دعي المستشار خالد القاضي رئيس محكمة الاستئناف بالقاهرة ، وعضو اتحاد الكتاب إلي تأسيس منتدى للثقافة القانونية في الأدب العربي تتفاعل به ومعه كافة الأقلام والأفكار لتبادل الرؤى حول كيفية تفعيل ما سبقنا إليه آباؤنا وأجدادنا ، وما نستشرفه لأبنائنا وأحفادنا لنشر الوعي بتلك الثقافة للحفاظ على الأوطان ، وتعظيم قيم الحق والخير والجمال والتسامح وأضاف القاضي إلى نشره ثلاثة كتب عنوانها ( من روائع الأدب القضائي ) أصدرتها مكتبة الأسرة أعوام 2000 و 2001 و 2002 جاء هذا في الندوة التي أقامها اتحاد كتاب مصر حول الثقافة القانونية في الأدب العربي . برئاسة الدكتور علاء عبد الهادي رئيس النقابة العامة لاتحاد كتاب مصر وأدار الندوة الأديب الأستاذ فاروق عبد الله عضو مجلس إدارة الاتحاد ورئيس شعبة الترجمة وبحضور عدد من رجال الادب والقانون والاعلام أوضح القاضي أن هدف الندوة الإجابة على تساؤل جوهري .. وهو ؛ كيف يؤثر الأدب في سلوك الناس ووعيهم القانوني وما يرتبط به من قيم ومبادئ وتقاليد مجتمعية تؤدي لنشر ثقافة التسامح وقبول الآخر ونبذ الكراهية والتطرف والتعصب ، و من ثم ترسيخ قيم دولة سيادة القانون واحترامه طواعية واختيارًا .. وليس جبرًا وإكراهًا ؟ وما يؤدي إليه يقينًا من تأكيد ثقافة المواطنة ؟ بدأسيادته بتعريف المفردات الرئيسة لمدخل هذا التساؤل : الثقافة .. والقانون .. والوعي وقال ان الثقافة تعد المدخل الأول والمكون الأساس لأي إنسان في هذا العصر الذي تشابكت أواصره، وتعددت مشاربه وتباينت مصالحه، وتفجرت معارفه، كما عرف القانون في معناها العام على انه القواعد والأنظمة التي تهدف إلى تنظيم الأنشطة الاجتماعية المختلفة؛ لذلك يرتبط معنى القانون بالتنظيم، فالإنسان خُلِق؛ ليعيش حياته ويتمتع بوجوده، وأكد سيادته ان الوعي هو الغاية والهدف الأسمى من نشر الثقافة والمعرفة القانونية،حقيقة الوعي بالقانون ليست فقط معرفة التشريعات والنصوص القانونية، بل هو صورة متمازجة و شاملة لكل أنواع الوعي الاجتماعي، ورفع المستوى الثقافي والمعرفي للمواطن ليكون قادرًا على استيعاب القانون . ثم عرض القاضي لتطور الأدب العربي منذ العصر الجاهلي وحتى العصر الحديث : وقال ان الأدب هو مجموع الأعمال المكتوبة، وترجع نشأته إلى أكثر من ستة عشر قرنًا ، ويعد امرؤ القيس رأس شعراء العرب وأبرزهم في التاريخ . وأشار إلي ان عبد الغني النابلسي أبرز شخصية ظهرت في القرن 18، وقد تأثر به أكثر كتاب هذه الفترة في مصر وسوريا، بل وصل أثره إلى المغرب أيضاً. كما ذكرنا بندوته أشهر شعراء المهجر وأبقاهم ذكرا مثل إيليا أبو ماضي ، وجبران خليل جبران وميخائيل نعيمة ونسيب عريضة ورشيد سليم الخوري . وكان السؤال هل عكس الأدب العربي الثقافة القانونية السائدة ؟ وهل أثَّر .. أو تأثَّر بها ، وفق منهج كل فترة من تلك الفترات .. وذلك بمفهومها الذي عرضته تلك الورقة في مفتتحها ؟ .. وأجاب القاضي قائلا :-إن هذا يحتاج لجهد مؤسسي ضخم ، لبحث ودراسة أحشاء هذا التراث الأدبي العربي عبر ستة عشر قرنًا من الزمان في النثر والشعر والقصة والرواية والمسرح !! وتحدث القاضي عن الأنموذج التطبيقي وهو الكاتب الأديب نجيب محفوظ باعتباره أدباً واقعياً،و سيرته الذاتية الوظيفية التي تشير إلى أن القانون وقدسيته كانت حاضرة دومًا في تلك المسيرة ، والتي وجدت صداها في أعماله الأدبية سواء رواياته أو مجموعاته القصصية أو مقالاته . ونال نجيب محفوظ جائزة نوبل في الرواية عام 1988 .. وفي حيثيات استحقاق الروائي الكبير بالجائزة أوضحت الأكاديمية السويدية أن إنتاجه يتميز بالثراء والتنوع الواسع في الألوان وبالواقعية ذات الرؤي المباشرة الصافية وبالغموض المثير بدلالاته كما أن أدبه يخاطب الإنسانية كلها. وأشار القاضي إلي تجذر الوعي الوطني المصري في ضمير نجيب محفوظ : فكانت مصر حاضرة دائمة أبًدا في أدب نجيب محفوظ ، فقد بدأ كتابة الرواية بأربع روايات من وحى التاريخ المصري القديم, وهي: “همس الجنون”, “عبث الأقدار”, “رادوبيس”, “كفاح طيبة”. حيث أبرز بطولات الإنسان المصري العادي البسيط, وليس لتمجيد الملوك وسكان الأهرامات ، واستمرت تلك الروح الوطنية المتدفقة عبر مسيرته الأدبية الممتدة ، فنجد أن النص الروائي في الثلاثية ( بين القصرين وقصر الشوق والسكرية ) تركيز وسجل بانورامي موسع للأصداء النفسية والثقافية والأخلاقية لحياة مصر والمصريين . وختم سيادته الندوة بثلاثية القانون والدولة والشعب : إن وجود القانون يرتبط بوجود الإنسان في مجتمعٍ، ومن ثم فلا غنى له عنه، فهو ضرورة ملحة للإنسان على المستويات كافة، ويعد القانون علامة على الوجود البشري واستمراره، وحاضره ومستقبله، بل إن تقدم الدول وقيام الحضارات يدور وجودًا وعدمًا وقوة وضعفًا وإيجابًا وسلبًا مع رسوخ اقتناعها باحترام القانون وقدسيته ووعي الشعوب به، ولهذا تتعدد أهداف القانون وغاياته والنتائج المترتبة على سيادته وتمسك الإنسان به. الجدير بالذكر ان القاضي حصل على الماجستير والدكتوراه في القانون الدولي ، وتدرج في العمل في النيابة العامة والقضاء في نيابات مصر الجديدة والأموال العامة العليا والمكتب الفني لمحكمة النقض ومحاكم الإسماعيلية والزقازيق وبني سويف والإسكندرية وطنطا حتى وصل إلى أعلى درجات السلم القضائي رئيسًا لمحكمة الاستئناف أصدر 30 مؤَّلفًا ، و نشر أكثر من مائتي بحث و دراسة و مقال ، في التشريع و القانون والاقتصاد والعلاقات الدولية كما أسس 2017 المركز العربي للوعي بالقانون كفكرة رائدة في مصر والوطن العربي ، كمؤسسة علمية غير حكومية وغير هادفة للربح ، لنشر الثقافة القانونية بين جميع فئات وأعمار الشعوب العربية