعياء الشعر وظهورأعداد كبيرة من الكتب والدواوين المطبوعة ذات قيمة فنية هابطة محسوبة على الشعر بانواعه وخاصة الشعرالمنثور وهي لا تعني منه شيئا .
وحالة اخرى ارى انها اضعفت نتاج الشعر العربي هو التقدم العلمي وانصراف الناشئة والطلبة وخريجي المعاهد العلمية والجامعات إلى متابعة العلوم الحديثة والبحث في ظل الحركة الاقتصادية الهامة واتجاههم الى سوق العمل طلبا للمعاش والكسب المادي وبما يحقق لهم مستوى معاشي افضل فأدى هذا الى بعض جمود او ركود او انكسار في أفق الشعر العربي ، وإلى إضعاف تأثير التجارب القليلة الجيدة التي لا يمكن إنكار ظهورها في حركة الشعر والثقافة العربية ككل .
اما مراحل تطور الشعر العربي هو أنّ الشعر القديم يختلفُ في بعض جوانبه عن الشعر الحديث او المعاصر في الوقت الحاضر، وأهمّ ما يميّز الشعر القديم او الشعر العمودي حِرص الشاعر على النظم على الوزن والقافية ونظم البيت متكونا من الصدر والعَجز، وكان قديما كل شعر لا يتم نظمه على الوزن والقافية لا يعتبرُ شِعراً بل يعتبرونه نثرا أو فصاحة فِي العصر الحديث . ومحبوا الشعر الجديد يؤشرون على الشعر القديم ويأخذون عليه انهم يعتبرونه رافدا من روافد الامتاعِ والمؤانسة والنفعِ الحسي ينقل مشاعر الشاعر واحاسيسه ويعتبرُ مصدرَ طرب لدى البعض او الغنائية ويدعو إلى التحلّي بالأخلاقِ الكريمة والفضائل القيمة والنفورِ منَ الصفات السيئة غير الحميدة وربما كان تعبيرا عن الذات الثائرة لدى الشاعر العربي في ظل حركات التحرر الوطني يقول الشاعر :
أَخِي ، جَاوَزَ الظَّالِمُونَ المَدَى
فَحَقَّ الجهاد ، وَحَقَّ الفِدَا
أَنَتْرُكُهُمْ يَغْصِبُونَ العُرُوبَ
ةَ مَجْدَ الأُبُوَّةِ وَالسُّؤْدَدَا ؟
وَلَيْسُوا بِغَيْرِ صَلِيلِ السُّيُوفِ
يُجِيبُونَ صَوْتَاً لَنَا أَوْ صَدَى
فَجَرِّدْ حُسَامَكَ مِنْ غِمْدِهِ
فليس لَهُ، بَعْدُ ، أَنْ يُغْمَدَا
أَخِي، أَيُّهَا العَرَبِيُّ الأَبِيُّ أَرَى
اليَوْمَ مَوْعِدَنَا لاَ الغَدَا
أَخِي، أَقْبَلَ الشَّرْقُ فِي أُمَّةٍ
تَرُدُّ الضَّلالَ وَتُحْيِي الهُدَى
طَلَعْنَا عَلَيْهِمْ طُلُوعَ المَنُونِ
فَطَارُوا هَبَاءً ، وَصَارُوا سُدَى
أَخِي، ظَمِئَتْ لِلْقِتَالِ السُّيُوفُ
فَأَوْرِدْ شَبَاهَا الدَّمَ المُصْعَدَا
أَخِي، إِنْ جَرَى فِي ثَرَاهَا دَمِي
وأَطبَقتُ فوق حَصَاها اليَدَا
ونادى الحِمام وجُنَّ الحُسام
وَشَبَّ الضَّرَامُ بِهَا مُوقدَا
فَفَتِّشْ عَلَى مُهْجَةٍ حُرَّةٍ أ
أبت أَنْ يَمُرَّ عَلَيْهَا العِدَا
وَخُذْ رَايَةَ الحَقِّ مِنْ قَبْضَةٍ
جَلاَهَا الوَغَى ، وَنَمَاهَا النَّدَى
وَقَبِّلْ شَهِيدَاً عَلَى أَرْضِهَا د
دعا بِاسْمِهَا اللهَ وَاسْتَشْهَدَا
ان ظهور الشعرالحر على ايدي رواده الذين يعتبرون مِن أهمّ شعراءِ الحداثة لأنّهُم جمعوا بينَ الثقافة العربيّة الكلاسيكيّة والحداثة وربما المعاصرة ايضا . ووجد النقاد الذين وضعَوا أساسيّات لشعر التفعلية و شعر قصيدة النثر التي ظهرت حديثا .
راجع كتابي( دراسات في الشعرالمعاصر وقصيدة النثر ) طبع ونشر دار دجلة عمان- الاردن عام \2017
وهذا الأمر قَد غير مسار بعض قصائد الشعر العربي من القافية والوزن إلى شعر جديد اطلق عليه (الشعرالحر ) او( التفعيلة) او الى شعر النثر المعاصر فأوجد ت انواعا جديدة من الشعر وهذه مقاطع من قصيدة للشاعر صلاح عبد الصبور يقول :
حدثتموني عن سنابك مجنحه
تفتق الشرار في أهلّة المآذن
عن عصبة من السيوف لا تفل
قد أُغمدت في الصخر لاتُسل
إلا إذا قرأتم دونها أسماءكم
ياعصبة الأماجد
الأشاوس
الأحامد
الأحاسن
وقلتم:
يا أيها المُغني غننا
مُسَمل العينين في حضرتنا
لحناً يثير زهونا
ويذكر انتصارنا
(إذا تحين ساعة موعودة
نغيم في أشراطها
لم تنخلع عن غيمها إلا لنا
الساعة التي تصير فيها خَوذةَ الشيطان
كأسا لخمر سيد الفرسان .
وقد تغيّرَ الشعر العربي عمّا كانَ سابقاً ليصبحَ في بعض مساراته عبارة عن شعر ( حر ) او قصيدة ( نثر) تتجسّد كلماتهُ باستخدامِ مفرداتٍ وكلماتٍ لها مَعنى ومغزى مختلف ، وهذا النوع منَ الشعر قد إنتشر انتشارا واسعاً وسريعا في هذا الوقت المعاصر خاصة في ظل التقنيات الجديدة من وسائل الاعلام الكثيرة والنشر الاكتروني الرخيص مثل الصحف والمجلات الالكترونية والتلفزة والانترنيت وصفحات التواصل الاجتماعي ( الفيسبك ) وما اليها . وفتح الباب على مصراعيها ليكتب من اراد الكتابة شعرا لمن هب ودب فيصف نفسه شاعرا لانه نضد كلمات بعضها تحت بعض فيظنه شعرا . الا ان هؤلاء لا يخفون عن الادباء من الشعراء والنقاد ( حماة العربية ) لذا يبقى ناكصا مايكتبونه وسيندثر ما كتبوه او ما يقولونه بمرور الزمن فالبقاء للاصلح والافضل وهذه سنة الحياة بمرور الزمن وحداثته .
احدى (الشاعرات) تقول :
زغردي يا ملائكة الرحمة لشروق اليوم
زفتها للجنة مع صباح جديد للسياج
وللملائكه هي طلبت الشهادة ونالتها
هي ناجة ربها للشهادة وناشدتكم
أكمال الطريق طريق الشهادة
والعمل الخيري
خنساواتك فلسطين كثروا
هم فخر العرب
هم حصاد الشهادة وصبر السنين
لن أسال عن منظمات حقوق لأن العدو…
لا يعرف الحقوق والمنظمات متواطأه
جبناء حقيرون يدوسون الملاك
لن أسأل ماذا فعلت بل كثيرا عملت
انقذت أرواح وداوت جرحى
لذالك خافها الجبان وقتلها دون رحمة
بدم بارد تقتل الملائكه وحمام السلام
صبرا أمهات الحمام صبرا غزه
النصر قادم مع شعب عشق الشهادة
عشق القدس وترابك ورواه بدمه المسكي
رحمتك ربي بغزه وأهلها
ونصرا مبينا من عندك
اهذا هو الشعر بمقاساته الجديدة ..؟؟
والعجيب ان قنوات التواصل الاجتماعي (الفيسبك ) مليئ بهذه النماذج من هذاالنوع الذي يسمونه الشعرالمنثور .
فالشاعر العربي ابن وقته يترجم ما يعتمل في نفسه ومجتمعه وما يكتنفه من احداث رضي ام لم يرض – فلا يوجد شاعر عربي حديث الا وكتب عن قضية فلسطين – مثلا- وعليه فالشعر العربي الحديث يمثل نفسية الشاعرالعربي في نظرته للوطن العربي الحديثة والواقع العربي المعاش منذ زمن النهضة العربية وحتى وقتنا الحاضر . ونستشف مما جاء رغم ضحالته وبعده عن كينونة الشعر ان القضية الاولى في الوطن العربي هي قضية فلسطين والنضال المستمر في سبيل التحرير والعودة مما يؤدي الاستشهاد والفداء للارض العربية اينما كانت .
نعم فقد انبعثت روح النهضة العربية في كل مفاصل الحياة بعد سبات دام قرونا – منذ النصف الاول من القرن التاسع عشراو قبيله بقليل – أي في نهايات العصر العثماني – بعد ان خمدت جذوته وانتكست انتكاستها الكبرى خلال الفترة السوداء من تاريخ الامة العربية ابتداءا من دخول المغول ( ا لتتار) بغداد وحتى بداية القرن التاسع عشر او بعده بقليل او العقود الاولى من القرن العشرين .
فقد كانت الدولة العثمانية تجثم على انفاس الامة العربية تفرض هيمنتها على البلاد العربية في نهايات ايام حكمها للاقطار العربية – بعد ان كانت تمثل دولة الاسلام في حينها- بحكمها القاسي حكما استعماريا ظالما – (لا فرق بين استعمار واخر كل يريد تحقيق مصالحه على حساب البلد الذي استعمره ومحاولة جعله تحت سيطرته مدة اطول )- مم ادى الى تأخر البلاد العربية في مختلف نواحي الحياة وخاصة الثقافية فقد اتّبع الاتراك سياسة التتريك في البلاد العربية ومحاولة القضاء على لغتهم الام – اللغة العربية – وهي لغة القران الكريم والدين الاسلامي الذي يدين به الاتراك أي فضلوا اللغة التركية على لغة دينهم في سبيل نشر لغتهم وطمس معالم العربية في بلادها التي تحت سيطرت الاتراك وكان نتيجة ذلك ان ساد الامة العربية ثالوث من الفقر والجهل والمرض .
وقد ادى ذلك الى هجرة جماعات من البلا د العربية خاصة من سوريا ولبنان الى خارج بلادهم خوف القتل والتنكيل بهم من قبل الحاكمين الاتراك او من سايرهم من الحكام العرب الذين يحكمون بلادهم للاجنبي وقد اسس هؤلاء العرب المهاجرون جاليات وجماعات وجمعيات في امريكا والبرازيل وغيرها من الدول التي هاجروا اليها وبرز منهم جماعات رائدة في مجال الادب والشعر مثل ايليا ابوماضي وجبران خليل جبران وميخائيل نعيمة وابناء المعلوف وغيرهم كثير . يقول جبران في احدى مقالاته :
( أنا متطرف حتى الجنون ، أميل إلى الهدم ميلي إلى البناء ، وفي قلبي كره لما يقدسه الناس ، وحب لما يأبونه ولو كان بإمكاني استئصال عوائد البشر وعقائدهم وتقاليدهم لما ترددت دقيقة ، أما قول بعضهم أن كتاباتي (سم في دسم) فكلام يبين الحقيقة من وراء نقاب كثيف ، فالحقيقة العارية هي أنني لا أمزج السم بالدسم ، بل أسكبه صرفًا غير أني أسكبه في كئوس نظيفة شفافة.)
بينما يقول ايليا ابو ماضي :
ليت الذي خلق العيون السودا
خلق القلوب الخافقات حديدا
لولا نواعسها ولولا سحرها
ما ودّ مالكٌ قلبه لو صيدا
عَوذْ فؤادك من نبال لحاظها
أو متْ كما شاء الغرام شهيدا
إن أنت أبصرت الجمال ولم تهم
كنت امرءاً خشن الطباع ، بليدا
وإذا طلبت مع الصّبابة لذةً
فلقد طلبت الضّائع الموجودا
يا ويح قلبي إنّه في جانبي
وأظنّه نائي المزار بعيدا
مستوفزٌ شوقاً إلى أحبابه
المرء يكره أن يعيش وحيدا
ونلاحظ الفرق الكبير بين هذه المقاطع الشعرية
و في الشرق العربي فقد بد أ نسغ الحياة يسري من جديد في الروح العربية وخاصة النهضة الفكرية وتسربت بين الشباب العربي وبعد اتصال البعض منهم بالغرب مثل بريطانيا او فرنسا اوغيرها واخذ شبابنا العربي يتطلع لما في هذه الشعوب من اداب وعلوم ويدرك ضرورة التخلص من الاستعمار التركي والاستعمار الغربي والثورة على العادات والنظم البالية التي وصلها الشعب العربي والمتهرئة التي البسها الاستعمار للامة العربية وكذلك كان من اسباب هذه النهضة التمازج العربي مع الغرب عن طريق الارساليات التبشيرية- ولو انها كانت تهدف الى استعمار من نوع جديد – ودخولها الوطن العربي وايجا د المطابع وعملها البلاد العربية وخاصة في مصر خلال فترة احتلال نابليون لمصر ونشر الحرف العربي والفكر العربي وطبع بعض الكتب القديمة ومنها الدواوين الشعرية لفحول شعراء العربية وكذلك فتح بعض المدارس باللغة العربية بعد غزو نابليون واستعمار فرنسا لمصر.
يقول الشاعر ابوشادي :
طرفتْ، فلما اغرورقتْ عيني وصَحَتْ صحوتُ للوعةالبيْنِ
خمسٌ من السنوات قد ذهبتْ بأعزِّ ما سميتُه «وطني»
ما زالتِ «الأفراحُ» تنهبهُ وهْي «المآتمُ» في رؤى الفَطِن
«أفراحُ» ساداتٍ له نُجُبٍ من كل صُعلوك ومُمتنِّ
طالتْ أياديهم، وإذ لمسوا أعلى الذُّرا سقطوا عن القُنَن
يا ليتهم سقطوا وما تركوا زُمَراً تُتابعهم بلا أَيْن
تركوا الوصوليّين، صاعِدُهُمْ صِنْوٌ لهابطهم، أخو ضَغَن
وكأنَّهم أكوازُ ساقيةٍ دوَّارةٍ بالشرّ للفَطِن
لا شيءَ يشغلهم ويسعدهم إلا الأذى في السرِّ والعلن
ظل الشعر في فترة الانحطاط والتاخر – الفترةالمظلمة – مطبوع بطابع الفردية تقليديا . وعناية الشاعر تنطوي على التزويق اللغوي واللفظي دون المعنى وتحوله الى صناعة شعرية بحتة تكثر فيها الصور التقليدية الماخوذة من قبلهم وكثرت التشبيهات الى حد انعدام المعاني الشعرية الجديدة او طمسها و ظهور بعض من كتب الشعر بالعامية او المحلية وخاصة في اواخر دول التتابع او الفترة المظلمة بحيث ادى الى ركود الشعر وضياع التنسيق والفوقية والبلاغة والاساليب الشعرية التي كان الشعرالعربي عليها ايام زهو الخلافة العربية وازدهار لغة الضاد .
راجع كتابي ((موسوعة شعراء العر بية المجلد الثامن ( شعراء النهضة العربية ))
.
امير البيان العربي
د. فالح نصيف الكيلاني
العراق – ديالى – بلدروز


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.