الخارجية تكشف وضع الجالية المصرية في ليبيا بعد الأحداث الأخيرة    ليفاندوفسكي حاول ولكن.. برشلونة يختتم الدوري الإسباني بثلاثية في بلباو    محمد صلاح.. دموع في مباراة وذهب في نهاية المشوار    القبض على صاحب شركة إنتاج لاتهامه بمطاردة فنانة شهيرة أعلى محور 26 يوليو    موجة شديد الحرارة و ذروتها اليوم.. الأرصاد تكشف حالة الطقس    بعد مطاردته.. القبض على طليق الفنانة إلهام عبد البديع بكرداسة    تنفيذًا لحكم قضائي.. المحامي المتهم بتزوير توكيل عصام صاصا يسلم نفسه لقسم شرطة الجيزة    بعد إنكاره للتهم المنسوبة إليه.. تأجيل محاكمة سفاح المعمورة    البترول تكشف تفاصيل حادث تسرب غاز في محطة كارجاس رمسيس    زوجة واحدة وربع دستة عشيقات في حياة أقوى عازب في العالم.. حريم بوتين    "هآرتس": قدرة "حماس" لم تتراجع ولديهم 40 ألف مقاتل وآلاف الصواريخ والقذائف    "إعلان عسكري لافت".. جيش السيسى يكشف "مخططاً كبيراً".. فهل يمهد لحدث غير اعتيادي؟    البرلمان الألماني: تجويع سكان غزة يخالف القانون الدولي    مجلس إدارة التعليم المدمج بالأقصر يناقش استعدادات امتحانات الترم الثاني خلال اجتماعه الدوري    تراجع سعر طن الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء الاثنين 26 مايو 2025    يوفنتوس يحسم التأهل لأبطال أوروبا بعد منافسة مع روما.. وهبوط فينيسيا وإمبولي    رياضة ½ الليل| صلاح يتمنى بطولة.. تأهل بطعم التتويج.. اعتذار للجماهير.. قرعة المونديال.. وذكاء كوبر    نجم الأهلي السابق: محمد صلاح ظُلِم في الكرة الذهبية.. وإبراهيم عادل يستحق الاحتراف    جدول ترتيب هدافي دوري المحترفين بعد نهاية مباريات الجولة ال 37    5 خطوات لحجز «حلاقة مرموش».. الدفع مقدمًا بال«الفيزا» والتكلفة مفاجأة    عيار 21 الآن بعد الزيادة الأخيرة.. سعر الذهب اليوم الإثنين 26 مايو في الصاغة (تفاصبل)    النائب أحمد السجيني: تحفظات كثيرة على مشروع قانون الإيجار المقدم من الحكومة    التعليم تحسم الجدل: مدراء "المبادرة الرئاسية" مستمرون في مناصبهم -(مستند)    اتهام مواطن يحمل الجنسيتين الأمريكية والألمانية بمحاولة شن هجوم على السفارة الأمريكية في تل أبيب    الخارجية الروسية: سنُقدم مذكرة احتجاج إلى السويد بعد هجوم على سفارتنا    منظمة دولية تطالب سويسرا بالتأكد من إجراءات مؤسسة "غزة الإنسانية"    كلب شرس يطارد ابن زينة في الشيخ زايد    لا تتمسك بما لا يخدمك.. برج الجدي اليوم 26 مايو    عمرو أديب عن إرث نوال الدجوي: «قصر واحد على النيل يعيش العيلة في نعيم مدى الحياة»    ابنة وليد مصطفى خلال حفل «كأس إنرجي للدراما»:«سنكمل وصية والدي بكل إخلاص»    حدث بالفن | أزمة هيفاء وهبي والموسيقيين والعرض الخاص لفيلم "ريستارت"    داليا البحيري ترد على منتقدي عدم ارتدائها الحجاب: "بص في ورقتك ودع الخلق للخالق"    عايدة الأيوبي: لم أسعَ إلى الشهرة وهذا سبب اعتزالي    محمد صلاح: «مكة بتحب التمثيل.. ومش عاوزها تمثل عشان بنتي»    معجزة طبية في الفيوم: استخراج فرع شجرة من جسد طفل دون إصابات خطيرة    فريق من الجامعة الأمريكية يبدأ تقييم نظم الرعاية الصحية في مصر    فى ختام التعاملات.. أسعار الذهب فى مصر اليوم    إنشاء كليات وجامعات جديدة.. أبرز قرارات مجلس الجامعات الخاصة مايو 2025    نماذج امتحانات البلاغة والصرف والنحو لالثانوية العامة الأزهرية 2025 بنظام البوكليت    عاجل- وزارة الكهرباء تُطمئن المواطنين: لا تخفيف للأحمال في صيف 2025    ختام مثير للدورة الثامنة والسبعين لمهرجان كان السينمائى    سعر الدولار الآن أمام الجنيه والعملات العربية والأجنبية الإثنين 26 مايو 2025    صلاح: كنت سأنتقل إلى الدوري السعودي إذا لم أجدد عقدي مع ليفربول    وكيل صحة بالمنوفية يتفقد أعمال التدريب بالمركز الصحي بأشمون    كيف أطاحت نكتة بوزير ياباني من منصبه؟    تنفيذ أضخم مشروع جينوم بالشرق الأوسط وتسليم عينات جينوم الرياضيين    أحكام الحج (1).. علي جمعة يوضح ما هو الحج وحكمه وفضل أدائه    ما حكم سيلفي الكعبة المشرفة؟ عضو مركز الأزهر العالمي للفتوى تجيب    هل السجود على العمامة يبطل الصلاة؟.. الإفتاء توضح الأفضل شرعًا    المفتي: يوضح حكم التصرف في العربون قبل تسليم المبيع    دليلك لاختيار الأضحية في عيد الأضحى 2025 بطريقة صحيحة    «الإسماعيلية الأزهرية» تفوز بلقب «الأفضل» في مسابقة تحدي القراءة العربي    "عاشور ": يشهد إطلاق المرحلة التنفيذية لأضخم مشروع جينوم في الشرق الأوسط    جدول مواعيد الصلاة في محافظات مصر غداً الاثنين 26 مايو 2025    النواب يوافق نهائيا على مشروع تعديل قانون مجلس الشيوخ    نائب رئيس الوزراء: زيادة موازنة الصحة ل406 مليارات جنيه من 34 مليار فقط    لخفض البطالة.. كلية الاقتصاد جامعة القاهرة تنظم ملتقى التوظيف 2025    إعلام: عطل في اتصالات مروحية عسكرية يعطل هبوط الطائرات في واشنطن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نقد الذات.. الثقافة المغيبة
نشر في شموس يوم 21 - 05 - 2012

نمر جميعا بتجربة النقد للآخر وتوجيه كم كبير من السلبيات الجارحة والهدَّامة إليه وإلقاء تبعات الفشل عليه في منأى عن المعايير الموضوعية فنبتر شريان التواصل الأنساني الذي يضخ الحياة في علاقاتنا الأجتماعية .
ففي أزماتنا السياسية نتهم الأنظمة بالظلم والأستبداد، وبالمقابل تتهمنا الأنظمة بالتمرد والخيانة، وفي حقل الثقافة يتهم المثقفون المتلقي بالجهل والسطحية بينما هو ينتقدهم بالتعالي والغرور، وفي البيت أيضاً تنتقد الزوجة زوجها بالتقصير والإهمال بينما الزوج يصفها بالجفاف والعدوانية.. وغيرها من مشاهد الحياة المعبرة عن سوء التفاعل.
لكن..
من منّا انتقد ذاته بصدق وشفافية؟!
من حمَّل نفسه المسؤولية وقرر أن يواجه ذاته؟
من منّا انتقد نفسه وأحصى عيوبه؟
حالة الإحباط واليأس التي تغمر الإنسان حينما يجد نفسه منعزلاً في دائرة ذاته المغلقة لا يستطيع أن يخرج منها فيتوقف عن الحراك والتفاعل ويسقط فشله على الظروف والناس من حوله .
فالكتَّاب والأدباء يشتكون عزوف المجتمع عن القراءة، الخسارات المالية وأكداس الكتب المهملة والمهمشة وليس من قارئ يكتشف كنوزها، وأصابع النقد موجهة دوماً خارج الذات الأدبية المقدسة، ومنسلخة عن دائرة المثقفين المتعالية فالمتلقي هو المتهم بالجهل وقلة الوعي.. وفي ذات السياق يتهم المتلقي الكتاب والأدباء بالاستعلاء والنخبوية البغيضة التي تشعره أنه دون المستوى!
وهكذا ندور في دوائر مقفلة دون أن نحاول كسر هذا الطوق الخانق والخروج نحو الآخر لاستكشاف دخائله ومجاهيله.. فهناك دائرة الساسة، دائرة الأدباء، دائرة الفنانيين.. الخ.
والسبب لأننا نفتقد ثقافة النقد الذاتي أو محاسبة النفس لاستكشاف أغوارها الغويطة ومعرفة نقاط القوة والضعف، إذا لا يمكن أن تغير واقعك، دائرتك، أسرتك، ما لم تنطلق من ذاتك أولا، وهذا المجتمع المكون من عدد كبير من الأفراد والخلايا البشرية المتفاعلة والمنفعلة مع بعضها البعض إذا لم يفكر كل فرد منا في قراءة ذاته وتقييمها ونقدها لتطويرها، لتغييرها، فإن المجتمع يتوقف عن الحراك ويسكن في هدأة الكسل والخمول حتى الترهل والشيخوخة.
فَلِما كل هذه المكابرة والتعالي والظن الظالم بالآخر، فالإنسان خطَّاء ولم يبلغ الكمال المطلق بعد وعليه أن يحاسب نفسه كما يقول رسول الله (ص) (حاسبوا أنفسكم قبل أن تُحاسبوا، وزنوها قبل أن تُوزنوا)، فحتى الساسة الذين تسلطوا على رقاب العباد ما هم إلا نماذج صنعتها المجتمعات السلبية التي يعيش أفرادها بروح الأنانية والانغماس في المصالح الشخصية بعيداً عن المسؤولية فالفرد منها لم يستنكر أو يعترض على الممارسات الظالمة بل انشغل بنفسه واهتماماته الخاصة، ولهذا تفرعن الظالم لأنه لم يُردع وتحول بفعل الزمن التراكمي إلى صنم باطش قهَّار.
المجتمعات لا تتغير وتتطور ما لم ينتقد كل فرد منا ذاته بصدق وإخلاص ويعرف مكامن الخلل فيه ومواطن الضعف، أما أن ينقد بعضنا بعضاً وبدوافع هجومية عدوانية وكأننا في حلبة مصارعة فاننا لن نخرج إلا بمزيد من الخسارة والانحدار.
والله عز وجل يقول: (إن الله لا يُغَّير ما بقومٍ حتى يُغيَّروا ما بأنفسهم).
فالكاتب والأديب الذي يشكو عزوفاً عن نتاجه ينبغي أن ينتقد ذاته ومبادئه وقيمه، هل تتوافق ومعتقدات هذا المجتمع الذي يتلقى نتاجه؟ هل وظّف أدواته بإخلاص ومصداقية ليؤثر فيهم تأثيراً حياً وهادفاً، فالإمام علي (عليه السلام) يقول: (الكلام النابع من القلب يدخل القلب، والخارج من اللسان يقف على باب الآذان).
فالكلمات الصادقة تتغلغل إلى قلب المتلقي بمنتهى الأريحية، والمتكلفة تقف على مشارف الحواس بلا تأثير.
ويفترض أن ينتقد الأديب ضمن ما ينتقد , مضامين نصوصه ما اذا كانت هادفه وموجهة؟! لعلّ أسلوبه متكلفا وأفكاره استفزازية صادمة للناس، فلِما ينتقد المجتمع بالسطحية وقلة الوعي دون أن يقيم نفسه وفقا للاعتبارات السابقة.
إن التربة تحتاج إلى بعض التقليب بين آونة وأخرى لتتنفس، لتتجدد، ليدخل الهواء في مسامها فتصلح للنبتة، وكذلك الذهن يحتاج إلى التفكير والنقد ليقيم الأنسان أفكاره ومفاهيمه الخاطئة فالتقصير والضعف ينبع من داخلنا أحياناً وليس من الآخر.
فالزوجة التي تنتقد زوجها أنه كثير الغياب عن البيت، لو أنها قّلبت أفكارها وحاسبت نفسها لوجدت أنها كانت عامل طرد لهذا الزوج بسبب صراخها وشكواها.
لو أن كل واحد منّا انتقد ذاته لقلّ حجم الخلاف ولاحتوينا بعضنا بعضاً ولكنّا أقدر على لحم الأواصر، فالنقد الذاتي ثقافة ترفد أدبياتها من نبع عقيدتنا الإسلامية التي تربي فينا حالة تقويم النفس البشرية وترويض الأنا المتكبرة، المتغطرسة ، المغرورة التي تلغي الآخر بحكم الأعلمية والأقضلية ، فتقوى الله يلجم طغيانها ويهذبها لتتحجم بالمقدار الذي يؤهلها أن تبقى إيجابية ومتفاعلة مع من حولها بحب وسلام .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.