الموروث الحكائي أو ” الحكاوي ” ؛ هو من ملامح الهوية لأي جماعة في بيئة او تجمع بشري ، وتمثلُ في حدِ ذاتِها مُقوم ثقافي لتطور ونضج الفكر الّجمعِى لهذا التجمع لِما تحملهُ في العادة ؛ من خبراتٍ مُتعددة وحِكم ، وسلوكياتٍ ؛ بل وأيضا عقائد وقيم إنسانية و حضارية . ونعرفُ أن احمد تيمور باشا ( 1871 – 1930م ) ؛ كان له السبق مع بداية القرن الماضي حين عكف وجمع اكثر من ثلاثة آلاف مثلٍ عاميّ شعبي في كتابٍ يحملُ إسم ” الأمثال العامية ” ، ولم ينشر في حياته ، وقد جمعتهُ إبنتهُ ونشرتهُ دار الشروق في 22/ 2 / 2010 م . ولعل هذا الكتاب ” أمثالٌ مُختارة .. من الشارعِ والّحارة ” الذي أعده د . / محمد الطواب … وهو ” كاتبٌ واديب و إعلامي ؛ له إصداراتٍ خاصة مُميزة ” نأمل أن يكون بداية سلسة موسوعة حديثة من الأمثال الشعبية ، تصدر في اجزاءٍ ، وفي تناول بسيط ومُكتمل ، وايضاً يسير التناول والقراءة من حيثُ – عدد الصفحاتٍ وعدد الأمثلة – خاصةٍ امام قارئ اليوم المُتخصص أوغير المُتخصص ( الكتاب 127 صفحة من القطع الصغير ) . وقد قدم لنا فيى الكاتب : تعريف بِالّمثل مِن خلال إستعراض كمّ من التعاريف المتفقُ عليها ، وقد اورد وافرد مساحة كافية وكاملة عن إجابة لتساؤل مُفترض : ما هو المثل الشعبي ؟ موضحا معالمهِ الرئيسية من نواحٍ عديدة بداية من انه حصاد نتائج تجارب كيانات وتجمعات إنسانية حظيت بثقة تامة وابحت وقائع لأحداث واقعية مُصدقة نُسيت وبقي منها التعبير عنها ؛ في كلمات وجمل بسيطة موجزة في اللفظة ودلالة المعني وصدق الإنطباق وتطابقه . كما ابرزت هذه التعريفات دور المثل في حياة الشعوب و تأثيرها التربوي والتعليمي في السلوكيات الفردية أو الجمعية وتأكيدها للمثلِ والخلق والقيم والمعتقدات الدينية من ناحية ؛ فضلا عن انها تُثملُ أحد ابواب الدراسات الإجتماعية لِلّمَعنيين بالدارسات المجتمعية لتقويم السلبيات أو دعم اصحاب القرارات الهامة لمؤسسات الدولة و المختلفة ذات الشأن . ويبقي للمثل دورهُ الترفيهي في الأحاديث العامة بين الناسِ . مجموعة من الأمثال المُختارة من الشارع والحارة .. ” مصرية ” : توضح اصل والقصة الحقيقية للمثلِ و منشاءِهِ ودلالاتهِ الثقافية والحضارية ، مع نماذج لِلتضاد الفكري لِبعضها أو مُخالفتِها احياناً للعقائد ؛ او بعضٌ مِن القيمِ والسلوكيات الحضارية الحديثة . و الكتاب يحتوي علي ( 41 ) مثلٍ و قصة هذا المثل ؛ و مدي حقيقة القصة التي بُنيّ عليها المثل ، فضلا عن أوجه الإستعمال الصحيحة لهُ وبيان أن المثل يَحدثُ احياناً ” ضربهِ او ذكرهِ ” في غير موضعهِ الصحيح ؛ كما يوضح في جانب أخر نشأة ” المثل ” من حيثُ الحقبة الزمنية من خلال اللغةِ واللفظِ و الأحداثِ و البيئة ؛ خاصة أن كثيراً من الأمثال المصرية هي نتاج التأثير المتبادل بين البيئة المصرية و الجنسيات والطوائف التي أتت مصر مُهاجرة أواقامت في فيها من الدول والبلدان التي حكمت مصر علي مر العصور . نماذج مُشابهة لأمثالٍ من دولاٍ مُختلفة مُرادفة لأمثالِنا المحلية ؛ حرص الكاتب أن يَضمنُها كتابهِ تأكيداً علي أن ” الأمثال ” هي نتاج حضاري وثقافي يتوازي مع الموروثات الأخري كالنحتِ والغناءٍ و أ دوات و وسائل المعيشة وغير ذلك من المقومات البيئية في كل بلدٍ . الكتاب رحلة ثقافية ممتعة لبيئات وتجارب و معتقدات متعددة عبر أمثال منتشرة ومتداولة بيننا .