وزير الري: مصر تتخذ جميع التدابير اللازمة لضمان حقوقها المائية في نهر النيل    استشهاد 24 فلسطينيا في غارات إسرائيلية على غزة    استطلاع رأي: شعبية ماكرون تواصل التراجع بسبب موقفه من أوكرانيا    بقطعة بديلة، وزير الرياضة يلمح إلى حل أزمة أرض الزمالك (فيديو)    كمال أبو رية: مش بفكر أتجوز تاني.. بحب أسافر وألعب رياضة    فوربس: انخفاض ثروة ترامب 1.1 مليار دولار وتراجعه للمرتبة 595 في قائمة أغنياء العالم    موعد مباراة الأهلى مع الإسماعيلى فى دورى نايل    أبرزهم الزمالك والمصري وآرسنال ضد توتنهام.. مواعيد مباريات اليوم الأحد 23 - 11- 2025 والقنوات الناقلة    طقس اليوم.. توقعات بسقوط أمطار فى هذه المناطق وتحذير عاجل للأرصاد    بعد تحذيرات أمريكية، 6 شركات طيران دولية تلغي رحلاتها إلى فنزويلا    حسين ياسر المحمدي: تكريم محمد صبري أقل ما نقدمه.. ووجود أبنائه في الزمالك أمر طبيعي    السيسي يعد بإنجازات جديدة (مدينة إعلام).. ومراقبون: قرار يستدعي الحجر على إهدار الذوق العام    ثلاث جولات من الرعب.. مشاجرة تنتهي بمقتل "أبوستة" بطلق ناري في شبرا الخيمة    إصابة 4 أشخاص بينهم ضابطان من الحماية المدنية في حريق عقار بالمنصورة    برواتب مجزية وتأمينات.. «العمل» تعلن 520 وظيفة متنوعة للشباب    نقيب الموسيقيين يفوض «طارق مرتضى» متحدثاً إعلامياً نيابة ًعنه    تامر عبد المنعم يفاجئ رمضان 2025 بمسلسل جديد يجمعه مع فيفي عبده ويعود للواجهة بثنائية التأليف والبطولة    تخصيص قيمة جوائز المالية لفيلم ضايل عنا عرض لإعادة بناء مدرسة سيرك غزة الحر    وكيل صحة دمياط: إحالة مسئول غرف الملفات والمتغيبين للتحقيق    الصحة: علاج مريضة ب"15 مايو التخصصي" تعاني من متلازمة نادرة تصيب شخصًا واحدًا من بين كل 36 ألفًا    صوتك أمانة.. انزل وشارك فى انتخابات مجلس النواب تحت إشراف قضائى كامل    مصرع شخص إثر انقلاب سيارة نصف نقل في مياه أحد المصارف بالبحيرة    بيان مبادرة "أطفالنا خط أحمر" بشأن واقعة الاعتداء على تلاميذ مدرسة "سيدز الدولية"    ترامب: اقتراحي لإنهاء الحرب في أوكرانيا ليس عرضًا نهائيًا    ماكرون يرفض مقترح عودة صيغة "مجموعة الثماني" بمشاركة روسيا    مانيج إنجن: الذكاء الاصطناعي يعيد تشكيل أمن المعلومات في مصر    : ميريام "2"    الداخلية تكشف ملابسات اعتداء قائد سيارة نقل ذكي على سيدة بالقليوبية    صفحة الداخلية منصة عالمية.. كيف حققت ثاني أعلى أداء حكومي بعد البيت الأبيض؟    حمزة عبد الكريم: سعيد بالمشاركة مع الأهلي في بطولة إفريقيا    عاجل- الداخلية المصرية تحصد المركز الثاني عالميًا في أداء الحسابات الحكومية على فيسبوك بأكثر من 24 مليون تفاعل    الوكيل الدائم للتضامن: أسعار حج الجمعيات هذا العام أقل 12 ألف جنيه.. وأكثر من 36 ألف طلب للتقديم    جامعة القناة تتألق في بارالمبياد الجامعات المصرية وتحصد 9 ميداليات متنوعة    فليك: فخور بأداء برشلونة أمام أتلتيك بيلباو وسيطرتنا كانت كاملة    أهم الأخبار العالمية والعربية حتى منتصف الليل.. الإخوان الإرهابية تواجه تهديدا وجوديا فى قارة أوروبا.. ترامب: خطة السلام بشأن أوكرانيا ليست نهائية.. تعليق الملاحة فى مطار آيندهوفن الهولندى بعد رصد مسيّرات    السعودية.. أمير الشرقية يدشن عددا من مشاريع الطرق الحيوية بالمنطقة    ب16 سفينة وتصدير منتجات ل11 دولة أوروبية.. ميناء دمياط يعزز مكانته اللوجيستية العالمية    د.حماد عبدالله يكتب: مشكلة "كتاب الرأى" !!    دولة التلاوة.. هنا في مصر يُقرأ القرآن الكريم    محافظة الجيزة تكشف تفاصيل إحلال المركبة الجديدة بديل التوك توك.. فيديو    باريس سان جيرمان يكتسح لوهافر بثلاثية في الدوري الفرنسي.. فيديو    روسيا: لم نتلقَّ أى رد من واشنطن حول تصريحات ترامب عن التجارب النووية    الري تفتح مفيض توشكى لاستيعاب تدفقات مفاجئة من السد الإثيوبي    أبرز المرشحين على مقعد نقيب المجالس الفرعية بانتخابات المرحلة الأولى للمحامين    المتحدث باسم الصحة: الإنفلونزا A الأكثر انتشارا.. وشدة الأعراض بسبب غياب المناعة منذ كورونا    طريقة مبتكرة وشهية لإعداد البطاطا بالحليب والقرفة لتعزيز صحة الجسم    "الوطنية للانتخابات" تدعو المصريين بالداخل للمشاركة في المرحلة الثانية لانتخابات مجلس النواب    أهالى القفايطة بنصر النوبة يشكرون الرئيس السيسى بعد تحقيق حلم تركيب الكهرباء والمياه    الزراعة: زيادة إنتاج مصر من اللحوم الحمراء ل600 ألف طن بنهاية 2025    مفتي الجمهورية: خدمة الحاج عبادة وتنافسا في الخير    الرعاية الصحية: أعظم الطرق لحماية الصحة ليس الدواء لكن طريقة استخدامه    معهد بحوث الإلكترونيات يستضيف ورشة دولية حول الهوائيات والميكروويف نحو مستقبل مستدام    بث مباشر الآن.. مباراة ليفربول ونوتنغهام فورست في الجولة 12 من الدوري الإنجليزي 2026    دولة التلاوة.. أصوات من الجنة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 22-11-2025 في محافظة الأقصر    الآن.. سعر الجنيه الذهب اليوم السبت 22-11-2025 في محافظة قنا    خلاف حاد على الهواء بين ضيوف "خط أحمر" بسبب مشاركة المرأة في مصروف البيت    عضو "الشؤون الإسلامية" يوضح حكم التعامل مع الدجالين والمشعوذين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"فيتو" اوروبي يسبق الاميركي
نشر في شباب مصر يوم 18 - 06 - 2011

الاتحاد الاوروبي مستنفر، مجتمعا ومنفردا، وسلطة وبرلمانا، وسياسيا واعلاميا ودبلوماسيا. والهدف هو افشال تحرك مزمع من منظمة التحرير الفلسطينية نحو الامم المتحدة للاعتراف بدولة فلسطينية على اساس حدود ما قبل الاحتلال الاسرائيلي عام 1967.
وفي محاضرة له في أبو ظبي اول الشهر الجاري قال مدير معهد الاتحاد الاوروبي للدراسات الامنية، ألفارو دو فاسكونسيلوس، ان فلسطين يمكن أن تحصل على اعتراف الجمعية العامة للأمم المتحدة في ايلول / سبتمبر المقبل إذا تكاتفت أوروبا بقوة مع المطالب الفلسطينية.
لكن اوروبا تقود الآن حملة معادية محمومة في الاتجاه الآخر، مما يبدد الرهان العربي – الفلسطيني على الاتحاد الاوروبي كما بدد الرهان المماثل على الولايات المتحدة، باعتباره رهانا على الوهم، لا على الأمل، مما يثير اسئلة جادة عن دور اوروبي طال انتظار العرب، وبخاصة الفلسطينيين منهم، في ان يستقل يوما ما عن التبعية للولايات المتحدة الاميركية، وان يكون فاعلا في وساطة نزيهة غير منحازة في الصراع بينهم وبين دولة الاحتلال الاسرائيلي، اساسه العدل والقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة، لا أمن دولة الاحتلال.
وهذا الموقف الاوروبي يرقى عمليا الى مستوى حق نقض "فيتو" اوروبي عملي اقوى كثيرا من "الفيتو" الاميركي في مجلس الامن الدولي الذي هدد بوأد التوجه الفلسطيني الى الامم المتحدة في خطوته الاولى، فالفيتو الاميركي يمكن التغلب عليه اجرائيا ولن يتمكن من منع منظمة التحرير من الذهاب الى الجمعية العامة، لكن "فيتو" الاتحاد الاوروبي لا يمكن التغلب عليه لأن نسبة ثلثي اعضاء الجمعية العامة للامم المتحدة اللازمة للموافقة على الطلب الفلسطيني ينقصها فقط اصوات دول الاتحاد الاوروبي.
ومبادرة آشتون والأخرى الفرنسية قبلها تعني أن الاتحاد الاوروبي قد استخدم الفيتو عمليا ومسبقا دون الحاجة الى منافسة الولايات المتحدة على استخدام الفيتو في مجلس الأمن الدولي عن طريق فرنسا وبريطانيا عضوا الاتحاد اللذان يتمتعا بحق النقض في المجلس، وبذلك تكون آشتون واتحادها قد أعفيا واشنطن من مهمة لم يكن لديها اي تردد في القيام بها على كل حال.
فالاتحاد الاوروبي، "مجتمعا"، بعث رئيس برلمانه، جيرزي بوزيك، الى المنطقة في الاسبوع الماضي، ليعلن ان التحرك الفلسطيني تحرك "احادي من جانب واحد"، ويصفه بانه "خطر"، ويحث مفاوض منظمة التحرير على الالتزام باستمرار الحرث في المياه الآسنة للتفاوض الثنائي مع دولة الاحتلال والرهان على وهم "الاتفاق" معها في يوم ما على انهاء الاحتلال واقامة دولته المأمولة.
و"مجتمعا" ايضا ورسميا، بعث الاتحاد الاوروبي أمس منسقته العليا للسياسة الخارجية والامنية، كاثرين آشتون، الى المنطقة، في زيارة تستغرق اربعة ايام تشمل دولة الاحتلال ورام الله والاردن ومصر، تقدم بعدها تقريرا عنها الى وزراء خارجية الاتحاد السبعة والعشرين في لوكسمبورغ يوم الاثنين المقبل. ومهمة زيارتها تتلخص في منع التحرك الفلسطيني نحو الأمم المتحدة، لأن "هذا ليس وقت لتحركات من جانب واحد .. يمكن ان تقود الى التصعيد".
وبديلها هو استئناف المفاوضات المباشرة بين المنظمة وبين دولة الاحتلال.
واقتراحها لاستئناف هذه المفاوضات يتلخص في عقد اجتماع للجنة الرباعية الدولية (الاتحادان الاوروبي والروسي والولايات والأمم المتحدة)، "يتبنى بيانا" على اساس "عنصرين هامين" في دعوة الرئيس الاميركي باراك اوباما المماثلة الى استئناف المفاوضات وهما تحديدا كما قالت "حدود على اساس خطوط 1967 مع تبادلات يتفق الطرفان عليها" للاراضي، و"ضمانات حازمة لأمن" دولة الاحتلال. وقد بعثت آشتون في العاشر من هذا الشهر رسالة بمقترحاتها كتبتها بالتنسيق مع فرنسا وبريطانيا والمانيا وايطاليا واسبانيا الى وزيرة الخارجية الاميريكية هيلاري كلينتون ونظيرها الروسي سيرجى لافروف والأمين العام للامم المتحدة بان كي – مون.
ان مبادرة الاتحاد الاوروبي مبنية على مبادرة الرئيس الاميركي اوباما في خطابيه الشهيرين في ايار / مايو الماضي، مثل المبادرة الفرنسية قبلها، مما يجعل من المبادرتين مجرد نسخة فرنسية واخرى اوروبية من مبادرة اوباما، وبالتالي لا جديد فيهما يمكن ان يحقق ما عجز أوباما عن تحقيقه. ويعرف اصحابهما ان الرفض الاسرائيلي لمبادرة اوباما هو السبب الرئيسي في عدم استئناف المفاوضات التي دعا الرئيس الاميركي الى استئنافها، ويعرفون ان هذا الرفض ينسحب على مبادرتيهما اللتين لن تقودا الى استئنافها ايضا. ومع ذلك تكرر كاثرين آشتون المبادرتين الاميركية والفرنسية.
ولا يمكن وصف هذا التكرار ب"السذاجة" كما فعل وزير خارجية دولة الاحتلال افيغدور ليبرمان. فالمبادرتان الفرنسية والاوروبية لم تستهدفا استئناف المفاوضات اصلا، ولو كان الاتحاد الاوروبي حريصا على استئنافها حقا لمارس نفوذه لدى دولة الاحتلال كي لا تتوقف هذه المفاوضات اصلا بسبب استفحال الاستعمار الاستيطاني في القدس المحتلة بخاصة.
ومن الواضح تماما ان الحملة الاوروبية المحمومة الحالية تستهدف افشال تحرك فلسطيني للتوجه الى الامم المتحدة، وتستهدف ابقاء مفاوض منظمة التحرير مرتهنا لذات "عملية السلام" التي كانت نتيجتها حتى الآن صفرا للفلسطينيين مقابل انجازات هائلة لدولة الاحتلال.
وفي تزامن مع رسالة آشتون كان د. موشى كانتور، رئيس المؤتمر اليهودي الاوروبي، قد بعث في العاشر من الشهر ايضا رسالة الى كل قادة الدول الاعضاء في الاتحاد الاوروبي ووزراء خارجيتها يقول فيها انه "على اوروبا ان تقول للفلسطينيين بحزم انهم سوف يحققون طموحاتهم على طاولة المفاوضات فقط وليس في اي مكان آخر".
وكانت هذه هي على وجه التحديد رسالة آشتون الى "الرباعية" والمنطقة ومفاوض منظمة التحرير.
وربما كان كانتور محقا عندما قال في رسالته ان "الفلسطينيين يعتبرون اجزاء من اوروبا مضمونة" التأييد لهم. فالوهم ما زال يساور المنظمة وحكومتها بأن "الاتحاد الاوروبي سوف يتخذ قرارا ليعترف كمجموعة بدولة فلسطينية بحدود 1967" كما قال د. رياض المالكي وزير خارجية السلطة يوم الخميس الماضي في اسبانيا التي نسقت آشتون رسالتها معها.
لكن كانتور لم يكن دقيقا عندما عمم، فمفاوض المنظمة هو فقط من ما زال يراهن على تاييد بعض الاوروبيين باعتباره "مضمونا"، بالرغم من الحقيقة التي تصفع الوجه بقسوة بان النتيجة الوحيدة لهذا التأييد المزعوم كانت حتى الآن "صفرا"، اما اغلبية الراي العام الفلسطيني بخاصة والعربي بعامة فما زالت ترى اوروبا "الرسمية" قارة عجوزا سوف تظل الى فترة طويلة مقبلة عاجزة عن ممارسة اي دور مستقل عادل في الصراع العربي – الاسرائيلي يتفق مع عمق التزام الرأي العام الاوروبي بمبادئ العدل والقانون الدولي، طالما ظلت اوروبا تابعا للولايات المتحدة.
والاتحاد الاوروبي كدول منفردة ليس اقل نشاطا في حملة الاتحاد المحمومة كجماعة. فقد كان الهدف هو ذاته من المبادرة الفرنسية لاستئناف المفاوضات. وقد انضم رئيس الوزراء الايطالي سيلفيو بيرلسكوني مؤخرا علنا الى المعارضة الاميركية – الاسرائيلية لتوجه منظمة التحرير الى الامم المتحدة. واعلن وزير الخارجية الالماني غويدو فيستر فيللى صراحة في الاسبوع الماضي ان ذلك هو "هدفنا وهذا هو ما نعمل من اجله".
وبما ان هذا هو على وجه التحديد الهدف الذي تشن من اجله حكومة دولة الاحتلال برئاسة بنيامين نتنياهو حملة دبلوماسية عالمية، لا يعود من التجني القول ان الاتحاد الاوروبي تحول الى أداة في خدمة أهداف حكومته.
والمفارقة ان الاتحاد الاوروبي لا يفتأ يردد مفتخرا بأنه "باني" مؤسسات الدولة الفلسطينية، وانه المانح الاكبر للشعب الفلسطيني، ولوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، ولسطلة الحكم الذاتي الاداري. ومنذ بداية القرن الحادي والعشرين حصلت أونروا من الاوربيين على اكثر من مليار يورو، وحصلت السلطة على حوالي خمسة مليارات يورو اوروبي. وحسب كريستيان برغر ممثل الاتحاد في "الاراضي الفلسطينية" المحتلة "يساهم الاتحاد الاوروبي يحوالي 500 مليون يورو، وياتي المبلغ ذاته تقريبا من الدول الاعضاء منفردة" سنويا، وخلال العام الماضي تجاوزت المساهمة الاوروبية ال 250 مليون يورو.
ومع ذلك ما زالت مشكلة اللاجئين الفلسطينيين دون حل عادل، ولم يتحسن وضع المواطن الفلسطيني العادي، وسوف تنهار السلطة الفلسطينية لو توقف المانحون عن الدفع، ولم ينته الاحتلال، ولا تحقق السلام، والمستفيد الوحيد كما يبدو من "التمويل" الاوروبي للفلسطينيين هو الاحتلال فقط، فهذا التمويل يعفي دولة الاحتلال من التزاماتها كقوة قائمة بالاحتلال، ويرتهن بقاء السلطة وقرارها لهذا التمويل، مما يدعو الى التساؤل: أليست عودة اللاجئين ومنح الفلسطينيين تحت الاحتلال حقهم في تقرير المصير أوفر كثيرا على دافع الضرائب الاوروبي؟
* كاتب عربي من فلسطين
* [email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.