اليوم.. هو يوم الجمعة.. الوقت.. الساعة العاشرة صباحاً.. كعادتى إستيقظت صباحاً وأيقظت أبنائى.. ثم أعددت طعام الإفطار .. وتناولنا الافطار وارتدينا ملابسنا.. ثم ذهبنا لصلاة الجمعة فى المسجد.. ثم أصطحبت أبنائى إلى بيت أمى فهى عادتى منذ أن تزوجت أن أقضى يوم الجمعة أنا وأبنائى وإخواتى وأبنائهم فى بيت أمى وبصحبتها فنضحك كثيرا ونسرد أخبارنا.. وينتهى اليوم بوعد باللقاء الجمعة المقبلة وهكذا. وكنت أدق جرس الباب فيأتينى صوتها من خلف الباب دافىء وجميل.. (من بالباب) فأجيب (أنا يا أمى إفتحى الباب وأجعل أبنائى يصيحون بمزاح إفتحى الباب يا تيتة إحنا هنا ونضحك معا).. فتقوم وتفتح الباب فأسلم عليها وأقبلها وتقبل أبنائى وترحب بهم (فهى تحبهم كثيراً).. إمتداداً لحبها لإبنتها وقد كان هذا يسعدنى كثيرا أن يكون لى رصيد فى قلبها الحنون.. فقد كنت دائما الإبنة المطيعة الهادئة المحبة لأمها وأبيها. وكنت أتمتع بقدر من المرح يجعل الابتسامة لا تفارقنى ولا تفارق من أتواجد معه ولا أترك أحداً حزينا الإ واضحكته وأنسيته ما كان يحزنه وتتبدل حالته. وكانت أمى تسعد بهذا اليوم مثلنا تماما وتُعد لنا أفضل الطعام وأحبه. فصعدت السلم ثم وضعت يدى على الجرس.. فلم يأتينى صوتها.. ولم تسأل من بالباب كعادتها.. وأيضا لم أجيب أنا ولم أقل إفتحى يا أمى.. فأخرجت مفتاحى من حقيبتى ونظرات أبنائى تلاحقنى.. وكأنهم يقولون ماذا تنتظرين يا أمى .. من سيفتح لك الباب لن يأتى صوتها ليسعد قلبك.. لن تناديكى بإبنتى.. ولن تناديها بأمى.. ففتحت الباب ولم أجد احداً بالبيت.. سوى بقايا ذكريات .. وصورتها على جدران غرفة المعيشة.. التى طالما شهدت أسعد أيامنا.. وضحكتنا.. وحديثنا.. لم أجد سوى بيت فارغ.. لم أجد من كنت أقبلها وتحضننى.. لم أجد من كانت تدعو لى وتربت على كتفى فأشعر بالأمان.. لم أجد من كنت أرمى أحزانى فى حضنها .. لم أجد من تحبنى بصدق.. لم أجد من تخاف على عندما أمرض.. لم أجد من تسأل عنى دوما.. لم أجد من تحب أبنائى وتدللهم. فلم أستطع سوى أن أحمل صورتها وأقبلها وأبكى .. أبكى فراقها ووحدتى.. فهذه أول زيارة لى بعد وفاتها.. أول مرة بدونها.. فبكيت بكاءً مراً.. فنظر ابنائى إلى وربتوا على كتفى.. وقال إبنى الصغير (لا تبكى أمى فهى تراكى فى السماء).. ثم قال أبنى الأكبر (لا تحزنى أمى ألم تقولى لنا أننا جميعا سوف نذهب عندها.. ونلتقى فى الجنة). فمسحت دموعى وأنا أحتضن أبنائى ودموعى لا تتوقف.. تبكى حضن دافىء فقدته.. إحساس بالأمان.. مشاعر حب صادقة.. فقلت لهم نعم فى الجنة بإذن الله.. فأنت دائما فى قلبى وفى عقلى.. فى صحوى وفى نومى.. فى حلمى دائما يا أمى.