بقلم د/ نورا عبد العظيم – باحث بمركز تحقيق التراث دار الكتب والوثائق القومية قصص الأطفال فن أدبي جميل له خصائصه ومقوماته الفنية وله القدرة على رسم الحياة على اختلاف مظاهرها والوقوف على العواطف الإنسانية مستخدمًا اللغة ومتخذًا من النثر أسلوبًا له ويُعتبر أكثر أنماط أدب الأطفال انتشارًافهو يتصدر جميع الفنون الأدبية المقدمة للطفل نظرًا لما يتميز به من متعة وتشويق والقدرة على تحريك الخيال. وقد تبوأ هذا الفن مكانة مرموقة لدى المجتمعالإفريقي وكانت الانطلاقة من مصر مهد النهضة الإفريقية على يد مجموعة من الأساتذة المشتغلين بقضايا التعليم والذين أحسوا بأهمية هذا الفن الموجه للأطفال فقد قام رفاعة الطهطاوي بإدخال قراءة القصص والحكايات في منهج التعليم الابتدائي. أما في المغرب فقد أدرك الأدباء أهمية قصص الأطفال بعدما رأوا المكانة التي حظي بها هذا النوع الأدبي من طرف نظرائهم في المشرق وأدركوا أهميته التربوية والأدبية ودوره في تعزيز الحس الوطني والتحلي بالقيم الدينية والتربوية وكانوا يترقّبون ما يُنتجه الشرق من باب دعوة غير مباشرة للاهتمام بهذا النوع الأدبي الموجه للأطفال . ولعل قصص الأطفال بالمغرب ظلت مقيدة أيضًا بمنطق الاستعمار الذي يراقب كل الجوانب الفكرية ومنها أدب الأطفال فكان من الصعب توظيفها لتعزيز الحس الديني أو الوطني أو الاجتماعي لدى الناشئة ولم يتأتى ذلك إلا بعد الاستقلال حيث تحررت الأرض والإنسان وتحرر معهما الأدب ومنه قصص الأطفال لتعالج لأول مرة وبكل حرية موضوعات محلية لها صلة بالنضال والحركة الوطنية. فقد كان الاستعمار الفرنسي حريصًا على تعقب كل عمل أدبي يوقظ أي حِس يهدد وجوده بالمغرب سواء كان حسًا دينيًا أو وطنيًا أو اجتماعيًا بغض النظر عن الفئة التي يستهدفها وكان طبيعيًا أن نرى نمو قصص الأطفال بالمغرب بطيء جدًا وكان عبد الغني التازي أول من تجرأ وكتب قصص الأطفال بالمغرب حيث كتب قصة “القاضي والشجرة” وقصة “سيدنا إسماعيل” وقصة “جحا الفاسي وجحا المراكشي” وطبعت هذه القصص الثلاث بمدينة فاس عام 1936م.